وفي لفظ الواقدي: فقال: يا رسول الله إني أخاف قريشاً على نفسي، وقد عرفت قريش عداوتي لها، وليس بها من بني عديِّ من يمنعني، وإن أحببت يارسول الله دخلت عليهم، فلم يقل له رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) شيئاً. وأورده الصالحي الشامي في سيرته بهذا اللفظ. وفي لفظ البيهقي: فقال: يا رسول الله إنّي لا آمنهم، وليس بمكة أحد من بني كعب يغضب لي إن أوذيت(1) . فلما وقفت على هذه القصة تعجبت كثيراً وقلت في نفسي: إن المسلمين المعاصرين لو أمرهم أحد المسئولين ـ فضلاً عن كبار رؤسائهم ـ بعملية ولو كانت عملية انتحارية لنفذوا أمره من دون أن يقول واحد منهم إني أخاف على نفسي، وقد رأينا أمثال تلك البطولات كثيرا في لبنان وفلسطين المحتلة وغيرهما من بلدان العالم، فكيف يتثاقل الخليفة ويتهاون عن امتثال أمر مَن لا ينطق عن الهوى، معلِّلاً بالخوف على النفس، والامر لم يكن رجلاً عادياً، بل كان رسولاً نبيا، والمأمور به لم يكن عملاً إنتحاريا ولم يكن مهمة عسكرية كالقتل والقتال، بل كان أمراً سلمياً وإبلاغ