6 - هل ولدت لأبناء جعفر: - ظلامة أم کلثوم نسخه متنی

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

ظلامة أم کلثوم - نسخه متنی

السید جعفر مرتضی العاملی

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
لیست موضوعات
توضیحات
افزودن یادداشت جدید





الكبرى، ثم تزوج أم كلثوم بعد وفاة أخيه عون(41).


أم تزوجها بعد عمر محمد بن جعفر، ثم عون ثم عبد الله(42).


أم تزوجها عمر، ثم عون، ثم محمد، ثم عبدالله، بعد موت أختها زينب بنت علي بن أبي طالب سلام الله عليهم فماتت عنده(43).


وهل ماتت عند عبد الله؟ أو أنه مات عندها؟!(44).


وعند ابن اسحاق: تزوجها بعد عمر عون بن جعفر فما نشب أن هلك، فتزوجها محمد بن جعفر، فمات ولم يصب منها(45) أي لم يصب منها ولداً، كما يبدو.


6 - هل ولدت لأبناء جعفر:


ومن هذه التناقضات أن الروايات تارة تقول: إنها ولدت لعمر ولبعض

أبناء جعفر ذكوراً وإناثاً. فولدت لمحمد بن جعفر جارية يقال لها بثنة (نبتة) نعشت(46) من مكة إلى المدينة على سرير، فلما قدمت المدينة توفيت(47).


وأخرى تقول: لم تلد لأحد شيئاً(48).


إلى غير ذلك من موارد تظهر بالتتبع والمقارنة.


ومن الواضح: أن هذا التناقض يشير إلى وجود تعمد للكذب في خصوصيات الروايات، إما من أجل دفع شبهة، أو لأي غرض آخر..


وإن كان أصل الزواج لا يمكن تكذيبه استناداً إلى مجرد وجود هذه التناقضات.. حسبما ألمحنا إليه فيما تقدم.





الفصل الثالث


وقفات..


مع بعض الأقاويل السابقة




وقفات يسيرة:


إن التأمل في ما ذكرناه آنفاً يثير أمام الباحث أكثر من سؤال حول كثير مما تضمنته تلك الروايات المختلفة.


وبما أن استقصاء الحديث في ذلك ليس هو محط نظرنا في هذا البحث، لأنه سوف يدخلنا في مجالات لا نرى ضرورة للدخول فيها، فقد آثرنا على الإشارة إلى نقاط يسيرة، لها مساس مباشر بما نحن بصدده، فنقول:


زواجها بابني عمها:


قد ذكرت بعض الروايات التي أشرنا إليها في الفصل السابق: أن عون بن جعفر قد تزوج أم كلثوم بعد موت عمر(49). ثم مات عنها، فتزوجها أخوه محمد من بعده.



مع أن زواج أم كلثوم بعمر قد كان في سنة 17 للهجرة(50) ودخل بها في ذي القعدة كما يزعم الطبري وابن الأثير. وقد استشهد عون بن جعفر وأخوه محمد سنة 17 للهجرة أيضاً(51). وإنما توفي عمر في سنة 23.


فمتى تزوج بها عون، ثم أخوه محمد، ثم ولدت له "بثنة"، ثم قتلا في سنة 17 هـ. مع أن زوجها الأول، وهو عمر قد توفي بعد ست سنوات من هذا التاريخ؟!


ومن جهة أخرى فقد زعم المسعودي: أن محمداً ـ زوجها الثالث ـ قد قتل بصفين حيث "التقى وعبيد الله بن عمر بن الخطاب، فقتل كل واحد منهما صاحبه. وإلى هذا ذهب نساب آل أبي طالب، وإن كانت ربيعة تنكر ذلك، وتذكر: أن بكر بن وائل قتلت عبيد الله بن عمر"(52).


وقال أحمد بن علي الداودي الحسني حول أولاد جعفر: "أما محمد الأكبر، فقتل مع عمه أمير المؤمنين علي(عليه السلام) بصفين. وأما عون ومحمد

الأصغر فقتلا مع ابن عمهما الحسين (عليه السلام) يوم الطف(53). فإذا كان محمد قد قتل ـ كما يقوله هؤلاء ـ في صفين، وبقي عون إلى أن قتل مع الإمام الحسين (عليه السلام).. فكيف تكون أم كلثوم قد تزوجت بمحمد بن جعفر بعد عون بن جعفر؟!. والمفروض أن محمداً قد قتل قبله بأكثر من عشرين سنة.!!


ثم إنه إن كان محمد قد قتل في صفين، فكيف يقولون: إنه قد بقي إلى أن قتل مع ابن عمه الحسين (عليه السلام) في كربلا؟


لماذا هذا المهر ومن أين؟!


قد ذكرت الروايات: أن عمر قد أمهر أم كلثوم أربعين ألف دينار، أو درهم، أو أربعين ألفاً من غير تحديد، أو أربعة آلاف درهم.. أو عشرة آلاف دينار.


والسؤال هو:


لماذا يعطي عمر لأم كلثوم هذا المهر الكثير؟!.. مع ما نعلمه من قلة الأموال آنئذ، وأن الدراهم القليلة منها كانت تكفي للشيء الكثير..


وقد زعموا: أن عمر بن الخطاب قد اعتذر عن إعطاء هذا المهر الكبير (أربعين ألف دينار)، أو درهم. بقوله: "والله، ما فيّ رغبة إلى النساء، ولكني سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقول: كل سبب ونسب ينقطع يوم القيامة إلا سببي ونسبي، فأردت تأكيد النسب بيني وبينه (عليه السلام)، فأردت أن أتزوج ابنته كما

تزوج ابنتي، واعطيت هذا المال العريض إكراما لمصاهرتي إياه (عليه السلام)(54).


ونقول:


إن إعطاء هذا المهر الكثير. حتى أربعة آلاف درهم، فضلا عن الأربعين ألفا،ً أو العشرة آلاف دينار، لا يتلاءم مع إعلان عمر عن استيائه الشديد، والإعلان بالتهديد والوعيد لمن زاد في مهور النساء أكثر من أربعين (أوقية)(55).


ثم تهديده بأن يجعل الزائد عن ذلك في بيت المال.. حتى اعترضت عليه إحدى النساء بمخالفة موقفه هذا لنص الآية الشريفة: {وَآتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ قِنْطَاراً فَلاَ تَأْخُذُوا مِنْهُ شَيْئاً أَتَأْخُذُونَهُ بُهْتَاناً وَإِثْماً مُبِيناً} وقد اعترف لها وهو على المنبر بأن كل الناس أفقه من عمر حتى ربات الحجال في خدورهن.. أو امرأة أصابت ورجل أخطأ(56). أو نحو ذلك.



ويتأكد هذا الاستغراب إذا صح ما ذكره البعض من أنه قد كان بين زواج عمر بأم كلثوم، وإعطائها هذا المهر الكبير، وبين إعلانه الآنف الذكر، يومان أو ثلاثة فقط(57).


وهذه الملاحظة وإن كانت لا ترقى إلى حد إسقاط أصل قضية الزواج، ولكنها على أي حال تبقى مجالاً للحيرة في أهداف هذا التصرف، وسبب هذا الانتقال من حالة الرفض الشديد لزيادة المهور إلى المبادرة إلى إعطاء أرقام خيالية، لا تتناسب مع مداخيل عمر ـ الذي لم يكن يملك من الأموال شيئاً يذكر، بل كان يرتزق من بيت المال.. وكان يعلن بالزهد والتقشف، ويتظاهر بذلك بصورة لافتة ومستمرة..


وحتى لو أراد إكرام رسول الله (صلى الله عليه وآله) بهذا المهر الكثير، فإن السؤال يبقى يلح عليه بالإجابة:


من أين جاءته هذه الأموال يا ترى؟!!


ولماذا هذا السخاء النادر الذي لا يتناسب مع الواقع الاجتماعي والاقتصادي للناس.. ولعمر بصورة خاصة؟!


وإذا كان يمهر زوجته هذه المبالغ الهائلة: عشرة آلاف دينار، أو أربعين ألفا،ً فكم يكون حجم ثروته ككل؟!



زواجها بعبد الله بن جعفر:


قد تقدم أن بعض الروايات تقول: إن أم كلثوم قد تزوجت بعد عمر وبعد عون ومحمد بن جعفر بعبد الله بن جعفر أيضاً. وماتت عنده، وفي عدد من المصادر قال: إن ذلك كان بعد وفاة زينب العقيلة.


وذكرت الروايات أيضاً: أن علياً (عليه السلام) هو الذي زوجها بعون، وبمحمد، وبعبد الله أيضاً.


ونقول:


أولاً: إن زينب قد حضرت كربلاء، وتوفيت كما يقال في الخامس عشر من شهر رجب سنة 62 هـ.(58) أو سنة 65 للهجرة فراجع(59) أو في سنة أربع وسبعين وعمرها 67 سنة(60).


مع أن أم كلثوم قد حضرت كربلاء، وتوفيت في الشام، أو في المدينة(61)، بعد رجوعها من العراق بأربعة أشهر. وخطبتها في الكوفة وهي

بعد في السبي، معروفة ومشهورة(62).


ونقل عن العدوي أنه يقول: إن التي تزوجها عمر هي زينب الوسطى المدفونة بالشام، لكنه نقل غير دقيق(63).


ثانياً: لو لم نأخذ بما دل على حضورها في كربلاء. فإن هذه الرواية لا يمكن أن تصح أيضاً، إذ قد تقدم: أن ثمة روايات تقول: إن ابن عمر قد صلى عليها ومعه الحسن والحسين (عليهما السلام) وأبو هريرة وغيرهم.


وقد ذكروا: أن وفاتها كانت قبل السنة الرابعة والخمسين من الهجرة(64).


فكيف تتزوج بعبد الله بن جعفر بعد وفاة أختها زينب التي حضرت كربلاء؟ وتوفيت بعد استشهاد الإمام الحسن (عليه السلام) بأكثر من اثنتي عشرة سنة؟!


ثالثاً: إن علياً أمير المؤمنين (عليه السلام)، قد استشهد سنة أربعين للهجرة، فكيف يكون قد زوجها بعبد الله بن جعفر بعد وفاة أختها زينب التي حضرت كربلاء، وتوفيت بعدها؟!. وكربلاء إنما كانت سنة ستين للهجرة كما هو معلوم(65).



وأما دعوى حسن قاسم بأن عبد الله بن جعفر قد طلق زينب العقيلة، ثم تزوج بأم كلثوم، فهي غريبة. فإننا لم نجد شاهداً لها من حديث أو تاريخ، ويكذبها قولهم إنها جاءت مع زوجها عبد الله بن جعفر إلى الشام حيث توفيت هناك. ولعل سبب هذه الدعوى الحدس والاحتمال الناشئ عن الرغبة في حل التناقضات بين النصوص.


صلاة ابن عمر أو سعيد بن العاص:


وبذلك يتضح عدم صحة ما جاء في الروايات حول صلاة ابن عمر عليها وعلى ولدها..


كما لا يصح زعمهم: أن سعيد بن العاص الذي كان واليا على المدينة من قبل معاوية قد صلى عليها.


إذ لا شك في حضورها في كربلاء كما قلنا.. وذلك يتناقض مع هذا الزعم وذاك على حد سواء.




الفصل الرابع


استدلالات غير مقنعة




هذا الزواج لم يكن معروفاً:


وقد ذكر محمد بن عبد الملك الهمذاني في حوادث سنة ست وخمسين وثلاث مئة، أن معز الدولة عمران بن شاهين سأل أبا عبد الله البصري عن عمر بن الخطاب وعن الصحابة، فذكر أبو عبد الله سابقتهم، وأن علياً (عليه السلام) زوج عمر ابنته أم كلثوم رضي الله عنهم، فاستعظم ذلك، وقال: ما سمعت هذا قط(66).


فإن عدم سماعه بهذا الأمر لهو من الأمور التي تثير العجب والحيرة حقاً، ولعل السبب في ذلك يرجع إلى أن معرفة الناس بأن هذا الزواج قد تم على سبيل الإكراه والإجبار، قد أسقط من أيدي أتباع الخلفاء حجة كان يسعدهم الاحتفاظ بها، فلم يعد يهمهم تناقل هذا الأمر في محافلهم، أو إثباته في مجاميعهم الحديثية والتاريخية وغيرها.


كما أن محبي علي (عليه السلام) لم يجدوا في تداول هذا الأمر، وإشاعته بين الناس فائدة أو عائدة، فكان الإهمال من الفريقين نصيب هذه القضية إلى

هذا الحد المثير..


السيد المقرم ينكر هذا الزواج:


وإذا أردنا أن ننظر في آراء العلماء في هذا الزواج، فإننا نجدهم بين مؤيد ومفند.


فالبعض كالسيد عبد الرزاق المقرّم قد أنكر هذا الزواج على أساس أنه لم يكن لأمير المؤمنين (عليه السلام) بنات سوى الحوراء زينب. ولا يمكن إثبات غيرها تاريخياً،(67) خصوصاً إذا علمنا: أنهم يطلقون على زينب العقيلة أنها أم كلثوم أيضاً(68).


غير أننا نقول:


إن قوله هذا لا يمكن قبوله، فإن النصوص الصحيحة الواردة عن أئمة أهل البيت (عليهم السلام) إلى جانبها غيرها، وهو كثير جداً تؤكد وجود أم كلثوم هذه. ولا نرى ضرورة لإيراد الشواهد على ذلك.


ومجرد إطلاق كنية أم كلثوم على زينب لا يكفي شاهداً على ذلك، فإن من الممكن أن تكنى زينب بأم كلثوم، مع وجود بنت أخرى بهذا الاسم أيضاً..


كما أن تعدد المسمِّين باسم واحد، في أبناء الشخص الواحد كثير.



رأي المفيد (رحمه الله):


أما الشيخ المفيد فإنه اعتبر الخبر الوارد حول زواج أم كلثوم بعمر ضعيفاً.


أولاً: لأنه مروي عن الزبير بن بكار، وهو قد كان متهماً، خصوصاً فيما ينقله عن علي (عليه السلام) وبني هاشم.


ثانياً: لأجل تناقض رواياته واختلافها، كما سيأتي.


ونقول:


1 ـ إن ضعف الزبير بن بكار في ما ينقله لا يعني كذب كل رواية يرويها..


2 ـ إن الرواية مروية عن غير الزبير بن بكار عند العامة.. ثم هي مروية بطرق صحيحة ومعتبرة عند الخاصة أيضاً كما سيأتي.


3 ـ إن الإختلاف والتناقض لا يدل على بطلان جميع الروايات، بل يدل على بطلان الروايات، ما عدا رواية واحدة، حيث تبقى مشكوكة، وإن لم تكن متعينة ومحددة لنا. فيحتاج إثبات بطلان الجميع إلى دليل آخر..


أدلة الهندي مجرد استبعادات:


كما أن البعض الآخر كصاحب كتاب إفحام الأعداء والخصوم قد أورد في الجزء الأول المطبوع من كتابه هذا، إستبعادات غاية ما تفيده هو عدم إقدام علي (عليه السلام) على تزويج ابنته من عمر برضى منه واختيار.. ولكنها لا تنفي حدوث الإجبار والإكراه على هذا الزواج.



ولولا خوف الإطالة لأوردنا كلامه بكامله، وأرشدنا بالتفصيل إلى تصديق هذا الذي قلناه. ولكنا نكتفي بهذه الإشارة، ونحيل القارئ الكريم على الكتاب ليراجعه بنفسه إن شاء. فنقول:


أدلة السيد الهندي:


إن ما استدل به السيد ناصر حسين الموسوي الهندي يتلخص في ضمن النقاط التالية:


1 ـ إن الرسول قد رد أبا بكر وعمر حينما خطبا فاطمة، فعلي(عليه السلام)، لا بد أن يقتدي بالرسول (صلى الله عليه وآله)، ولا يزوج أياً منهما ابنته.


2 ـ إن عمر ليس كفؤاً لأم كلثوم، والكفاءة شرط في النكاح.


3 ـ إن نسب عمر يمنع من إقدام علي (عليه السلام) على تزويجه ابنته.


4 ـ إن الفارق في السن كان كبيراً بين عمر وبين أم كلثوم، وقد نهى عمر عن نكاح الرجل إلا ما يوافقه، وشبيهه ونظيره، ولو كان هو قد خالف هذا الأمر، لكان مصداقاً لقوله تعالى: {أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنْسَوْنَ أَنْفُسَكُمْ}.


5 ـ إن هذا الزواج يستلزم الجمع بين بنت ولي الله تعالى، وبنات أعداء الله. وقد روى أهل السنة: أنه لا يجوز هذا الجمع.


6 ـ قد كان عمر معادياً للسيدة الزهراء(عليها السلام)، وقد ظهر منه تجاهها ما هو معلوم فكيف يرضى علي (عليه السلام) بتزويجه بابنتها؟(69).




ونقول:


قد أشرنا إلى أن جميع هذه الوجوه إنما تدل على أن علياً (عليه السلام) لا يقدم على تزويجه مختاراً مؤثراً لذلك. وتدل على أن حدوث هذا الزواج معناه أن يقدم عمر على مخالفة أوامر الله تعالى:


ولا تدل على عدم وقوع هذا التزويج بالجبر والإكراه، وتعمد ارتكاب المعصية في هذا السبيل ـ كما دلت روايات التزويج ـ وذلك ظاهر..


لو كان في عمر حركة للنساء:


وقد حاول بعضهم أن يستدل على نفي هذا الزواج بأنهم يروون: أن عمر قد قال لولده في أمر جارية أعجبته: "لو كان في أبيكم حركة إلى النساء لم يسبقه أحد إليها.."
.. غير أننا نقول: إن العجز عن النساء لا يعدو كونه أمراً طارئاً على هذا الرجل، إذ أنه كان قبل ذلك قد تعرض للنساء، وولد له منهن أولاد كثيرون.. ولذلك يرد سؤال:


متى حصل هذا العجز؟!.


هل حصل، قبل الزواج بأم كلثوم؟! أو بعد الزواج بهاوهل هو عجز مستمر؟ أو أنه كان عجزاً طارئاً في تلك الساعات لمرض أو لغيره؟! فإن ذلك لا تظهره تلك الرواية المشار إليها..


فإذا صحت روايات الزواج كانت دليلاً على أن هذا النص يتحدث عن وقت متأخر عنه ولو بساعة على الأقل..



لا تاريخ لزيد بن عمر:


وقد حاول بعضهم أن يستدل على عدم صحة روايات التزويج، أو خصوص تلك الروايات التي تتحدث عن زيد بن عمر بأنه لم يجد لزيد بن عمر أي ذكر في التاريخ، مع أن الأجواء تقتضي أن يكون موضع اهتمام الرواة والساسة وغيرهم، لأنه ثـمـرة زواج فـريـد، فإن أبـاه كـان أشد الناس على فاطمة، وعلي (عليهما السلام).


وأم كلثوم هي بنت علي (عليه السلام) من جهة، وبنت فاطمة (عليها السلام) من جهة ثانية، فعدم وجود تاريخ له دليل على أنه شخصية وهمية.


ونقول:


1 ـ ليس بالضرورة أن يكون لكل إنسان دور مميز ولافت، فإن الدور تابع لطبيعة ميزات ومواصفات الشخص، وحالاته، واهتماماته.


2 ـ إن هذا الكلام ـ لو صح ـ فإنما يأتي في خصوص الروايات التي أثبتت وجود زيد، وأنه قد عاش حتى صار رجلاً. وتبقى سائر الروايات التي تجاهلت هذا الأمر، أو صرحت بأنه تزوجها ولم يدخل بها، ومات عنها قبل بلوغها.. بحاجة إلى جواب.


3 ـ إن إنكار وجود تاريخ لزيد ليس دقيقاً، إذ أن في التاريخ بعض الأمور التي تشير إلى نشاط له من نوع ما، ويظهر ذلك بالمراجعة..


4 ـ وحتى لو لم يذكر التاريخ لنا عن زيد بن عمر شيئاً ذا بال، فذلك لا يعني أنه شخصية هامشية أو وهمية، فهناك كثيرون لم يستطع التاريخ أن يحدث عنهم بشيء.. وهم شخصيات حقيقية، لا وهمية.


فإن تجاهل التاريخ لبعض الشخصيات له أسبابه السياسية والمذهبية، وغيرها.



حديث الزواج بجنية:


ثم إن ثمة رواية تقول: إن هناك جنية يهودية من أهل نجران قد تشبهت له بصورة أم كلثوم، وذلك بأمر من أمير المؤمنين (عليه السلام)(70).


وضعف سند هذه الرواية لا يوجب الحكم القاطع ببطلانها.. فإن من الممكن عقلاً حدوث أمور من هذا القبيل.


بل لقد وقعت بعض الأمور التي تثبت تعاطي الأنبياء وغير الأنبياء مع الجن فعلاً في العديد من الموارد، كما دلت عليه الروايات الكثيرة(71).


إشكالات غير صالحة:


وقد يقال: إن الأخبار التي تحدثت عن أن علياً (عليه السلام) قد زوج ابنته لعمر، وقولهم (عليهم السلام): "ذلك فرج غصبناه" ينافي خبر تشبه الجنية لعمر بأم كلثوم..


ويجاب عن ذلك، بأن هذه المنافاة غير ظاهرة، لأنهم (عليهم السلام) كانوا يحترزون عن إظهار مثل هذه الأمور حتى لأكثر الشيعة لئلا يقعوا في الغلو، أو حتى لا يدخل عليهم الشك والشبهة.


وأما الشك في هذا الأمر بسبب استبعاد وقوع شبه أم كلثوم على الجنية، فهو في غير محله، فإن وقوع شبه هذا على ذاك، قد وقع نظيره أيضاً، فقد وقع شبه عيسى بن مريم على نبينا وآله وعليه السلام، على

يهوذا.. فصلب وقتل..


ويتأكد ذلك إذا كان الإمام (عليه السلام) هو الذي يطلب ذلك..


وقد كان للإمام علي (عليه السلام) سلطة على الجن، كما صرحت به الروايات. كما كان لسليمان (عليه السلام) سلطة عليهم أيضاً..


ثم إن ثمة إشكالات أخرى أوردوها على هذه الرواية وهي لا تصلح للإشكال كما لا يخفى على من دقق النظر. بل إنها لا تصلح حتى لاستبعاد صحة الرواية فضلاً عن أن توجب ردها، أو إسقاطها، وذلك كقولهم:


إن الجنية لم تكن بارعة في عملها حتى استراب بها عمر.


وكقولهم: إن رواية الجنية تعارض رواية ابن أعثم التي تقول: إن أم كلثوم اشتكت من حرمانها ميراث أمها فاطمة وميراث زوجها عمر...


وكقولهم: إن الجنية حجبت أم كلثوم عن الأبصار، وأن أمير المؤمنين هو الذي أظهرها بعد مقتل عمر..


وقولهم: إن عمر إنما هدد العباس بانتزاع السقاية، ولم يهدد علياً.


وقولهم: إن صدر الرواية المصرح بأن علياً يستطيع أن ينقذ ابنته، يتناقض مع ذيلها الذي يقول: إنه استعان بالجنية.


ثم قولهم أيضاً: إن هذه الرواية.. أشبه بالخيالات.


فإن جميع هذه الإشكالات لا تصلح لرد الرواية، واعتبارها خرافة:


إذ لا مانع من أن تحجب الجنية إنساناً عن الأبصار، ثم يأتي أمير المؤمنين ? ويرفع هذا الحجاب.


كما أن تهديد عمر للعباس يثقل على علي (عليه السلام)، ويضطره إلى أمر لا يفعله لولا حدوث هذا الأمر المزعج له.



على أن التهديد قد تجاوز عقيلاً إلى علي نفسه، كما أثبتته روايات أخرى، يمكن ضمها أيضاً إلى هذه الرواية، لعدم المانع من ذلك.


وبالنسبة للتصريح بأن علياً يستطيع أن ينقذ ابنته نقول: إن ذلك لا يمنع من اختياره لهذه الطريقة لينقذها بها.


كما أن تعارض هذه الرواية مع رواية أخرى لا يجعلها في عداد الخرافة والخيال..


فلم يبق مما يصلح للإشكال به على هذه الرواية سوى: أنها رواية ضعيفة السند، لا يمكن تأكيد صحتها.


تأويلات غير ظاهرة:


وقد نجد محاولات للتخلص من دلالة بعض الروايات، وتأكيد الالتزام بعدم وقوع هذا الزواج، في اللجوء إلى تأويلات بعيدة لا مجال لقبولها، فأولاً:


قد زعم بعضهم أن حديث (ذلك فرج غصبناه) لا يدل على حصول الزواج بالفعل، إذ لعله وارد على سبيل التقدير والفرض، أو على سبيل المجاراة لمن يدّعي ذلك(72). أي إن كان الأمر كما تقولون، فهو إنما كان على سبيل القهر والإكراه والغصب.


لكننا نقول:


إن ذلك خلاف الظاهر، ولا دليل عليه، فلا مجال للإلتزام به إلا إذا

ثبت بدليل آخر ما ينافي ويدفع ويبطل حديث "ذلك فرج غصبناه"، فلا بد في هذه الحالة من التماس التأويل له، أو طرحه، ورد علمه إلى أهله.


ثانياً:


قد ادعى بعضهم: أن هذه الروايات - روايات الشيعة - حول أن علياً جاء بأم كلثوم بعد موت عمر لتمضي أيام عدتها في بيته ـ هي الأخرى ـ لا تدل على وقوع الزواج، إذ أن المراد إثبات الحكم على سبيل الإلزام للطرف الآخر بما يلزم به نفسه، حيث يوجبون أن تعتد المرأة المتوفى عنها زوجها في نفس بيت الزوجية(73)، فرد عليهم الإمام بأنهم هم يروون: أن عليا حين توفي عمر أخذ بيد ابنته أم كلثوم، وذهب بها إلى بيته..


ونقول:


1 ـ لم يظهر من الرواية أن الذي سأل الإمام (عليه السلام) كان ناظراً إلى إبطال قول هذا المخالف أو ذاك، بل هو يتحدث عن حكم الواقعة في نفسها بغض النظر عن أي شيء آخر.


2 ـ ليس في كلام الإمام (عليه السلام) ما يشير إلى أنه في مقام الرد على أحد، بل هو قد أورد الكلام على سبيل الإخبار عن واقعة حصلت، يريد (عليه السلام) أن يعلم القارئ بها، فلا معنى للتحدث عن أمور ليس في النص ما يدل عليها، أو يشير إلى ما يبررها..




الفصل الخامس


مؤاخذات قوية




روايات لئيمة وحاقدة:


وبعد، فإنه لا مجال لقبول الروايات الواردة في كتب أهل السنة، التي تتحدث عن أن علياً (عليه السلام) قد أمر بابنته فزيّنت (أو فصنعت) ثم أرسلها إلى عمر ليتفحصها، وقد أمسك هذا الثاني بذراعها، أو بساقها..(74) أو أنه قد قبّلها، أو ضمها إليه. أو نحو ذلك.


وفي بعض رواياتهم أنها جبهته بقسوة من أجل ذلك، وقالت له:


"تفعل هذا؟ لولا أنك أمير المؤمنين لكسرت أنفك.


ثم خرجت حتى أتت أباها فأخبرته الخبر، وقالت:


بعثتني إلى شيخ سوء".



فقال: يا بنية إنه زوجك. ثم زوجه إياها.(75).


فإنها روايات مكذوبة بلا ريب، وقد قال عنها سبط ابن الجوزي: "قلت: هذا قبيح. والله، لو كانت أمة لما فعل بها هذا. ثم بإجماع المسلمين، لا يجوز لمس الأجنبية، فكيف ينسب إلى عمر هذا"(76).


نعم.. إن الناس يأنفون عن نسبة مثل هذا السقوط إليهم، فكيف نسبوا ذلك إلى خليفتهم، الذي يدّعون له العدالة والإستقامة، والقيام بمهام النبي الأكرم (صلى الله عليه وآله)؟!


ويكفي قبحاً في ذلك أن نجد واضع الرواية قد ذكر أن تلك البنت الصغيرة السن قد رفضت تصرفه هذا، وأنكرته، وهددته بكسر أنفه، واعتبرته شيخ سوء.


ولعل هناك من لا يرى مانعاً من صدور هذا الأمر من عمر، استناداً إلى ما ورد في بعض النصوص من: أنه قد فعل ذلك أمام الناس، ثم قال لهم: " إني خطبتها من أبيها، فزوّجنيها".



أو استنادا إلى أن عمر لم يكن ممن يسعى إلى كبح جماح شهوته، وهو القائل: ما بقي فيّ شيء من أمر الجاهلية إلا أني لست أبالي أي الناس نكحت وأيهم أنكحت(77).


وإلى أنه قد حدثنا هو نفسه أنه كان إذا أراد الحاجة تقول له زوجته، ما تذهب إلا إلى فتيات بني فلان تنظر إليهن(78).


وله قصة معروفة مع عاتكة بنت زيد التي كانت تحت عبد الله بن أبي بكر، فمات عنها، واشترط عليها أن لا تتزوج بعده فتبتلت، ورفضت الزواج حتى من عمر فطلب عمر من وليها أن يزوجه إياها، فزوجه إياها، فدخل عمر عليها فعاركها حتى غلبها على نفسها فنكحها، فلما فرغ قال: أف. أف. أف.


ثم خرج من عندها وتركها الخ(79).


فإننا بدورنا نقول: إن ذلك لا يصلح لتبرير إرسال أبيها إياها إليه على هذا النحو.. فإن المفروض هو أن لا يرسلها إلا مع نساء يصلحن من شأنها، ويرافقنها إلى بيت الزوجية بإعزاز وإكرام حيث الخدر والستر..


ولا نتعقل أي معنى لأن يرسلها أبوها إلى عمر على هذا النحو البعيد عن معنى الكرامة والتكريم لها، والذي لا يفعله رعاع الناس، فكيف يتوهم صدوره عن بيت الإمامة والكرامة، والعز والشرف. وعن أهل بيت النبوة بالذات؟!



وكيف يزوجها بمن يعصي الله فيها على هذا النحو المرفوض في الشرع، والذي يأباه كرام الناس، وأهل الشرف والغيرة؟.


رواية مكذوبة:


وهناك رواية أوردها الدولابي, وابن الأثير, وغيرهما تقول:


لما تأيمت أم كلثوم بنت علي بن أبي طالب (عليه السلام) من عمر بن الخطاب دخل عليها الحسن والحسين أخواها، فقالا لها: إنك من عرفت، سيدة نساء العالمين، وبنت سيدتهن، وإنك والله لئن أمكنت علياً من رقبتك (رمّتك) لينكحنك بعض أيتامه، ولئن أردت أن تصيبي بنفسك مالاً عظيماً لتصيبنه.


فوالله ما قاما حتى طلع علي يتكئ على عصاه.. (ثم تذكر الرواية كلاما له معهم) ثم تقول:


فقال: أي بنية، إن الله قد جعل أمرك بيدك، فأنا أحب أن تجعليه بيدي.


فقالت: أي أبه، والله إني لامرأة أرغب فيما ترغب فيه النساء، فأنا أحب أن أصيب ما يصيب النساء من الدنيا، وأنا أريد أن أنظر في أمر نفسي.


فقال: لا والله يا بنية، ما هذا من رأيك ما هو إلا رأي هذين.


ثم قام فقال: والله لا أكلم رجلاً منهم أو تفعلين.


فأخذا بثيابه فقالا: اجلس يا أبه، فوالله ما على هجرانك من صبر، اجعلي أمرك بيده.


فقالت: قد فعلت..


فقال: فإني قد زوجتك من عون بن جعفر.



/ 7