مناسک الحج و العمرة نسخه متنی

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

مناسک الحج و العمرة - نسخه متنی

زین الدین بن علی المشتهر بالشهید الثانی؛ المحققان: أبوالحسن المطلبی، رضا المختاری

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
لیست موضوعات
توضیحات
افزودن یادداشت جدید




المقالةُ الأُولى في أفعال عمرة التمتُّع وفيها فصولٌ


الأوَّلُ:
الإحرامُ وتوابعهُ، وهو توطين النفس على تَرْكِ أُمور مخصوصة إلى
أنْ يأتيَ بالُمحَلِّلِ، وسَيأتي تفصيلهُ. وتلك التُروك منها ما يَشْتَرِكُ
بينَ الذَكَر وغيرِه وهو سِتّةَ عَشَرَ: صَيْدُ البَرِّ الُمحَلَّل
المُمُتَنِع بالأصالة وسِتّة من الُمحرَّمِ: الأسدِ والثَعْلَبِ والأرْنَبِ
والضَبِّ واليَربوعِ والقُنْفُذِ، اصطياداً وأكْلا وذَبْحاً ودلالةً
وإغْلاقاً، مباشَرَةً وتسبيباً ولو بإعارة الآلة ، والاستمتاعُ بالجِماع
ومقدِّماته حتّى العقد، والطِيبُ بأنواعه شمّاً وسُعُوطاً وإطلاءً وكَحْلا
وصَبْغاً وغيرَها، والاكتحالُ بالسَواد، والادِّهانُ مطلقاً، وإخْراجُ الدمِ،
وقَلْمُ الأظافِر، وإزالةُ الشَعْرِ وقَطْعُ الحشيشِ والشجرِ النابِتَيْن في
الحرمِ إلاّ الإذْخِرَ والَمحالةَ وعُودَيْها وشجرَ الفواكِهِ والنابتَ في
ملكه، والكَذِبُ مطلقاً، والجِدالُ وهو الحَلْف مطلقاً، ولُبْسُ الخاتَمِ،
والحِنّاءُ للزِينة لا للسنَّة ـ فيهما ـ والفارقُ القصدُ ولُبْسُ السِلاح
اختياراً، وقتلُ هوامِّ الجَسَدِ كالقَمْل، والنظرُ في المرآة.

ومنها ما يَخْتَصُّ بالرجل، وهو
لُبْسُ الَمخِيطِ وإنْ قَلَّت [الخياطةُ] عدا المِنْطَقةِ والهِمْيانِ،
ويَلْحَقُ به الزَرُّ والخَلالُ وما أحاطَ بالبدن من الِلبد والدِرْع
المَنسوجِ وغيرِهما مّما أشْبَهَ المخيطَ، والتظليلُ سائراً اختياراً ولا
يَحْرُمُ المشيُ في ظِلِّ الَمحْمِل ولا المرورُ تحتَ الظِلِّ، وتَغْطيةُ
الرأس ولو بالارتماسِ. وفي اختصاصه بتحريم سَتْر ظَهْر القَدَمِ بالخُفِّ
ونحوِه أو عموم التحريم قولانِ>30،
أقربُهما الأوّلُ.

ومنها ما يَخْتَصُّ بالمرأة،
وهو تغطيةُ الوجه إلاّ القدرَ الذي يَتَوقَّفُ عليه تغطيةُ الرأس فيَحْرمُ
عليها النِقابُ ونحوهُ، ويجوزُ لها أنْ تَسدُلَ قِناعَها بحيثُ لا يُصيبُ
وجَهها، ولُبْسُ ما لم تَعْتَدْه مِن الحَلْي وما اعْتادَتْه بقصد الزِينِة
لا بدونها، لكنْ يُحْرُمُ عليها إظهارُه للزوج. والخُنثى المُشكِلُ في ذلك
كالرَجُل إلاّ في كَشفِ الرأسِ فيَتَخَيَّرُ بينَه وبينَ كشفِ
الوجه.

ويُشْتَرَطُ في الإحرام
إيقاعُه في أحد المواقيِت التي وَقَّتَها رسولُ الله (صلى الله عليه وآله
وسلم)وهي : مسجد الشجرة لأهل المدينة ومَن اجتازبها والجُحْفَةُ لأهل المصر
والشام إنْ مَرّوا بها، ويَلَمْلَمُ لأهل اليمنِ، وقَرْنُ المنازِلِ لأهل
الطائف، والعَقِيقُ لأهل العراق وهو المَسْلَخُ وذاتُ عِرْق وما بينَهما،
وأفضلُه أوّلهُ، ومَنْ كان منزلُه دونَ المِيقات فميقاتُه منزلهُ. ولو سَلَكَ
طريقاً لا يَمُرُّ بميقات أحْرَمَ عند مُحاذاة الميقاتِ ولو ظنّاً، ولا فرقَ
في ذلك بينَ البَرِّ والبحر.

وهذه المواقيتُ لحجِّ القِرانِ
والإفراد ولعمرة التمتُّع وللمفرَدة إذا مَرَّ عليها. ولو كان بمكّةَ خرج لها
إلى أدنى الحِلِّ. ومِيقاتُ حجِّ التمتُّع اختياراً مكَّةُ، وأفضلها المسجدُ
وأفضلُه المَقامُ أو تحتَ المِيزابِ.

ويُشتَرطُ أيضاً في غير عمرة
الإفراد وقوعُه في أشْهُرِ الحجِّ وهي شوّالٌ وذو القَعْدةِ وذو
الحِجَّةِ.

ويُسْتَحَبُّ قبلَ الإحرام
تَوْفيرُ شَعْرِ الرأس من أوَّل ذي القِعْدة، ويَتَأكَّدُ عند هِلال ذي
الحِجّةِ واستكمالُ التنظيفِ عندَه بإزالة شَعْرِ الإبطِ>31
والعانةِ بالحَلْق ـ وأفَضْلُ منه الاِطّلاءُ>32
وإنْ كان مُطَّلِياً قبلَ ذلك، ما لم يَقْصُرْ وقتهُ عن خَمْسةَ عَشَرَ يوماً
فلا يتأكَّد الاستحباب ـ وقَصِّ الأظفارِ وإزالة الشَعَثِ. والغُسْلُ على
الأقوى، ويُجزِئُ غُسلُ النهارِ ليومه والليلِ لليلته ما لم يَنَمْ أو
يُحْدِثْ أو يَأكُلْ أو يَتَطيَّبْ أو يَلْبِسْ ما يَحْرُم على الُمحْرِم
فيُعيدُه. ولو تَعَذَّرَ الغُسلُ يَتَيمَّم. ولو خافَ عَوْزَ الماء في
الميقات قَدَّمَه في أقربِ أوقات الإمكان إليه، ثمَ يَلْبَسُ ثوبي الإحرام،
وسيأتي بيانُهما. ثمّ يُصلِّي سُنّةَ الإحرامِ وهي سِتُّ ركعات أو أربعُ أو
ركعتان، ثمّ يصِّلي الفريضةَ الحاضرةَ إن كانَتْ وأفضلُها الظهرُ، وإلاّ قَضى
فريضةً. وِنيّةُ الغُسل: «أغْتَسِلُ غُسلَ الإحرامِ لندبه قربةً إلى الله».
ونيَّةُ السُنّة: «أُصلِّي ركعتين مِنْ سُنْة الإحرامِ لنَدْبهما قربةً إلى
الله».

وينبغي النيَّة عندَ نَزْعِ
المخيط ولُبْس الثوبينِ، وليستْ شرطاً في الصحّة وإنْ توقَّفَ عليها الثوابُ،
فيَنْوي: «أنْزعُ الَمخيطَ لوجوبه قربةً إلى الله، ألْبَسُ ثَوْبَي الإحرامِ
لوجوبه قربةً إلى الله».

ونيُّة الإحرامِ بالعُمرة:
«أُحْرِمُ بالعمرة المُتَمَتَّعِ بهما إلى حَجِّ الإسلام حَجِّ التمتُّع،
وأُلَبِّي التلبياتِ الأربعَ لعقد هذا الإحرامِ لوجوب الجميعِ قربةً إلى
الله». ويُقارِنُ بهما التلبيةَ وهي «لَبَّيْك اللهُمَّ لَبَّيك، لَبَّيْك،
إنّ الحمدَ والنِعمةَ والمُلك لك، لا شريك لك لَبَّيك». ولَمّا كانتِ
النيّة هي القصد إلى الفعل المعيَّن المتَّصِفِ بالأوصاف المذكورة فلا بُدَّ
مِنْ معرفة المكلف بمعانيها ليْتَحَقَّقَ القصدُ إليها. فمعنى أُحْرِمُ أي
أُوطِّنُ نفسي على ترك الأُمور المذكورة سابقاً. والعُمرة لغةً: الزيارة،
وشرعاً: زيارةُ البيت مع أداء مناسِكَ مخصوصة، وتُطْلَقُ على مجموع تلك
المناسك. وخَرَجَ بـ «العمرة»>33
الحجُّ والمتمتَّعُ بها إلى الحجِّ أي التي يَتَخَلَّلُ بينها وبين الحجِّ
راحةٌ وتحلُّلٌ مُسْتَمِرٌّ من الفَراغ منها إلى أنْ يَشْتَغِلَ بالحجِّ،
وبهذا القيد تَتَميَّز عن العمرة المفرَدة; فإنّها تقع بعدَ الحجِّ أو>34
غيرَ مُرْتَبِطة به، وبقيد «الإسلام» تَخرج العمرةُ المتمتَّعُ بها إلى حجِّ
النذر وشبهه، و«لوجوب الجميع» إشارةٌ إلى الوجه الذي يقع عليه الفعلُ وبه
يَمْتازُ عن المندوب و«قربةً إلى الله» إشارة إلى غاية الفعلِ المتعبَّدِ به.
والمرادُ بالقربة إليه سبحانه موافقهُ إرادته والتقرُّبُ إلى رضاه تعالى لا
القربُ المكاني والزماني، لتنزُّهِه تعالى عنهما. وآثَرُ هذه الصيغةَ لورودها
كثيراً في الكتاب والسُنَّة، ولو اقْتَصَرَ على جَعْلها لله تعالى
كفى.

ويُعتبر في التلبية
مقارَنَتُها للنيّة كتكبيرة الإحرام بالنسبة إلى نيّة الصلاة، وترتيبُها على
الوجه المذكور، وموالاتُها، وإعرابُها.

ومعنى لَبَّيْك : «إجابةً بعدَ
إجابة لك يا ربِّ» أو «إخلاصاً بعدَ إخلاص» أو «إقامةً على طاعتك بعدَ
إقامة». ومعنى اللهمَّ: «يا الله». ويجوز كسر «إنّ» في قوله: «إنّ الحمدَ»
وفتحها، والأوَّل أجودُ>35.
وقد ورد في الخبر أنّ هذه التلبية جوابٌ للنداء المذكور في قوله
تعالى: (وأذِّنْ في الناس
بالحجِّ)>36
حيثُ صَعِدَ إبراهيمُ (عليه السلام)أبا قُبَيس ونادى بالحجِّ>37.
وفي «لا شريَك لك» إرغامٌ لأُنوف الجاهلية الذين كانوا يُشْرِكون الأصنامَ
والأوثانَ بالتلبية، وفي تَكرارها بَعْثٌ للقلب على الإقبال على خالص الأعمال
وتلاف لِما لعلّه وقع من الإخلال بوظائف عبودية المَلِك المتعالِ، كتَكرار
الركعات والتسبيحاتِ والتكبيراتِ وغيرِها من الأفعال.

ويُسْتَحبُّ الإكثارُ منها ومن
باقي التلبياتِ المستحبَّةِ خصوصاً «لَبَّيْك ذا المعارِجِ، لَبَّيْك» فقد
كان النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) يُكْثِرُ منها، ومِنَ
المستحبّةِ:

لَبَّيك ذا المعارجِ إلى دار السلام، لَبَّيْك لَبَّيْك
غفّار الذنوبِ، لَبَّيْك لَبَّيْك أهلَ التلبية، لَبَّيك لَبَّيْك ذا الجلال
والإكرام، لَبَّيْك لَبَّيْك تُبْدِئُ والمعادُ إليك، لَبَّيْك لَبَّيْك
تَسْتَغْني ويُفْتَقَرُ إليك، لَبَّيْك لَبَّيْك مَرهوباً ومَرغوباً إليك،
لَبَّيْك لَبَّيْك إلهَ الحقِّ، لَبَّيْك لَبَّيْك ذا النَعْماء وذا الفَضْلِ
الحَسَنِ الجَميل، لَبَّيْك لَبَّيْك كَشّافَ الكُرَبِ العِظامِ، لَبَّيْك
لَبَّيْك عبدُك وابنُ عبديْك، لَبَّيْك لَبَّيْك أتَقَرَّبُ إليك بمحمّد وآل
محمّد صَلّى الله عليهم، لَبَّيْك لَبَّيْك يا كريمُ لَبَّيْك، لَبَّيْك
بالعمرة المتمتَّع بها إلى الحجِّ لَبَيْك>38.

ولو كان لإحرام الحجّ قال
بَدَلَ «بالعمرة»: «بالحجّ» إلى آخر ممّيزاته.

ويُشْتَرطُ في الثوبينِ صِحّةُ
الصلاة فيهما اختياراً، فلا يُجْزِئ النَجِسُ ولا الحريرُ الَمحْضُ ولا جِلدُ
غيرِ المأكول، ولا الرقيقُ الذي يَحْكي العورةَ. ولْيَأتَزِرْ بأحدهما ويرتدي
بالآخر ـ بأنْ يُغَطِّيَ به مِنْكَبَيْه ـ أو يَتَوشَّحُ به بأنْ يُغَطِّيَ
[به ]أحدَهما (ولو تَأدّتِ الوظيفتان بثوب طويل أجْزأ عنهما)>39
ويَجوزُ عَقدُ الإزارِ دونَ الرِداء، والزيادةُ عليهما للحاجةِ
وإبدالَهُما.

ويُسْتَحَبُّ الطوافُ في
الأوّليْنِ، وأنْ يكونا مِن القُطن الأبيضِ، ويُكْرَهُ غَسْلُهما ـ وإنْ
تَوَسَّخا ـ وكونُهما غيرَ أبيضَيْنِ.

تذنيبٌ:
الحَيْضُ لا يَمْنَعُ الإحرامَ، فلو اتَّفَقَ حالةَ الإحرام
أحْرَمَتْ كذلك مِنْ غير غُسل>40
ولا صَلاة. ولو كان مِيقاتُها مسجدَ الشجرة أحْرَمَتْ مِنْ خارجه مُجْتازةً
به مع أمْنِ التلويثِ.

ويُسْتَحَبُّ لها أنْ تَلْبِسَ
ثياباً طاهرةً حالةَ النيَّة ـ فإذا أحْرَمَت نَزَعَتْها إنْ شاءت ـ وأنْ
تَسْتَثْفِرَ>41
بَعدَ الحَشْوِ وتَتَنَظّفَ ثمَّ تُحْرِمَ.

ولو تَرَكتِ الإحرامَ لظنّها
فَسادَه رَجَعَتْ إلى الميقاتِ مع الإمكان، فإنْ تعذَّر فمِنْ حيثُ أمْكَنَ
ولو مِنْ أدنَى الحِلِّ. ثمّ إنْ طَهُرَتْ قبلَ وقتِ الطَوافِ فطاهرةٌ وإلاّ
أخَّرتْه وما بعدَه مِن الأفعال إلى أنْ تَطْهُرَ أو يَضِيقَ الوقتُ
بالتلبُّسِ بالحجِّ، فإنْ ضاقَ ولمّا تَطْهُرَ عَدَلَتْ إلى حجِّ الإفراد،
وخَرَجَتْ إلى عَرَفَةَ بإحرامِها الأوّلِ، ثمَ اعْتَمَرتْ بعدَ الحجِّ عمرةً
مفردةً وأجْزأها عن فرضها. وكذا لو عَرَضَ الحَيضُ بعدَ الإحرام وقبلَ أنْ
تَطوفَ أربعةَ أشواط ولو عَرَضَ بعدَ أنْ طافَتِ الأربعةَ سَعَتْ وأكْمَلَتِ
العمرةَ، وأخَّرَتْ بقيّة الطوافِ والصلاة إلى أنْ تَطْهُرَ.

الثاني في
الطواف، وهي الحركة الدَوْرية حولَ البيتِ على الوجه المخصوصِ للقربة، وله
مقدّماتٌ مَسْنونةٌ وفُروضٌ وسُنَنٌ:

فالمقدّمات:
الغسلُ عندَ دخول الحرم، ودخولُه ماشياً حافياً ونعلُه بيده، فمَنَ
فَعَلَ ذلك تواضعاً لله تعالى مَحا اللهُ عنه مائةَ ألفِ سيِّئة، وكَتَبَ له
مائةَ ألفِ حسنة، وبَنى له مائةَ ألفِ درجة، وقضى له مائةَ ألفِ حاجة. رواه
أبانُ بنُ تَغْلِبَ عن الصادق (عليه السلام)>42.

والدعاءُ عند دخوله، فإذا
أرادَ دخولَ مكَّةَ اغْتَسَلَ أيضاً بالأبْطحِ مِنْ بِئرِ مَيْمون أو غيرِه،
ولا يُحْدِثَ بعدَه حتّى يدخُلَها.

ويُسْتَحَبُّ الغُسلُ ثالثاً لدخول المسجد الحرامِ، ثمّ يَدخلُه
حافِياً خاضِعاً خاشِعاً مِنْ باب بني شَيْبَةَ، وهو بإزاء باب السلام
أدْخَلُ منه نحوَ المسجد، ويَقفُ عندَه ويقول:

السلام عليك أيُّها النبيُّ ورحمة الله وبركاته، بسم
الله وبالله [ومن
الله]>43 وما شاء
الله، والسلام على أنبياء الله ورُسُله، والسلام على رسول الله،
والسلام على إبراهيمَ خليلِ الله، والحمد لله ربِّ العالمينَ>44.

ثمَّ يَرفَعُ يدَيْه ويَسْتَقْبِلُ البيتَ
ويقول:

اللهُمَّ إنّي أسألك في
مقامي هذا في أوَّلِ مناسكي أنْ تَقْبَلَ تَوْبتي، وأنْ تُجاوِزَ عَنْ خطيئتي
وتَضَعَ عنّي وِزْري، الحمد لله الذي بَلَّغَني بيتَه الحرامَ. اللهمُّ إنّي
أُشهِدُك أنّ هذا بيتُك الحرامُ الذي جَعَلْتَه مثابةً للناسِ وأمناً>45
ومُبارَكاً وهُدًى للعالمين. اللهُمَّ إنّي عبدُك، والبلدُ
بلدُك، والبيتُ بيتُك، جئتُ
أطْلُبُ رحمتَك وأؤمُّ طاعتَك، مُطيعاً لأمرك، راضياً بقَدَرك، أسألُك مسألةَ
الفقيِر إليك الخائفِ مِنْ عُقوبتك. اللهُمَّ افْتَحْ لي أبوابَ رحمتِك،
واسْتَعْمِلْنِي بطاعتك ومَرْضاتِكَ، واحفَظْني بحفظِ الإيمان أبداً ما
أبْقَيْتَني، جَلَّ ثناءُ وجهِك. الحمدُ للهِ الذي جَعَلَني مِن وَفْدِه
وزُوّارِه، وجَعَلَني مِمَّنْ يَعْمُرُ مساجِدَه، وجَعَلَني مِمَّن يُناجيه.
اللهُمّ إنّي عبدُك وزائرُك وفي بيتك، وعلى كُلِّ مأتيٍّ حقٌّ لِمَنْ أتاه
وزارَه وأنت خيرُ مأتيٍّ وأكرمُ مَزُور، فأسألكُ يا اللهُ يا رحمنُ بأنّك
أنتَ اللهُ لا إلهَ إلاّ أنت وحدَك لا شريك لك، وبأنّك واحِدٌ أحَدٌ صَمَدٌ
لم تلِدْ ولم تُولَدْ ولم يكن لك كُفواً أحدٌ، وأنّ محمَّداً عبدُك ورسولك
(صلى الله عليه وآله وسلم). يا جوادُ
يا ماجِدُ يا حَنّانُ يا مَنَّانُ يا كريمُ أسألُك أنْ تَجْعَلَ تُحْفَتَكَ
إيّاي مِن زيارتي إيّاكَ فَكاكَ رَقَبتي مِن النار، اللهُمّ فُك َّ
رَقَبتي مِن النار - ثلاثاً - وأوْسِعْ عليَّ مِن رِزقك الحلالِ، وادْرأْ
عنِّي شرَّ شياطينِ الجنِّ والإنسِ وشَرَّ فَسَقَةِ العربِ والعجم>46.

ثمّ يمشي نحوَ البيتِ، فإذا
دَنا مِن الحَجَر الأسودِ رَفَعَ يَديْه وحَمِدَ اللهَ وأثْنى عليه
وقال:

(الحمدُ للهِ الذي هَدانا
لهذا وما كُنّا لِنَهْتديَ لولا أنْ هدانَا الله)>47. سبحان الله
والحمد لله ولا إلهَ إلاّ اللهُ والله أكبرُ>48.

وصلّى على النبيِّ (صلى الله
عليه وآله وسلم)، ثمّ يَسْتَلِمُ الحَجَرَ الأسود ويُقَبِّلُه، فإنَ لم
يَسْتطِعْ أشارَ إليه ويقول:

اللهُمَّ إنِّي أُؤمِن
بوعدك، وأُوفِي بعهدك. اللهُمَّ أمانتي أدَّيتُها وميثاقي تعاهَدْتُه
لِتَشْهَدَ لي بالموافاة. اللهُمّ تصديقاً بكتابك وعلى سنَّةِ
نبيِّك(صلى الله عليه وآله وسلم)،
أشهدُ أنْ لا إلهَ إلاّ اللهُ وحدَه لا شريكَ له، وأنّ محمَّداً عبدُه
ورسولُه، آمَنْتُ بالله وكَفَرْتُ بالجِبْت والطاغوتِ وباللاتِ والعُزّى
وعبادةِ الشَيطانِ وعبادةِ كُلِّ نّد يُدْعى مِن دونِ
الله.

فإنْ لم يَقْدِرْ على جميع ذلك قال بعضه:>49 اللهُمّ إليك بَسطْتُ يدي، وفيما عندك عَظُمَتْ رَغْبَتي، فَاقْبَل سُبْحَتي>50
واغفِر لي وارْحَمْني. اللهُمّ إنِّي
أعوذُ بك مِن الكُفرِ والفقرِ ومواقِفِ الخِزْي في الدنيا والآخرة>51.

وأمَّا الفروضُ فعلى
ضربين: شروطٌ متقدِّمة ومقارِنَةٌ:

فالشروط
أربعةٌ: الطهارةُ مِن الحَدَث ولو بالتيمُّم مع تعذُّر
المائية، ولا يُشْتَرَطُ ذلك في الطواف المندوبِ على الأقوى وإنْ كان
مِنْ كماله، نَعَم هي شرطٌ في صلاة الطوافِ مطلقاً; وإزالةُ النَجاسة عن
الثوب والبدن على حدِّ ما يُعتبر في الصلاة; وسَتْرُ العورةِ الواجبِ
سَتْرُها في الصلاة بحسب حال الطائف; والخِتانُ في الرجل مع
المُكْنة.

والمقارِنةُ
سَبْعَةٌ: النيّةُ مقارِنةً لأوّل جزء مِن الحجر الأسود،
بحيث يكونُ أوَّلُ بدنِه مُحاذياً لأوَّلِ جزء مِن الحجر عِلْماً أو ظنَّاً،
لِيـَمُرَّ عليه بجميع بدنه، ولا يُشْتَرَطُ استقبالُ البيتِ أوّلا ثمّ
الانحرافُ بل يَكفي جَعْلُه على اليَسار ابتداءً، وإنْ كان الأوَّلُ أولى
وصفتها: «أطوفُ بالبيتِ سبعةَ أشواط لعمرةِ الإسلامِ عمرةِ التمتُّع لوجوبه
قربةً إلى الله» مُسْتَدامةَ الحكم إلى آخره، مقارِنَةً للحركة عقيَبها بنفسه
أو حامله; وجعلُ البيتِ على اليَسار; والمَقامِ على اليمين ولو تقديراً،
بمعنى مراعاةِ النسبة في جميع الجِهات; والخروجُ بجميع البدن عن البيت، فلا
يَمَسَّ الحائطَ ماشياً بل يَقِفُ إنْ أرادَه لِئلاّ تَدْخُلَ يدُه على
الشاذروانِ; وموالاةُ أربعة أشواط مِنَ السبعِة، ويجوزُ تفريقُ الباقي منها
لضرورة أو قضاءِ حاجة أو صلاةِ فريضة أو نافلة يُخاف فوتُها أو لدخول البيت;
وإدخالُ الحِجْرِ في الطواف، فلو طافَ فيه أو مَشى على حائطه لم يُجْزِئْ،
ولا يجب الخروجُ عن شيء آخَرَ أو خارِجه إجماعاً; والختمُ في الشَوْط السابعِ
بما بَدَأ به; بمعنى جَعْلِ أوّلِ جزء مِن الحَجَرِ مُحاذياً لأوّلِ بدنه
حَذَراً مِن الزيادة والنقيصة المُبْطِلتَينِ ولو بخُطْوة; حتّى لو لم
يَحْصُلِ العددُ أو شَكَّ ـ في النقيصة مطلقاً وفي الزيادة قبلَ بُلوغِ
الركنِ ـ بَطَلَ، ولو بَلَغَه قَطَعَ وصَحَّ طَوافُه. ولو شَكَّ بعدَ
الفَراغِ لم يَلْتَفِتْ مطلقاً. ولو كان الطوافُ نَفْلا بَنى على
الأقلِّ.

وسُنَنُه:
المبادَرَةُ إليه حينَ يَدْخُلُ المسجدَ; لأنّه تَحيّتُه إلاّ أنْ
يَخافَ فَوْتَ الجماعةِ فيُقَدِّمها; وتقبيلُ الحجَر واسْتِلامُه ببطنه وما
أمْكَنَ مِن بدنه في ابتداء الطواف وفي كُلِّ شوط، فإنْ تَعَذَّرَ فبِيده،
فإنْ تَعَذَّرَ أوْمَأ إليه كما مَرَّ; واستلامُ الأركانِ كلِّها وتقبيلُها
خصوصاً العراقيَ واليمانَي، بل قيل بوجوب استلام اليماني>52;
والاقتصادُ في المشي; والتَداني مِن البيِت وإنْ قلَّتِ الخِطاءُ; والتزامُ
المُسْتَجارِ في الشوط السابع، وهو مقابِلُ الباب قريباً مِن الركن اليماني;
وبَسْطُ اليدينِ على حائطة; وإلصاقُ البطنِ والخَدَّيْنِ به; وتَعدادُ
الذُنوبِ مُفَصَّلةً والاستغفارُ منها; والدعاءُ عنده بقوله : «اللهُمّ
البيتُ بيتُك والعبدُ عبدُك، وهذا مكانُ العائِذ بك مِن النار»>53.

ومتى الْتَزَمَ أو اسْتَلَمَ
حَفِظَ موضعَ قيامه وعادَ إلى طوافه منه حَذَراً مِن التقدُّم والتأخُّر;
وأنْ يقولَ في حال الطواف:

اللهُمَّ إنَّي أسْألُك
بِاسمكَ الذي يُمْشى به على طَلَلِ الماء كما يُمْشى به على جُدَدِ الأرضِ،
وأسألُكَ باسمكَ الذي يَهْتَزُّ له عرشُكَ، وأسألُكَ باسمكَ الذي تَهْتَزُّ
له أقدامُ ملائكتك، وأسألُكَ باسمكَ الذي دعاكَ به موسى بنُ عِمران، مِن جانب
الطورِ فَاسْتَجَبْتَ له وألْقَيْتَ عليه مَحَبَّةً منك، وأسألُكَ باسمك الذي
غَفْرتَ به لمحمَّد (صلى الله عليه وآله وسلم) ما تَقَدَّمَ مِنْ ذنبه وما تَأخَّر، وأتْمَمْتَ عليهِ
نِعْمتَك>54
أنْ تَفْعَلَ بي كذا وكذا ـ ويقول أيضاً: ـ اللهُمَّ إنِّي إليك فقير، وإنِّي خائفٌ مُسْتَجِيرٌ،
فلا تُبَدِّلْ اسمي ولا تُغَيِّرْ جسمي>55.

فإذا فَرَغَ مِن الطواف أتى
مقامَ أبراهيمَ (عليه السلام) فصلّى ركعتيه خلفَه أو عن أحدِ جانبيه،
ونيّتهما: «أُصلِّي ركعتي طوافِ عمرةِ الإسلام عمرةِ التمتُّع أداء
لوجوبه>56قربةً
إلى الله» وهي كاليومية في الشرائط والأفعال. ويَتَخَيَّرُ فيها بين الجهر
والإخفات. ويُسْتَحَبُّ أنْ يَقْرأ في الركعة الأُولى بعدَ الحمدِ التوحيدَ
وفي الثانيةِ الجحدَ أو بالعكس. ويَدْعو بعدَهما بالمأثور أو بما
سَنَحَ.

الثالث:
السعُي، وهي الحركاتُ المعهودةُ بينَ الصفا والمَروة للقربة، وله
مقدِّماتٌ مَسْنونةٌ وفروضٌ وسُنَنٌ مقارِنَةٌ:

فمقدِّماته:
التعجيلُ إليه عقيبَ صلاة الطواف والطهارة مِن الحَدَثِ والخَبَث على أشهر
القولين>57،
واستلامُ الحَجَرِ، والشربُ مِنْ زَمْزَمَ وَصبُّ الماء عليه مِن الدَلْو
المقابلِ للحَجَر وإلاّ فمِنْ غيره، والأفضلُ استقاؤه بنفسه قائلا عند الشرب:
«اللهُمَّ اجْعَلْه عِلْماً نافعاً ورِزقاً واسعاً
وشفاءً مِن كلِّ داء وسُقْم»>58،
والخروج إلى الصفا مِن الباب المقابِل للحَجَرِ، وهو الآن في داخل المسجد
بإزاء الباب المعروف بباب الصفا مُعَلَّمٌ بأُسْطُوانتين معروفتين،
فليَخْرُجْ مِن بينهما إلى الباب، والصعودُ على الصفا بحيث يرى البيتَ مِن
بابه، واستقبالُ الرُكْنِ العِراقي، وإطالةُ الوقوفِ عليه، وقِراءةُ سورة
البقرة، وحمدُ الله وتكبيرُه وتسبيحُه وتهليلُه والصلاةُ على النبي وآله (صلى
الله عليه وآله وسلم) مائة مائة، وأقلُّه التكبيرُ والتهليلُ سَبْعاً
سَبْعاً، ثمّ يقولُ:

لا إلهَ إلاّ اللهُ وحدَه
لا شريكَ له، له المُلكُ وله الحمدُ، يُحْيي ويُمِيتُ وهو حيٌ لا يَموتُ،
بيده الخَيرُ وهو على كُلِّ شيء قدير>59.
ـ ويقول: ـ لا إلهَ إلاّ اللهُ
وحدَه وحدَه، أنْجَزَ وعدَه، ونَصَرَ عبدَه، وهَزَمَ الأحزابَ وحدَه، فله
الملكُ، وله الحمدُ وحده. اللهُمَّ بارِكْ لي في الموت وفيما بعدَ الموت.
اللهُمَّ إنِّي أعوذُ بك مِنْ ظلمةِ القبر ووحشَتِه. اللهُمَّ أظلَّنِي تحتَ
عرشِك يومَ لا ظِلَّ إلاّ ظِلُّك - ويقول - أسْتَودِعُ اللهَ الرحْمنَ
الرحيمَ، الذي لا يُضيع وَدائِعَه، وديني ونَفَسي وأهلي>60.

وفروضه: النيَّةُ: «أسْعى سبعةَ أشواط لعُمْرَة
الإسلام عمرةِ التمتُّع لوجوبه قربةً إلى الله» مقارِنةً للصفا بأنْ يُلِصقَ
عَقِبه به أو يَصْعَدَ عليه، والحركةُ بعدَها في الطريق المعهودبوجهه
مستدامةَ الحكم إلى آخره، ويَخْتِمُ بالمروة ولو بأصابع قدميهِ إنْ لم
يَدْخُلْ، فإذا عاد ألْصَقَ عَقَبَه بها وأصابِعَه بالصفا آخِراً إنْ لم
يَصْعَدْ كذلك،
وإتمامُ السبعةِ، مِنَ الصفاإليه شوطانِ، من غير زيادة ولانُقصان، فلو زادَ عمداً بَطَلَ
وناسياً يَقْطَعُ. ولو نَقَصَ عادَ للإكمال وجوباً. ويَستَنِيبُ مع التعذُّر،
ولا يَتَحَلَّلُ بدونه، وإيقاعُه يومَ الطواف، فإنْ أخَّرَه أثِمَ
وأجْزَأ، والأحوطُ موالاتُه كالطوافِ.

وسُنَنُه:
السَعْيُ ماشياً مع القدرة والسَكينة والوَقار، وأنْ لا يَقْطَعَه لغير
ضرورة، والهَرْوَلَةُ للرجل بينَ المَنارة وزُقاقِ العطّارين، ولو نَسِيَها
رَجَعَ القَهْقَرى وتَدارَكَها ما لم يَشْرَعْ في الشوط الثاني، والراكِبُ
يُحَرِّكُ دابَّتَه ما لم يُؤذِ أحَداً، وأنْ يقولَ:

بِسم الله والله أكبرُ، وصلّى
الله على محمَّد وآله، اللهُمَّ اغْفِرْ وَارْحَمْ، وتجاوَزْ عمّا تَعْلَم،
إنّك أنتَ الأعزُّ الأكْرَمُ>61.

الرابع:
التقصير، وهو إبانةُ مُسَمَّى الشَعرِ أو الظُفُرِ، وبه يُحِلُّ مِن إحرام
العمرة المُتَمتَّعِ بها. أمّا المُفْردَةُ فلا يَتِمُّ الإحلالُ منها إلاّ
بطوافِ النساء بعدَه وصلاةِ ركعتيهِ.

وفروضه:
النيَّةُ مقارِنَةً للفعل: «أُقصِّرُ للإحلال مِن إحرام العمرة المتمتَّعِ
بها إلى حَجّ الإسلام حجِّ التمتّع لوجوبه قربةً إلى الله» مستدامةَ الحكم
إلى آخره، ولا يَتَعَيَّنُ له آلةٌ مخصوصةٌ، فيُجْزِئُ الحديدُ والنُورةُ
والنَتْفُ والقَرْضُ بالسِنِّ وغيرُها، ولا فرقَ بينَ شَعْرِ الرأسِ وغيرِه،
ولا يُجْزِئُ الحَلْقُ هنا، نَعَمْ يُجْزِئُ في المفرَدة، ومكانُه
مكَّةُ.

ويُسْتَحَبُّ كونُه على
المروة، والبدأةُ بالناصيةِ، والأخذُ مِن جميعِ جوانبِ شَعْره على المُشْطِ،
وتقليمُ الأظافر مع أخْذِ الشَعْر، والتَشَبُّهُ بالُمحْرِمين بعدَه في ترك
لُبْسِ الَمخِيط إلى أنْ يَتَلَبَّسَ بالحجّ، وكذا لأهلِ مكَّةَ طُول
المُوْسِمِ.

/ 7