قرآن الکریم فی روایات المدرستین جلد 2

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

قرآن الکریم فی روایات المدرستین - جلد 2

سیدمرتضی العسکری

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
لیست موضوعات
توضیحات
افزودن یادداشت جدید


أخبار القرآن على عهد الخليفة أبي بكر.

تمهيد في بيان سياسة الحكم مع
القرآن بعد الرسول (ص) كانت سياسة جمع القرآن من قبل الخلفاء الثلاثة نابعة عن
سياستهم مع حديث الرسول كما درسناه في بحث اختلاف المصاحف، وفي ما عدا ذلك اتبع
الحكام والمسلمون الانظمة الّتي سنها الرسول في شأن اقراء القرآن وتدوينه من حيث
مواضع الايات في السور وترتيب السور كما هو عليه القرآن في عصرنا الحاضر. وانتشر
الاقراء والتدوين في كل بلد حل فيه المسلمون، ونبدأ في ما يأتي أولا بايراد بعض
أخبار التقارؤ والقراء ثمّ نتبعها بخبر تدوين القرآن إن شاء اللّه تعالى.

سياسة الحكم في شأن القرآن:.

مرّ بنا في ذكر نظام الاقراء على
عهد رسول اللّه أنّه (ص) كان يقرئهم عشر آيات فلا يجاوزونها حتّى يعلمهم ما فيها
من العلم والعمل، ولفظ الرسول (ص) الّذي كان يعلمهم به ما في الايات من العلم
والعمل يسمى في المصطلح الاسلامي بحديث الرسول، فانهم كانو يتعلمون من الرسول (ص)
القرآن وحديث الرسول الّذي يفسر القرآن.

هذا ما كان على عهد الرسول (ص)،
ووجد في عصر أبي بكر ما رواه الذهبي وقال: أن أبا بكر جمع الناس بعد وفاة نبيهم،
فقال: انكم تحدثون عن رسول اللّه (ص) أحاديث تختلفون فيها والناس بعدكم أشد
اختلافا، فلا تحدثوا عن رسول اللّه (ص) شيئا، فمن سألكم فقولوا: بيننا وبينكم
كتاب اللّه فاستحلوا حلاله، وحرموا حرامه(1).

نظرة في هذا الخبر وهذه
التوصية:.

إنّ هذه التوصية وردت بلفظ آخر من
الخليفة عمر حين قال: (جرّدوا القرآن...) كما يأتي بيانه في خبر القرآن على عهده،
وهو مؤدَّى الشعاررفعه عمر يوم وفاة الرسول (ص) عندما طلب منهم الرسول (ص) وقال
((هلم أكتب لكم كتابا لن تضلوا بعده)).

فقال عمر: عندنا كتاب اللّه حسبنا
كتاب اللّه.

إذا فالغاية من كلّ هذه المحاولات
منع انتشار حديث الرسول (ص) سواء كان تفسيرا للقرآن، أم كان في بيان أمر آخر.

ترى ما السبب في ذلك؟!

أما الخليفة أبو بكر، فقد علَّل
نهيه عن التحديث عن رسول اللّه (ص) بانهم سوف يختلفون فيها.

* * *.

وسوف نرى في ما يأتي ـ إن شاء
اللّه تعالى ـ وندرك ان سبب نهيهم عن نشر حديث الرسول (ص) تخوفهم من انتشار ما
يخالف سياسة الحكم عندهم.

وكان من جملة حديث رسول اللّه (ص)
المنهي عن نشره ما كان تفسير الايات من القرآن الّتي فيها فضيلة لمنافسي سلطة
الخلفاء أو منافسي قبيلتهم قريش، ولهذا السبب أصدر الخليفة أبو بكر مرسومَ (لا
تحدثوا عن رسول اللّه شيئا، فمن سألكم فقولوا: بيننا وبينكم كتاب اللّه، فاستحلوا
حلاله، وحرموا حرامه).

ورفع قبله عمر شعار حسبنا كتاب
اللّه.

وسوف نرى في ما يأتي كيف أصبح
الكلامان شعارا لسياسة الخلفاء في شأن القرآن وحديث الرسول وكيف نفذوهما بكل
اتقان مصحوبا ـ غالبا ما ـ بشدة وعنف في عهد الخليفتين عمر وعثمان خاصة.

وندرس كل ذلك في البحوث الاتية إن
شاء اللّه تعالى.

تدوين القرآن:.

أمر الخليفة أبو بكر بتدوين
القرآن مجرّدا من حديث الرسول (ص) على عهده، وتم العمل على عهد عمر، كما سندرسه
في أخبار التدوين على عهد الخليفة عمر إن شاء اللّه تعالى.

من أخبار القرّاء في عصر أبي
بكر:.

من أخبار القراءة والقرّاء في عصر
أبي بكر ما أورده ابن كثير في باب جمع القرآن من فضائل القرآن ذيل تفسيره وقال:

((ان مسيلمة التف معه من المرتدين
قريب من مائة الف، فجهز الصِّديق لقتاله خالد بن الوليد في قريب من ثلاثة عشر
ألفا، فالتقوا معهم فانكشف الجيش الاسلامي لكثرة من فيه من الاعراب.

فنادى القراء من كبار الصحابة يا
خالد خلصنا. يقولون: ميزنا من هؤلاء الاعراب.

فتميزوا منهم، وانفردوا، فكانو
قريبا من ثلاثة آلاف.

ثمّ صدقوا الحملة، وقاتلوا قتالا
شديدا، وجعلوا يتنادون يا أصحاب سورة البقرة.

فلم يزل ذلك دأبهم، حتى فتح
اللّه...

وفي تاريخ خليفة بن خياط: كان
جميع القتلى من المسلمين أربعمائة وخمسين رجلا أوخمسمائة رجل وكان ممن قتل من
المهاجرين والانصار مائة وأربعون رجلا فيهم خمسون أو ثلاثون من حملة القرآن(2).

دراسة الخبر:.

في هذا الخبر في الجيش كثرة من
الاعراب، والاعراب هم سكان البوادي والّذين قال اللّه تعالى فيهم في سورة التوبة:
(الاَعْرَابُ أَشَدُّ كُفْرا وَنِفَاقا وَأَجْدَرُ أَلا يَعْلَمُوا حُدُودَ مَا
أَنْزَلَ اللّهُ عَلَى رَسُولِه...) الاية / 97.

وعلى هذا كان عدد غيرهم أقل منهم
ولا يتعدون ستة آلاف من أهل المدن لا سيما مدينة الرسول، وكان ثلاثة آلاف منهم من
القرّاء وكان شعارهم: يا أصحاب سورة البقرة أي يا من كسبتم فضيلة حفظ أكبر سورة
في القرآن. وإذا كان هذا عدد من اشترك منهم في القتال فكم كان عدد من لم يشارك من
الشيبة والنِّساء والفتيان من القرّاء القاعدين عن القتال في المدينة وحواليها؟

وكم كان عدد الشيوخ والمراهقين من
القرّاء ومن كان منهم في مكة وسائر البلدان الاسلامية؟

أخبار القرآن على عهد الخليفة عمر.

أ ـ أمر الخليفة عمر بتجريد
القرآن من حديث الرسول (ص):

نفذ الخليفة عمر الشعار الّذي
رفعه الخليفة أبو بكر وأمر بتجريد القرآن من حديث الرسول (ص)، ومن ذلك ما رواه
الطبري في ذكر سيرة عمر من تاريخه وقال:

كان عمر ـ اذا استعمل العمال خرج
معهم يشيعهم فيقول.... جرّدوا القرآن وأقلّوا الرواية عن محمّد (ص) وانا
شريككم(3).

في تذكرة الحفاظ عن قَرَظة بن كعب
الانصاري قال: لما سيرنا عمر إلى العراق...

وفي طبقات ابن سعد قال: أردنا
الكوفة فشيّعنا عمر إلى صِرار، فتوضّأ، فغسل مرّتين، وقال: تدرون لِمَ شيّعتُكم؟

فقلنا: نعم، تكرمة نحن أصحاب رسول
اللّه (ص).

فقال: إنّكم تأتون أهل قرية لهم
دَويّ بالقرآن كدويّ النحل، فلا تصدّوهم بالاحاديث فتشغلوهم، جَرّدوا القرآن
وأقلّوا الرواية عن رسول اللّه (ص)، امضوا وأنا شريككم.

وفي مستدرك الحاكم قال قرظة: فلما
قدم قرظة قالوا: حدثنا، قال نهانا ابن الخطاب.

وفي جامع بيان العلم وفضله قال
قرظة: فما حدثت بعده حديثا عن رسول اللّه (ص)(4).

ومن موارده ما رواه الطبري وابن
كثير وقالا:

لمّا بعث أبا موسى إلى العراق قال
له: انّك تأتي قوما لهم في مساجدهم دوي بالقرآن كدويّ النحل فدعهم على ما هم عليه
ولا تشغلهم بالاحاديث وأنا شريكك في ذلك(5).

وان قول الخليفة عمر (جرّدوا
القرآن عن حديث الرسول (ص)) يدلّ على أنّه كان لدى الصحابة إلى ذلك العصر مصاحف
كُتب فيها مع آي القرآن حديث الرسول (ص) في بيان آي القرآن والّذي قلنا في ما سبق
أنّه كان يتلقّى الرسول (ص) ما يبينه في معاني الايات عن طريق الوحي من اللّه.

وكان الخليفة يطلب منهم ان
يعلّموا المسلمين تلاوة القرآن، ولا يعلّموهم حديث الرسول (ص) في تفسير الايات
كما كان ذلك ذلك شأن الاقراء في عصر الرسول (ص).

وقد بدأ بهذا الامر الخليفة الاول
أبو بكر عندما قال: (... فلا تحدثوا عن رسول اللّه (ص) شيئا، فمن سألكم فقولوا:
بيننا وبينكم كتاب اللّه، فاستحلوا حلاله، وحرموا حرامه).

غير أن الخليفة الثاني كان أكثر
صراحة في هذا الشأن من قول الخليفة الاوّل، كما ذكرنا ذلك في بحث جمع القرآن.

هكذا كان الخليفة يمنع من إقراء
القرآن كما كان على عهد الرسول (ص).

وكان الخليفة أحيانا يظهر عدم
اهتمامه بتفسير القرآن، ومن مصاديقه ما روى المفسرون في تفسير سورة عبس واللفظ
للسيوطي عن أنس:

(أنّ عمر قرأ على المنبر
(فَأَنبَتْنَا فِيهَا حَبّا * وَعِنَبا وَقَضْبا ـ إلى قوله ـ وَأَبّا) قال كل
هذا عرفناه فما الابّ ثمّ رفع عصا كانت في يده فقال: هذا لعمر اللّه هو التكلف،
فما عليك ان لا تدري ما الابّ، اتبعوا ما بين لكم هداه من الكتاب فاعملوا به وما
لم تعرفوه فكلوه إلى ربّه)(6).

* * *.

كان ذلكم في ما يخص نفسه وأمّا مع
الاخرين ممّن يسأل عن تفسير القرآن فكان شأنه كالاتي خبره.

ونهى عن السؤال عن تفسير القرآن
وضرب عليه كما روى السيوطي بتفسير (وفاكهة وأبّا) وقال: (إنّ رجلا سأل عمر عن
قوله ((وأبّا)) فلما رآهم يقولون كذا أقبل عليهم بالدرة)، والدرة سوط يضرب به وقد
جلد عليه وأدمى وسجن ونفى كما نقرأ كل ذلك في الخبر الاتي.

ب ـ تنكيل الخليفة بمن يسأل عن
تفسير القرآن:.

جاء في سنن الدارمي وتفسير
القرطبي والاكمال لابن ماكولا وتاريخ ابن عساكر خبر صبيغ بن عسل:

قال ابن ماكولا في الاكمال: صبيغ
بفتح الصاد وكسر الباء، وعسل بكسر العين وسكون السين، وعسيل بضم العين وفتح
السين. وكان يسأل عن المشكلات الّتي في القرآن فنفاه عمر من المدينة إلى العراق،
وأمر أن لا يجالس.

وفي تاريخ ابن عساكر:

(صبيغ) بن عسل ويقال: ابن عسيل،
ويقال: صبيغ بن شريك بن عمرو بن يربوع بن حنظلة التميمي اليربوعي البصري الّذي
سأل عمر بن الخطاب عما سأل فجلده وكتب إلى أهل البصرة: لا تجالسوه.

وفي رواية فأرسل إليه عمر وقد أعد
له عراجين النخل فقال: من أنت؟ فقال: أنا عبداللّه صبيغ، فأخذ عمر عرجونا من تلك
العراجين فضربه وقال: أنا عبداللّه عمر، وما زال يضربه حتى أدمى رأسه فقال: يا
أمير المؤمنين حسبك قد ذهب الّذي كنت أجد في رأسي.

وفي رواية أُخرى:

انّه جعل يسأل عن متشابه القرآن
في أجناد المسلمين حتى قدم مصر فبعث به عمرو بن العاص إلى عمر بن الخطاب، فلما
أتاه الرسول بالكتاب فقرأه فقال: أين الرجل؟ أبصر لا يكون ذهب فتصيبك مني العقوبة
الوجيعة؟ فأتى به فقال عمر: سبيل محدثة، فارسل إلى رطائب من جريد فضربه بها حتى
ترك ظهره دبرة، ثمّ تركه حتى برئ، ثمّ عاد له ثمّ تركه حتى برئ، فدعا به ليعود،
فقال صبيغ: إن كنت تريد قتلي فاقتلني قتلا جميلا، وإن كنت تريد أن تداويني فقد
واللّه برئت فأذن له إلى أرضه، وكتب إلى أبي موسى الاشعري أن لايجالسه أحد من
المسلمين فاشتد ذلك على الرجل فكتب أبو موسى إلى عمر أن قد حسن أمره، فكتب إليه
عمر أن ائذن للناس بمجالسته. وروى الخطيب هذه الحكاية بنحوها والحافظ ابن عساكر
أيضا عن أبي عثمان النهدي، وروى عنه الخطيب أنّه قال: كتب إلينا عمر لا تجالسوا
صبيغا، فلو جاءنا ونحن مائة لتفرقنا عنه، وروي عن ابن سيرين أمر أن يحرم من عطائه
ورزقه، وروي أيضا عن زرعة أنّه قال: رأيت صبيغا كأنّه بعير أجرب يجيء إلى الحلقة
ويجلس وهم لا يعرفونه فتناديهم الحلقة الاُخرى عزمة أمير المؤمنين عمر فيقومون
ويدعونه. وفي رواية الخطيب: أن عمر أمر أن يقوم خطيب فيقول: ألا إن صبيغا طلب
العلم فأخطأه فلم يزل وضيعا في قومه بعد أن كان سيدا فيهم(7).

* * *.

ما ذكرناه آنفا يوضح بجلاء سياسة
الخليفة في تجريد القرآن عن حديث الرسول (ص) ويوافق هذه السياسة سياسته في منع
نشر حديث الرسول (ص) كالاتي خبره.

ج ـ سياسة الخليفة في منع نشر
حديث الرسول (ص) وإحراقه ما كتب.

منه:

في طبقات ابن سعد قال: إنّ
الاحاديث كثرت على عهد عمر بن الخطاب، فأنشد الناس أن يأتوه بها فلمّا أتوه بها
أمر بتحريقها(8).

في كنز العمال: عن عبدالرّحمن بن
عوف قال: ما مات عمر بن الخطاب، حتّى بعث إلى أصحاب رسول اللّه، فجمعهم من الافاق
عبداللّه بن حذيفة وأبا الدرداء وأبا ذرّ وعقبة بن عامر، فقال: ما هذه الاحاديث
الّتي أفشيتم عن رسول اللّه في الافاق؟

قالوا: أتنهانا؟

قال: لا، أقيموا عندي، لا واللّه
لا تفارقوني ما عشت، فنحن أعلم نأخذ ـ منكم ـ ونردّ عليكم، فما فارقوه حتّى
مات(9).

وروى الذهبي أنّ عمر حبس ثلاثة
ابن مسعود وأبا الدرداء وأبا مسعود الانصاري، فقال: أكثرتم الحديث عن رسول
اللّه(10).

وأخرج الخطيب البغدادي وابن عساكر
عن سعد بن إبراهيم، عن أبيه قال:

بعث عمر بن الخطاب إلى عبداللّه
بن مسعود وإلى أبي الدرداء وإلى أبي مسعود الانصاري فقال: ما هذا الحديث الّذي
تكثرون عن رسول اللّه (ص)! فحبسهم بالمدينة حتى استشهد(11).

وقال ابن كثير: وهذا معروف عن
عمر(12).

* * *.

كانت تلكم سياسة الخليفة عمر في
منع نشر حديث الرسول (ص) وتجريد القرآن منه وكان أثر تلكم السياسة كالاتي
اخبارها.

د ـ أثر تنكيل الخليفة بمن
يحدِّث عن رسول اللّه (ص) في تفسير القرآن.

وغيره:

عن السائب بن يزيد قال: صحبت سعد
بن مالك ـ أبي وقاص ـ من المدينة إلى مكّة، فما سمعته يحدث عن النبيّ (ص) بحديث
واحد(13).

وفي تاريخ ابن كثير عن أبي هريرة
قال: ما كنّا نستطيع أن نقول: قال رسول اللّه (ص) حتى قبض عمر(14).

وكان لتلك السياسة استثناء محدود
كالاتي خبره.

.

ه ـ استثناء بعض الصحابة
وبعض علماء أهل الكتاب عن نهي نشر الحديث:.

أذن الخليفة عمر لعدد معيّن في
المدينة ان يسألوا عن تفسير القرآن وغيره فيجيبوا مثل أُمّ المؤمنين عائشة في
زوجات الرسول (ص) وابن عباس في حاشيته.

أوّلا: أُمّ المؤمنين عائشة.

روى ابن سعد وقال: (كانت عائشة قد
استقلت بالفتوى في خلافة أبي بكر وعمر وعثمان وهلمّ جرّا إلى أن ماتت).

وروى ـ أيضا ـ وقال: كانت عائشة
تفتي في عهد عمر وعثمان إلى أن ماتت (ره)، وكان الاكابر من أصحاب رسول اللّه عمر
وعثمان بعده يرسلان إليها، فيسألانها عن السنن(15).

استقلت: أي انفردت بالفتوى.

وقد درسنا أحاديثها في المجلّد
الثاني من كتاب أحاديث أُمّ المؤمنين عائشة.

ثانيا: عبداللّه بن عباس.

قال ابن كثير في ترجمة ابن عباس:
ثبت عن عمر بن الخطاب أنّه كان يجلس ابن عبّاس مع مشايخ الصحابة ويقول: نعم
ترجمان القرآن عبداللّه بن عبّاس(16).

وروى البخاري وغيره في تفسير سورة
النصر واللفظ للبخاري(17):

عن ابن عباس قال: كان عمر يدخلني
مع أشياخ بدر فكأن بعضهم وجد في نفسه فقال لِمَ تدخل هذا معنا ولنا أبناء مثله
فقال عمر: انّه من حيث علمتم. فدعاهم في ذات يوم فادخله معهم فما رُئيت انّه
دعاني يومئذ إلاّ ليريهم، قال: ما تقولون في قول اللّه تعالى: (إِذَا جَاء نَصْرُ
اللّهِ وَالْفَتْحُ).

فقال بعضهم: أمرنا أن نحمد اللّه
ونستغفره إذا نصرنا وفتح علينا، وسكت بعضهم فلم يقل شيئا، فقال لي: أكذاك تقول يا
ابن عباس؟ فقلت: لا، قال: فما تقول؟ قلت هو أجل رسول اللّه (ص) أعلمه له قال: إذا
جاء نصر اللّه والفتح وذلك علامة أجلك فسبح بحمد ربك واستغفره انّه كان توابا
فقال عمر: ما أعلم منها إلاّما تقول.

وروى ابن كثير في تفسيره:

قال ابن عباس: دعا عمر بن الخطاب
أصحاب محمّد (ص)، فسألهم عن ليلة القدر فأجمعوا أنّها في العشر الاواخر، قال ابن
عباس: فقلت لعمر: إنِّي لاعلم ـ أو إنِّي لا أظن ـ أي ليلة القدر هي. فقال عمر:
وأي ليلة هي؟ فقلت سابعة تمشي تمضي ـ أو سابعة تبقى ـ من العشر الاواخر، فقال
عمر: من أين علمت ذلك؟ قال ابن عباس: فقلت: خلق اللّه سبع سماوات وسبع أرضين
وسبعة أيام وان الشهر يدور على سبع وخلق الا نسان من سبع ويأكل من سبع ويسجد على
سبع والطواف بالبيت سبع، ورمي الجمار سبع، لاشياء ذكرها فقال عمر: لقد فطنت لامر
ما فطنا له(18).

وفي المستدرك: فقال عمر لابن
عباس: ما لك يا ابن عباس لا تتكلم؟

قال: إن شئت تكلمت.

قال: ما دعوتك إلاّ لتكلم.

فقال: أقول برأيي.

فقال: عن رأيك اسألك، فقلت: إنِّي
سمعت رسول اللّه (ص) يقول: إنّ اللّه تبارك وتعالى أكثر ذكر السبع... الحديث.

فقال عمر: أعجزتم أن تقولوا مثل
ما قال هذا الغلام الّذي لم تستو شؤون رأسه؟

ثمّ قال: إنِّي كنت نهيتك أن تكلم
فإذا دعوتك معهم فتكلم(19).

قال ابن كثير في ترجمة ابن عباس:
كان إذا أقبل يقول عمر: جاء فتى الكهول، وذو اللسان السؤول، والقلب العقول(20).

وفي سير اعلام النبلاء قال
المهاجرون لعمر: ألا تدعو أبناءنا كما تدعو ابن عباس؟

فقال: ذاكم فتى الكهول...(21).

وروى عن ابن عباس وقال: قال لي
أبي: إنّ عمر يُدنيك، ويُجلسك مع أكابر الصحابة، فاحفظ عنِّي ثلاثا: لاتفشينّ له
سرّا، ولا تغتابنّ عنده أحدا، ولا يجربنّ عليك كذبا(22).

وروى ابن كثير وقال: إن عمر
وعثمان كانا يدعوان ابن عباس فيسير مع أهل بدر، وكان يفتي في عهد عمر وعثمان إلى
يوم مات(23).

وروى الذهبي في ترجمته عن طلحة بن
عبيد اللّه انّه قال: وما كنت أرى عمر يقدم عليه أحدا.

وروى الذهبي ـ أيضا ـ وقال: كان
عمر يستشير ابن عباس في الامر اذا همه، ويقول غصّ غواص.

وروى عن سعد بن أبي وقاص انّه
قال: لقد رأيت عمر يدعوه للمعضلات، ثمّ لا يجاوز قوله، وان حوله لاهل بدر(24).

هكذا استطاع عمر الخليفة أن يروض
كبار الصحابة، ليقترئوا القرآن عند هذا الفتى، فقد روى البخاري بسنده عن ابن عباس
أنّه قال:

(كنت أقرئ رجالا من المهاجرين
منهم عبد الرحمن بن عوف، فبينما أنا في منزله بمنى وهو عند عمر بن الخطاب في آخر
حجة حجها إذ رجع عبد الرحمن...)(25).

وكل ما مرّ بنا من اسئلة الخليفة
عمر من ابن عباس كان عن تفسير القرآن وسمّوا ذلك بالافتاء.

إذا فان الافتاء كان يستعمل في
كلامهم، ويقصد به كلّ بيان رأي في أمر ديني، وكذلك الافتاء في أخبار أُمّ
المؤمنين كما مرّ بنا ذكره.

ويظهر ممّا سئل عن ابن عباس في
ذلك العصر، وأجاب عنه ان ابن عباس كان يعلم ما ينبغي أن يحدث به، فقد روى ابن
كثير وقال:

ان عمر كان يقول: أقلوا الرواية
عن رسول اللّه (ص) إلاّ في ما يعمل به(26).

دراسة في أمر الاستثناءين:.

ولد ابن عباس في السنة الثالثة
قبل الهجرة، وتوفي الرسول (ص) وقد ناهز الحلم.

ولدت أُمّ المؤمنين عائشة في
السنة الرابعة من البعثة ودخلت بيت الرسول (ص) بعد غزوة بدر، وتوفي الرسول (ص)
وعمرها ثماني عشر سنة وبقيت في بيته ثماني سنوات وخمسة أشهر.

وتزوج الرسول (ص) سودة قبلها،
ودخلت بيت الرسول (ص) قبلها، وتوفيت سنة أربع وخمسين.

وتزوج الرسول (ص) أُمّ سلمة بعد
غزوة أُحد، وتوفيت في خلافة يزيد بعد استشهاد الامام الحسين (ع).

وعلى هذا أدرك ابن عباس حياة
الرسول (ص) وهو صبيّ لم يبلغ الحلم بينما أدرك كبار الصحابة حياة الرسول وهم في
سنّ الرشد الفكري والنضوج العقلي.

كما أدركت عائشة حياته وهي فتاة
صغيرة تلعب مع أترابها باللعب كما حدثت هي بذلك(27) بينما أدركت سودة حياة الرسول
(ص) قبلها وأُمّ سلمة مقارنا لزمانها وقد بلغتا من جلال السنّ والنضوج العقلي ما
يؤهلهما لتفقّه سنَّة الرسول (ص) أكثر من عائشة. ويا ترى ما السبب في أن يبلغ ابن
عباس مقام المشير من الخليفة عمر، ولم تحنكه التحارب في الحرب والسلم؟ وما الّذي
أهله ليتربّع على دست الفتيا على عهد الخليفتين عمر وعثمان إلى يوم مات!؟

ما السبب في أن تنفرد أُمّ
المؤمنين عائشة بالافتاء على عهد عمر وعثمان وتستمر في الفُتيا إلى يوم وفاتها؟!

والجواب: أن ما كان من قيامهما
بالافتاء بعد عهد عمر فهو امتداد لعملهما بالافتاء على عهد عمر وبارجاع الخليفة
المهيب إليهما!

وما كان من سبب ارجاع الخليفة عمر
إلى أُمّ المؤمنين عائشة وهي فتاة في مقتبل العمر فقد بيناه مفصّلاً في كتابنا
أحاديث أُمّ المؤمنين عائشة ونشير إليه هنا.

وأمّا ابن عباس فهل كان عنده من
علم الرسول (ص) وسنته ما لم يكن عند الصحابة السبّاقين إلى الاسلام في مكه أمثال
الامام علي (ع) وابن مسعود وعمار بن ياسر وخبّاب بن الارت ونظرائهم؟

وهل كان عنده ما رشحه لمقام
المشير عند الخليفة من رجاحة العقل ما لم تكن عند الامام علي ومن الحنكة ما لم
تكن عند عبدالرّحمن بن عوف ومن الدراية في الاُمور ما لم تكن عند عثمان ومن
الخبرة في الحروب ما لم تكن عند أبي عبيدة وخالد بن الوليد ومن الدهاء ما لم يكن
عند عمرو بن العاص والمغيرة بن شعبة!

ولنا أن نقول: كان في تعريف
الخليفة ابن عباس إلى ملا من المسلمين حكمة، فقد كان المنافس القوي للخلافة عليّ
بن أبي طالب ابن عم الرسول الذي قال فيه رسول اللّه (ص): ((أنا مدينة العلم وعلي
بابها))(28) وكان بمنزلة من العلم يعلمها العلماء وأهل البحث وكانوا يرجعون إليه
في ما احتاجوا إلى معرفته.

وترشيح ابن عباس لمقام الافتاء
وهو ضمن حاشية الخليفة فيه سدّ لهذه الخلّة.

إضافة إلى أنّه كان يتجمل بابن عم
الرسول في حاشيته، وان ابن عباس وأُمّ المؤمنين عائشة كانا يعلمان كيف يفتيان ما
لا يخالف سياسة الخلافة ويدل على هذا الامر ما رواه ابن كثير وقال: كان يقول
للصحابة (أقلّوا الرواية عن رسول اللّه (ص) إلاّ في ما يعمل به)(29).

وما أوردناه عن عبد الرحمن بن عوف
أنّه قال ما موجزه:

ما مات عمر بن الخطاب حتّى بعث
إلى أصحاب رسول اللّه (ص) فجمعهم من الافاق فقال: ما هذه الاحاديث الّتي أفشيتم
عن رسول اللّه (ص) في الافاق؟

قالوا: تنهانا؟!

قال: لا، أقيموا عندي، لا
تفارقوني ما عشت، فنحن أعلم، نأخذ منكم ونرد عليكم.

فما فارقوه حتى مات(30).

فقد كان عند الصحابة أحاديث عن
رسول اللّه محظورا عليهم روايتها وإذاعتها كما درسناها في بحث اختلاف المصاحف،
ولابدّ أن يكون عند كل من أُمّ المؤمنين عائشة وابن عباس علم بالحديث المحظور
روايته واذاعته. واعتمادا على درايتهما سياسة الخلافة كان الخليفة يستفتيهما،
ويرجع الاخرين اليهما.

و ـ عمل الاثنين المذكورين
بسياسة الخلافة في رواية الحديث:.

إذا تدبّرنا في نوع الايات الّتي
كان الخليفة يوجِّه الاسئلة عن تفسيرها إلى ابن عباس، وجدناها تدور حول آيات ليس
فيها مدح أو قدح لانسان عملاً بسياسة قريش في نهيهم عن نشر حديث الرسول لما فيه
مدح أو قدح لانسان لزعمهم أنها صدرت في حال رضا الرسول أو سخطه على ذلك الانسان.

كان ذلكم في العلن.

أمّا في الخفاء فكان أحيانا
ونادرا ما يجري الحديث المحظور، ومن جملتها ما رواه الطبري والبخاري ومسلم وغيرهم
عن ابن عباس واللفظ للاول قال: قال ابن عباس:

مكثت سنة وأنا أُريد أن أسأل عمر
بن الخطاب عن المتظاهرتين ـالمذكورتين في سورة التحريمـ فما أجد له موضعا أسأله
فيه، حتى خرج حاجا وصحبته حتى إذا كان بمرّ الظهران ـ على مرحلة من مكة ـ ذهب
لحاجته، وقال: أدركني باداوة من ماء، فلما قضى حاجته ورجع أتيته بالاداوة أصبُّها
عليه فرأيت موضعا، فقلت:...(31).

كان في حمل ابن عم الرسول الاداوة
للخليفة تجمُّل له وفي مثل هذا المقام وجد الفتى الذكي فرصة مناسبة ليسأل الخليفة
في معزل عن الناس عن خبر محظور الحديث حوله.

وجلُّ ما روي عن ابن عباس في
التفسير تفسير لفظي لايات القرآن الكريم.

كان ذلكم شأن ابن عباس وأحاديثه
حول القرآن الكريم.

وإذا تدبّرنا أحاديث أُمّ
المؤمنين عائشة وجدنا كثيرا مما روي في فضائل الخليفتين ينتهي أسنادها إليها
ووجدنا في أحاديثها انكارا لبعض فضائل الامام علي كما مرّ بنا شيء منها في بحث
الوصيّة من المجلد الاول من كتاب معالم المدرستين، والدراسة المفصلة لاحاديثها
منشورة في كتابنا (أحاديث أُمّ المؤمنين عائشة) والحمد للّه.

والحقّ أنّ كلا من أُمّ المؤمنين
عائشة وعبداللّه بن عباس كانا يمتازان بذكاء مفرط يستفيد منهما الخليفة في حسن
تنفيذ سياسة الخلافة، ويدرك ذلك بوضوح في ما روي عن ابن عباس في تفسير القرآن على
عهد الخليفة عمر وما روي عن أُمّ المؤمنين عائشة في عامة أيّام حياتها.

* * *.

كان ذلكم شأن ابن عباس وأُمّ
المؤمنين عائشة في أمر الافتاء وتفسير القرآن ممّن صحب الرسول.

أمّا من علماء أهل الكتاب، فكان
شأنهما في ذلك كالاتي.

ز ـ السماح لكعب الاحبار
برواية الاخبار:.

أبو إسحاق كعب بن ماتع الملقب
بكعب الاحبار وكعب الحَبر، واشتهر بكعب الاحبار، والحبر عالم اليهود، وأحيانا
يقال لغير علماء اليهود ـأيضاـ الحبر وكان اليهود يسمُّونه بكعب الاحبار لانّه
كان عنده جميع كتب اليهود أو لانّه أحد كبار علمائهم، قالوا في ترجمته:

أ ـ كان من كبار علماء أهل
الكتاب(32).

ب ـ كان من أحبار اليهود في
اليمن، وجاء إلى المدينة في عصر الخليفة عمر، ويظهر ممّا ذكروا في ترجمته أنّه
سافر من اليمن إلى المدينة، ليذهب منها إلى الارض الموعودة لليهود الشام(33).

يظهر ممّا ذكروا من أخبار كعب
الاحبار مع الخليفة عمر أنّ الخليفة تدرّج في الركون إلى أقوال كعب في تفسير
القرآن.

فقد روى السيوطي عن ابن عمر أنّه
قال: تلا رجل عند عمر (كُلَّمَا نَضِجَتْ جُلُودُهُم بَدَّلْنَاهُمْ جُلُودا
غَيْرَهَا) فقال كعب: عندي تفسير هذه الاية قرأتها قبل الاسلام.

فقال: هاتها يا كعب، فان جئت بها
كما سمعت من رسول اللّه (ص) صدقناك.

قال: أني قرأتها قبل الاسلام
(كلما نضجت جلودهم بدلناهم جلودا غيرها) في الساعة الواحدة عشرين ومائة مرّة.

فقال عمر: هكذا سمعت من رسول
اللّه (ص)(34).

وفي رواية أُخرى قال : ان عمر بن
الخطاب قال: يا كعب ما عدن؟

قال: قصور من ذهب في الجنة يسكنها
النبيون والصدِّيقون وأئمة العدل.

وفي قوله (وَقِهِمُ السَّيِّئاتِ)
قال العذاب(35).

وارتفع مقامه عند الخليفة على حسب
ما يظهر من الرواية الاتية:

عن كعب قال: كنت عند عمر بن
الخطاب، فقال: خوفنا يا كعب، فقلت: يا أمير المؤمنين! أَوَليس فيكم كتاب اللّه
وحكمة رسوله؟ قال: بلى ولكن خوفنا، قلت: يا أمير المؤمنين! لو وافيت القيامة بعمل
سبعين نبيا لازدريت عملك مما ترى، قال: زدنا، قلت: يا أمير المؤمنين لو فتح من
جهنم قدر منخر ثور بالمشرق ورجل بالمغرب لغلا دماغه حتى يسيل من حرها، قال: زدنا،
قلت: يا أمير المؤمنين ان جهنم لتزفر زفرة يوم القيامة لا يبقى ملك مقرب ولا نبي
مرسل إلاّ خرّ جاثيا على ركبتيه حتى إن إبراهيم خليله ليخر جاثيا على ركبتيه
فيقول رب نفسي نفسي لا أسألك اليوم إلاّ نفسي، فأطرق عمر مليا، قلت: يا أمير
المؤمنين! أَوَليس تجدون هذا في كتاب اللّه؟ قال: كيف قلت قول اللّه في هذه
الاية: (يَوْمَ تَأْتِي كُلُّ نَفْسٍ تُجَادِلُ عَن نَفْسِهَا وَتُوَفَّى كُلُّ
نَفْسٍ مَا عَمِلَتْ وَهُمْ لاَ يُظْلَمُونَ)(36).

وقال عمر لكعب: ما أوّل شيء
ابتدأه اللّه من خلقه؟

فقال كعب: كتب اللّه كتابا لم
يكتبه بقلم ولا مداد، ولكن كتب باصبعه يتلوها الزبرجد واللؤلؤ والياقوت أنا اللّه
لا إله إلاّ أنا سبقت رحمتي غضبي(37).

وسأل كعبا فقال: أخبرني عن هذا
البيت ما كان أمره؟

فقال: إن هذا البيت أنزله اللّه
من السماء ياقوتة حمراء مجوفة مع آدم فقال يا آدم ان هذا بيتي فطف حوله وصل حوله
كما رأيت ملائكتي تطوف حول عرشي وتصلي، ونزلت معه الملائكة فرفعوا قواعده من
حجارة، ثمّ وضع البيت على القواعد فلما أغرق اللّه قوم نوح رفعه اللّه إلى السماء
وبقيت قواعده(38).

وسأل عمر بن الخطاب كعبا عن
الحجر، فقال: مروة من مرو الجنة(39).

وعلى أثر اعتماد الخليفة عليه ركن
الاخرون إلى كعب كما يظهر ذلك ممّا رواه ـأيضاـ السيوطي وقال:

وعن عبداللّه بن الحارث قال: كنت
عند عائشة، وعندها كعب، فذكر إسرافيل (ع) فقالت عائشة: اخبرني عن إسرافيل (ع).

قال: له أربعة أجنحة جناحان في
الهواء، وجناح قد تسرول به، وجناح على كاهله والقلم على أُذنه. فإذا نزل الوحي
كتب القلم ودرست الملائكة وملك الصور أسفل منه جاث على احدى ركبتيه وقد نصب
الاُخرى، فالتقم الصور فحنى ظهره وطرفه إلى إسرافيل ضمّ جناحيه ان ينفخ في
الصور(40).

روى كعب عن النبي (ص) مرسلا، وعن
عمر وصهيب وعائشة، وروى عنه من الصحابة ابن عمر وأبو هريرة وابن عباس وابن
الزُّبير ومعاوية ومن كبار التابعين أبو رافع الصائغ ومالك بن عامر وسعيد بن
المسيب وابن امرأته تبع الحميري وممن بعدهم عطاء وعبداللّه بن ضمرة السلولي
وعبداللّه بن رباح الانصاري وآخرون(41).

وقال رأس الجالوت لهم: إن كل ما
تذكرون عن كعب بما يكون أنّه يكون إن كان قال لكم إنّه مكتوب في التوراة، فقد
كذبكم، إنما التوراة كتابكم إلا أن كتابكم جامع يسبح للّه ما في السماوات وما في
الارض وفي التوراة يسبح للّه الطير والشجر وكذا وكذا.

وإنّما الّذي يحدث به كعب عمّا
يكون من كتب أنبياء بني إسرائيل وأصحابهم كما تحدثون أنتم عن نبيّكم وعن أصحابه.

وأحيانا كان الصحابة يردّون على
كعب ما يرويه كالخبر الاتي:

قال: بلغ حذيفة أن كعبا يقول: إن
السماء تدور على قطب كالرحى، فقال كذب كعب إن اللّه يقول (إِنَّ اللّهَ يُمْسِكُ
السَّمَاوَاتِ وَالاْ َرْضَ أَن تَزُولاَ )، ووقع ذكره في عدّة مواضع في الصحيح
منها عند مسلم في حديث الاعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة عن النبيّ (ص) قال: ((إذا
أدّى العبد حقّ اللّه وحق مواليه كان له أجران))، قال أبو هريرة فحدثت به كعبا
فقال ليس عليه حساب ولا على مؤمن زهد(42).

وذكر أبو الدرداء كعبا فقال: إنّ
عند ابن الحميريّة لَعلما كثيرا(43).

ح ـ أخبار القراءة والاقراء
وتدوين القرآن:.

روى ابن أبي داود في باب كتابة
المصاحف حفظا من كتابه المصاحف ص 137 بسنده وقال ما موجزه:

جاء رجل إلى عمر وهو يعرفه، فقال:
يا أمير المؤمنين! جئتك من الكوفة وتركت بها رجلا يُملي المصاحف عن ظهر قلبه.

قال: فغضب عمر، وقال: من هو
ويحك!؟

قال: هو عبداللّه بن مسعود.

فتسرَّى عنه الغضب وعاد إلى
حالته.

وإذا علمنا ان ابن مسعود كان
الموفد من قبل الخليفة لاقراء القرآن في الكوفة وأن الاقراء كان في حالة كهذه في
مسجد البلد أدركنا أن عدد تلاميذه كان يبلغ الالوف ممّن يكتبون في مصاحفهم ما
يُملي عليهم ابن مسعود من القرآن.

وروى السيوطي بسنده في الاتقان 2
/ 170 وقال: ان الخليفة عمر وجد مع رجل مصحفا قد كتبه بقلم دقيق، فكره ذلك وضربه،
وقال: عظّموا كتاب اللّه تعالى.

قال: وكان عمر إذا رأى مصحفا
عظيما سرّ به.

من أخبار القرّاء في عصر عمر:.

في مصاحف ابن أبي داود السجستاني
عن عطيّة بن قيس قال: انطلقَ ركبٌ من أهل الشام إلى المدينة يكتبون مُصحفا لهم،
فانطلقوا معهم بطعام وإدامٍ وكانوا يطعمون الّذين يكتبون لهم، فكان أُبي يمرُّ
عليهم يقرأ القرآن فقال عمر: يا أُبيّ! كيف وجدت طعام الشام؟ قال لاُوشك إذا ما
نسيتُ أمرَ القوم ما أصبتُ لهم طعاما ولا إداما(44).

وروى البخاري وقال: كان القرّاء
أصحاب مجلس عمر ومشاورته كهولاً كانوا أم شبانا(45).

وروى المتقي في كنز العمال وقال:
كتب عمر بن الخطاب إلى أُمراء الاجناد أن ارفعوا إليَّ كلَّ من حمل القرآن حتى
الحقهم في الشرف من العطاء وأُرسلهم في الافاق يعلمون الناس فكتب إليه الاشعري
انّه بلغ من قبلي من حمل القرآن ثلاثمائة وبضع رجال(46).

عن محمّد بن كعب القُرظي، قال:
جمع القرآن في زمانِ النبي (ص) خمسةٌ من الانصار: معاذ بن جبلٍ، وعبادةُ بن
الصامتِ، وأُبيُّ بن كعب، وأبو أيوب، وأبو الدرداء.

فلمّا كان زمانُ عمر بن الخطاب
كتب إليه يزيد بن أبي سفيان، ان أهل الشام قد كثروا وربَلوا وملاوا المدائن،
واحتاجوا إلى من يعلمهم القرآن، ويفقههم فاعِن يا أمير المؤمنين برجالٍ يعلمونهم.

فدعا عمر أُولئك الخمسة، فقال
لهم: إن إخوانكم من أهل الشام قد استعانوني بمن يعلمهم القرآن ويفقههم في الدين،
فاعينوني رحمكم اللّه بثلاثةٍ منكم، إن أحببتم، فاستهموا، وإن انتدب منكم ثلاثة
فليخرجوا.

فقالوا: ما كنا لنساهم، هذا شيخ
كبير لابي أيوب، وأما هذا، فسقيم لاُبيّ ابن كعب.

فخرج معاذ بن جبل وعبادة وأبو
الدرداء، فقال عمر ابدأوا بحمص، فانّكم ستجدون الناس على وجوه مختلفة، منهم من
يلقن، فاذا رأيتم ذلك فوجهوا إليه طائفة من الناس فاذا رضيتم منهم فليقُم بها
واحدٌ، وليخرج واحدٌ إلى دمشق، والاخر إلى فلسطين.

فقدموا حمص، فكانوا بها حتى اذا
رضوا من الناس أقام بها عبادة، ورجع أبو الدرداء إلى دمشق، ومعاذ إلى فلسطين.

فاما معاذ، فمات عام طاعون
عَمواس، وأما عبادة، فسار بعد إلى فلسطين فمات بها، وأما أبو الدرداء فلم يزل
بدمشق حتّى مات(47).

دراسة الاخبار:.

أ ـ كان القراء يشاركون جنود
المسلمين في سكنى مراكز الجنود مثل الكوفة والبصرة، فأراد الخليفة أن يوظف القراء
للاقراء في آلاف البلاد الّتي فتحت على عهده.

ب ـ كان الخليفة دوّن دواوين
للعطاء، وفضل فيه بعضهم على بعض الاخر فقد فرض ـ مثلا ـ لاهل بدر خمسة آلاف درهم
ولمن حضر أُحدا بعد أهل بدر أربعة آلاف ولمن بعدهم أقل من ذلك إلى ثلاثمائة درهم
ومائتين(48) وعليه يكون الشرف من العطاء الّذي رفع إليه الخليفة عمر القرّاء خمسة
آلاف درهم.

وبعث القرّاء للاقراء في البلاد
الاسلامية مثل ابن مسعود الّذي بعثه للاقراء في الكوفة.

وعبادة بن الصامت ومعاذ بن جبل
وأبا الدرداء للشام ونصب عبد الرحمن ابن ملجم مقرئا لمصر.

وكان يضيف لبعضهم مع الاقراء
وظيفة اخرى كما روى ابن الاثير في أُسد الغابة بترجمة عبادة وقال: ((أرسله عمر بن
الخطاب وأرسل معه معاذ بن جبل وأبا الدرداء ليعلموا الناس القرآن بالشام ويفقهوهم
في الدين وأقام عبادة بحمص وأقام أبو الدرداء بدمشق ومضى معاذ إلى فلسطين(49).

وقال: ان عبادة تولى قضاء فلسطين.

وبلغ كثرة القراء في البلاد
الاسلامية إلى حد أنّه خرج على الامام بعد تحكيم الحكمين ثمانية آلاف من قراء
الناس من بلد الكوفة(50).

وبسبب كل ما ذكرناه لم يكن يولد
مولود في أي بقعة أرض من أراضي المسلمين ولا يعتنق الاسلام إنسان ما على وجه
الارض منذ عصر الرسول حتى عصر الامام عليّ (ع) إلاّ ويشترك مع سائر المسلمين في
حلبة السباق في تقارؤ القرآن مؤمنا كان أو منافقا، فالمؤمن طلبا لرضا اللّه
والمنافق طلبا للشهرة في مجتمع كان القرآن فيه ميزانا للمفاضلة بين أهله.

ولذلك لما انتشرت الفتوح في عصر
الخليفة عمر بلغ عدد القراء بين المسلمين ما لايحصيه غير اللّه سبحانه.

كثرة القراء في عصر عمر:.

ومن أخبار القراء في هذا العصر ما
رواه أبو نعيم بسنده عن أبي الاسود الدؤلي أنّه قال(51): جمع أبو موسى القراء،
فقال:

لا تدخلوا عليَّ إلاّ من جمع
القرآن.

قال: فدخلنا عليه زهاء ثلاثمائة
فوعظنا، وقال: أنتم قراء أهل البلد، فلا يطولن عليكم الامد...

وأيضا روى عن أبي كنانة عن أبي
موسى الاشعري: أنّه جمع الّذين قرأوا القرآن فاذا هم قريب من ثلاثمائة، فعظم
القرآن وقال: إن هذا القرآن كائن لكم أجرا...

وقال: كان أبو موسى الاشعري يطوف
علينا في هذا المسجد مسجد البصرة يقعد حلقا، فكأني أنظر إليه بين بردين أبيضين
يقرئني القرآن ومنه أخذت هذه السورة (اقرأ باسم ربك الّذي خلق) قال أبو رجاء:
فكانت أول سورة نزلت على محمّد رسول اللّه (ص).

* * *.

كان ذلكم بعض أخبار القرّاء في
هذا العصر، وفي ما يأتي نذكر بحوله تعالى خبر اثنين منهم أكثر تفصيلا في ما يأتي:

أ ـ عبدالرّحمن بن ملجم
المرادي:.

قال ابن حجر في ترجمته من
الاصابة:

(أدرك الجاهلية وهاجر في خلافة
عمر وقرأ على معاذ بن جبل).

وقال في ترجمته بلسان الميزان:

شهد فتح مصر واختطّ بها.

وان عمرو بن العاص أمره بالنزول
بالقرب منه، لانّه كان من قرّاء القرآن وان عمر ـ الخليفة ـ كتب إلى عمرو أن قرب
دار عبد الرحمن بن ملجم من المسجد ليعلّم الناس القرآن والفقه(52).

ب ـ أبو الدرداء:.

مثال عن كيفية الاقراء بعد
الصحابة:

قال الذهبي في معرفة القراء
الكبار ص 38 ـ 39 ما موجزه:

أبو الدرداء: عويمر الانصاري
الخزرجي، اختلفوا في اسم أبيه، قرأ القرآن على عهد النبيّ (ص) تأخر إسلامه عن
بدر، وآخى الرسول بينه وبين سلمان، وقال:

كان أبو الدرداء إذا صلى الغداة
في جامع دمشق اجتمع الناس للقراءة عليه، فكان يجعلهم عشرة عشرة، وعلى كل عشرة
عريفا، ويقف هو في المحراب يرمقهم ببصره، فاذا غلط أحدهم رجع إلى عريفه، فاذا غلط
عريفهم رجع إلى أبي الدرداء يسأله عن ذلك.

قال: طلب أبو الدرداء أن يعدّوا
من يقرأ عنده القرآن، فعدوهم ألفا وستمائة ونيفا، وكان لكل منهم مقرئ.

وكان أبو الدرداء قائما عليهم،
وكان إذا حكم الرجل منهم تحوّل إلى أبي الدرداء(53).

حصيلة الاخبار:.

نجحت سياسة الخليفة في توجيه
المسلمين إلى الاقتصار على ترديد النص القرآني دون معرفة شأن نزوله في جميع
الموارد واتبعه المسلمون في الرجوع عما تعودوه في عصر الرسول (ص) من تعلّم جميع
ما في الايات من علم وعمل إلى قراءة النص القرآني وحده(54).

ونشأ على أثر تلكم السياسة جيل من
القرّاء فضّلتهم الخلافة على سائر المسلمين بمنحهم شرف العطاء، وكان كل ما لدى
هؤلاء القراء، حفظ النص القرآني عن ظهر قلب وتكراره صباح مساء دون التفقه في
الدين، ونشأ بذلك في كل بلد اسلامي طبقة متميزة من سائر المسلمين يتمتعون باحترام
خاصّ وكان لهذه السياسة أثر بعيد كما بينا ذلك في بحث القراء، وأثر قريب سوف
ندرسه في بحث تاريخ القرآن في عصر علي ـ إن شاء اللّه تعالى ـ.

* * *.

كانت تلكم سياسة الخليفة عمر في
عمله بسياسة الخليفة أبي بكر وتجريده القرآن والاقراء عن حديث الرسول، وفي ما
يأتي ندرس بإذنه تعالى خصائص المجتمع الاسلامي وأخبار القرآن على عهد الخليفة
عثمان.

خصائص المجتمع الاسلامي على عهد
الخليفة عثمان.

بما ان فهم كثير من روايات مدرسة
الخلفاء حول القرآن الكريم متوقّف على دراسة ما جرى في الحكم الاموي لا سيما ما
جرى من قبل الخليفتين عثمان ومعاوية والامير الحجاج ندرس بإذنه تعالى في ما يأتي
ما جرى على عهدهم بشيء من التفصيل بعدما بويع لعثمان مستهلّ محرّم عام 24ه.

في الاغاني:

وعندما ولي عثمان الخلافة دخل
عليه أبو سفيان، فقال: يا معشر بني أُميّة! إنَّ الخلافة صارت في تيم وعديّ حتى
طمعت فيها، وقد صارت إليكم فتلقّفوها بينكم تلقّف الصبيّ الكُرة؛ فواللّه ما من
جنّةٍ ولا نارٍ؛ فصاح به عثمان: ((قم عنيّ، فعل اللّه بك وفعل))(55).

وفي رواية أُخرى أنّه قال: يا بني
أُميّة! تلقّفوها تلقّف الكُرة، فوالذي يحلف به أبو سفيان مازلت أرجوها لكم،
ولتصيرنَّ إلى صبيانكم وراثةً، فانتهره عثمان وساءه ما قال(56).

وفي رواية أُخرى: دخل أبو سفيان
على عثمان بعد أن كفَّ بصره، فقال: هل علينا من عين؟ قال: لا. فقال: يا عثمان!
إنَّ الامر أمرٌ عالميّة، والملك ملكٌ جاهليّة، فاجعل أوتاد الارض بني
أُميّة(57).

وفي هذا العصر كان ما روي عنه:
أنّه مرّ بقبر حمزة، وضربه برجله، وقال: يا أبا عمارة! إنَّ الامر الاذي ّجتلدنا
عليه بالسيف أمس صار في يد غلماننا اليوم يتلعّبون به(58).

قال المؤلّف:

سوف نرى في ما يأتي من بحوث إن
شاء اللّه تعالى كيف نفذ بنو أُميّة وصيّة شيخهم وعميد أُسرتهم في مدّة حكمهم
بكلّ اتقان.

أمّا الخليفة الاموي عثمان فقد
أدنى أقرباءه، بدءا بعمّه الحكم بن أبي العاص الّذي استقدمه من الطائف إلى
المدينة وكان الرسول (ص) لعنه وطرده إليها لما كان يتجسّس على الرسول (ص) ويغمزه
باصبعه كما في ترجمته في الاصابة.

وكان أبو بكر وعمر قد رفضا طلب
عثمان ولم يأذنا له بالعودة إلى المدينة(59).

روى اليعقوبي في تاريخه في هذا
الصدد وقال:

كان على الحكم يوم قدم المدينة
فزر خلق (فزر الثوب: انشقّ وتقطّع وبلي) وهو يسوق تيسا حتى دخل دار عثمان والناس
ينظرون إلى سوء حاله وحال من معه، ثمّ خرج وعليه جبّة خزّ وطيلسان(60).

وقال ابن قتيبة في المعارف اعطاه
مائة ألف درهم(61).

وقال البلاذري في الانساب: ولاّه
صدقات قضاعة ـ حيّ في اليمن ـ فبلغت ثلاثمائة ألف درهم، فوهبها له حين أتاه بها،
وكان يجلسه على سريره، ولما مات بالمدينة ضرب على قبره فسطاطا(62).

وادنى مروان بن الحكم صهره من
ابنته ام أبان واتّخذه كاتبا واعطاه خمسمائة الف دينار (خمس غنائم أفريقية)(63).

واقطع الحارث بن الحكم صهره من
ابنته عائشة سوق مهزور بالمدينة وكان تصدق بها رسول اللّه (ص) على المسلمين(64)

واعطاه ثلاثمائة ألف درهم وقدمت
ابل الصدقة، فوهبها له(65).

واعطى سعيد بن العاص بن أُميّة
مائة ألف درهم(66).

واعطى لعبداللّه بن خالد بن أُسيد
بن أبي العاص بن أُميّة ثلاثمائة ألف درهم ولكل رجل من قومه الف درهم(67)، اعطى
عبداللّه أربعمائة ألف درهم، وزوج ابنته من عبداللّه بن خالد بن اسيد وأمر له
بستمائة ألف درهم(68).

وأعطى أبا سفيان مائتي الف من بيت
المال في اليوم الّذي أمر فيه لمروان بن الحكم بمائة ألف من بيت المال(69). قال
البلاذري:

كان في بيت المال سفط فيه حليّ
وجوهر، فأخذ منه عثمان ما حلّى به بعض اهله، فاظهر الناس الطعن عليه في ذلك،
وكلّموه فيه بكلام شديد حتى أغضبوه، فقال:

هذا مال اللّه أُعطيه من شئت
وأمنعه من شئت فارغم اللّه أنف من رغم.

وفي لفظ: لنأخذنّ حاجتنا من هذا
الفيء وان رغمت أُنوف أقوام...(70).

وجاء إليه أبو موسى بكيلة ذهب
وفضّة، فقسّمها بين نسائه وبناته وانفق أكثر بيت المال في عمارة ضياعه ودوره(71).

وقال ابن سعد:

كان لعثمان عند خازنه يوم قتل
ثلاثون ألف ألف درهم وخمسمائة ألف درهم، وخمسون ومائة ألف دينار.

وترك ألف بعير بالربذة وصدقات
ببراديس وخيبر ووادي القرى قيمة مائتي الف دينار(72).

وفي ترجمة عثمان من انساب الاشراف
للبلاذري وغيره: عن سليم، أبي عامر، قال: رأيت على عثمان بردا ثمنه مائة دينار.

وفي رواية أُخرى عن محمّد بن
ربيعة بن الحارث قال: رأيت على عثمان مطرف خز ثمنه مائة دينار فقال: هذا لنائلة
كسوتها إيّاها فأنا ألبسه لاسرها بذلك(73).

وقال الذهبي: كان قد صار له أموال
عظيمة (رض) وله ألف مملوك(74).

وقال المسعودي: بنى في المدينة
دارا وشيّدها بالحجر والكلس، وجعل أبوابها من الساج والعرعر، واقتنى أموالا
وجنانا وعيونا بالمدينة.

وذكر عبداللّه بن عتبة انّ عثمان
يوم قتل كان عند خازنه من المال خمسون ومائة ألف دينار وألف ألف درهم وقيمة ضياعه
بوادي القرى وحُنين وغيرهما مائة ألف دينار وخلف خيلاً كثيرا وابلا(75).

ويتلخّص ما جرى في مدّة خلافته ما
رواه ابن سعد وقال: لمّا ولي عثمان عاش اثنتي عشرة سنة أميرا يعمل ست سنين لاينقم
الناس عليه شيئا، وانّه لاحبّ إلى قريش من عمر بن الخطّاب، لانّ عمر كان شديدا
عليهم، فلمّا وليهم عثمان لان لهم ووصلهم، ثمّ توانى في أمرهم واستعمل أقرباءه
وأهل بيته في السّت الاواخر، وكتب لمروان بخمس مصر، واعطى أقرباءه المال، وتأوَّل
في ذلك الصلة الّتي أمر اللّه بها، واتخذ الاموال، واستسلف من بيت المال، وقال:
ان أبا بكر وعمر تركا من ذلك ما هو لهما، وإنّي اخذته، فقسَّمته في أقربائي،
فأنكر الناس عليه ذلك.

وروى ـ أيضا ـ وقال:

انّ عثمان كان يقول: أيُّها
الناس! إنّ أبا بكر وعمر كانا يتأوَّلان في هذا المال ظَلْفَ أنفسهما ـ يريدان
المشقة لانفسهما ـ وذوي أرحامهما، وانّي تأوّلت فيه صلة رحمي(76).

وروى ابن عساكر في ترجمة عثمان عن
الزهري وقال:

انّ عثمان لما ولي كره ولايته نفر
من الصحابة، لانّ عثمان كان يحبّ قومه، فولي الناس اثنتي عشرة سنة، وكان كثيرا ما
يولّي بني أُميّة ممّن لم يكن له مع النبيّ ـ عليه الصلاة والسلام ـ صحبة، فكان
يجيء من امرائه ما ينكره أصحاب محمّد ـ عليه الصلاة والسلام ـ وكان عثمان
يُسْتَعْتَبُ فيهم فلا يعزلهم، وذلك في سنة خمس وثلاثين، فلمّا كان في الستّ
الاواخر استأثر بني عمّه، فولاّهم وما اشرك معهم، وامرهم بتقوى اللّه فولّى
عبداللّه بن أبي سرح مصر، فمكث عليها سنين، فجاء اهل مصر يشكونه ويتظلّمون منه،
وقد كان قبل ذلك من عثمان هَنَاة إلى عبداللّه بن مسعود، وأبي ذر، وعمار بن ياسر،
فكانت بنو هُذَيْل وبنو زهْرَة في قلوبهم ما فيها لحال ابن مسعود، وكانت بنو غفار
وأحلافها ومن غضب لابي ذر في قلوبهم ما فيها، وكانت بنو مخزوم قد حنقت على عثمان
لحال عمّار بن ياسر(77).

تولية بني أُميّة على رقاب
المسلمين:.

كانت تلكم أمثلة من سيرة الخليفة
الامويّ عثمان في الاموال، وكانت سيرته في توليته بني عمومته على رقاب المسلمين
كما يأتي

بيانه:

قال الذهبي في دول الاسلام ص 24:

ثمّ أخذوا ينقمون على خليفتهم
عثمان لكونه يعطى المال لاقاربه ويولّيهم الولايات الجليلة، فتكلّموا فيه.

وفي ما يأتي تفصيل الخبر:

أ ـ اتّخذ مروان كاتبا ووزيرا
وكان مروان يقطع الاُمور دونه، قال اليعقوبي في تاريخه (2 / 173): وكان الغالب
عليه مروان بن الحكم وأبو سفيان بن حرب.

ب ـ أقطع الحارث بن الحكم سوق
المدينة(78).

ج ـ جمع بلاد الشام لمعاوية بن
أبي سفيان(79).

د ـ جمع البصره وبلاد فارس لابن
خاله عبداللّه بن عامر بن كريز(80).

ه ـ ولّى على الكوفة أخاه
لاُمّه الوليد بن عقبة بن أبي معيط ثمّ سعيدا(81).

و ـ ولّى على مصر وافريقيا أخاه
من الرضاعة عبداللّه بن سعد بن العاص ابن أبي سرح(82).

وبذلك اصبحت جميع المدن الشامية
وأجنادها تحت حكم معاوية، والبصرة وجندها وما تبعها من المدن الخليجية تحت حكم
عبداللّه بن عامر، والكوفة وجندها والولايات الشرقية في إيران التابعة لها تحت
حكم الوليد وسعيد، ومصر وجميع قارة افريقية تحت حكم عبداللّه بن سعد بن أبي
سرح(83).

ونحن نورد اختصار أخبار ولاته على
الشام والكوفة والبصرة ومصر بإذن اللّه تعالى:

.

أ ـ الشام:.

كان واليه على الشام معاوية، وهذا
خبره قبل ان يلي الشام وبعده:

(أسلم معاوية بعد فتح مكّة)(84)
واخباره قبل اسلامه مع أبيه في حروبه لرسول اللّه مشهورة ورأى رسول اللّه (ص) ذات
يوم أبا سفيان وهو راكب ومعاوية وأخوه أحدهما قائد والاخر سائق، فقال: (لعن اللّه
الراكب والقائد والسائق)(85).

وتأخّر إسلامه بعد الفتح عن إسلام
أبيه ولام أباه على إسلامه وأنشد قائلاً:

يا صخر لا
تُسْلِمن يوما فتفضَحَنا

بعد الّذين ببدر أصبحوا مِزَقا

خالي
وعَمّي(86) وعم الامّ ثالثهم

وحنظل الخير قد أهدى لنا الارَقا

لا
تَرْكَنَنَّ إلى أمرٍ تكلّفنا

والراقصات به في مكة الخُرَقَا

فالموتأهونُمنقولالعداةلقد

((حادابنُحربعنالعُزّىإذافَرَقا))(87)

ولمّا أسلم أعطاه الرسول (ص) (سهم
المؤلّفة قلوبهم في غزوة حنين)(88) ثمّ استكتبه أشهرا قبل وفاته وبعث إليه ذات
يوم ابن عبّاس يدعوه ليكتب له فوجده يأكل، فاعاده النبيّ في طلبه، فوجده يأكل إلى
ثلاث مرّات، فقال النبيّ (لا أشبع اللّه بطنه)(89).

وخرج رسول اللّه في سفره، فسمع
رجلين يتغنّيان وأحدهما يجيب الاخر وهو يقول:

يزال
حواري تلوح عظامه

زوى الحرب عنه أن يُجنَّ فَيُقبرا

فقال النبيّ: ((انظروا من هما؟))،
فقالوا: معاوية وعمرو بن العاص، فرفع رسول اللّه (ص) يديه، فقال: (اللّهمّ
اركسهما في الفتنة ركسا ودُعّهما إلى النار دعّا)(90).

وقال: (إذا رأيتموهما اجتمعا،
ففرّقوا بينها، فانّهما لن يجتمعا على خير)(91).

ولمّا استخلف أبو بكر بعد الرسول
وارسل في السنة الثالثة عشرة من الهجرة أخاه يزيد بن أبي سفيان مع الاُمراء لغزو
الشام سار معاوية تحت لواء أخيه يزيد.

(وعلى عهد عمر لمّا طُعن يزيد سنة
ثماني عشرة بالطاعون واحتضر استعمل اخاه معاوية على عمله دمشق وجندها، فاقرّه
الخليفة عليها)(92).

سيرة معاوية على عهد عمر:.

(لمّا دخل عمر الشام تلقاه معاوية
في موكب عظيم، فقال عمر: هذا كسرى العرب، فلمّا دنا منه سأله عمر عن ذلك مع وقوف
ذوي الحاجات ببابه فاعتذر معاوية انّهم بأرض جواسيس العدو بها كثير ولذلك ينبغي
ان يعيش كذلك)(93).

وارسل الخليفة عمر عبادة بن
الصامت مقرئا لاهل الشام فغزا معاوية غزاة، فغنموا آنية من فضّة، فامر معاوية ان
تباع في اعطية الناس بمثلي ما فيه من الفضة فتسارع الناس إلى شرائها فبلغ عبادة
بن الصامت فقال: إني سمعت رسول (ص) ينهى عن بيع الذهب بالذهب والفضّة بالفضّة...
إلاّ سواء بسوأ وعينا بعين، فمن زاد أو ازداد فقد أربى.

فردّ الناس ما أخذوه؛ فبلغ ذلك
معاوية، فقام خطيبا فقال: ألا ما بال رجال يتحدّثون عن رسول اللّه أحاديث قد كنّا
نشهده ونصحبه فلم نسمعها منه.

فقام عبادة بن الصامت، فأعاد
القصّة، ثمّ قال: لنحدّثن بما سمعنا رسول اللّه (ص) وإن كره معاوية أو قال: وإن
رغم ما أُبالي أن لا أصحبه في جنده ليلةً سوداء(94)؛ وفي مسند أحمد 5 / 319؛
والنِّسائي 7 / 274 إنِّي واللّه لا أُبالي أن لا أكون بأرض يكون بها معاوية.

وفي أُسد الغابة والنبلاء بترجمه
عبادة: أنّ عبادة أنكر على معاوية شيئا فقال: لا أُساكنك بأرض، فرحل إلى المدينة،
فقال له عمر: ما أقدمك؟ فأخبره بفعل معاوية؛ فقال له: ارحل إلى مكانك، فقبّح
اللّه أرضا لست فيها وأمثالك فلا إمرةَ له عليك(95).

* * *.

كان ذلكم في عصر عمر، ولما استخلف
عثمان الاموي ولاه على جميع بلاد الشام وأرخى له زمامه فانطلق معاوية على سجيته
لايردع عمّا يشتهيه رادع.

وفي هذا العصر جرى له مع عبادة بن
الصامت ما رواه ابن عساكر والذهبي(96) وقالا:

إنّ عبادة بن الصامت مرّت عليه
قطارة(97) وهو بالشام تحمل الخمر؛ فقال: ما هذه؟ أزيت؟

قيل: لا، بل خمر يباع لفلان.

فأخذ شفرة من السوق، فقام إليها،
فلم يذر فيها راوية إلاّ بقرها ـ وأبو هريرة إذ ذاك بالشام ـ فأرسل فلان إلى ابي
هريرة، فقال: أتمسك عنا أخاك عبادة؛ أمّا بالغدوات فيغدو إلى السوق يفسد على أهل
الذّمة متاجرهم، وأمّا بالعشيّ فيقعد في المسجد ليس له عمل إلاّ شتم أعراضنا
وعيبنا!

قال: فأتاه أبو هريرة فقال: يا
عبادة! ما لك ولمعاوية؟ ذره وما حمل.

فقال: لم تكن معنا إذ بايعنا على
السمع والطاعة؛ والامر بالمعروف والنهي عن المنكر، وألاّ تأخذنا في اللّه لومة
لائم، فسكت أبو هريرة.

وكتب معاوية إلى عثمان: أنّ عبادة
بن الصامت قد أفسد عليّ الشام وأهله، فإمّا أن تكفّه إليك، وإمّا أن أُخلّي بينه
وبين الشام.

فكتب إليه: أن رحّل عبادة حتى
ترجعه إلى داره بالمدينة.

قال: فدخل على عثمان، فلم يفجأه
إلاّ وهو معه في الدار؛ فالتفت إليه فقال: ما لنا ولك؟

فقام عبادة بين ظهرانيّ الناس؛
فقال: سمعت رسول اللّه (ص) يقول: سيلي أُموركم بعدي رجالٌ يعرّفونكم ما تنكرون؛
وينكرون عليكم ما تعرفون؛ فلا طاعة لمن عصى ولا تضارّوا بربكم.

وفي رواية ابن عساكر بعد هذا:
فوالّذي نفس عبادة بيده إنّ فلانا يعني معاوية لمن أُولئك فما راجعه عثمان بحرف؛
انتهى.

وقصّة معاوية مع الصحابة في شربه
الخمر لم يقتصر على ما كان بين معاوية وعبادة؛ فقد رووا أنّ عبد الرحمن بن سهل بن
زيد

الانصاري غزا في زمن عثمان
ومعاوية أمير على الشام، فمرّت به روايا خمر، فقام إليها برمحه، فبقر كلَّ راوية
منها؛ فناوشه الغلمان؛

حتى بلغ شأنه معاوية؛ فقال: دعوه
فإنّه قد ذهب عقله، فبلغه فقال: كلاّ واللّه ما ذهب عقلي ؛ ولكن رسول اللّه (ص)
نهانا أن ندخل بيوتنا وأسقيتنا خمرا وأحلف باللّه لئن بقيت حتى أرى في معاوية ما
سمعت من رسول اللّه (ص) لابقرنَّ بطنه أو لاموتنَّ دونه(98).

وأخرج ابن حنبل في مسنده ج 5 /
347 عن عبداللّه بن بريدة، قال: دخلت أنا وأبي على معاوية، فأجلسنا على الفرش،
ثمّ أُتينا بالطعام، فأكلنا، ثمّ أُتينا بالشراب، فشرب معاوية، ثمّ ناول أبي، ثمّ
قال: ما شربته منذ حرّمه رسول اللّه (ص)... الحديث.

وله قصصٌ أُخرى في الخمر أخرجها
ابن عساكر في تاريخه(99).

وفي هذا العصر ـ عصر عثمان ـ كان
لمعاوية مع أبي ذرّ قصصٌ يطول شرحها ونحن نوردها هنا بإيجاز من ترجمة عثمان في
انساب الاشراف (5 / 54 ـ 55)، قال البلاذري:

لمّا ولي عثمان، واعطى مروان بن
الحكم ما أعطاه، واعطى الحارث بن الحكم ثلاثمائة ألف درهم، وزيد بن ثابت الانصاري
مائة ألف درهم، جعل أبو ذر يتلو:

(وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ
الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلاَ يُنفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللّهِ فَبَشِّرْهُم
بِعَذَابٍ أَلِيمٍ). (التّوبة / 34)

وجرى بينه وبين عثمان في ذلك
محاورات فأمره ان يلتحق بالشام، فكان أبوذر ينكر على معاوية أشياء يفعلها، وبعث
إليه معاوية بثلاثمائة دينار، فقال: ان كان من عطائي الّذي حرمتمونيه عامي هذا
قبلتها، وان كانت صلة فلا حاجة لي فيها.

وبنى معاوية قصره الخضراء بدمشق،
فقال: يا معاوية ان كانت هذه الدار من مال اللّه فهي الخيانة، وان كانت من مالك
فهذا الاسراف، فسكت معاوية.

وكان أبوذر يقول: واللّه لقد حدثت
اعمال ما أعرفها، واللّه ما هي في كتاب اللّه ولا سنّة نبيّه، واللّه إنِّي لارى
حقّا يطفأ وباطلاً يحيى، وصادقا يكذّب، وأثرة بغير تقىً، وصالحا مستأثرا
عليه(100)، وكان الناس يجتمعون عليه، فنادى منادي معاوية ألاّ يجالسه أحد(101).

وفي رواية ان معاوية بعث إليه
بألف دينار في جنح الليل فأنفقها، فلما صلى معاوية الصبح، دعا رسوله فقال: اذهب
إلى أبي ذر، فقل انقذ جسدي من عذاب معاوية، فإنِّي أخطأت. قال: يا بني، قل له:
يقول لك أبو ذر: واللّه ما أصبح عندنا منه دينار ولكن أنظرنا ثلاثا حتى نجمع لك
دنانيرك.

فلمّا رأى معاوية أن قوله صدق
فعله؛ كتب إلى عثمان: أما بعد؛ فإن كان لك بالشام حاجة أو بأهله؛ فابعث إلى أبي
ذر فإنه وغل صدور الناس... الحديث(102).

وفي أنساب الاشراف: فكتب عثمان
إلى معاوية: أمّا بعد، فاحمل جندبا على أغلظ مركب وأوعره.

فوجه معاوية من سار به الليل
والنهار(103).

وفي تاريخ اليعقوبي(104): فكتب
إليه أن احمله على قتب بغير وطاء؛ فقدم به إلى المدينة وقد ذهب لحم فخذيه.

وفي مروج الذهب(105): فحمله على
بعير عليه قتب يابس. معه خمس من الصقالبة يطيرون به حتى أتوا به المدينة وقد
تسلخت أفخاذه وكاد أن يتلف.

وفي الانساب: فلمّا قدم أبوذر
المدينة جعل يقول: تستعمل الصبيان، وتحمي الحمى، وتقرب أولاد الطلقاء فسيره إلى
الربذة، فلم يزل بها حتى مات.

وكان مكث أبيذر في الشام سنة
واحدة، فقد ذكر المؤرخون أن تسفيره من المدينة إلى الشام كان سنة تسع وعشرين؛ وفي
سنة ثلاثين شكاه معاوية إلى عثمان، فجلبه إلى المدينة، ثمّ نفاه إلى الربذة،
فتوفي بها سنة إحدى وثلاثين أو اثنتين وثلاثين(106).

ولمعاوية ـ أيضا ـ قصص طويلة مع
قراء أهل الكوفة الّذين سيرهم عثمان إلى الشام أوردها البلاذري في أنساب
الاشراف(107) وقال في آخر خبرهم ما موجزه:

بلغ معاوية أن قوما من أهل دمشق
يجالسونهم فكتب إلى عثمان انك بعثت إلي قوما أفسدوا مصرهم وانغلوه، ولا آمن أن
يفسدوا طاعة من قبلي ويعلموهم ما لايجيدونه حتّى تعود سلامتهم غائلة واستقامتهم
اعوجاجا.

فكتب ـ عثمان ـ إلى معاوية يأمره
أن يسيرهم إلى حمص، ففعل.

وإنما كان معاوية يشكو من بقاء
صحابة النبي كأبي ذر، وعبادة بن الصامت وغيرهما من التابعين وقراء المسلمين
وأخيارهم في الشام خشية أن يعرِّفوا أهل الشام ما خفي عنهم من الاسلام وأحكامه،
فلا يستطيع معاوية آنذاك أن يعيش فيهم عيشة كسرى وقيصر.

وكان الخليفة عثمان عند حسن ظن
أبناء عمومته الّذين ولاهم على المسلمين كما شرحنا ذلك في فصل (في عصر الصهرين)
من كتاب أحاديث أُمّ المؤمنين عائشة، وأطلق لهم العنان، ففعلوا في ولاياتهم ما
شاؤوا، وكان منهم معاوية استطاع أن يربي أهل الشام مدّة اثنتي عشرة سنة (24 ـ
36ه ) زمان خلافة عثمان كما شاء أن يكونوا.

وعندما قتل عثمان كان أهل الشام
أطوع له من بنانه واستطاع أن يقاتل بهم الامام عليّا كما سندرسه في ما يأتي إن
شاء اللّه تعالى.

ب ـ الكوفة:.

عزل الخليفة عثمان في السنة
الثانية من خلافته سعد بن أبي وقاص عن الكوفة وولّى عليها الوليد بن عقبة.

وكان سعد هو الّذي كوف الكوفة
بأمر عمر واسكنها جيوش المسلمين وكان هو قائدهم في فتح إيران فكانوا يحبونه
ويحترمونه فلما قدم الوليد الكوفة واليا قال له سعد: واللّه ما أدري أكست بعدنا
أم حمقنا بعدك؟

فقال: لاتجزعن أبا إسحاق، فانّما
هو الملك يتغداه قوم، ويتعشاه آخرون(108).

فقال سعد: أراكم واللّه ستجعلوها
ملكا.

قال له ابن مسعود: ما أدري أصلحت
بعدنا أم فسد الناس بعدك!

.

.

ترجمة الوليد(109):.

الوليد بن عقبة بن أبي معيط وكان
جد أبيه ذكوان علجا من صفورية وعبدا لاُميّة، فتبناه واستلحقه بنسبه، وكان أبوه
من أشد أعداء النبي بمكة، وقتله صبرا في غزوة بدر، وأسلم الوليد بعد فتح مكة
وبعثه النبي (ص) مصدقا إلى بني المصطلق، فعاد وأخبر النبي إنهم ارتدوا ومنعوا
الصدقة فبعث إليهم الرسول (ص) من استعلم حالهم فاخبروه بانهم متمسكون بالاسلام
ونزلت فيه:

(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا
إِن جَاءكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَن تُصِيبُوا قَوْما بِجَهَالَةٍ
فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ). (الحجرات / 6)

وقال البلاذري:

واستقرض من بيت المال مائة ألف،
وكان على بيت المال عبداللّه بن مسعود، ولما اقتضاه المال، كتب الوليد إلى عثمان،
فكتب عثمان إلى ابن مسعود (إنما أنت خازن لنا فلا تعرض للوليد في ما أخذ من
المال) فطرح ابن مسعود المفاتيح وقال: كنت أظن أني خازن للمسلمين فاما إذا كنت
خازنا لكم، فلا حاجة لي في ذلك(110).

قال صاحب الاغاني:

وقدم عليه أبو زبيد الشاعر
النصراني فوهب له دارا كانت لعقيل بن أبي طالب على باب مسجد الكوفة، فكان يخرج من
منزله حتى يشق الجامع إلى الوليد، فيسمر عنده، ويشرب معه، ويعود إلى بيته يشق
المسجد وهو سكران.

واجرى عليه وظيفة من خمر وخنازير
في كل شهر فاستنكروا عليه ذلك فقوم ما كان وظف له دراهم وضمها إلى رزق كان يجري
عليه.

واعطاه ما بين القصور الحمر من
الشام إلى القصور الحمر من الحيرة جعله له حمى(111).

وقال المسعودي:

بلغه عن رجل يهودي في قرية من قرى
الكوفة انّه يعمل أنواعا من السحر والشعبذة يعرف ببطروني، فأحضره، فأراه في
المسجد الاعظم ضربا من التخييل: اظهر له في الليل فيلا(112) عظيما على فرس يركض
في صحن المسجد ثمّ صار اليهودي ناقة يمشي على حبل ثمّ اراه صورة حمار دخل من فيه
ثمّ خرج من دبره ثمّ ضرب عنق رجل ففرق بين جسده ورأسه، ثمّ أمَرَّ السيف عليه
فقام الرجل وكان جماعة من أهل الكوفة حضورا منهم جندب بن كعب الازدي فخرج إلى
السوق ودنا من بعض الصياقلة وأخذ سيفا واشتمل عليه، وجاء إلى الساحر فضربه ضربة
فقتله، ثمّ قال: أحي نفسك وقرأ (جَاء الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إِنَّ
الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقا).

فأنكر عليه الوليد ذلك وأراد ان
يقيده به ـ أي يقتله به ـ فمنعه الازد فحبسه واراد قتله غيلة فسجنه ولما رأى
السجان قيامه بالعبادة في الليل قال له: انج بنفسك فقال له جندب تقتل بي.

قال: ليس ذلك بكثير في مرضاة
اللّه والدفع عن ولي من اولياء اللّه.

فلما اصبح الوليد دعا به وقد
استعد لقتله، فلم يجده، فسأل السجان، فأخبره بهربه، فضرب عنق السجان وصلبه
بالكناسة(113).

وقال المؤرخون(114):

كان الوليد يشرب مع ندمائه ومغنيه
من اول اللّيل إلى الصبح، فلما آذنه المؤذنون بالصلاة خرج في غلائله ـ شعار يلبس
تحت الثوب ـ فتقدم إلى المحراب في صلاة الصبح وصلّى بهم أربعا وقال: أتريدون أن
ازيدكم وقرأ بهم:

علق القلب الربابا
بعد ان شابت وشابا

وأطال سجوده وقال في سجوده: اشرب
واسقني.

فقال له من كان بالصف الاوّل:

ما تريد لا زادك اللّه مزيد
الخير، واللّه لا أعجب إلاّ ممن بعثك الينا واليا وعلينا أميرا، فحصبه الناس
بحصباء المسجد، فدخل قصره يترنح، ويتمثل:

ولست بعيدا عن
مُدامٍ وقينةٍ

ولا بصفا صلد عن الخير معزل

الابيات

وأخذوا خاتمه من يده وهو سكران ما
يعقل وقاء خمرا وذهب خمسة من أهل الكوفة للشهادة عليه عند الخليفة، فضرب بعضهم،
ودفع في صدر بعضهم وأوعدهم وتهددهم فذهبوا إلى الامام عليّ وأخبروه بالقصة فاتى
عثمان وقال له: دفعت الشهود وابطلت الحدود...

وأراد الخليفة أن ينكِّل بهم،
فاستجاروا بعائشة، فسمع عثمان من حجرتها صوتا وكلاما فقال: أما يجد مُرّاق أهل
العراق وفسّاقهم ملجأ إلاّ بيت عائشة فسمعت فرفعت نعلا وقالت: تركت سنة رسول
اللّه (ص) صاحب هذا النعل؟

فتسامع الناس فجاؤوا حتّى ملاوا
المسجد فمن قائل: ما للنساء ولهذا؟ حتّى تحاصبوا وتضاربوا بالنعال...

وفي رواية: ان عائشة أغلظت
لعثمان، وأغلظ لها.

وأتاه طلحة والزُّبير وقالا له:
قد نهيناك عن تولية الوليد شيئا من أُمور المسلمين فأبيت وقد شهد عليه بشرب الخمر
والسكر فاعزله.

وقال له علي: اعزله وحدّه إذا شهد
عليه الشهود في وجهه.

فولّى عثمان سعيد بن العاص بن
اميّة الكوفة واستقدم الوليد، ولما شهد الشهود في وجه الوليد انّه شرب الخمر،
وأراد عثمان ان يحده البسه جبة خز ـضرب من برود اليمنـ وقال من يضربه فأحجم
الناس لقرابته من الخليفة، فقام علي وضربه، وبعد اجراء الحد عليه لم يحلقه
الخليفة كما كان يفعل مع من يجري عليه الحد، وولاّه بعد ذلك على جباية صدقات
قبيلتي كلب وبلقين، وغزا الوليد زمان ولايته على الكوفة اذربيجان إلى ارمينية،
ففتح، وقتل، وسبى، وملا يديه من الغنائم.

ولمّا قدم سعيد الكوفة ابى ان
يصعد منبر المسجد الجامع حتى غسلوه، وعزل عثمان أبا موسى الاشعري عن البصرة
وجندها، وعثمان بن ابي العاص الثقفي عن عمان والبحرين وجندهما، وولى عليهما ابن
خاله عبداللّه بن عامر بن كريز وكتب عثمان إلى عبداللّه بن عامر وسعيد بن العاص
ايكما سبق إلى خراسان فهو أمير عليها فسبق إليها ابن عامر وافتتح نيسابور وابرشهر
وهراة ومرو الروذ، وصالح اهل تلك البلاد على ثلاثة آلاف ألف درهم وخمسة وسبعين
ألف درهم ومائتي ألف أوقية.

وبلغه ان اهل مرو يريدون الوثوب
عليه فجرّد فيهم السيف حتّى افناهم.

تولية سعيد بن العاص وتسيير
قراء أهل الكوفة:.

روى البلاذري بسنده وقال(115):

عزل عثمان (رض) الوليد بن عقبة عن
الكوفة وولاّها سعيد بن العاص وأمره بمداراة أهلها، فكان يجالس قرّاءها ووجوه
أهلها ويسامرهم فيجتمع عنده منهم: مالك بن الحارث الاشتر النخعي، وزيد وصعصعة
إبنا صوحان العبديّان، وحرقوص بن زهير السعدي، وجندب بن زهير الازدي، وشريح ابن
أوفى بن يزيد بن زاهر العبسي، وكعب بن عبدة النهدي، وكان يقال لعبدة ابن سعد ذو
الحبكة ـ وكان كعب ناسكا وهو الّذي قتله بُسر بن أبي أرطأة بتثليث ـ وعدي بن حاتم
الجواد الطائي ويكنّى أبا طريف، وكدام بن حضري ابن عامر، ومالك بن حبيب بن خراش،
وقيس بن عطارد بن حاجب، وزياد ابن خصفة بن ثقف، ويزيد بن قيس الارحبي، وغيرهم
فانّهم لعنده وقد صلّوا العصر إذ تذاكروا السّواد والجبل ففضلوا السواد وقالوا:
هو ينبت ما ينبت الجبل وله هذا النخل، وكان حسان بن محدوج الذهلي الاذي ّبتدأ
الكلام في ذلك، فقال عبد الرحمن بن خنيس الاسدي صاحب الشرطة: لوددت أنّه للامير
وانّ لكم أفضل منه. فقال له الاشتر: تمنّ للامير أفضل منه، ولا تمنّ له أموالنا.

فقال عبد الرحمن: ما يضرك من تمني
حتى تزوي ما بين عينيك، فواللّه لو شاء كان له.

فقال الاشتر: واللّه لو رام ذلك
ما قدر عليه.

فغضب سعيد وقال: إنّما السّواد
بستان لقريش.

فقال الاشتر: أتجعل مراكز رماحنا
وما أفاء اللّه علينا بستانا لك ولقومك؟ واللّه لو رامهُ أحدٌ لقُرع قرعا يتصأصأ
منه.

ووثب بابن خنيس فأخذته الايدي.

فكتب سعيد بن العاص بذلك إلى
عثمان وقال: إنّي لا أملك من الكوفة مع الاشتر وأصحابه الّذين يُدعون القرّاء وهم
السفهاء شيئا. فكتب إليه أن سيّرهم إلى الشام. وكتب إلى الاشتر: إنّي لاراك تضمر
شيئا لو أظهرته لحلّ دمك وما أظنك منتهيا حتى يصيبك قارعة لا بُقيا بعدها، فإذا
أتاك كتابي هذا فسر إلى الشام لافسادك من قبلك وإنّك لا تألوهم خبالا. فسيّر سعيد
الاشتر ومن كان وثب مع الاشتر وهم: زيد وصعصعة إبنا صوحان، وعائذ بن حملة الطهوي
من بني تميم، وكميل بن زياد النخعي، وجندب بن زهير الازدي، والحارث بن عبداللّه
الاعور الهمداني، ويزيد بن المكفف النخعي، وثابت بن قيس بن المنقع النخعي،
وأصعر(116) بن قيس بن الحارث الحارثي.

فخرج المسيّرون من قرّاء أهل
الكوفة، فاجتمعوا بدمشق نزلوا مع عمرو ابن زرارة فبرّهم معاوية وأكرمهم، ثمّ أنّه
جرى بينه وبين الاشتر قولٌ حتى تغالظا فحبسه معاوية فقام عمرو بن زرارة فقال: لئن
حبسته لتجدنّ من يمنعه. فأمر بحبس عمرو فتكلّم سائر القوم فقالوا: أحسن جوارنا يا
معاوية! ثمّ سكتوا فقال معاوية: ما لكم لاتكلمون؟ فقال زيد بن صوحان: وما نصنع
بالكلام؟ لئن كنّا ظالمين فنحن نتوب إلى اللّه، وإن كنّا مظلومين فإنّا نسأل
اللّه العافية. فقال معاوية: يا أبا عائشة! أنت رجل صدق.

وأذن له في اللحاق بالكوفة، وكتب
إلى سعيد بن العاص: أمّا بعد: فإني قد أذنت لزيد بن صوحان في المسير إلى منزله
بالكوفة لما رأيت من فضله وقصده وحسن هديه، فأحسن جواره، وكفّ الاذى عنه
وأقبل إليه بوجهك وودّك، فإنّه قد أعطاني موثقا أن لا ترى منه مكروها.

فشكر زيد معاوية وسأله عند وداعه
إخراج من حبس، ففعل.

وبلغ معاوية أنّ قوما من أهل دمشق
يجالسون الاشتر وأصحابه، فكتب إلى عثمان: إنّك بعثت إليّ قوما أفسدوا مصرهم
وأنغلوه، ولا آمن أن يفسدوا طاعة من قبلي ويعلموهم ما لايحسنونه، حتّى تعود
سلامتهم غائلة، واستقامتهم اعوجاجا.

فكتب إلى معاوية يأمره أن يسيّرهم
إلى حمص، ففعل وكان واليها عبد الرحمن بن خالد بن الوليد بن المغيرة، ويقال: إنّ
عثمان كتب في ردّهم إلى الكوفة فضجّ منهم سعيد ثانية، فكتب في تسييرهم إلى حمص
فنزلوا الساحل.

وذكر الواقدي والطبري(117)
وغيرهما ما دار بينهم وبين معاوية من كلام حول قريش وسياستهم على الناس وان
معاوية كتب اثر ذلك إلى عثمان:

بسم اللّه الرّحمن الرّحيم،
لعبداللّه عثمان أمير المؤمنين من معاوية بن أبي سفيان أمّا بعد، يا أمير
المؤمنين! فانّك بعثت إليّ أقواما يتكلّمون بألسنة الشياطين وما يملون عليهم
ويأتون الناس ـ زعموا ـ من قبل القرآن فيشبهون على الناس، وليس كلّ النّاس يعلم
ما يريدون وإنّما يريدون فرقة، ويقربون فتنة، قد أثقلهم الاسلام وأضجرهم، وتمكنت
رُقى الشيطان من قلوبهم، فقد أفسدوا كثيرا من النّاس ممّن كانوا بين ظهرانيهم من
أهل الكوفة، ولست آمن إن قاموا وسط أهل الشام أن يغرّوهم بسحرهم وفجورهم فارددهم
إلى مصرهم، فلتكن دارهم في مصرهم الّذي نجم فيه نفاقهم، والسلام.

فكتب إليه عثمان يأمره أن يردّهم
إلى سعيد بن العاص بالكوفة فردهم إليه فلم يكونوا إلاّ أطلق ألسنة منهم حين
رجعوا.

وكتب سعيد إلى عثمان يضج منهم،
فكتب عثمان إلى سعيد أن سيّرهم إلى عبد الرحمن بن خالد بن الوليد وكان أميرا على
حمص

وهم: الاشتر، وثابت ابن قيس
الهمداني(118) وكميل بن زياد النخعي، وزيد بن صوحان وأخوه صعصعة، وجندب بن زهير
الغامدي، وحبيب بن كعب الازدي، وعروة بن الجعد(119) وعمرو بن الحمق الخزاعي.

وكتب عثمان إلى الاشتر وأصحابه:
أمّا بعد، فاني قد سيرتكم إلى حمص فإذا أتاكم كتابي هذا فاخرجوا إليها فإنكم لستم
تأتون الاسلام وأهله شرا والسلام.

فلمّا قرأ الاشتر الكتاب قال:
اللّهمّ أسوأنا نظرا للرعية، وأعلمنا فيهم بالمعصية، فعجِّل له النقمة.

فكتب بذلك سعيد إلى عثمان، وسار
الاشتر وأصحابه إلى حمص فأنزلهم عبدالرّحمن بن خالد الساحل، وأجرى عليهم رزقا.

وروى الواقدي إنّ عبدالرّحمن بن
خالد جمعهم بعد أن أنزلهم أيّاما وفرض لهم طعاما ثمّ قال لهم: يا بني الشيطان! لا
مرحبا بكم ولا أهلا، قد رجع الشيطان محسورا وأنتم بعد في بساط ضلالكم وغيكم، جزى
اللّه عبد الرحمن إن لم يؤذكم، يا معشر من لا أدري

أعربٌ هم أم عجم، أتراكم تقولون
لي ما قلتم لمعاوية؟ أنا ابن خالد بن الوليد، أنا ابن من عجمته العاجمات، أنا ابن
فاقئ عين الردة، واللّه يا ابن صوحان! لاطيرن بك طيرة بعيدة المهوى إن بلغني أن
أحدا ممّن معي دقَّ أنفك فأقنعت(120) رأسك.

قال: فأقاموا عنده شهرا كلّما ركب
أمشاهم معه ويقول لصعصعة: يا ابن الخطية! إنّ من لم يصلحه الخير أصلحه الشر، ما
لك لا تقول كما كنت تقول لسعيد ومعاوية؟

فيقولون: نتوب إلى اللّه، أقلنا
أقالك اللّه، فما زال ذاك دأبه ودأبهم حتى قال: تاب اللّه عليكم، فكتب إلى عثمان
يسترضيه عنهم ويسأله فيهم فردهم إلى الكوفة(121).

نرى ان معاوية اجتهد حتى أرضى
الخليفة باعادة القراء المذكورين إلى الكوفة ومن ذلك ما رواه ابن ابي شيبة بسنده
وقال: إنّ رجلا من حمص يقال له كريب بن سيف ـ أو سيف بن كريب ـ جاء إلى عثمان
فقال: ما جاء بك؟ أبإذن جئت أم عاص؟

قال: بل نصيحة أمير المؤمنين،
قال: وما نصيحتك؟ قال: لا تكل المؤمن إلى إيمانه حتى تعطيه من المال ما يصلحه ـ
أو قال: ما يعيشه ـ ولا تكل ذا الامانة إلى أمانته حتى تطالعه في عملك، ولا ترسل
السقيم إلى البريء ليبرئه، فإن اللّه يبرئ السقيم، وقد يسقم السقيم البريء،
قال: ما أردت إلاّ الخير، قال: فردهم وهم زيد بن صوحان وأصحابه(122).

نرى أن معاوية هو الّذي أرسل
الرجل الحمصي المذكور إلى الخليفة وعلمه أن يقول للخليفة ما قاله.

تراجم المذكورين في الخبر:.

أصغر بن قيس بن الحارث الحارثي له
ادراك. كان صاحب راية قومه يوم القادسية، الاصابة 1 / 117.

ثابت بن قيس بن منقع النخعي أبو
المنقع. من الطبقة الوسطى من التابعين روى له النِّسائي حديثا واحدا. من الثقات،
تهذيب التهذيب 2 / 13. وتقريب التهذيب 1 / 117.

جندب بن زهير الازدي ثمّ الغامدي.
كان فيمن سيره عثمان عنه من الكوفة إلى الشام. وكان على رجالة علي في صفين وقتل
فيها. الاصابة 1 / 249 تهذيب التهذيب 2 / 18، أُسد الغابة 1 / 303.

الحارث بن عبداللّه الاعور
الهمداني. ثقة. أفقه الناس أحسبُ الناس وأفرض الناس (ت: 65ه )، تهذيب التهذيب 2
/ 145.

زيد بن صوحان بن حجر الربعي
العبدي. كان فاضلاً دينا سيدا في قومه وصحب النبي (ص)، أُسد الغابة (2 / 233 ـ
234).

سعيد بن العاص بن أُميّة. أُمّه
أُم كلثوم بنت عمرو العامرية كتب المصحف لعثمان وكان عامله على الكوفة ولي
المدينة لمعاوية (ت: 59ه )، أُسد الغابة 2/ 309 ـ 310.

صعصعة بن صوحان بن حجر العبدي.
ثقة. كان سيدا فصيحا خطيبا دينا، أسلم على عهد رسول اللّه (ص)، وشهد صفين مع علي،
نفاه معاوية إلى البحرين فمات بها (ت: 37ه )، الاستيعاب بهامش الاصابة 2 / 189،
وأُسد الغابة (3 / 20)، والاصابة 2 /

192.

عدي بن حاتم الطائي، أسلم سنة سبع
للهجرة نزل الكوفة، أخرج حديثه أصحاب الصحاح. شهد مع علي الجمل وصفين، توفي
بالكوفة زمن المختار سنة 68ه ، طبقات ابن سعد 6 / 22، الاستيعاب بهامش الاصابة
(3 / 142) وأُسد الغابة (3 / 392 ـ

394)، وتهذيب التهذيب 7 / 166،
والاصابة 2/ 461.

عروة بن عياض بن أبي الجعد
البارقي. استعمله عمر قاضيا على الكوفة. أخرج حديثه أصحاب الصحاح الستّة. كان
فيمن سيره عثمان من الكوفة إلى الشام، الاستيعاب ص: 491، أُسد الغابة 3 / 404،
الاصابة 2 / 468.

كميل بن زياد بن نهيك. كان شريفا
مطاعا في قومه. شهد مع علي صفين ولما قدم الحجاج الكوفة قتله سنة: 82ه ، ابن
سعد 6 / 179، تهذيب التهذيب 8 / 447 ـ 448.

عمرو بن الحمق الخزاعي. صحب
الرسول (ص) بعد الحديبية. شهد مع علي الجمل وصفين والنهروان رحل إلى الموصل هربا
وخوفا من زياد، فقطع عامل الموصل رأسه وحمله إلى زياد، وزياد إلى معاوية، وكان
أول رأس حمل في الاسلام من بلد إلى بلد، وكان ذلك سنة 50 هجرية. الاستيعاب (2 /
404)، وأُسد الغابة 4 / 100 ـ 101، والاصابة 2 / 526.

مالك بن الحارث النخعي. أدرك
الرسول (ص). كان رئيس قومه شهد اليرموك فشترت عينه بها ولقب بالاشتر، شهد الجمل
وصفين مع علي وولاه علي مصر فدس إليه معاوية السم بالعسل. وتوفي متأثرا منه سنة
38ه ، أُسد الغابة والاصابة 3 / 459.

يزيد بن قيس الارجي، أدرك حياة
الرسول (ص) كان رئيسا كبيرا عند الناس شهد مع علي صفين. الاصابة 3 / 675.

ج ـ البصرة:.

عزل عن البصرة وما تبعها من بلاد
إيران الصحابي أبا موسى الاشعري مقرئ أهل البصرة وفاتح جنوب ايران وعثمان بن أبي
العاص عن فارس وولى عليهما ابن خاله عبداللّه بن عامر بن كريز العبشمي وكان عمره
أربع وعشرون أو خمس وعشرون سنة، روى الطبري وابن عساكر واللفظ لابن عساكر قال:

وفد يزيد بن خرشة الضبي إلى عثمان
فقال: ما فيكم وضيع فترفعونه أو فقير فتجبرونه عمدتم إلى نصف سلطانكم فأطعمتموه
هذا الاشعري فاستعمل عثمان عبداللّه بن عامر بن كريز وكان ابن خاله...(123).

دراسة الخبر:.

لعل التعصب القبيلي العدناني كان
دافع يزيد إلى ما قال فان ضبّة من تميم وتميم من العدنانيين والاشعريين من
اليمانييّن القحطانيين وإنما قال (نصف سلطانكم) لانّ أبا موسى كان قد فتح من بلاد
إيران كوري الاهواز: سوق الاهواز ونهر تيري وغيرهما ثمّ فتح مناذر والسوس
ورامهرمز وتستر وجنديسابور وقم وكاشان ودينور وماسبذان وكورمهر جانقذف(124).

إكرام آخر من الخليفة لابن
خاله:.

مرّ بنا في بحث جمع القرآن أنّ
الرسول (ص) ولّى عثمان بن أبي العاص على قومه بالطائف لانّه كان أقرأهم للقرآن
فكان يصلّي بهم ويقرئهم القرآن إلى عهد الخليفة عمر حين كتب إليه أن يستخلف على
الطائف ويقبل إليه فاستخلف أخاه فولاه على البحرين وعمان والبلاد الخليجية
الاُخرى ثمّ أمره أن يغزو فارس فاستخلف أخاه وغزا بجيشه فارس وفتح في طريقه بعض
الجزر في البحر ثمّ استولى على سواحل البلاد وفتح البلاد بلدة بعد أُخرى حتّى
انتهى إلى توج بلدة قريبة من كازرون شديدة الحرّ بينها وبين شيراز ثلاثون فرسخا
فجعلها دارا للمسلمين وبنى بها المساجد يشتي فيها، وفي غير الشتاء يغزو البلاد
ويفتتحها. وأمر الخليفة عمر أبا موسى أن يعينه فتعاونا على فتح البلاد حتى اتصلت
في ما بينهما، وعلى عهد الخليفة عثمان أراد أن يكرم ابن خاله عبداللّه بن أبي سرح
فعزل عثمان بن سعيد وجمع لابن خاله الولاية على ما افتتحها عثمان بن سعيد وأبا
موسى الاشعري وكان عبداللّه بن عامر من فتيان قريش جوادا من بيت مال المسلمين ومن
أخباره في ذلك ما رواه ابن عساكر بترجمته من تاريخه وقال:

ارتجّ على عبداللّه بن عامر
بالبصرة يوم أضحى فمكث ساعة ثمّ قال: واللّه لا أجمع عليكم عيّا ولؤما. من أخذ
شاة من السوق فهي له وثمنها عليّ، (ولم تحتمله البصرة فكتب إلى عثمان يستأذنه
الغزو فأذن له)(125).

لعلّ المراد: لم يحتمل بيت مال
البصرة نفقاته في العطاء لمن أمر فانّه بعدما فتح بلاد كثيرة حج فأفشى في قريش
والانصار الصلات والكساء فأثنوا عليه.

وبسبب ذلك لمّا استعتب عثمان من
عماله كان في ما شرطوا عليه أن يقرّ ابن عامر على البصرة لتحبّبه إليهم وصلته هذا
الحي من قريش، وبعد قتل الخليفة عثمان حمل بيت مال البصرة وذهب إلى مكة ثمّ إلى
الشام ومات قبل معاوية بسنة.

* * *.

كان ذلكم أمثلة من أخبار بعض
الولاة على عهد الخليفة عثمان وكان لسرواة قريش والصحابة مواقف في تلك الاحداث
نذكر بعضها في ما يأتي:

موقف الصحابي المقرئ ابن مسعود
ومآل أمره:.

أمّا ابن مسعود فهو أبو عبد
الرحمن عبداللّه بن مسعود بن غافل بن حبيب الهذلي وأُمّه أُمّ عبد ودّ الهذلي.
وكان أبوه حليف بني زهرة أسلم قديما وأجهر بالقرآن في مكة ولم يكن قد أجهر به أحد
من المسلمين قبله فضربته قريش حتى أدموه ولمّا أسلم أخذه رسول اللّه (ص) إليه
وكان يخدمه، وقال له: ((اذنك عليّ أن تسمع سوادي(126) ويرفع الحجاب حتّى أنهاك))
فكان يلج عليه ويلبسه نعليه ويمشي معه وأمامه ويستره إذا اغتسل ويوقظه إذا نام
وكان يعرف في الصحابة بصاحب السواد والسواك.

هاجر الهجرتين جميعا إلى الحبشة
وإلى المدينة وشهد بدرا وما بعدها.

وقالوا فيه: كان أشبه الناس هديا
ودلا وسمتا برسول اللّه(127).

سيّره عمر في عهده إلى الكوفة،
وكتب إلى أهل الكوفة: وقد آثرتكم بعبداللّه على نفسي(128) فكان ابن مسعود يعلّمهم
القرآن ويفقّههم في الدين.

وكان ابن مسعود في بادئ أمره من
عصبة الخلافة وانتقل بعد ذلك إلى جماعة المعارضين، ووقع بينه وبين أمير الكوفة
الاموي ما ذكرنا تفصيله في كتابنا أحاديث عائشة باب (مع الصهرين) وكان يتكلّم
بكلام لا يدعه وهو:

(إنّ أصدق القول كتاب اللّه وأحسن
الهدي هدي محمّد (ص)، وشرّ الاُمور محدثاتها، وكلّ بدعة ضلالة، وكلّ ضلالة في
النار).

فكتب الامير الاموي الوليد إلى
عثمان بذلك وقال: إنّه يعيبك ويطعن عليك، فكتب إليه عثمان يأمره باشخاصه فاجتمع
الناس فقالوا: أقم ونحن نمنعك أن يصل إليك شيء تكرهه، فقال: (إنّها ستكون أُمور
وفتن لا أُحب أن أكون أوّل من فتحها). فردّ الناس وخرج إليه(129).

وشيّعه أهل الكوفة فأوصاهم بتقوى
اللّه ولزوم القرآن(130).

فقالوا له: جزيت خيرا فلقد علّمت
جاهلنا، وثبّت عالمنا، وأقرأتنا القرآن، وفقهتنا في الدين، فنعم أخو الاسلام أنت
ونعم الخليل، ثمّ ودّعوه وانصرفوا، وقدم ابن مسعود المدينة وعثمان يخطب على منبر
رسول اللّه (ص) فلمّا رآه قال:

ألا انّه قد قدمت عليكم دويبة سوء
من يمشي على طعامه يقيء ويسلح.

فقال ابن مسعود: لست كذلك ولكني
صاحب رسول اللّه (ص) يوم بدر ويوم بيعة الرضوان(131).

ونادت عائشة: ((أي عثمان أتقول
هذا لصاحب رسول اللّه)).

ـ وفي رواية بعده: ((فقال عثمان
اُسكتي)) ـ ثمّ أمر عثمان به فأُخرج من المسجد اخراجا عنيفا، وضرب به عبداللّه بن
زمعة الارض، ويقال: بل احتمله ((يحموم)) غلام عثمان ورجلاه تختلفان على عنقه حتى
ضرب به الارض فدقّ ضلعه.

وقام عليّ بأمر ابن مسعود حتى أتى
به منزله، فأقام ابن مسعود بالمدينة لا يأذن له عثمان في الخروج منها إلى ناحية
من النواحي، وأراد حين برئ الغزو فمنعه من ذلك.

وقال له مروان: انّ ابن مسعود
أفسد عليك العراق أفتريد أن يفسد عليك الشام؟

فلم يبرح المدينة حتّى توفّي قبل
مقتل عثمان بسنتين.

وكان مقيما بالمدينة ثلاث سنين.

ولما مرض ابن مسعود مرضه الّذي
مات فيه أتاه عثمان عائدا، فقال:

ما تشتكي؟

قال: ذنوبي.

قال: فما تشتهي؟

قال: رحمة ربي.

قال: ألا أدعو لك طبيبا؟

قال: الطبيب أمرضني.

قال: فلا آمر لك بعطائك ـ وكان قد
تركه سنتين ـ (132)؟

قال: منعتنيه وأنا محتاج إليه
وتعطينيه وأنا مستغن عنه.

قال: يكون لولدك.

قال: رزقهم على اللّه.

قال: استغفر لي يا أبا
عبدالرّحمن.

قال: أسأل اللّه أن يأخذ لي منك
بحقي.

وأوصى أن يصلّي عليه عمار بن
ياسر، وأن لا يصلّي عليه عثمان فدفن بالبقيع وعثمان لايعلم فلمّا علم غضب، وقال:
سبقتموني به.

فقال عمار بن ياسر: انّه أوصى أن
لا تصلّي عليه.

فقال ابن الزُّبير:

لاعرفنك بعد الموت تندبني

وفي حياتي ما زوّدتني زادي

وتوفي ابن مسعود سنة 32 ودفنه
الزُّبير ليلا ولم يؤذن به عثمان وكان عمره بضعا وستين(133).

كان ذلك شأن الخليفة ووالي الكوفة
مع مقرئ أهل الكوفة ابن مسعود وسوف يأتي في محلّه من هذا البحث شأنهم معه عند حرق
المصاحف.

موقف عمار بن ياسر:.

من أخباره مع عمار:

أ ـ ما رواه البلاذري وقال: انّه
لما بلغ عثمان موت أبي ذر بالربذة قال: رحمه اللّه. فقال عمار بن ياسر: نعم،
فرحمه اللّه من كل أنفسنا، فقال عثمان: يا عاض أير أبيه! أتراني ندمت على تسييره؟
وأمر فدفع في قفاه وقال: الحق بمكانه فلمّا تهيأ للخروج جاءت بنو مخزوم إلى عليّ
فسألوه أن يكلِّم عثمان فيه. فقال له عليّ: يا عثمان! اتق اللّه فانك سيرت رجلا
صالحا من المسلمين فهلك في تسييرك، ثمّ أنت الان تريد أن تنفي نظيره، وجرى بينهما
كلام حتّى قال عثمان: أنت أحق بالنفي منه. فقال علي: رم ذلك ان شئت ، واجتمع
المهاجرون فقالوا: إن كنت كلما كلمك رجل سيرته ونفيته فإنّ هذا شيء لايسوغ. فكفّ
عن عمار(134).

ب ـ ما رواه البلاذري وغيره في
حملة كتاب استنكار الصحابة على عثمان وقالوا:

إن المقداد بن عمرو، وعمّار بن
ياسر، وطلحة، والزبير في عدة من أصحاب رسول اللّه (ص) كتبوا كتابا عددوا فيه
أحداث عثمان وخوفوه ربّه وأعلموه أنّهم مواثبوه إن لم يقلع؛ فأخذ عمار الكتاب
وأتاه به فقرأ صدرا منه فقال له عثمان: أعليّ تقدم من بينهم؟ فقال عمار: لانّي
أنصحهم لك. فقال: كذبت يا ابن سميّة! فقال: أنا واللّه ابن سميّة وابن ياسر، فأمر
غلمانه فمدّوا بيديه ورجليه ثمّ ضربه عثمان برجليه وهي في الخُفين على مذاكيره
فأصابه الفتق، وكان ضعيفا كبيرا فغشي عليه(135).

وفي خبر آخر:

فضربه حتى غشي عليه ثمّ أُخرج
فحُمِلَ حتى أُتي به منزل أُمّ سلمة زوج رسول اللّه (ص) فلم يصلّ الظهر والعصر
والمغرب فلمّا توضأ وصلّى قال: الحمد للّه ليس هذا أول يوم أُوذينا فيه في اللّه.
وبلغ عائشة ما صنع بعمار فغضبت وأخرجت شعرا من شعر رسول اللّه (ص) وثوبا من ثيابه
ونعلا من نعاله ثمّ قالت: ما أسرع ما تركتم سنّة نبيكم وهذا شعره وثوبه ونعله لم
يبل بعد، فغضب عثمان غضبا شديدا حتى ما درى ما يقول، فالتج المسجد وقال الناس:
سبحان اللّه، سبحان اللّه، وكان عمرو بن العاص واجدا على عثمان لعزله إيّاه عن
مصر فجعل يكثر التعجّب والتسبيح(136).

موقف عمرو بن العاص:.

في تاريخ الطبري وأنساب الاشراف
ما موجزه والسياق للطبري:

(... فخرج عمرو من عند عثمان وهو
محتقد عليه يأتي عليا مرة فيؤلبه على عثمان ويأتي الزُّبير مرّة فيؤلبه على عثمان
ويأتي طلحة مرة فيؤلبه على عثمان ويعترض الحاج فيخبرهم بما أحدث عثمان، فلمّا كان
حصر عثمان الاوّل خرج من المدينة حتّى انتهى إلى أرض له بفلسطين يقال لها السبع
فنزل في قصر له يقال له العجلان وهو يقول العجب ما يأتينا عن ابن عفان، قال فبينا
هو جالس في قصره ذلك إذ مرّ بهم راكب فناداه عمرو من أين قدم الرجل؟ فقال من
المدينة، قال ما فعل الرجل ـ يعني عثمان ـ ؟ قال تركته محصورا شديد الحصار، قال
عمرو أنا أبو عبداللّه قد يضرط العير والمكواة في النار، فلم يبرح مجلسه ذلك حتّى
مرّ به راكب آخر فناداه عمرو ما فعل الرجل ـ يعني عثمان ـ؟ قال قتل، قال أنا أبو
عبداللّه إذا حككت قرحة نكأتها إن كنت لاُحرض عليه حتى إنِّي لاُحرض عليه الراعي
في غنمه على رأس الجبل(137).

موقف معاوية:.

بعد أن بلغ السيل الزبى، وثار
المسلمون بعثمان في المدينة كتب عثمان إلى معاوية فيمن كتب إليه من ولاته يستمدّه
ويقول:

بسم اللّه الرّحمن الرّحيم أمّا
بعد فإنّ أهل المدينة كفروا، وأخلفوا الطاعة، ونكثوا البيعة، فابعث إليَّ من
قِبَلَكَ من مقاتلة أهل الشام على كلّ صعب وذلول.

فلمّا جاء معاوية الكتاب تربّص به
وكره إظهار مخالفة أصحاب رسول اللّه (ص)، وقد علم اجتماعهم، فلمّا أبطأ أمره على
عثمان كتب إلى أهل الشام يستنفرهم...(138) الحديث.

قال البلاذري: ولمّا أرسل عثمان
إلى معاوية يستمدّه بعث يزيد بن أسد القسري(139) وقال له: إذا أتيت ذا خُشُب(140)
فأقم بها، ولا

تتجاوز، ولا تقل: يرى الشاهد ما
لايرى الغائب، فإنّني أنا الشاهد وأنت الغائب، قال: فأقام بذي خُشُب حتى قتل
عثمان، فاستقدمه حينئذ معاوية، فعاد إلى الشام بالجيش الّذي كان أُرسل معه؛
وإنّما صنع ذلك معاوية ليقتل عثمان، فيدعو إلى نفسه(141).

إنتهى.

وجاء في تاريخ اليعقوبي 2 / 175:

فكتب عثمان إلى معاوية يسأل تعجيل
القدوم عليه، فتوجّه إليه في اثني عشر ألفا، ثمّ قال: كونوا بمكانكم في أوائل
الشأم، حتى آتي أمير المؤمنين لاعرف صحّة أمره، فأتى عثمان، فسأله عن المدّة،
فقال: قد قدمت لاعرف رأيك وأعود إليهم فأجيئك بهم. قال:

لا واللّه، ولكنّك أردت أن
أُقْتَل فتقول: أنا وليّ الثأر. ارجع، فجئني بالناس! فرجع، فلم يعد إليه حتى
قُتل.

ولمّا بويع لعليّ ندم معاوية على
ما فرط في جنب عثمان؛ ورأى أنّ الخلافة قد زويت عنه، فكتب لطلحة والزُّبير
يمنّيهما الخلافة، ويدفعهما إلى قتال عليّ، حتى قُتلا بالبصرة(142).

موقف عبدالرّحمن بن عوف:.

روى البلاذري بسنده في أنساب
الاشراف:

أ ـ قال: لما تُوفي أبوذر
بالرَّبَذة تذاكر عليّ وعبدالرّحمن بن عوف فعل عثمان فقال عليّ: هذا عَمَلُك،
فقال عبدالرّحمن: إذا شئت فخُذ سيفك وآخُذُ سيفي، إنّه قد خالف ما أعطاني.

ب ـ قال: ذُكر عثمان عند عبد
الرحمن بن عوف في مرضه الّذي مات فيه فقال عبد الرحمن: عاجلوه قبل أن يتمادى في
ملكه، فبلغ ذلك عثمان، فبعث إلى بئر كان يُسقى منها نَعَمُ عبد الرحمن بن عوف
فمنعه إيّاها فقال عبدالرّحمن: اللّهمّ اجعل ماءها غَوْرا، فما وُجدت فيها
قَطْرة.

ج ـ إنّ عبدالرّحمن بن عوف كان
حلف ألا يكلم عثمان أبدا.

د ـ انّ عبدالرّحمن أوصى أن
لايصلّي عليه عثمان، فصلّى عليه الزُّبير أو سعد بن أبي وقّاص، وتُوفّي سنة
اثنتين وثلاثين(143).

موقف أُمّ المؤمنين عائشة من
تلكم الاحداث:.

قال البلاذري في أنساب الاشراف:

أنّه وصلت من أُمّ المؤمنين (كتب
إلى البلاد تحرض المسلمين على الخروج عليه)(144).

وذكر اليعقوبي في تاريخه وقال:

كان عثمان يخطب إذْ دلّت عائشة
قميص رسول اللّه ونادت ((يا معشر المسلمين! هذا جلباب رسول اللّه لم يبل وقد أبلى
عثمان سنّته)) فقال عثمان: ((ربّ اصرف عنِّي كيدهنّ إنّ كيدهنّ عظيم))(145).

وقال ابن أعثم:

ولمّا رأت أُمّ المؤمنين اتّفاق
الناس على قتل عثمان، قالت له:

أي عثمان! خصّصت بيت مال المسلمين
لنفسك، وأطلقت أيدي بني أُميّة على أموال المسلمين، وولّيتهم البلاد، وتركت أُمّة
محمّد في ضيق وعسر، قطع اللّه عنك بركات السماء وحرمك خيرات الارض، ولولا أنك
تصلّي الخمس لنحروك كما تنحر الابل(146).

فقرأ عليها عثمان: (ضَرَبَ اللّهُ
مَثَلا لِلَّذِينَ كَفَرُوا امْرَأَةَ نُوحٍ وَامْرأَةَ لُوطٍ كَانَتَا تَحْتَ
عَبْدَيْنِ مِنْ عِبَادِنِا صَالِحَيْنِ فَخَانَتَاهُمَا فَلَمْ يُغْنِيَا
عَنْهُمَا مِنَ اللّهِ شَيْئا وَقِيلَ ادْخُلاَ النَّارَ مَعَ
الدَّاخِلِينَ)(147) انتهى.

إنّ هذه الكلمات القارصة من
الخليفة في أُمّ المؤمنين عائشة ذات الطبع الحادّ والّتي لم تكن لتملك نفسها عند
سورة الغضب، والكتاب الّذي عثر عليه أخوها محمّد في طريقه إلى مصر والّذي فيه أمر
صريح بقتله وآخرين من رفقته ممّن أدركوا صحبة النبيّ وغيرهم من المسلمين؛ قد دفعت
أُمّ المؤمنين ـ الّتي كانت تذهب نفسها في سبيل الدفاع عن ذوي قرباها ـ أن تصدر
الفتوى الصريحة بقتل الخليفة عثمان وكفره، فتقول فيه: أُقتلوا نعثلا فقد كفر.

وقالت: أشهد أن عثمان جيفة على
الصراط(148).

انطلقت هذه الكلمة من فم أُمّ
المؤمنين، فانتشرت بين الناس(149).

ولمّا اشتدّ الامر على عثمان أمر
مروان بن الحكم وعبدالرّحمن بن عتاب بن أُسيد فأتيا عائشة وهي تريد الحجّ فقالا
لها:

لو أقمت، فلعلّ اللّه يدفع بك عن
هذا الرجل، ((وقال مروان: ويدفع لك بكل درهم أنفقتيه درهمين))(150).

فقالت: قد قرنت ركائبي وأوجبت
الحج على نفسي وواللّه لا أفعل! فنهض مروان وصاحبه، ومروان يقول:

وحرّق قيسٌ عليّ البلاد

فلمّا اضطرمت أحجما

ورد البيت في الانساب 5 / 75
هكذا:

وحَرَّقَ قيسٌ عليَّ البلا

د حتّى إذا اضْطَرَمتْ أَجذَما

فقالت عائشة: يا مروان! ((لعلك
ترى إنّي في شكّ من صاحبك))(151) واللّه لوددت أنّه في غرارة من غرائري هذه
وأنِّي طوقت حمله حتى أُلقيه في البحر(152).

خرجت أُمّ المؤمنين من المدينة
متوجهة إلى مكة وخرج ابن عباس أميرا على الحاج من قبل عثمان فمرّ بعائشة في
الصلصل وهي في طريقها إلى مكّة فقالت: يا ابن عباس ! أُنشدك اللّه فانّك أُعطيت
لسانا أزعيلاً أن تخذِّل عن هذا الرجل. وفي الانساب:

إيّاك أن تردّ عن هذه
الطاغية(153) وأن تشكك فيه الناس فقد بانت لهم بصائرهم وأنهجت ورفعت لهم المنار
وتحلّبوا من البلدان لامر قد جّم، وقد رأيت طلحة بن عبيد اللّه قد اتخذ على بيوت
الاموال والخزائن مفاتيح، فان يلِ يَسرْ بسيرة ابن عمه أبي بكر.

قال قلت: يا أُمَّهْ لو حدث
بالرجل ما حدث ما فزع الناس إلاّ إلى صاحبنا.

فقالت: ايها عنك إنِّي لست أُريد
مكابرتك ولا مجادلتك(154).

تراجم المذكورين في الخبر:

أ ـ عبدالرّحمن بن عتاب بن أُسيد
بن أبي العيص بن أُميّة بن عبد شمس قتل يوم الجمل تحت راية عائشة وقطعت يده
فاختطفها نسر وفيها خاتمه فطرحها ذلك اليوم باليمامة، فعرفت يده بخاتمه، (جمهرة
نسب قريش، ص: 187 ـ 193).

ب ـ عبداللّه بن العباس بن
عبدالمطلّب بن هاشم القرشي، كنّي بأبيه العبّاس وهو أكبر ولده، وأُمّه لبابة
الكبرى بنت الحارث بن حزن الهلالية ولد والنبيّ بالشعب من قبل الهجرة بثلاث. شهد
مع عليّ الجمل وصفين والنهروان ثمّ ولاّه البصرة، وترك البصرة في آخر خلافة علي
وذهب إلى مكّة، ولمّا وقعت الفتنة بين عبداللّه بن الزُّبير وعبدالملك ألح ابن
الزُّبير عليه وعلى محمّد بن الحنفية أن يبايعا فأبيا، فجمع الحطب على دورهم حتّى
بلغ رؤوس الجدر، ليحرقهم فجاءتهم أربعة آلاف فارس من الكوفة وأنقذتهم، وخاف ابن
الزُّبير فتعلق بأستار الكعبة وقال: أنا عائذ بالبيت فمنعهم عنه ابن عباس. وتوفي
بالطائف سنة ثمان وستين أو سبعين ـ كما ذكره ابن الاثير ـ وهو ابن سبعين أو إحدى
وسبعين سنة، (الاستيعاب 372 ـ 374، الترجمة رقم 1591؛ وأُسد الغابة 3/ 192 ـ 195؛
والاصابة 2 / 22 ـ 26).

د ـ مصر وتولية عبداللّه بن
سعد بن أبي سرح عليها:.

كان عمرو بن العاص فاتح مصر عاملا
عليها حتّى عزله الخليفة عثمان عن الخراج واستعمله على الصلاة، واستعمل عبداللّه
بن سعد على الخراج ثمّ جمعهما لعبداللّه بن سعد(155).

روى البلاذري أنّ محمّد بن أبي
حذيفة ومحمّد بن أبي بكر حين أكثر الناس في أمر عثمان قدما مصر وعليها عبداللّه
بن سعد بن أبي سرح، ووافقا بمصر محمّد بن طلحة بن عبيد اللّه وهو مع عبداللّه بن
سعد؛ وإنّ ابن أبي حذيفة شهد صلاة الصبح في صبيحة

الليلة الّتي قدم فيها، ففاتته
الصلاة فجهر بالقراءة فسمع ابن أبي سرح قراءته فأمر إذا صلّى أن يؤتى به. فلمّا
رآه قال: ما جاء بك إلى بلدي؟ قال: جئت غازيا، قال: ومن معك؟ قال: محمّد بن أبي
بكر، فقال: واللّه ما جئتما إلاّ لتفسدا الناس، فأمر بهما فسجنا، فأرسلا إلى
محمّد بن طلحة يسألانه أن يكلمه فيهما لئلاّ يمنعهما من الغزو، فأطلقهما ابن أبي
سرح وغزا ابن أبي سرح أفريقية فأعدّ لهما سفينة مفردة لئلاّ يفسدا عليه
الناس فمرض ابن أبي بكر فتخلّف، وتخلّف معه ابن أبي حذيفة، ثمّ انّهما خرجا في
جماعة الناس فما رجعا من غزاتهما إلاّ وقد أوغرا صدور الناس على عثمان.

وقال في حديث آخر وكانت غزوة ذات
الصواري في المحرّم سنة 34(156).

وفي تاريخ الطبري وأنساب
الاشراف(157):

خرج محمّد بن أبي حذيفة ومحمّد بن
أبي بكر عام خرج عبداللّه بن سعد، فأظهرا عيب عثمان وما غيَّر وما خالف به أبا
بكر وعمر وأنّ دم عثمان حلال، ويقولان: استعمل عبداللّه بن سعد رجلا كان رسول
اللّه (ص) أباح دمه، ونزل القرآن بكفره [حين قال: سأُنزل مثل ما أنزل اللّه](158)
وأخرج رسول اللّه (ص) قوما وأدخلهم(159) ـ إلى قوله ـ فأفسدا أهل تلك الغزاة
وعابا عثمان أشدّ العيب.

وقال: (ومحمّد بن أبي حذيفة يقول
للرجل: أما واللّه لقد تركنا خلفنا الجهاد حقّا فيقول الرجل: وأيّ جهاد؟! فيقول:
عثمان بن عفان فعل كذا وكذا حتّى أفسد الناس، فقدموا بلدهم وقد أفسدهم، وأظهروا
من القول ما لم يكونوا ينطقون به).

وممّا ساعد المحمّدين في أمرهم
تذمّر المصريين من سيرة ابن أبي سرح فيهم، وظلمه إيّاهم، وقد بلغ الامر به معهم
أن يضرب بعض من شكاه إلى عثمان حتّى يتوفى، وقد أورد قصة قدوم المصريين على عثمان
في شكواهم من ابن أبي سرح كلُّ من الطبري وابن الاثير في حديثهما عن شكوى
المصريين من ابن أبي سرح، وقالا:

(وقد قدّموا في كلامهم ابن عديس
فذكر ما صنع ابن سعد بمصر وذكر تحاملا منه على المسلمين وأهل الذمّة واستئثارا
منه في غنائم المسلمين، فإذا قيل له في ذلك قال هذا كتاب أمير المؤمنين
إليّ...)(160).

تراجم المذكورين في الخبر:.

أ ـ عبداللّه بن سعد بن أبي سرح
بن الحارث القرشي العامري. وهو أخو عثمان من الرضاعة، أرضعت أُمّه عثمان.

أسلم قبل الفتح وهاجر إلى المدينة
وكتب الوحي لرسول اللّه ثمّ ارتد مشركا وصار إلى قريش بمكة، فقال لهم: إنِّي كنت
أصرفُ محمّدا حيث أُريد؛ كان يملي عليَّ: ((عزيز حكيم)) فأقول: ((عليم حكيم))!
فيقول: نعم، كلُّ صواب؛ فأنزل اللّه تعالى فيه:

(وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّن افْتَرَى
عَلَى اللّهِ كَذِبا أَوْ قَالَ أُوحِيَ إِلَيَّ وَلَمْ يُوحَ إِلَيْهِ شَيْء
وَمَن قَالَ سَأُنْزِلُ مِثْلَ مَا أَنْزَلَ اللّهُ وَلَوْ تَرَى إِذِ
الظَّالِمُونَ فِي غَمَرَاتِ الْمَوْتِ وَالْمَلاَئِكَةُ بَاسِطُو أَيْدِيهِمْ
أَخْرِجُوا أَنْفُسَكُمُ الْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذَابَ الْهُوْنِ بِمَا كُنتُمْ
تَقُولُونَ عَلَى اللّهِ غَيْرَ الْحَقِّ وَكُنتُمْ عَنْ آيَاتِهِ
تَسْتَكْبِرُونَ).

(الانعام / 93)

فلمّا كان يوم الفتح أهدر رسول
اللّه دمه وأمر بقتله ولو وُجِدَ متعلِّقا بأستار الكعبة. ففرّ عبداللّه إلى
عثمان فغيّبه حتى أتى به إلى رسول اللّه (ص) فاستأمنه له، فصمت رسول اللّه (ص)
طويلا ثمّ قال: نعم، فلمّا انصرف عثمان قال لمن حوله: ما صمتُّ إلاّ ليقوم إليه
بعضكم فيضرب عنقه، فقالوا: هلاّ أومأت إلينا، فقال: إنّ النبيّ لاينبغي أن يكون
له خائنة الاعين.

ولاّه عثمان مصر سنة 25ه
وعزل عنها عمرو بن العاص ففتح أفريقية فأعطاه عثمان خمس غنائم الغزوة الاُولى،
وبقي أميرا على

مصر حتّى سنة 34 حيث ثار ابن أبي
حذيفة في مصر فمضى إلى عسقلان فأقام بها حتّى قُتِلَ عثمان. وتوفي سنة 57 أو
59(161).

ب ـ محمّد بن أبي بكر عبداللّه بن
أبي قحافة عثمان، وأُمّه أسماء بنت عميس الخثعميّة كانت تحت جعفر وتزوجها أبو بكر
بعد وفاة جعفر بن أبي طالب فولدت له محمّدا في طريقهم إلى مكّة في حجة الوداع،
ولمّا توفي أبو بكر تزوجها عليّ فنشأ محمّد في حجر عليّ وكان ربيبه، شهد مع عليّ
الجمل وصفين، ثمّ ولاّه مصر فدخلها في الخامس عشر من شهر رمضان سنة 37 فجهّز
معاوية عمرو بن العاص إلى مصر سنة 38 فتغلّب عليه وقتله معاوية ابن خديج صبرا
وأدخلوا جثته في بطن حمار ميّت وأحرقوه(162).

ج ـ أبو القاسم محمّد بن أبي
حذيفة بن عتبة بن ربيعة القرشي العبشمي، وأُمّه سهلة بنت سهيل بن عمرو العامرية،
ولد بأرض الحبشة على عهد رسول اللّه (ص) واستشهد أبوه أبو حذيفة باليمامة فضمّ
عثمان ابنه هذا إليه وربّاه. استأذن عثمان في أن يذهب إلى مصر للغزو فأذن له فأخذ
هناك يؤلب الناس على عثمان ثمّ وثب على خليفة عبداللّه بن سعد بمصر وأخرجه منها
وبايعه أهل مصر بالامارة، ولمّا استخلف عليّ أقره عليها فبقي عليها حتّى سار إليه
معاوية عند مسيره إلى صفين، فخرج إليهم محمّد ومنعه من دخول الفسطاط ثمّ تصالحوا
على أن يخرج محمّد بن أبي حذيفة ومن معه آمنين فخرج محمّد وثلاثون رجلا فغدر بهم
معاوية وحبسه في سجن دمشق ثمّ قتله رشدين مولى معاوية! وكان محمّد ممّن أدركوا
صحبة الرسول(163).

د ـ محمّد بن طلحة بن عبيداللّه،
وأُمّه حمنة بنت جحش، كنيته أبو سليمان، ولد في عصر الرسول (ص)، وقتل يوم الجمل
فمرّ عليه عليّ وقال: أبوه صرعه هذا المصرع ولولا أبوه وبرّه به ما خرج ذلك
المخرج(164).

عود على بدء.

قال ابن أعثم: جاء إلى المدينة
وفد من أشراف مصر يشكون عاملهم عبداللّه بن أبي سرح، فدخلوا مسجد الرسول فرأوا
فيها جماعة من أصحاب رسول اللّه (ص) من المهاجرين والانصار، فسلّموا عليهم،
فسألتهم الصحابة عمّا أقدمهم من مصرهم، فقالوا: ظلم والينا، وفساده، فقال لهم
عليُّ: لا تعجلوا في أمركم، واعرضوا على الامام شكواكم، فلعل عاملكم عمل برأيه
فيكم.

إذهبوا إلى الخليفة واشرحوا له ما
ساءكم من عاملكم، فإن أنكر عليه وعذله أصبتم بغيتكم، وإن لم يفعل وأقرّه على ما
هو عليه؛ رأيتم أمركم، فدعا له المصريون وقالوا: أصبت القول فنرجو أن تحضر مجلسنا
عنده، فقال: لا حاجة في ذلك فالامر يتمّ بحضوركم عنده، فقالوا: وإن كان الامر
كذلك غير إنّا نرغب أن تحضر وتشهد، فقال عليُّ: يشهدكم من هو أقوى منّي وأعظم من
جميع المخلوقين وأرحم على عباده.

فذهب أشراف مصر إلى دار عثمان
واستأذنوا للدخول عليه، فلمّا أذن لهم ودخلوا عليه أكرمهم وأجلسهم إلى جنبه، ثمّ
سألهم وقال: ما الّذي أقدمكم؟ وماذا دهاكم فقدمتم دونما رخصة منّي أو من عاملي؟!

فقالوا: جئنا نستنكر منك ما يصدر
منك، ونؤاخذك بما يصدر من عاملك.

ثمّ ذكر ابن أعثم ما جرى بينهم من
حجاج وأقوال(165).

محنة المسلمين وموقف الامام
عليّ منها:.

وكان نتيجة شكوى أهل مصر ما ذكره
البلاذري(166) حيث قال:

لمّا ولي عثمان كره ولايته نفر من
أصحاب رسول اللّه (ص) لان عثمان كان يحبّ قومه، فولي الناس اثنتي عشرة حجة، وكان
كثيرا ما يولّي من بني أُميّه من لم يكن له مع النبيّ (ص) صحبةٌ فكان يجيء من
أُمرائه ما ينكره أصحاب محمّد (ص)، وكان يستعتب فيهم فلا يعزلهم، فلمّا كان في
الست الاواخر استأثر ببني عمّه فولاّهم، وولَّى عبداللّه بن سعد بن أبي سرح مصر،
فمكث عليها سنين، فجاء أهل مصر يشكونه ويتظلّمون منه... فكتب إليه كتابا يتهدَّده
فيه فأبى أن ينزع عمّا نهاه عنه وضرب بعض من شكاه إلى عثمان حتى قتله.

ولمّا ضاق الامر بالمسلمين كتب من
كان من أصحاب النبيّ (ص) بالمدينة إلى إخوانهم في الامصار يدعونهم إلى غزو عثمان
في ما رواه الطبري وغيره(167) واللفظ للطبري، قال:

لمّا رأى الناس ما صنع عثمان كتب
من بالمدينة من أصحاب النبي (ص) إلى من بالافاق منهم وكانوا قد تفرقوا في الثغور:

إنّكم إنّما خرجتم أن تجاهدوا في
سبيل اللّه عزّ وجلّ تطلبون دين محمّد فإنّ دين محمّد قد أُفسِدَ من خلفكم وترك
فهلُمُّوا، فأقيموا دين محمّد (ص).

وفي رواية ابن الاثير: فإنّ دين
محمّد (ص) قد أفسده خليفتكم؛ وفي شرح ابن أبي الحديد: فاخلعوه؛ فأقبلوا من كلّ
أُفق حتى قتلوه.

وروى البلاذري(168) وقال:

لمّا كانت سنة 34 كتب بعض أصحاب
رسول اللّه (ص) إلى بعض يتشاكون سيرة عثمان وتغييره وتبديله وما الناس فيه من
عمّاله، ويكثرون عليه، ويسأل بعضهم بعضا أن يقدموا المدينة إن كانوا يريدون
الجهاد، ولم يكن أحد من أصحاب رسول اللّه (ص) يدفع عن عثمان ولا ينكر ما يقال فيه
إلاّ زيد بن ثابت، وأبو أُسيد الساعدي، وكعب بن مالك بن أبي كعب من بني سلمة من
الانصار، وحسّان بن ثابت؛ فاجتمع المهاجرون وغيرهم إلى عليّ فسألوه أن يكلّم
عثمان ويعظه فأتاه فقال له:

إنّ الناس ورائي قد كلّموني في
أمرك، واللّه ما أدري ما أقول لك، ما أُعرّفك شيئا تجهله، ولا أدلّك على أمر لا
تعرفه، وإنّك لتعلم ما نعلم، وما سبقناك إلى شيء فنخبرك عنه، ولقد صحبت رسول
اللّه (ص) وسمعت ورأيت مثل ما سمعنا ورأينا، وما ابن قحافة وابن الخطّاب بأولى
بالحقّ منك؛ ولانت أقرب إلى رسول اللّه (ص) رحما، ولقد نلت من صهره ما لم ينالا،
فاللّه اللّه في نفسك؛ فإنّك لاتبصِّر من عمي؛ ولا تعلّم من جهل.

فقال له عثمان: واللّه لو كنت
مكاني ما عنّفتك، ولا أسلمتك، ولا عتبت عليك إن وصلت رحما وسددت خلّة وآويت
ضائعا، ووَلَّيتُ من كان عمر يولّيه؛ نشدتك اللّه: ألم يولِّ عمر المغيرة بن شعبة
وليس هناك...

قال: نعم.

قال: فلم تلومني إن وَلَّيتُ ابن
عامر في رحمه وقر.

قال عليُّ: سأُخبرك. إنّ عمر بن
الخطاب كان كلّما ولّى فإنّما يطأ على صماخه، إن بلغه حرف جلبه، ثمَّ بلغ به أقصى
الغاية، وأنت لا تفعل ضعفت ورفقت على أقربائك.

قال عثمان: هم أقرباؤك أيضا.

فقال عليُّ: لعمري إنّ رحمه منّي
لقريبة ولكنّ الفضل في غيرهم.

قال: أوَلَم يولّ عمر معاوية؟

فقال عليُّ: إنّ معاوية كان أشدّ
خوفا وطاعة لعمر من يرفأ وهو الان يبتزّ الاُمور دونك ويقطعها بغير علمك ويقول
للناس: هذا أمر عثمان، ويبلغك فلا تغيّر، ثمّ خرج، وخرج عثمان بعده، فصعد المنبر
فقال:

أمّا بعد، فإنّ لكلّ شيء آفة،
ولكلّ أمر عاهة، وإنّ آفة هذه الاُمّة وعاهة هذه النعمة عيّابون طعّانون يرونكم
ما تحبّون، ويسرّون لكم ما تكرهون، مثل النعام يتّبعون أوّل ناعق... الحديث.

تراجم المذكورين في الخبر.

أ ـ زيد بن ثابت ذكرنا ترجمته في
بحث جمع القرآن.

ب ـ أبو أُسيد الساعدي مالك بن
ربيعة بن البدن الانصاري الخزرجي شهد بدرا وما بعدها عُمِيَ قبل أن يقتل عثمان.
اختلفوا في وفاته.

ج ـ كعب بن مالك الخزرجي وأُمّه
ليلى بنت زيد من بني سلمة شهد المشاهد مع رسول اللّه (ص) خلا بدر وتبوك.

د ـ يرفأ: اسم غلام الخليفة عمر.

راجع تراجمهم في الاستيعاب وأُسد
الغابة والاصابة، أمّا حسان فستأتي ترجمته إن شاء اللّه تعالى.

مسير أهل الامصار إلى عثمان:.

روى البلاذري(169) وقال: التقى
أهل الامصار الثلاثة الكوفة والبصرة ومصر في المسجد الحرام قبل مقتل عثمان بعام،
وكان رئيس أهل الكوفة كعب ابن عبدة النهدي، ورئيس أهل البصرة المثنى بن مخَرِّبَة
العبدي، ورئيس أهل مصر كنانة بن بشر بن عتّاب بن عوف السكوني ثمّ التجيبي،
فتذاكروا سيرة عثمان وتبديله وتركه الوفاء بما أعطى من نفسه، وعاهد اللّه عليه،
وقالوا لا يسعنا

الرضا بهذا فاجتمع رأيهم على أن
يرجع كل واحد من هؤلاء الثلاثة إلى مصره فيكون رسول من شهد مكة من أهل الخلاف على
عثمان إلى من كان على رأيهم من أهل بلده، وأن يوافوا عثمان في العام المقبل في
داره ويستعتبوه، فإن أعتب وإلاّ رأوا رأيهم فيه، ففعلوا ذلك.

ولمّا كانت مصر(170) أشدّ على
عثمان من غيره وأراد عثمان أن يخفف من غلوائهم أرسل إلى رئيسهم ابن أبي حذيفة
بمال في ما رواه البلاذري(171) أيضا وقال: وبعث عثمان إلى ابن أبي حذيفة بثلاثين
ألف درهم وبحمل عليه كسوة فأمر به فوضع في المسجد وقال: يا معشر المسلمين! ألا
ترون إلى عثمان يخادعني عن ديني ويرشوني عليه!!؟ فازداد أهل مصر عيبا لعثمان
وطعنا عليه واجتمعوا إلى ابن أبي حذيفة فرأسوه عليهم.

إنّ دراهم عثمان لم تمنع المصريين
من موافاة المدينة في موعدهم مع أهل الامصار بل خرجوا من مصر مع محمّد بن أبي بكر
في ما رواه الطبري وقال(172):

فقدم محمّد بن أبي بكر وأقام
محمّد بن أبي حذيفة بمصر فلمّا خرج المصريون خرج عبد الرحمن بن عديس البلوي في
خمسمائة وأظهروا أنّهم يريدون العمرة وخرجوا في رجب، وبعث عبداللّه بن سعد رسولا
سار إحدى عشرة ليلة يخبر عثمان أن ابن عديس البلوي وأصحابه قد وُجِّهوا نحوه، وأن
محمّد بن أبي حذيفة شيّعهم إلى عجرود ثمّ رجع وأظهر محمّد أن قال خرج القوم
عُمّارا وقال في السرّ خرج القوم إلى إمامهم فان نزع وإلاّ قتلوه، وسار القوم
المنازل لم يعدوها حتى نزلوا ذا خشب.

وقال في حديث آخر له: ثمّ إنّ
عبداللّه بن سعد خرج إلى عثمان في آثار المصريين وقد كان كتب إليه يستأذنه في
القدوم عليه فأذن له فقدم ابن سعد حتى إذا كان بايلة بلغه أنّ المصريين قد رجعوا
إلى عثمان وأنّهم قد حصروه ومحمّد بن أبي حذيفة بمصر، فلمّا بلغ محمّدا حصر عثمان
وخروج عبداللّه بن سعد عنه غلب على مصر فاستجابوا له، فأقبل عبداللّه بن سعد يريد
مصر فمنعه ابن أبي حذيفة فتوجّه إلى فلسطين فأقام بها حتى قتل عثمان (رض).

وروى الطبري(173) بسنده إلى
الزُّبير بن العوام قال: كتب أهل مصر بالسقيا(174) أو بذي خشب إلى عثمان بكتاب،
فجاء به رجل منهم حتى دخل به عليه، فلم يردّ عليه شيئا، فأمر به فأُخرج من الدار،
وكان أهل مصر الّذين ساروا إلى عثمان ستمائة رجل على أربعة الوية لها رؤوس أربعة،
مع كل رجل منهم لواء، وكان جماع أمرهم جميعا إلى عمرو بن بديل بن ورقاء الخزاعي،
وكان من أصحاب النبيّ (ص)، وإلى عبدالرّحمن بن عديس التجيبي، فكان في ما كتبوا:

بسم اللّه الرّحمن الرّحيم

أمّا بعدُ، فاعلم أنَّ اللّه
لايغير ما بقوم حتّى يغيروا ما بأنفسهم، فاللّه اللّه، ثمّ اللّه اللّه فانّك على
دنيا فاستتمّ إليها معها آخرة ولا تنس نصيبك من الاخرة فلا تسوغ لك الدنيا، واعلم
أنّا واللّه للّه نغضب، وفي اللّه نرضى، وإنّا لن نضع سيوفنا عن عواتقنا حتى
تأتينا منك توبة مصرّحة أو ضلالة مجلّحة مبلجة(175)، فهذه مقالتنا لك وقضيّتنا
إليك، واللّه عذيرنا منك والسلام.

وروى البلاذري(176) وقال:

وأتى المغيرة بن شعبة عثمان فقال
له: دعني آت القوم فانظر ماذا يريدون، فمضى نحوهم، فلمّا دنا منهم صاحوا به:

يا أعور وراءك! يا فاجر وراءك! يا
فاسق وراءك!

فرجع ودعا عثمان عمرو بن العاص،
فقال له: إئت القوم فادعهم إلى كتاب اللّه والعتبى ممّا ساءهم، فلمّا دنا منهم
سلّم، فقالوا:

لا سلّم اللّه عليك! إرجع يا عدوّ
اللّه! إرجع يا ابن النابغة! فلست عندنا بأمين ولا مأمون.

فقال له ابن عمر، وغيره: ليس لهم
إلاّ علي بن أبي طالب، فلمّا أتاه قال: يا أبا الحسن! إئت هؤلاء القوم فادعهم إلى
كتاب اللّه وسنّة نبيه.

قال: نعم، إن أعطيتني عهد اللّه
وميثاقه على أنّك تفي لهم بكلّ ما أضمنه عنك.

قال: نعم، فأخذ عليّ عهد اللّه
وميثاقه على أوكد ما يكون وأغلظ وخرج إلى القوم.

فقالوا: وراءك!

قال: لا. بل أمامي، تعطون كتاب
اللّه وتعتبون من كل ما سخطتم. فعرض عليهم ما بذل.

فقالوا: أتضمن ذلك عنه؟

قال: نعم.

قالوا: رضينا. وأقبل وجوههم
وأشرافهم مع عليّ حتى دخلوا على عثمان وعاتبوه، فأعتبهم من كلّ شيء.

فقالوا: أُكتب بهذا كتابا، فكتب:

بسم اللّه الرّحمن الرّحيم

هذا كتاب من عبداللّه عثمان أمير
المؤمنين لمن نقم عليه من المؤمنين والمسلمين؛ أنّ لكم أن أعمل فيكم بكتاب اللّه
وسنّة نبيّه.

يُعطى المحروم. ويؤمن الخائف.
ويردّ المنفيّ. ولا تجمّر في البعوث، ويوفر الفيء، وعليّ بن أبي طالب ضمين
للمؤمنين والمسلمين على عثمان بالوفاء بما في هذا الكتاب.

شهد الزُّبير بن العوام.
وطلحة بن عبيداللّه.

وسعد بن مالك أبي وقاص.
وعبداللّه بن عمر.

وزيد بن ثابت.
وسهل بن حنيف.

وأبو أيّوب خالد بن زيد.

وكتب في ذي القعدة سنة 35.

فأخذ كلّ قوم كتابا فانصرفوا.

ويظهر من رواية البلاذري وغيره
أنّ الخليفة كان قد كتب للمصريين خاصّة كتابا آخر غير هذا عزل فيه ابن أبي سرح
عنهم

وولَّى عليهم بدله محمّد بن أبي
بكر، فقد جاء في رواية للبلاذري:

فقام طلحة إلى عثمان فكلّمه بكلام
شديد، وأرسلت إليه عائشة (رض) تسأله أن ينصفهم من عامله، ودخل عليه عليّ بن أبي
طالب وكان متكلّم القوم فقال له: إنّما يسألك القوم رجلا مكان رجل، وقد ادعوا
قبله دما فاعزله عنهم واقض بينهم، فان وجب عليه حقّ فأنصفهم منه. فقال لهم:
اختاروا رجلا أُولّيه عليكم مكانه. فأشار الناس عليهم بمحمّد بن أبي بكر
الصّديق(177) فقالوا:

استعمل علينا محمّد بن أبي بكر.
فكتب عهده وولاّه ووجّه معهم عدّة من المهاجرين والانصار ينظرون في ما بينهم وبين
ابن أبي سرح.

وقال علي بن أبي طالب(178)
لعثمان: أُخرج فتكلّم كلاما يسمعه الناس منك ويشهدون عليه، ويشهد اللّه على ما في
قلبك من النزوع والانابة فإنّ البلاد قد تَمخّضت عليك، فلا آمن ركبا آخرين يقدمون
من الكوفة فتقول: يا عليّ! إركب إليهم. ولا أقدر أن أركب إليهم، ولا أسمع عذرا،
ويقدم ركب آخرون من البصرة فتقول: يا عليّ! إركب إليهم؛ فإن لم أفعل رأيتني قطعت
رحمك، واستخففت بحقك.

قال: فخرج عثمان فخطب الخطبة
الّتي نزع فيها، وأعطى من نفسه التوبة، فقام فحمد اللّه، وأثنى عليه بما هو أهله
ثمّ قال:

أمّا بعد، أيُّها الناس! فواللّه
ما عاب من عاب منكم شيئا أجهله وما جئت شيئا إلاّ وأنا أعرفه، ولكنّي منّتني نفسي
وكذبتني وضلّ عنّي رشدي، ولقد سمعتُ رسول اللّه (ص) يقول: من زلَّ فليتب، ومن
أخطأ فليتب، ولا يتمادى في الهلكة. إن تمادى في الجور كان أبعد من الطريق وأنا
أوّل من اتّعظ. أستغفر اللّه ممّا فعلتُ وأتوب إليه فمثلي نزع وتاب، فإذا نزلت
فليأتني أشرافكم فليروني رأيهم، فواللّه لئن ردّني الحقّ عبدا لاستنّ بسنّة
العبد، ولاذلّنّ ذلّ العبد، ولاكوننّ كالمرقوق؛ إن ملك صبر، وإن عتق شكر، وما عن
اللّه مذهب إلاّ إليه، فلا يعجزنّ عنّي خياركم أن يدنوا إلىٍّّ، فان أبت يميني
لتتابعنّ شمالي.

قال: فرقّ الناس له يومئذ وبكى من
بكى منهم، وقام إليه سعيد بن زيد، فقال: يا أمير المؤمنين! ليس بواصل لك من ليس
معك اللّه اللّه في نفسك، فأتمم على ما قلت، فلما نزل عثمان وجد في منزله مروان
وسعيدا ونفرا من بني أُميّة، ولم يكونوا شهدوا الخطبة فلمّا جلس قال مروان: يا
أمير المؤمنين! أتكلّم أم أصمت؟

فقالت نائلة بنت الفرافصة إمرأة
عثمان الكلبية: لا بل اصمت فإنّهم واللّه قاتلوه ومؤثِّموه. إنّه قد قال مقالة لا
ينبغي له أن ينزع عنها. فأقبل عليها مروان وقال:

ما أنت وذاك فواللّه لقد مات أبوك
وما يحسن يتوضّأ، فقالت له: مهلا يا مروان عن ذكر الاباء؛ تخبر عن أبي وهو غائب
تكذب عليه، إنّ أباك لايستطيع أن يدفع عنه، أما واللّه لولا أنّه عمّه وأنّه
يناله غمّه لاخبرتك عنه ما لن أكذب عليه. قال:

فأعرض عنها مروان ثمّ قال: يا
أمير المؤمنين! أتكلّم أم أصمت؟ قال: بل تكلّم. فقال مروان: بأبي أنت وأُمّي
واللّه لوددت أن مقالتك هذه كانت وأنت ممتنع منيع فكنت أوّل من رضي بها وأعان
عليها ولكنّك قلت ما قلت حين بلغ الحزام الطبيين(179)، وخلّف السيل الزبى(180)،
وحين أعطى الخطة الذليلة الذليل واللّه لاقامة على خطيئة تستغفر اللّه منها أجمل
من توبة تخوّف عليها وإنّك إن شئت تقربت بالتوبة ولم تقرر بالخطيئة، وقد اجتمع
عليك بالباب مثل الجبال من الناس، فقال عثمان: فاخرج إليهم فكلّمهم فإنّي أستحيي
أن أُكلّمهم قال: فخرج مروان إلى الباب والناس يركب بعضهم بعضا، فقال: ما شأنكم
قد اجتمعتم! كأنّكم قد جئتم للنهب؟! شاهت الوجوه! كلّ إنسان آخذ بإذن صاحبه إلاّ
من أُرِيدَ، جئتم تريدون أن تنزعوا ملكنا من أيدينا!؟ أُخرجوا عنّا. أما واللّه
لئن رمتمونا ليمرّن عليكم منّا أمر لا يسرّكم ولا تحمدوا غِبَّ رأيكم، إرجعوا إلى
منازلكم فإنّا واللّه ما نحن مغلوبين على ما في أيدينا. قال: فرجع الناس وخرج
بعضهم حتى أتى عليا فأخبره الخبر فجاء علي (ع) مغضبا حتّى دخل على عثمان، فقال:

أمّا رضيت من مروان ولا رضي منك
إلاّ بتحرُّفك عن دينك وعن عقلك مثل جمل الظعينة يقاد حيث يسار به! واللّه ما
مروان بذي رأي في دينه ولا في نفسه، وأيم اللّه إني لاراه سيوردك ثمّ لا يصدرك،
وما أنا بعائد بعد مقامي هذا لمعاتبتك، أذهبت شرفك وغلبت على أمرك.

فلمّا خرج عليُّ دخلت عليه نائلة
بنت الفرافصة إمرأته، فقالت: أتكلّم أم أسكت؟ فقال: تكلّمي. فقالت: قد سمعت قول
عليّ لك، وإنّه ليس يعاودك وقد أطعت مروان يقودك حيث شاء. قال: فما أصنع؟ قالت:
تتّقي اللّه وحده لا شريك له وتتبع سنّة صاحبيك من قبلك؛ فانّك متى أطعت مروان
قتلك، ومروان ليس له عند الناس قدر ولا هيبة ولا محبّة، وإنّما تركك الناس لمكان
مروان، فارسل إلى عليّ فاستصحله فإنّ له قرابة منك وهو لا يعصى. قال فأرسل عثمان
إلى عليّ فأبى أن يأتيه، وقال: قد أعلمته أنّي لست بعائد. فبلغ مروان مقالة نائلة
فيه فجاء إلى عثمان فجلس بين يديه فقال: أتكلّم أو أسكت؟ فقال: تكلّم. فقال: إن
بنت الفرافصة. فقال عثمان لاتذكرنّها بحرف فأسوء لك وجهك فهي واللّه أنصح لي منك.
فكفَّ مروان.

وأخرج الطبري(181) بسنده إلى
عبدالرّحمن بن الاسود بن عبد يغوث يذكر مروان بن الحكم قال:

قبّح اللّه مروان! خرج عثمان إلى
الناس فأعطاهم الرضا وبكى على المنبر وبكى الناس حتى نظرت إلى لحية عثمان مخضلّة
من الدموع وهو يقول:

اللّهمّ إنِّي أتوب إليك، اللّهمّ
إنِّي أتوب إليك، اللّهمّ إنِّي أتوب إليك. واللّه لئن ردّني الحقّ إلى أن أكون
عبدا قِنّا لارضين به، إذا دخلت منزلي فادخلوا عليَّ، فواللّه لا أحتجب منكم،
ولاُعطينّكم، ولازيدنّكم على الرضا، ولاُنحين مروان وذويه.

قال: فلمّا دخل أمر بالباب ففتح
ودخل بيته ودخل عليه مروان، فلم يزل يفتله في الذروة والغارب حتّى فتله عن رأيه،
وأزاله عمّا كان يريد. فلقد مكث عثمان ثلاثة أيّام ما خرج استحياء من الناس، وخرج
مروان إلى الناس فقال: شاهت الوجوه إلاّمن اُرِيدَ، إرجعوا إلى منازلكم فإن يكن
لامير المؤمنين حاجة بأحد منكم يرسل إليه وإلاّ قرّ في بيته، قال عبد
الرحمن فجئت إلى عليّ فأجده بين القبر والمنبر فأجد عنده عمار بن ياسر ومحمّد بن
أبي بكر(182) وهما يقولان: صنع مروان بالناس وصنع قال: فأقبل عليّ عليُّ.

فقال: أحضرت خطبة عثمان؟

قلت: نعم.

قال: أفحضرت مقالة مروان للناس؟

قلت: نعم.

قال عليّ: عياذ اللّه يا
للمسلمين، إنِّي إنْ قعدت في بيتي قال لي: تركتني وقرابتي وحقّي، وإنِّي إن
تكلّمت فجاء ما يريد يلعب به مروان فصار سَيِّقةً له يسوقه حيث شاء بعد كبر السنّ
وصحبة رسول اللّه (ص).

قال عبدالرّحمن بن الاسود: فلم
يَزُل حتى جاء رسول عثمان إئتني، فقال عليُّ بصوت مرتفع عال مغضب:

قل له: ما أنا بداخل عليك ولا
عائد.

قال: فانصرف الرسول، فلقيت عثمان
بعد ذلك بليلتين جائيا فسألت ((ناتلا)) غلامه: من أين جاء أمير المؤمنين؟ فقال:
كان عند عليّ، فقال عبد الرّحمن بن الاسود: فغدوت فجلست مع عليّ (ع) فقال لي:
جاءني عثمان بارحة فجعل يقول: إنّي غير عائد وإنّي فاعل، قال: فقلت له: بعدما
تكلّمت به على منبر رسول اللّه (ص) وأعطيت من نفسك، ثمّ دخلت بيتك، وخرج مروان
إلى الناس فشتمهم على بابك ويؤذيهم؟ قال: فرجع وهو يقول: قطعت رحمي وخذلتني
وجرّأت الناس عليّ، فقلت: واللّه إنِّي لاذبّ الناس عنك، ولكنّي كلّما جئتك بهنة
أظنّها لك رضا جاء بأُخرى فسمعت قول مروان عليَّ واستَدْخَلتَ مروان. قال: ثمّ
انصرف إلى بيته فلم أزل أرى عليّا منكّبا عنه لا يفعل ما كان يفعل... الحديث.

أخرج الطبري(183) بسنده إلى عكرمة
مولى ابن عباس عن ابن عباس قال: لما حصر عثمان الحصر الاخر قال عكرمة: فقلت لابن
عبّاس: أَوَكانا حصرين؟ فقال ابن عباس: نعم، الحصر الاوّل حصر اثنتي عشرة وقدم
المصريون فلقيهم عليّ بذي خشب فردّهم عنه، وقد كان واللّه عليّ له صاحب صدق حتى
أوغر نفس عليّ عليه، جعل مروان وسعيد وذووهما يحملونه على عليّ فيتحمّل ويقولون:
لو شاء ما كلّمك أحدٌ، وذلك أنّ عليا كان يكلّمه وينصحه، ويغلظ عليه في المنطق في
مروان وذويه، فيقولون لعثمان هكذا يستقبلك وأنت إمامه وسلفه وابن عمّه وابن
عمّته، فما ظنك بما غاب عنك منه، فلم يزالوا بعليّ حتّى أجمع ألاّ يقوم دونه،
فدخلت عليه اليومخرجت فيه إلى مكة فذكرت له أنّ عثمان دعاني إلى الخروج، فقال
لي: ما يريد عثمان أن ينصحه أحد؛ اتّخذ بطانة أهل غش ليس منهم أحد إلاّ قد تسبّب
بطائفة من الارض يأكل خراجها ويستذلّ أهلها. فقلت له: إنّ رحما وحقّا فإن رأيت أن
تقوم دونه فعلت، فإنك لا تُعذر إلاّ بذلك، قال: قال ابن عباس: فاللّه يعلم أنّي
رأيت فيه الانكسار والرقّة لعثمان، ثمّ إنّي لاراه يؤتى إليه عظيم... الحديث.

وأخرج(184) في حديث آخر له: أن
عثمان صعد يوم الجمعة المنبر، فحمد اللّه وأثنى عليه، فقام رجل فقال: أقم كتاب
اللّه، فقال عثمان: إجلس فجلس حتّى قام ثلاثا، فأمر به عثمان فجلس، فتحاثّوا
بالحصباء حتى ما ترى السماء وسقط عن المنبر وحمل فأُدخل داره مغشيا عليه فخرج رجل
من حجّاب عثمان ومعه مصحف في يده وهو ينادي: ((إنّ الّذين فارقوا(185) دينهم
وكانوا شيعا لست منهم في شيء إنّما أمرهم إلى اللّه)).

ودخل عليّ بن أبي طالب على عثمان
(رض) وهو مغشيُّ عليه وبنو أُميّة حوله، فقال: ما لك يا أمير المؤمنين؟ فأقبلت
بنو أُميّة بمنطق واحد فقالوا: يا عليّ! أهلكتنا وصنعت هذا الصنيع بأمير المؤمنين
أما واللّه لئن بلغت الّذي تريد لنمرَّن عليك الدنيا. فقام عليُّ مغضبا.

وأخرج في حديث آخر(186) وقال: كتب
أهل المدينة إلى عثمان يدعونه إلى التوبة، ويحتجّون ويقسمون له باللّه لا يمسكون
عنه أبدا حتى يقتلوه أو يعطيهم ما يلزمه من حقّ اللّه، فلمّا خاف القتل شاور
نصحاءه وأهل بيته فقال لهم: قد صنع القوم ما قد رأيتم فما المخرج؟ فأشاروا عليه
أن يرسل إلى عليّ بن أبي طالب فيطلب إليه أن يردّهم عنه ويعطيهم ما يرضيهم
ليطاولهم حتى يأتيه امداده.

فقال: إنّ القوم لن يقبلوا
التعليل وهم محمّلي عهدا وقد كان منّي في قدمتهم الاُولى ما كان، فمتى أُعطهم ذلك
يسألوني الوفاء به.

فقال مروان بن الحكم: يا أمير
المؤمنين! مقاربتهم حتّى تقوى أمثل من مكاثرتهم على القرب، فأعطهم ما سألوك،
وطاولهم ما طاولوك فإنّما هم بغوا عليك فلا عهد لهم، فأرسل إلى عليّ فدعاه فلمّا
جاءه قال:

يا أبا حسن! إنّه قد كان من الناس
ما قد رأيت وكان منّي ما قد علمت، ولست آمنهم على قتلي، فارددهم عنّي، فإنّ لهم
اللّه عزّ وجلّ أن أعتبهم من كل ما يكرهون، وأن أُعطيهم من نفسي ومن غيري وإن كان
في ذلك سفك دمي. فقال له عليّ: الناس إلى عدلك أحوج منهم إلى قتلك، وإنّي لارى
قوما لا يرضون إلاّبالرضا وقد كنتَ أعطيتهم في قدمتهم الاُولى عهدا من اللّه
لترجعنّ عن جميع ما نقموا، فرددتهم عنك، ثمّ لم تف لهم بشيء من ذلك، فلا
تَغُرَّني هذه المرّة من شيء، فإنّي معطيهم عليك الحقَّ.

قال: نعم، فأعطهم فواللّه لافينّ
لهم.

فخرج عليُّ إلى الناس فقال:
أيُّها الناس! إنّكم إنّما طلبتم الحقّ فقد أُعطيتموه إنّ عثمان زعم أنّه منصفكم
من نفسه ومن غيره، وراجع عن جميع ما تكرهون، فاقبلوا منه ووكّدوا عليه.

قال الناس: قد قبلنا. فاستوثق منه
لنا فإنّا واللّه لانرضى بقول دون فعل.

فقال لهم علي: ذلك لكم، ثمّ دخل
عليه فأخبره الخبر.

فقال عثمان: إضرب بيني وبينهم
أجلا يكون لي فيه مهلة فإنّي لا أقدر على ردّ ما كرهوا في يوم واحد.

قال عليّ: ما حضر بالمدينة فلا
أجل فيه، وما غاب فأجله وصول أمرك.

قال: نعم، ولكن أجّلني في ما
بالمدينة ثلاثة أيّام.

قال عليّ: نعم. فخرج إلى الناس
فأخبرهم بذلك، وكتب بينهم وبين عثمان كتابا أجّله فيه ثلاثا على أن يردَّ كلَّ
مظلمة، ويعزل كل عامل كرهوه، ثمّ أخذ عليه في الكتاب أعظم ما أخذ اللّه على أحد
من خلقه من عهد وميثاق، وأشهد عليه ناسا من وجوه المهاجرين والانصار، فكفّ
المسلمون عنه ورجعوا إلى أن يفي لهم بما أعطاهم من نفسه، فجعل يتأهّب للقتال
ويستعدّ بالسلاح، وقد كان اتّخذ جندا عظيما من رقيق الخمس، فلمّا مضت الايّام
الثلاثة وهو على حاله لم يغيّر شيئا ممّا كرهوا، ولم يعزل عاملا، ثار به الناس،
وخرج عمرو بن حزم الانصاري حتّى أتى المصريين وهم بذي خشب فأخبرهم الخبر وسار
معهم حتّى قدموا المدينة فأرسلوا إلى عثمان:

ألم نفارقك على أنّك تائب من
أحداثك، وراجع عمّا كرهنا منك وأعطيتنا على ذلك عهد اللّه وميثاقه؟

قال: بلى أنا على ذلك.

قالو: فما هذا الكتاب الّذي وجدنا
مع رسولك وكتبت به إلى عاملك؟!

قال: ما فعلت ولا لي علم بما
تقولون!

قالوا: بريدك على جملك، وكتاب
كاتبك عليه خاتمك!

قال: أمّا الجمل فمسروق، وقد يشبه
الخطّ الخطّ، وأمّا الخاتم فقد انتقش عليه.

قالوا: فإنّا لا نعجل عليك وإن
كنّا قد اتّهمناك؛ اعزل عنّا عمّالك الفسّاق، واستعمل علينا من لا يتهم على
دمائنا وأموالنا، واردد علينا مظالمنا.

قال عثمان: ما أراني إذا في شيء
إن كنت أستعمل من هويتم وأعزل من كرهتم. الامر إذا أمركم.

قالوا: واللّه لتفعلنَّ، أو
لتعزلنَّ، أو لتقتلنَّ. فانظر لنفسك أو دع، فأبى عليهم وقال:

لم أكن لاخلع سربالا سربلني
اللّه.

وقصة عثور المصريين على الكتاب في
ما أخرجه البلاذري وغيره(187) واللفظ للبلاذري عن أبي مخنف قال: لمّا شخص
المصريون بعد الكتابكتبه عثمان فصاروا بأيلة(188) أو بمنزل قبلها رأوا راكبا
خلفهم يريد مصر فقالوا له: من أنت؟ فقال: رسول

أمير المؤمنين إلى عبداللّه بن
سعد، وأنا غلام أمير المؤمنين وكان أسود. فقال بعضهم لبعض: لو أنزلناه وفتَّشناهُ
ألاّ يكون صاحبه قد كتب فينا بشيء، ففعلوا فلم يجدوا معه شيئا، فقال بعضهم لبعض:
خلّوا سبيله، فقال كنانة بن بشر: أمّا واللّه دون أن أنظر

في إداوته فلا. فقالوا: سبحان
اللّه أيكون كتاب في ماء؟ فقال: إنّ الناس حيلا. ثمّ حلّ الاداوة فإذا فيها
قارورة مختومة ـ أو قال مضمومة ـ في جوف القارورة كتاب في أُنبوب من رصاص فأخرجه
فقرئ فإذا فيه:

أمّا بعد، فإذا قدم عليك عمرو بن
بديل فاضرب عنقه، واقطع يدي ابن عديس، وكنانة، وعروة، ثمّ دعهم يتشحّطون في
دمائهم حتّى يموتوا. ثمّ أوثقهم على جذوع النخل.

فيقال: إنّ مروان كتب الكتاب بغير
علم عثمان، فلمّا عرفوا ما في الكتاب، قالوا: عثمان محلُّ، ثمّ رجعوا عودهم على
بدئهم حتّى دخلوا المدينة فلقوا عليا بالكتاب، وكان خاتمه من رصاص، فدخل به عليُّ
على عثمان فحلف باللّه ما هو كتابه ولا يعرفه، وقال: أما الخط فخط كاتبي وأمّا
الخاتم فعلى خاتمي، قال علي: فمن تتّهم؟ قال: أتّهمك وأتّهم كاتبي. فخرج عليُّ
مغضبا وهو يقول: بل هو أمرك.

قال أبو مخنف: وكان خاتم عثمان
بدءا عند حمران بن أبان، ثمّ أخذه مروان حين شخص حمران إلى البصرة فكان معه.

وفي رواية أُخرى: ثمّ وجدوا كتابا
إلى عامله على مصر أن يضرب أعناق رؤساء المصريين، فرجعوا ودفعوا الكتاب إلى عليّ
فأتاه به فحلف له أنّه لم يكتبه ولم يعلم به.

فقال له علي: فمن تتّهم فيه؟

فقال: أتّهم كاتبي وأتّهمك يا
علي! لانّك مطاع عند القوم ولم تردّهم عنّي.

وجاء المصريون إلى دار عثمان
فأحدقوا بها، وقالوا لعثمان وقد أشرف عليهم:

يا عثمان! أهذا كتابك؟ فجحد وحلف.

فقالوا: هذا شرُّ، يكتب عنك بما
لاتعلمه، ما مثلك يلي أُمور المسلمين، فاختلع من الخلافة.

فقال: ما كنت لانزع قميصا قمّصنيه
اللّه.

وقالت بنو أُميّة: يا عليّ! أفسدت
علينا أمرنا ودسست وألّبت.

فقال: يا سفهاء! إنّكم لتعلمون
أنّه لا ناقة لي في هذا ولا جمل، وإنّي رددت أهل مصر عن عثمان ثمّ أصلحت أمره
مرّة بعد أُخرى، فما حيلتي؟ وانصرف وهو يقول: اللّهمّ إنِّي بريء ممّا يقولون
ومن دمه إن حدث به حدث.

قال: وكتب عثمان حين حصروه كتابا
قرأه ابن الزُّبير على الناس ـ وقيل بل قرأه الزُّبير والاوّل أصحّ ـ يقول فيه:

واللّه ما كتب الكتاب، ولا أمرت
به، ولا علمت بقصّته، وأنتم معتبون من كلّ ما ساءكم، فأمِّروا على مصركم من
أحببتم وهذه مفاتيح بيت مالكم فادفعوها إلى من شئتم.

فقالوا: قد اتّهمناك بالكتاب
فاعتزلنا.

وفي رواية أُخرى للطبري(189):
حتّى إذا كانوا بالبويب وجدوا غلاما لعثمان معه كتاب إلى عبداللّه بن سعد فكرُّوا
وانتهوا إلى المدينة وقد تخلّف بها من الناس الاشتر وحكيم بن جبلة فأتوا بالكتاب
فأنكر عثمان أن يكون كتبه وقال: هذا مفتعل.

قالوا: فالكتاب كتاب كاتبك.

قال: أجل، ولكنّه كتبه بغير أمري.

قالوا: فإنّ الرسول الّذي وجدنا
معه الكتاب غلامك.

قال: أجل ولكنّه خرج بغير إذني.

قالوا: فالجمل جملك.

قال: أجل ولكنّه أُخذ بغير علمي.

قالوا: ما أنت إلاّ صادق أو كاذب.
فإن كنت كاذبا فقد استحققت الخلع لما أمرت به من سفك دمائنا بغير حقّها، وإن كنت
صادقا فقد استحققت أن تخلع لضعفك وغفلتك وخبث بطانتك، لانّه لاينبغي لنا أن نترك
على رقابنا من يقتطع مثل هذا الامر دونه لضعفه وغفلته، وقالوا له: إنّك ضربت
رجالا من أصحاب النبيّ (ص) وغيرهم حين يعظونك ويأمرونك بمراجعة الحقّ عندما
يستنكرون من أعمالك فأقد من نفسك من ضربته وأنت له ظالم.

فقال: الامام يخطئ ويصيب فلا
أُقيد من نفسي لانّي لو أقدت كلّ من أصبته بخطأ آتي على نفسي.

قالوا: إنّك قد أحدثت أحداثا
عظاما فاستحققت بها الخلع، فإذا كلّمت فيها أعطيت التوبة، ثمّ عدت إليها وإلى
مثلها، ثمّ قدمنا عليك فأعطيتنا التوبة والرجوع إلى الحق ولامنا فيك محمّد بن
مسلمة وضمن لنا ما حدث من أمر فأحضرته فتبرّأ منك وقال: لا أدخل في أمره، فرجعنا
أوّل مرّة لنقطع حجّتك ونبلغ أقصى الاعذار إليك نستظهر باللّه عزّ وجلّ عليك
فلحقنا كتاب منك إلى عاملك علينا تأمره فينا بالقتل والقطع والصلب وزعمت أنّه كتب
بغير علمك وهو مع غلامك وعلى جملك وبخطِّ كاتبك وعليه خاتمك فقد وقعت عليك بذلك
التهمة القبيحة مع ما بلونا منك قبل ذلك من الجور في الحكم والاثرة في القسم،
والعقوبة للامر بالتبسّط من الناس، والاظهار للتوبة ثمّ الرجوع إلى الخطيئة، ولقد
رجعنا عنك وما كان لنا أن نرجع حتّى نخلعك ونستبدل بك من أصحاب رسول اللّه (ص) من
لم يحدث مثل ما جرّبنا منك، ولم يقع عليه من التهمة ما وقع عليك فاردد خلافتنا
واعتزل أمرنا، فإنّ ذلك أسلم لنا منك، وأسلم لك منّا.

فقال عثمان: فرغتم من جميع ما
تريدون؟

قالوا: نعم.

قال ـ بعد الحمد والثناء ـ : أمّا
بعد، فانّكم لم تعدلوا في المنطق ولم تنصفوا في القضاء، أمّا قولكم: تخلع نفسك؛
فلا أنزع قميصا قمّصنيه اللّه عزّ وجلّ وأكرمني به وخصّني به على غيري ولكنّي
أتوب وأنزع ولا أعود لشيء عابه المسلمون، فإنّي واللّه الفقير إلى اللّه الخائف
منه.

قالوا: إنّ هذا لو كان أوّل حدث
أحدثته ثمّ تبت منه ولم تقم عليه لكان علينا أن نقبل منك، وأن ننصرف عنك، ولكنّه
قد كان منك من الاحداث قبل هذا ما قد علمت ولقد انصرفنا عنك في المرّة الاُولى
وما نخشى أن تكتب فينا ولا من اعتللت به بما وجدنا في كتابك مع غلامك، وكيف نقبل
توبتك، وقد بلونا منك أنّك لا تعطي من نفسك التوبة من ذنب إلاّ عدت إليه؟ فلسنا
منصرفين حتّى نعزلك ونستبدل بك، فإن حال من معك من قومك وذوي رحمك وأهل الانقطاع
دونك بقتال قاتلناهم حتّى نخلص إليك فنقتلك أو تلحق أرواحنا باللّه.

فقال عثمان: أمّا أن أتبرأ من
الامارة فإن تصلبوني أحبّ إليّ من أتبرأ من أمر اللّه عزّ وجلّ وخلافته، وأمّا
قولكم: تقاتلون من قاتل دوني؛ فإنّي لا آمر أحدا بقتالكم فمن قاتل دوني فإنّما
يقاتل بغير أمري، ولعمري لو كنت أُريد قتالكم لقد كتبت إلى الاجناد، فقادوا
الجنود، وبعثوا الرجال أو لحقت ببعض أطرافي بمصر أو العراق فاللّه اللّه في
أنفسكم؛ أبقوا عليها إن لم تبقوا عليّ؛ فإنّكم مجتلبون بهذا الامر إن قتلتموني
دما. قال: ثمّ انصرفوا عنه وآذنوه بالحرب وأرسل إلى محمّد بن مسلمة فكلّمه أن
يردّهم فقال: واللّه لا أكذب اللّه في سنة مرّتين.

وفي رواية أُخرى للبلاذري(190):

إنّ المصرين لمّا قدموا فشكوا
عبداللّه بن سعد بن أبي سرح، سألوا عثمان أن يولي عليهم محمّد بن أبي بكر. فكتب
عهده وولاّه ووجّه معهم عدَّة من المهاجرين والانصار ينظرون في ما بينهم وبين ابن
أبي سرح، فشخص محمّد ابن أبي بكر وشخصوا جميعا؛ فلمّا كانوا على مسيرة ثلاث من
المدينة إذا هم بغلام أسود على بعير وهو يخبط البعير خبطا كأنّه رجل يَطلبُ أو
يُطلبُ.

فقال له أصحاب محمّد بن أبي بكر:
ما قصّتك وما شأنك؟ كأنّك هارب أو طالب.

فقال لهم مرّة: أنا غلام أمير
المؤمنين، وقال مرّة أُخرى: أنا غلام مروان، وجّهني إلى عامل مصر برسالة.

قالوا: فمعك كتاب؟

قال: لا. ففتّشوه، فلم يجدوا معه
شيئا، وكانت معه إداوة قد يبست فيها شيء يتقلقل فحرّكوه ليخرج فلم يخرج فشقّوا
الاداوة فإذا فيها كتاب من عثمان إلى ابن أبي سرح.

فجمع محمّد من كان معه من
المهاجرين والانصار وغيرهم ثمّ فكّ الكتاب بمحضر منهم فإذا فيه:

إذا أتاك محمّد بن أبي بكر وفلان
وفلان، فاحتل لقتلهم وأبطل كتاب محمّد وقرَّ على عملك حتّى يأتيك رأيي، واحبس من
يجيء إليّ متظلّما منك إن شاء اللّه.

فلمّا قرأوا الكتاب فزعوا وغضبوا
ورجعوا إلى المدينة وختم محمّد بن أبي بكر الكتاب بخواتيم نفر مِمَّنْ كان معه،
ودفعه إلى رجل منهم وقدموا المدينة، فجمعوا عليا وطلحة والزبير وسعدا ومن كان من
أصحاب النبي (ص) ثمّ فَكُّوا الكتاب بمحضر منهم، وأخبروهم بقصة الغلام وأقرأوهم
الكتاب، فلم يبق أحد من أهل المدينة إلاّ حنق على عثمان، وزاد ذلك من كان غَضِبَ
لابن مسعود وعمّار بن ياسر وأبي ذر حنقا وغيظا، وقام أصحاب النبيّ (ص) بمنازلهم
ما منهم أحد إلاّ وهو مغتمّ لما في الكتاب.

وحاصر الناس عثمان، وأجلب عليه
محمّد بن أبي بكر ببني تيم وغيرهم، وأعانه على ذلك طلحة بن عبيد اللّه، وكانت
عائشة تقرصه كثيرا... الحديث.

وفي البدء والتاريخ(191): كان
أشدّ الناس على عثمان طلحة والزبير ومحمّد بن أبي بكر وعائشة، وخذله المهاجرون
والانصار، وتكلّمت عائشة في أمره، وأطلعت شعرة من شعرات رسول اللّه (ص) ونعله
وثيابه وقالت: ما أسرع ما نسيتم سنّة نبيّكم، فقال عثمان في آل أبي قحافة ما قال
وغضب حتّى ما كان يدري ما يقول، إنتهى.

كان أشدّ الناس على عثمان رؤوس آل
تيم الثلاثة: أُمّ المؤمنين عائشة وأخوها محمّد بن أبي بكر وابن عمها طلحة بن
عبيداللّه، وذكروا من مواقف أُمّ المؤمنين مع عثمان شيئا كثيرا. وقد مرّ بعضها في
ذكر موقف أُمّ المؤمنين عائشة.

استمداد الخليفة من الامام علي
لفكّ الحصار عنه:.

ولمّا رأى عثمان استيلاء طلحة على
بيوت الاموال واشتداد الحصار عليه بعث عبداللّه بن الحارث بن نوفل بن الحارث بن
عبد المطلب بهذا البيت إلى علي:

فإن
كنت مأكولا فكن أنت آكلي

وإلاّ فأدركني ولمّا أُمَزَّقِ(192)

وكان عليّ عند حصر عثمان بخيبر
فقدم المدينة والناس مجتمعون عند طلحة وكان ممن له فيه أثر فلمّا قدم علي أتاه
عثمان وقال له:

أمّا بعد، فإنّ لي حقّ الاسلام،
وحقّ الاخاء، والقرابة، والصهر، ولو لم يكن من ذلك شيء وكنّا في الجاهلية لكان
عارا على بني عبد مناف أن ينتزع أخو بني تيم ـ يعني طلحة ـ أمرهم.

فقال له عليّ: سيأتيك الخبر، ثمّ
خرج إلى المسجد فرأى أُسامة(193) فتوكّأ على يده حتى دخل دار طلحة وهي رجّاس(194)
من الناس فقال له: يا طلحة! ما هذا الامر الّذي وقعت فيه(195)؟!

فقال: يا أبا الحسن بعدما مس
الحزام الطُّبيين، فانصرف علي ولم يحر إليه شيئا حتّى أتى بيت المال، فقال افتحوا
هذا الباب، فلم يقدر على المفاتيح فقال: اكسروه فكسر باب بيت المال، فقال: اخرجوا
المال فجعل يعطي الناس فبلغ الّذين في دار طلحة الّذي صنع علي، فجعلوا يتسلّلون
إليه حتّى ترك طلحة وحده، وبلغ عثمان الخبر فسرّ بذلك، ثمّ أقبل طلحة يمشي عائدا
إلى دار عثمان...

فلمّا دخل عليه قال: يا أمير
المؤمنين! أستغفر اللّه وأتوب إليه أردت أمرا فحال اللّه بيني وبينه، فقال عثمان:
إنّك واللّه ما جئت تائبا ولكنّك جئت مغلوبا. اللّه حسيبك يا طلحة... انتهى.

وروى الطبري وقال: فحصروه أربعين
ليلة وطلحة يُصَلّي بالناس(196).

وروى البلاذري وقال: لم يكن أحد
من أصحاب النبيّ (ص) أشدّ على عثمان من طلحة(197).

مقتل الخليفة:.

روى البلاذري(198) وقال: وكان
الزبير وطلحة قد استوليا على الامر ومنع طلحة عثمان أن يدخل عليه الماء العذب
فأرسل عليّ إلى طلحة وهو في أرض له على ميل من المدينة أن دع هذا الرجل فليشرب من
مائه ومن بئره يعني من رومة ولا تقتلوه من العطش فأبى... الحديث.

وقال الطبري(199): (ولمّا اشتدّ
الحصار بعثمان ومنع عنه الماء أرسل عثمان إلى عليّ يستسقيه، فجاء فكلّم طلحة في
أن يدخل عليه الروايا وغضب غضبا شديدا حتّى دخلت الروايا على عثمان).

وقال البلاذري(200): (فحاصر الناس
عثمان ومنعوه فأشرف على الناس فقال: أفيكم عليّ؟ فقالوا: لا، فقال: أفيكم سعد؟
فقالوا:

لا، فسكت، ثمّ قال: ألا أحد يبلّغ
عليّا فيسقينا، فبلغ ذلك عليّا فبعث إليه بثلاث قرب مملوءة فما كادت تصل إليه
وجرح بسببها عدّة من موالي بني هاشم وبني أُميّة، حتّى وصلت إليه) ومرّ مجمّع بن
جارية الانصاري(201) بطلحة بن عبيداللّه فقال: يا مجمّع ما فعل صاحبك؟

قال: أظنكم واللّه قاتليه!

فقال طلحة: فان قُتِل فلا ملك
مقرب ولا نبيّ مرسل(202).

وروى الطبري(203) عن عبداللّه بن
عياش بن أبي ربيعة أنّه قال: دخلت على عثمان فتحدثت عنده ساعة. فقال: يا ابن
عياش:

تعال. فأخذ بيدي فأسمعني كلام من
على عثمان فسمعنا كلاما؛ منهم من يقول: ما تنظرون به؟ ومنهم من يقول: أنظروا عسى
أن يراجع. فبينا أنا وهو واقفان إذ مرّ طلحة بن عبيداللّه فوقف فقال: اين ابن
عديس(204).

فقيل: ها هو ذا.

قال: فجاءه ابن عديس فناجاه
بشيء، ثمّ رجع ابن عديس فقال لاصحابه: لا تتركوا أحدا يدخل على هذا الرجل ولا
يخرج من عنده. فقال عثمان: اللّهمّ اكفني طلحة بن عبيداللّه فإنّه حمل عليَّ
هؤلاء وألّبهم. واللّه إني لارجو أن يكون منها صفرا وأن يسفك دمه، إنّه انتهك
منّي ما لا يحلّ له... قال ابن عياش: فأردت أن أخرج فمنعوني حتّى مرّ بي محمّد بن
أبي بكر، فقال: خلّوا سبيله فخلّوني...

وبلغ عليّا أنّ القوم يريدون قتل
عثمان... فقال للحسن والحسين: إذهبا بسيفيكما حتّى تقوما على باب عثمان فلا تدعا
أحدا يصل إليه...

فخضب الحسن بالدماء على بابه وشجّ
قنبر مولى عليّ، فلمّا رأى ذلك محمّد ابن أبي بكر خشي أن يغضب بنو هاشم لحال
الحسن والحسين فيثيروها فتنة، فأخذ بيد رجلين فقال لهما: إن جاءت بنو هاشم فرأت
الدماء على وجه الحسن كشفوا الناس عن عثمان وبطل ما تريدون ولكن مروا بنا حتى
نتسوّر عليه الدار فنقتله من غير أن يُعلم فتسوّر محمّد وصاحباه من دار رجل من
الانصار حتّى دخلوا على عثمان وما يعلم أحد ممّن كان معه لانّهم كانوا فوق البيوت
ولم يكن معه إلاّ امرأته، فقال محمّد بن أبي بكر: أنا أبدأكما بالدخول فإذا أنا
ضبطته فادخلا فتوجّآه حتى تقتلاه، فدخل محمّد فأخذ بلحيته، فقال عثمان: لو رآك
أبوك لساءه مكانك منّي، فتراخت يده ودخل الرجلان فتوجّآه حتى قتلاه(205).

وفي رواية لابن أبي الحديد: أنّ
طلحة كان يوم قتل عثمان مقنعا بثوب استتر به عن أعين الناس يرمي الدار بالسهام.

وروى أيضا: أنّه لما امتنع على
الّذين حصروه الدخول من باب الدار حملهم طلحة إلى دار لبعض الانصار فأصعدهم إلى
سطحها وتسوّروا منها على عثمان داره فقتلوه(206).

وروى الطبري(207): أنّهم دخلوا
دار عمرو بن حزم ـ وكانت إلى جنب دار عثمان ـ فناوشوهم شيئا منه مناوشة؛ وقال:
فواللّه ما نسينا أن خرج سودان ابن حمران فأسمعه يقول: أين طلحة بن عبيداللّه؟ قد
قتلنا ابن عفان.

وقال البلاذري(208): أنّ عليّا
لمّا بلغه الخبر جاء وقال لابنيه: كيف قتل وأنتما على الباب؟! فلطم هذا وضرب صدر
ذاك وخرج وهو غضبان يرى أنّ طلحة أعان على ما كان، فلقيه طلحة، فقال: ما لك يا
أبا الحسن؟ فقال: عليك لعنة اللّه، أيقتل رجل من أصحاب رسول اللّه... فقال طلحة:
لو دفع مروان لم يقتل... وخرج علي فأتى منزله... إنتهى.

دفن الخليفة:.

اتّفقت الروايات على أنّ عثمان
ترك ثلاثا لم يدفن حتّى توسط عليُّ في ذلك. روى الطبري: أنّهم كلّموا عليّا في
دفنه وطلبوا إليه أن يأذن لاهله ذلك، ففعل وأذن لهم عليُّ، فلمّا سُمِعَ بذلك
قعدوا له في الطريق بالحجارة وخرج به ناس يسيرٌ من أهله وهم يريدون به حائطا
بالمدينة يقال له حَشُّ كوكب كانت اليهود تدفن فيه موتاهم؛ فلمّا خرج به على
الناس رجموا سريره وهمّوا بطرحه؛ فبلغ ذلك عليّا، فأرسل إليهم يعزم عليهم ليكفّن
عنه ففعلوا، فانطلق به حتّى دفن في حشّ كوكب؛ فلمّا ظهر معاوية بن أبي سفيان على
الناس أمر بهدم ذلك الحائط حتى أفضى به إلى البقيع؛ فأمر الناس أن يدفنوا موتاهم
حول قبره حتّى اتّصل ذلك بمقابر المسلمين.

وفي حديث آخر له قال: دفن عثمان
(رض) بين المغرب والعتمة ولم يشهد جنازته إلاّ مروان بن الحكم وثلاثة من مواليه
وابنته الخامسة فناحت ابنته ورفعت صوتها تندبه، وأخذ الناس الحجارة وقالوا: نعثل،
وكادت ترجم... الحديث(209).

* * *.

أوردنا حوادث عصر الخليفة عثمان
بشيء من التفصيل لانّ درك الحوادث التّي جرت بعده يتوقف على استيعاب الحوادث
الّتي جرت في عصره باتقان وتدبّر، وكان من خصائص المجتمع في عصره أن القرّاء
ورواة حديث الرسول (ص) تلقوا من الذل والهوان والتشريد وكسر الاضلاع والحرمان من
عطائهم السنوي ما لم يتلقوه قبل عصره. ونشر في عصره من تفسير القرآن ورواية حديث
الرسول (ص) ما كان محظورا نشره قبل عصره، وقد مرّ بنا أن محمّد ابن أبي بكر
ومحمّد بن أبي حذيفة أخبرا أهل مصر بأنّ وإليهم عبداللّه بن سعد ابن أبي سرح كان
رسول اللّه (ص) أباح دمه ونزل القرآن بكفره حين قال (سأُنزل مثل ما أنزل اللّه)
ولابدّ أنّ عبداللّه بن مسعود ـ أيضا ـ في خلافه، قرأ عليهم من مصحفه ان واليهم
الوليد نزل في حقّه (إِن جَاءكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَن تُصِيبُوا
قَوْما بِجَهالَةٍ) وكان ذلك سبب جمعه للمصاحف الّتي كانت عند الصحابة وفيها
أمثال هذه الاخبار كما سنبينه في آخر هذا البحث إن شاء اللّه تعالى:

الهوامش.

*1
تذكرة الحفاظ للذهبي 1 / 2 ـ 3 بترجمة أبي بكر.

*2
فضائل القرآن ص 8، تفسير ابن كثير، الجزء الرابع؛ وتاريخ خليفة بن خياط (ت: 230
أو 240ه ) ط. النجف 1386 ص 77 ـ 83. ذكر أسماء من استشهد وقبائلهم فردا فردا.

*3
تاريخ الطبري ط. أوربا 5 / 2741 وط. دار المعارف بمصر سنة 1963م 4 / 204.

*4
جامع بيان العلم للخطيب البغدادي ط. المدينة المنوّرة سنة 1388ه 2 / 147،
وتذكرة الحفاظ 1 / 7، وسنن الدارمي 1 / 85، وسنن ابن ماجة، المقدّمة، باب التوقي
في الحديث عن رسول اللّه (ص) 1 / 12، ومستدرك الحاكم 1 / 102. طبقات ابن سعد ط.
بيروت 6 / 7. وكنز العمال 2 / 183.

وقرظة بن كعب أنصاري خزرجي، في
أُسد الغابة هو أحد العشرة الّذين وجههم عمر مع عمار بن ياسر إلى الكوفة. شهد
أُحدا وما بعدها، وفتح الري سنة 23. وولاه علي على الكوفة لما سار إلى الجمل،
وتوفي بها في خلافته. أُسد الغابة 4 / 203.

*5
الطبري 1 / 2741، وتاريخ ابن كثير 8/ 107.

*6
تفسير الطبري 30 / 38، وتفسير السورة في مستدرك الصحيحين وتلخيصه 2 / 514 وقالا:
صحيح على شرط الشيخين، وتفسير الدرّ المنثور 6 / 317، والاتقان 1 / 115، وفتح
الباري 17 / 30. وتفسير ابن كثير 4 / 473.

*7
ترجمته بمصورة مخطوطة ابن عساكر (8 / 1، 116أ ـ 118أ) سنن الدارمي 1 / 54، 55 ـ
56. تفسير ابن كثير 4 / 231 ـ 232. تفسير الدرّ المنثور 6 / 111. تفسير القرطبي
17 / 29. والاكمال لابن ماكولا 5 / 221. واخترنا لفظ ابن عساكر في المتن.

*8
طبقات ابن سعد ط. بيروت 5 / 140 بترجمة القاسم بن محمّد بن أبي بكر.

*9
الحديث رقم 4865 من الكنز. ط الاُولى 5 / 239، والطبعة الثانية 10 / 180 الحديث
1398 ومنتخبه ج 4 / 62.

وعبدالرّحمن بن عوف القرشي
الزهري، آخى الرسول بينه وبين عثمان من المهاجرين، وجعل عمر تعيين الخليفة بيده
في الشورى فصفق على يد عثمان، توفي بالمدينة عام 31 أو 32ه. روى عنه
أصحاب الصحاح 65 حديثا. راجع فصل الشورى من كتاب: (عبداللّه بن سبأ) الجزء
الاوّل. وجوامع السيرة ص 379.

وعبداللّه بن حذيفة لم أجد ترجمته
ولعله عبداللّه بن حذافة القرشي السهمي، من قدماء المهاجرين، مات بمصر في خلافة
عثمان. تقريب التهذيب 1 / 409.

وأبو الدرداء عويمر أو عامر بن
مالك الانصاري الخزرجي، وأُمّه محبة بنت واقد بن الاطنابة، تأخر إسلامه وشهد
الخندق وما بعدها، آخى النبيّ بينه وبين سلمان، وُلِّي قضاء دمشق على عهد عثمان،
وتوفي بها عام 33 أو 32ه. روى عنه أصحاب الصحاح 179 حديثا. أُسد الغابة 5
/ 159 ـ 160 و 187 و 188، وجوامع السيرة ص 277.

وعقبة بن عامر اثنان: جهني وروى
عنه أصحاب الصحاح 55 حديثا، وأنصاري سلمي، أُسد الغابة 3 / 417، وجوامع السيرة ص
179.

*10
تذكرة الحفاظ للذهبي 1 / 7.

*11
شرف أصحاب الحديث للخطيب البغدادي ص 87؛ وابن عساكر في تاريخ مدينة دمشق، تحقيق
سكينة الشهابي 31 / 280.

*12
تاريخ ابن كثير 8 / 107.

*13
سنن ابن ماجة 1 / 12، وسنن الدارمي 1 / 85.

*14
تاريخ ابن كثير 8 / 107.

*15
طبقات ابن سعد 8 / 375.

*16
تاريخ ابن كثير 8 / 299.

*17
صحيح البخاري 3 / 148 وتفسير القرطبي 20 / 232. وتفسير ابن كثير 4 / 561. وتاريخه
8/ 299، والمستدرك للحاكم 3 / 539. وأنساب الاشراف للبلاذري 3 / 230 ـ 231 وفي
لفظة: (كان ناس من المهاجرين قد وجدوا على عمر في ادنائه ابن عباس دونهم)، تاريخ
الاسلام للذهبي 3 / 32، 33، سير اعلام النبلاء 3 / 343 ط. مصر.

*18
تفسير ابن كثير 4 / 533، وتاريخه 8 / 299، تاريخ الاسلام للذهبي 3 / 33.

*19
المستدرك: 3 / 539.

*20
تاريخ ابن كثير 8 / 299، تاريخ الاسلام للذهبي 31 / 33.

*21
سير اعلام النبلاء 3 / 345.

*22
تاريخ الاسلام للذهبي 3 / 33، وتاريخ ابن كثير 8 / 299.

*23
تاريخ ابن كثير 8 / 299؛ وسير أعلام النبلاء 3 / 345 ـ 347؛ وفي ط. دار المعارف
مصر، 3 / 224 ـ 241. وطبقات ابن سعد 2 / 366 ـ 370.

*24
سير أعلام النبلاء 3 / 346 ـ 347.

*25
صحيح البخاري 4 / 119، باب رجم الحبلى من الزنا من كتاب الحدود.

*26
تاريخ ابن كثير 8 / 107 في ترجمة أبي هريرة.

*27
البخاري 4 / 47، كتاب الادب، باب الانبساط؛ وطبقات ابن سعد ط. اوربا 8 / 40 ـ 45؛
ومسند أحمد 6 / 166 و 233 و 234.

*28
أُسد الغابة، ترجمة الامام عليّ (ع) 4 / 22.

*29
تاريخ ابن كثير 8 / 107.

*30
كنز العمال، كتاب العلم، باب في آداب العلم والعلماء، فصل في رواية الحديث، طبعة
حيدر آباد 10 / 180، الحديث رقم 1398؛ ومنتخبه بهامش مسند أحمد 4 / 62.

*31
تفسير الاية بتفسير الطبري 28 / 104 ـ 105 وصحيح البخاري 3 / 137 ـ 138 و ج 4 /
22 وصحيح مسلم، كتاب الطلاق، الحديث 31 ـ 34، 2 / 1108 ومسند أحمد 1/ 48.

*32
تذكرة الحفاظ 1 / 52.

*33
تاريخ مدينة دمشق 1 / 109.

*34
تفسير الدرّ المثنور للسيوطي 2 / 174 تفسير سورة النِّساء / 56 وتفسير سورة الرعد
الاية 23.

*35
تفسير الدرّ المنثور للسيوطي 5 / 347 تفسير سورة غافر / 7.

*36
الدرّ المنثور للسيوطي 4 / 133 تفسير سورة النّحل / 111.

*37
نفس المصدر 3 / 6.

*38
نفس المصدر 1 / 132.

*39
نفس المصدر 1 / 35.

*40
الدرّ المنثور للسيوطي 5 / 338 تفسير سورة الزُّمر / 68.

*41
تهذيب التهذيب بترجمة كعب الاحبار 8 / 438.

*42
الاصابة 3 / 298 ـ 299 في القسم الثالث تهذيب التهذيب لابن حجر 8 / 438 ومصورة
مخطوطة ابن عساكر 14 / 2 / 284 (ب).

*43
طبقات ابن سعد 7 / 156 من الطبقة الثانية، وقصد من العلم روايات كعب الانفة.

*44
كنز العمال 2 / 342 رقم الحديث 4196 عن مصاحف ابن أبي داود.

وعطية بن قيس الكلابي: أبو يحيى
الحمصي ويقال الدمشقي، وقال عبد الواحد بن قيس كان الناس يصلحون مصاحفهم على
قراءة عطية بن قيس وتوفي سنة 110ه. تهذيب التهذيب 7 / 228.

*45
البخاري، كتاب الاعتصام باب (28) 4 / 181 وباب الاقتداء بسنن رسول اللّه (ص) 4 /
171. وكتاب التفسير باب خذ العفو وأمر بالمعروف 3 / 89.

*46
كنز العمال 2 / 183، الحديث 2037.

*47
كنز العمال 2 / 365 ـ 366 الحديث رقم 1883 ط. حيدر آباد سنة 1364ه وطبقات
ابن سعد ط. أوربا 2 / ق 2 / 114 وط. بيروت 2 / 357.

*48
راجع ذكر العطاء في خلافة عمر بفتوح البلدان للبلاذري 629 ـ 646.

*49
أُسد الغابة 3 / 106.

*50
تاريخ الاسلام للذهبي 2 / 185 في ذكر حوادث سنة 38ه.

*51
حلية الاولياء لابي نعيم 1 / 256 و257.

*52
الاصابة 3 / 99 ط. مصر سنة 1358ه ، لسان الميزان 3 / 439 ـ 440.

*53
معرفة القراء الكبار للذهبي ص 38 ـ 39.

*54
راجع قبله نظام تعلم القرآن في عصر الرسول في المدينة.

*55
الاغاني 6 / 334 ـ 335، والاستيعاب ص 690، راجع النزاع والتخاصم للمقريزي ص 20 ط.
النجف.

*56
مروج الذهب بهامش ابن الاثير 5 / 165 ـ 166.

*57
الاغاني 6 / 335، وفي تهذيب ابن عساكر (6 / 409)، وهذا لفظه: ((وعن أنس أن أبا
سفيان دخل على عثمان بعدما عمي، فقال: هل هاهنا أحد؟

فقالوا: لا. فقال: اللّهمّ اجعل
الامر أمر جاهلية، والملك ملك غاصبية، واجعل أوتاد الارض لبني أُميّة.

*58
شرح النهج 4 / 51، الطبعة المصرية الاُولى. وطبعة دار إحياء الكتب العربية تحقيق
محمّد أبوالفضل إبراهيم، 16 / 136.

*59
الاصابة 1 / 344 ـ 345، والاستيعاب 1 / 118 ـ 119.

*60
تاريخ اليعقوبي (2 / 164).

*61
المعارف لابن قتيبة ص 84.

*62
أنساب الاشراف 5 / 28.

*63
المعارف لابن قتيبة الدينوري ص 84، والنهج لابن أبي الحديد 1 / 66، والعقد الفريد
4 / 283، وأنساب الاشراف 5 / 25 و88، ومخطوطة تاريخ ابن عساكر مصورة المجمع
العلمي بطهران 11 / 1 / 140أ.

*64
المعارف لابن قتيبة الدينوري ص 84، شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد 1 / 67،
العقد الفريد 4 / 283.

*65
أنساب الاشراف 5 / 28.

*66
أنساب الاشراف 5 / 28.

*67
أنساب الاشراف 5 / 28.

*68
تاريخ اليعقوبي 2 / 168، وشرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد 1 / 66، والعقد الفريد
(4 / 283).

*69
ابن أبي الحديد 1 / 67.

*70
أنساب الاشراف 5 / 58.

*71
الصواعق المحرقة ص 68، والسيرة الحلبية 2 / 78.

*72
طبقات ابن سعد 3 / 53.

*73
أنساب الاشراف للبلاذري 5 / 3 ط. بغداد، والرواية الثانية في طبقات ابن سعد 3 /
40 مع اختلاف في اللفظ.

*74
دول الاسلام 1 / 24 ط. مصر سنة 1974م.

*75
مروج الذهب للمسعودي 2 / 332.

*76
طبقات ابن سعد 3 / 44.

*77
تاريخ دمشق لابن عساكر مخطوطة مصورة المجمع العلمي الاسلامي طهران 11 / 1/ 140أ،
والعقد الفريد 4 / 287، وأنساب الاشراف للبلاذري 5 / 26.

*78
المعارف لابن قتيبة الدينوري ص 84، وشرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد 1 / 67،
والعقد الفريد 4 / 283.

*79
تاريخ الكامل لابن الاثير 3 / 44، والبداية والنهاية لابن كثير 8 / 124.

*80
أنساب الاشراف 5 / 30، تاريخ الكامل لابن الاثير 3 / 37، البداية والنهاية لابن
كثير 7 / 153 ـ 154.

*81
أنساب الاشراف (5 / 29 و 39)، وتاريخ الكامل لابن الاثير 3 / 39، وتاريخ اليعقوبي
2 / 165، وتاريخ الطبري 4 / 317، والاغاني (4 / 175)، والبداية والنهاية لابن
كثير 7 / 151.

*82
أنساب الاشراف 5 / 26 ـ 28، وأُسد الغابة 3 / 173، والبداية والنهاية لابن كثير
7/ 250، وتاريخ الكامل لابن الاثير 3 / 33، وتاريخ اليعقوبي 2 / 165، وذكر تفصيل
أسماء عماله في تاريخ الكامل لابن الاثير (3 / 42).

*83
تاريخ دمشق لابن عساكر مخطوطة مصورة المجمع العلمي الاسلامي طهران (11 / 1 /
140ب).

*84
أنساب الاشراف 1 / 532.

*85
تذكرة الخواص ص 201، وجمهرة خطب العرب 2 / 23، شرح نهج البلاغة 2 / 23.

*86
لم نعرف لمعاوية ((عما)) قتل يوم بدر ولعل الصواب ((جدّي)) بدل ((عمّي)) ومن
الجائز أنّه يقصد بقوله ((عمّي)) أحد أبناء عمومة أبيه الّذين قتلوا ببدر.

*87
رواه الزُّبير بن بكار في المفاخرات، شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد 2 / 102،
وجمهرة خطب العرب 2 / 23، وفي تذكرة الخواص ص 201 البيت الاوّل والثالث حيث قال
((طوعا)) بدل ((يوما)) و((بنعمان به الحرقا)) بدل ((به في مكّة الخرقا))، والخرق:
ضعف الرأي بسوء التصرف، الجهل والحمق، وحاد عنه: مال عنه، والفرق: الفزع.

*88
تاريخ اليعقوبي 2 / 63.

*89
أنساب الاشراف 1 / 532، وفيه هذه التتمة: فكان معاوية يقول: لحقني دعوة رسول
اللّه (ص)، وكان يأكل في كل يوم مرات أكلاً كثيرا، وراجع صفين، ومسلم في صحيحه 4
/ 2010، حديث 96 في باب (من لعنه النبيّ (ص)) وشرح نهج البلاغة 1 / 355، سير
أعلام النبلاء 3 / 123، والبداية والنهاية لابن كثير 8 / 119.

*90
في مسند أحمد 4 / 421 عن أبي برزة الاسلمي ولفظه ((فقالوا فلان وفلان)) وفي صفين
لنصر بن مزاحم ص 246 الحديث عن أبي برزة كذلك، وفيه تصريح باسميهما ـ معاوية
وعمرو ابن العاص ـ وأخرجه ابن عقيل في ص 59 من النصائح الكافية عن أبي يعلى بهذا
السند، وعن الطبراني في الكبير بسنده إلى ابن عباس. وأخرجه السيوطي في اللاّ َّلئ
المصنوعة، باب مناقب سائر الصحابة عن أبي يعلى عن أبي برزة، وأخرجه أيضا عن
الطبراني في الكبير عن ابن عباس وأخرجه عن سيف بعد أن مسخه راجعه في 1 / 427.

و((يزال)) حذف منه ((لا)) كما
يقال ((زلت أفعل)) أي: ما زلت أفعل، و((الحواري)): الصاحب الناصح، وأنصار
الانبياء و((زوى عنه)) منع عنه و((يجن)): يكفن ويدفن وفي بعض النسخ ((يحس))
والمعنى في البيت لا يزال الناصر الناصح تلوح عظامه منع الحرب عن كفنه ودفنه.
و((أركسه)): اعاده إلى الحالة السيئة و((أركسه)): نكسه، وفي القرآن الكريم
((واللّه أركسهم بما كسبوا)) و((الدع)): الدفع الشديد، العنيف.

*91
في العقد الفريد 4 / 345 ـ 346 أن معاوية بعث إلى عبادة بن الصامت يستنصره في حرب
علي؛ فلمّا جاء جلس بين عمرو ومعاوية وحدثهما بهذا الحديث.

في صفين 245 ـ 246 أن زيد بن أرقم
دخل على معاوية فإذا عمرو بن العاص جالس معه على السرير فلمّا رأى ذلك جاء حتّى
رمى بنفسه بينهما وحدثهما بهذا الحديث: ((إذا رأيتم معاوية وعمرو بن العاص
مجتمعين، ففرقوا بينهما فإنّهما لن يجتمعا على خير)).

*92
سير أعلام النبلاء 1 / 330 ط. بيروت، وتاريخ الطبري 4 / 202، والبداية والنهاية
لابن كثير 8 / 124.

*93
البداية والنهاية لابن كثير 8 / 124 ولكنّه لم يذكر كلمة (هذا كسرى العرب).

*94
في صحيح مسلم 3 / 1210 حديث 80 كتاب المساقاة ط. بيروت سنة 1375ه، وتهذيب ابن
عساكر 7 / 215 ط. بيروت سنة 1399ه، وقد أوردته ملخصا من صحيح مسلم.

وعبادة بن الصامت الانصاري
الخزرجي، شهد عبادة مشاهد رسول اللّه كلّها وعاش إلى سنة أربع وثلاثين، وتوفي
بالرملة أو بالبيت المقدس، ودفن هناك، ترجمته في الاستيعاب ص 412، وأُسد الغابة 3
/ 160، وتهذيب ابن عساكر 7 / 209 ـ 217، والاصابة 2 / 260، وسير اعلام النبلاء 2
/ 5 ـ 11.

*95
أُسد الغابة 3 / 160 رقم الترجمة 2789، وسير اعلام النبلاء (2 / 5).

*96
تهذيب ابن عساكر 7 / 214 ، وسير اعلام النبلاء 2 / 10 ، ومسند أحمد 5 / 325 عن
ابن خيثم حدثني إسماعيل بن عبيد الانصاري ، غير انّ الحديث حذف من أوّله في مسند
أحمد ، وجاء هكذا : ((حدثني إسماعيل بن عبيد الانصاري)) فذكر الحديث ((فقال عبادة
يا أبا هريرة انّك لم تكن معنا إذ بايعنا)) ثمّ ساق الحديث إلى آخره .

*97
((القطارة)): الابل تسير على نسق واحدا خلف واحد.

*98
بترجمته في الاصابة 2 / 394، وفي أُسد الغابة 3 / 299 إلى قوله و((أسقيتنا)) ثمّ
قال: وأخرجه الثلاثة، وفي الاستيعاب ص 400 ذكره مبتورا، واشار إليه في آخر ترجمته
في تهذيب التهذيب 6 / 192.

*99
منها قصة اخرى له مع عبادة بن الصامت عندما كان بانطرسوس، أخرجها في تهذيب ابن
عساكر 7 / 213؛ ومنها قصته مع عبداللّه بن الحارث بن أُميّة بن عبد شمس (7 /
346)، وأشار إليه ابن حجر بترجمته في الاصابة 2 / 282.

*100
أنساب الاشراف 5 / 54 ـ 55 ط. بغداد.

*101
طبقات ابن سعد 4 / 229.

*102
سير اعلام النبلاء 2 / 69 ـ 70 ط. بيروت سنة 1401ه.

*103
ترجمة عثمان في الجزء الخامس من أنساب الاشراف 5 / 54 ـ 55.

*104
تاريخ اليعقوبي 2 / 172.

*105
مروج الذهب 2 / 340 ط. بيروت سنة 1385ه ، وقد ذكر هناك تفصيل قصّة أبيذر.
((والصقالبة)): قوم كانت بلادهم تتاخم بلاد الخزر.

*106
أنساب الاشراف 5 / 43.

*107
أنساب الاشراف للبلاذري 5 / 43.

*108
وروى البلاذري 5 / 29، قال له سعد: يا أبا وهب أَأَمير أم زائر؟ قال: بل أمير
فقال سعد: ما أدري أَحمقت بعدك قال ما حمقت بعدي ولا كِسْت بعدك ولكن القوم ملكوا
فاستأثروا فقال سعد: ما أراك إلاّ صادقا.

*109
أُسد الغابة 5 / 90 ـ 91، الاستيعاب 2 / 603، تهذيب التهذيب 11 / 142 ـ 143، وشرح
نهج البلاغة 1 / 364، والبلاذري 5 / 35، ومروج الذهب للمسعودي 2 / 336.

*110
أنساب الاشراف 5 / 30 ـ 31.

*111
الاغاني 4 / 180 ـ 181، والبلاذري 5 / 31 ـ 32.

*112
وفي الاصل قيلا ولعله تصحيف.

*113
مروج الذهب للمسعودي 2 / 338 ـ 339، وترجمة جندب من أُسد الغابة 1 / 305،
والاغاني 4 / 183، والبلاذري 5 / 31.

*114
الاغاني 4 / 176 ـ 178، المسعودي 2 / 335 ـ 336، والبلاذري 5 / 32 ـ 35.

*115
أنساب الاشراف 5 / 39 ـ 43.

*116
في أنساب الاشراف اصعر وفي الاصابة أصغر.

*117
تاريخ الطبري 4 / 317 ـ 326 ط. القاهرة دار المعارف.

*118
في تاريخ الطبري: النخعي. بدل: الهمداني.

*119
أُسد الغابة 3 / 403 كان ممّن سيره عثمان إلى الشام من أهل الكوفة، وتاريخ الطبري
5 / 88 ـ 90، والكامل لابن الاثير 3 / 57 ـ 60 طبعة بولاق 2 / 55، وشرح ابن أبي
الحديد 1/ 158 ـ 160 ورأى هذه الصورة أصحّ ما ذكر في القضية، وتاريخ ابن خلدون 2
/ 387 ـ 389، وتاريخ أبي الفداء 1 / 168 في حوادث سنة 33.

*120
قنع رأسه بالسيف: علاه به.

*121
ابن أبي الحديد 1 / 160 وط. القاهرة تصحيح محمّد أبوالفضل إبراهيم (2 / 134)،
وتاريخ الطبري ط. أوربا 1 / 2914.

*122
مصنف ابن أبي شيبة 11 / 334 رقم الحديث 20695.

*123
تاريخ الطبري ط. أوربا 1 / 2828 في أوّل ذكره أخبار سنة سبع وعشرين، وترجمة
عبداللّه بن عامر من تاريخ ابن عساكر مصورة مخطوطة مكتبة الظاهرية بدمشق (9 / 2 /
232/ ب) وقد حذف الخبر ابن منظور في ترجمة عبداللّه بن عامر من مختصر تاريخ دمشق.

*124
راجع أخبار فتوح هذه البلاد بفتوح البلدان للبلاذري، ص 177. وط. بيروت سنة
1377ه، القسم الخامس، ص 531 ـ 538.

*125
تاريخ ابن عساكر مخطوطة الظاهرية مصورة المجمع العلمي 9 / ق 2 / 231 ب و 233ب.

*126
ساوده سوادا أي: ساوره مساورة ولذلك كان يقال له: صاحب سر رسول اللّه.

*127
راجع مسند أحمد 5 / 389؛ ومناقبه في البخاري والمستدرك 3 / 315 و320؛ وحلية أبي
نعيم 1 / 126 و127؛ وكنز العمال 7 / 55.

*128
راجع ترجمته في أُسد الغابة 3 / 258.

*129
الاستيعاب، ترجمة ابن مسعود.

*130
رجعنا إلى رواية البلاذري.

*131
في كلامه هذا تعريض عثمان حيث غاب عن بدر وبيعة الرضوان.

*132
تاريخ ابن كثير 7 / 163؛ وراجع اليعقوبي 2 / 197؛ ومستدرك الحاكم 3 / 13.

*133
لقد رجعنا في ما ذكرنا من قصّة ابن مسعود إلى البلاذري في أنساب الاشراف 5 / 36،
وفي بعضه إلى ترجمته في طبقات ابن سعد 3 / 150 ـ 161 طبعة دار صادر بيروت؛
والاستيعاب 1 / 361؛ وأُسد الغابة 3 / 384، رقم الترجمة 3177؛ وتاريخ اليعقوبي 2/
170؛ وراجع تاريخ الخميس 2 / 268؛ وابن أبي الحديد طبعة دار إحياء الكتب العربية
بمصر 1 / 236 ـ 237.

*134
أنساب الاشراف 5 / 54 و 49؛ وتاريخ اليعقوبي 2 / 150؛ والعقد الفريد 2 / 272.

*135
نفس المصدر السابق.

*136
نفس المصدر السابق.

*137
الطبري 1 / 2967 ـ 2972؛ وأنساب الاشراف 4 / ق 1 / 564 ـ 569 و 598.

*138
الطبري 5 / 115 ـ 116 .

*139
اختلفوا في ادراكه صحبة النبيّ، راجع ترجمته بأُسد الغابة 5 / 103.

*140
((خُشُب)) بضم أوّله وثانيه: واد على مسير ليلة من المدينة. معجم البلدان.

*141
شرح النهج 4 / 57 ـ 58.

*142
صفين لنصر بن مزاحم ص 52؛ وشرح النهج 2 / 580 ـ 581.

*143
أنساب الاشراف ط. بيروت 1400ه (ق 4 / 1 / 546 ـ 547).

*144
أنساب الاشراف للبلاذري 5 / 103.

*145
تاريخ اليعقوبي 2 / 175.

*146
كتاب الفتوح، ص 115.

وينبغي أن تكون هذه المحاورة قبل
عثور أخيها محمّد على كتاب عثمان في طريق مصر يأمر فيه بقتلهم، فإنّها بعد ذلك
كانت تفتي بقتله غير مبالية بصلاته.

*147
الاية العاشرة من سورة التحريم وكان عثمان يعرض بها إلى ما أطبق عليه المفسِّرون
من أنّ منشأ قصّة التحريم ما قامت به أُمّ المؤمنين عائشة وأُخرى معها من أُمّهات
المؤمنين فنزلت فيهما سورة التحريم.

*148
الطبري 4 / 477، ط. القاهرة سنة 1357، وط. أوربا 1 / 3112؛ وابن أعثم ص 155؛ وابن
الاثير 3 / 87؛ وابن أبي الحديد 2 / 77؛ ونهاية ابن الاثير 4 / 156؛ وشرح النهج 4
/ 458.

وراجع لغة نعثل في النهاية لابن
الاثير وتاج العروس ولسان العرب.

*149
راجع خبر انتشار كلمة أُمّ المؤمنين في بحث على عهد عثمان من المجلّد الاوّل من
كتابنا أحاديث أُمّ المؤمنين عائشة.

*150
الزيادة ما بين القوسين في تاريخ اليعقوبي 2 / 124، وط. بيروت 2 / 176.

*151
نفس المصدر السابق.

*152
أخرج هذه الرواية كل من البلاذري في الانساب 5 / 75؛ وابن أعثم ص 155؛ وابن سعد
في الطبقات ط. ليدن 5 / 25 بترجمة مروان، وذكر من أتى عائشة زيد بن ثابت.
والغرارة: الجوالق.

*153
وفي الانساب 5 / 75.

*154
الطبري 5 / 140، وط. أوربا 1 / 3040؛ وابن أعثم ص 156، واللفظ للطبري والبلاذري.

والصلصل: من نواحي المدينة على
مسيرة أميال منها. معجم البلدان. والازعيل: الذلق، وفي القاموس: النشيط.

*155
الطبري 5 / 108، وط. أوربا 1 / 2266.

*156
أنساب الاشراف 5 / 50.

*157
الطبري 5 / 70 ـ 71، في ذكره غزوة ذات الصواري في سنة 31، وط. أوربا 1 / 2870 ـ
2871.

*158
هذه الجملة في أنساب الاشراف 5 / 50.

*159
يقصد بهم الحكم بن أبي العاص وولده.

*160
الطبري 5 / 118، وط. أوربا 1 / 2994؛ وابن الاثير 3 / 59 ـ 70.

*161
الاستيعاب 2 / 367 ـ 370؛ والاصابة 2 / 309 ـ 310 و 1 / 11 ـ 12؛ وأُسد الغابة 3
/ 173 ـ 174؛ وأنساب الاشراف 5 / 49؛ والمستدرك 3 / 100؛ والمفسِّرون كالقرطبي
وغيره في تفسيرهم الاية 93 من سورة الانعام؛ وابن أبي الحديد 1 / 68.

*162
رواه المؤرّخون في ذكرهم حوادث سنة 30 و 38ه، وبترجمته في الاستيعاب وأُسد
الغابة والاصابة.

*163
راجع تاريخ الطبري وابن الاثير في حوادث سنة 30 ـ 36؛ وترجمته في الاستيعاب 3/
321 ـ 322 الترجمة رقم 991؛ وأُسد الغابة 4 / 315؛ والاصابة 3 / 54.

*164
راجع ترجمته في الطبقات 5 / 37 ـ 39.

*165
فتوح ابن أعثم ص 46 ـ 47.

*166
أنساب الاشراف للبلاذري 5 / 25 ـ 26.

*167
الطبري 5 / 114 ـ 115، وط. أوربا 1 / 2983؛ وابن الاثير 5 / 70؛ وابن أبي الحديد
1 / 165.

وإنّما ذكرنا كتب أصحاب النبيّ
(ص) إلى أهل الامصار وموافاتهم بالموسم خلال بحثنا عن تأثير المحمّدين في مصر
وتحريضهما إياهم على عثمان لصلة الحوادث بعد هذا بعضها ببعض.

*168
أنساب الاشراف 5 / 60؛ وراجع تاريخ الطبري 5 / 96 ـ 97، وط. أوربا 1 / 2937ـ
2939؛ وابن الاثير 3 / 63؛ وابن أبي الحديد 1 / 303؛ وابن كثير 7 / 168؛ وأبي
الفداء 1 / 168. والنص ما بين القوسين للطبري.

*169
أنساب الاشراف 5 / 59.

*170
الطبري 5 / 114 و115، وط. أوربا 1 / 2984.

*171
أنساب الاشراف 5 / 59.

*172
الطبري 5 / 109، وط. أوربا 1 / 2968.

*173
الطبري 5 / 111 ـ 112، وط. أوربا 1 / 2986 ـ 2987؛ والبلاذري 5 / 64 ـ 65؛ وابن
الاثير 3 / 68؛ وشرح النهج 1 / 163 ـ 164؛ وابن كثير 7 / 172؛ وابن أعثم في ذكره
ما نقم على عثمان؛ وابن خلدون 2 / 396 ـ 397.

*174
السقيا: من أسافل أودية تهامة.

*175
جلح على الشيء: أقدم عليه إقداما شديدا. وجلح في الامر: صمم وركب رأسه. مبلجة:
واضحة، بينة.

*176
أنساب الاشراف 5 / 63 ـ 64.

*177
يغلب على الظن أن أُمّ المؤمنين عائشة أُخت محمّد، وطلحة ابن عمّها وغيرهما من
بني تيم لم يكونوا بعيدين عن هذه الاشارة.

*178
عدنا إلى الرواية السابقة الّتي ذكرنا مصادرها في هامش 493.

*179
أصل المثل: جاوز الحزام الطبيين. والطّبي: حلمة الضرع، وهو كناية عن المبالغة في
تجاوز حدّ الشرّ والاذى.

*180
أصل المثل: بلغ السيل الزّبى، وهي جمع زبية وهي الرابية الّتي لايعلوها الماء.

*181
الطبري 5 / 112، وط. أوربا 1 / 2977 ـ 2979؛ وراجع ابن الاثير 3 / 96، وقد أخرج
البلاذري قسما منه في الانساب 5 / 65.

*182
يظهر من هذه الرواية انّ هذه المحاورة في المسجد وقعت بعد رجوع المصريين.

*183
الطبري 5 / 139، وط. أوربا 1 / 3038 ـ 3039.

*184
الطبري 5 / 113، وط. أوربا 1 / 2979 ـ 2990.

*185
كذا وردت الكلمة في الطبري 5 / 113، أمّا في القرآن الكريم فقد جاءت: فرَّقوا.

*186
الطبري 5 / 116 ـ 117، وط. أوربا 1 / 2987 ـ 2989؛ وابن الاثير 3 / 71 ـ 72؛ وابن
أبي الحديد 1 / 166.

*187
أنساب الاشراف 5 / 26 ـ 69 و 95؛ والطبري 5 / 119 ـ 120، وط. أوربا 1/ 2984 ـ
2997؛ والرياض النضرة 2 / 123 ـ 125؛ وراجع المعارف لابن قتيبة ص 84؛ والعقد
الفريد 2 / 263؛ وابن الاثير 3 / 70 ـ 71؛ وابن أبي الحديد 1 / 165 ـ 166؛ وابن
كثير 7 / 173 ـ 189؛ وتاريخ الخميس 2 / 259.

*188
آخر الحجاز وأوّل الشام.

*189
الطبري 5 / 120 ـ 121، وط. أوربا 1 / 2995 ـ 2997.

*190
أنساب الاشراف 5 / 67 ـ 68.

*191
أنساب الاشراف 5 / 205.

*192
أنساب الاشراف 5 / 78، وقد أورد محاورة عثمان والامام علي كل من الطبري 5 / 154؛
وابن الاثير 3 / 64؛ وكنز العمال 6 / 389 الحديث 5965، وقد تخيّرنا لفظ ابن
الاثير لانّه أتمّ وأخصر؛ وراجع الكامل للمبرد ص 11 ط. ليدن؛ وزهر الاداب 1 / 75
ط. الرحمانية؛ وابن أعثم ص 156 ـ 157.

*193
أُسامة مولى رسول اللّه (ص) وابن مولاه زيد بن حارثة وابن مولاته وحاضنته أُمّ
أيمن وكان يسمّى حبّ رسول اللّه (ص)، أمره رسول اللّه في مرض موته على جيش كان قد
انتدبهم لغزو الشام واستوعب في الجيش المهاجرين الاُولين. توفّي سنة 54، أو 58،
أو 59. ترجمته في الاستيعاب رقم 12 وأُسد الغابة 1 / 65 ـ 66 والاصابة.

*194
رجّاس، الرجس: الصوت الشديد. سحاب ورعد رجّاس: شديد الصوت.

*195
وفي رواية الطبري ط. أوربا 1 / 3071 منه، أنّ عليّا قال لطلحة: أُنشدك اللّه إلاّ
رددت الناس عن عثمان، قال: لا واللّه حتى تعطي بنو أُميّة الحق من أنفسها.

*196
الطبري 5 / 117، وط. أوربا 1 / 2989.

*197
أنساب الاشراف 5 / 81.

*198
أنساب الاشراف 5 / 90.

*199
الطبري 5 / 113.

*200
أنساب الاشراف 5 / 68 ـ 69.

*201
مجمع بن جارية بن عامر الانصاري الاوسي وكان أبوه ممّن اتّخذ مسجد الضرار وكان هو
غلاما حدثا قد جمع القرآن على عهد رسول اللّه (ص) إلاّ سورة أو سورتين. ترجمته في
أُسد الغابة 5 / 303 ـ 304.

*202
أنساب الاشراف 5 / 74.

*203
الطبري 5 / 122، وط. أوربا 1 / 3000؛ وابن الاثير 3 / 73.

*204
هو عبدالرّحمن بن عديس البلوي.

وكان ممّن بايع النبيّ تحت الشجرة
وشهد الشجرة وشهد فتح مصر واختط بها. وكان ممّن سار إلى عثمان من مصر. وسجنه
معاوية بعد بفلسطين وقتل سنة 36ه بعد أن هرب من السجن.

الاصابة، حرف العين، القسم الاوّل
4 / 171.

*205
أنساب الاشراف 5 / 69؛ وذكر فعل محمّد بن أبي بكر هذا بألفاظ أُخرى، كلّ من
الطبري في 5 / 118، وط. أوربا 1 / 3021؛ وابن الاثير في تاريخ الكامل 3 / 68 ـ
70.

*206
ابن أبي الحديد 2 / 404.

*207
الطبري 5 / 122.

*208
أنساب الاشراف 5 / 69 ـ 70.

*209
الطبري 5 / 143 ـ 144، وط. أوربا 1 / 3046؛ وابن الاثير 3 / 76؛ وابن أعثم ص 159؛
وراجع الرياض النضرة 2 / 131 ـ 132.

/ 14