وغير هؤلاء من الصحابة الذين هتك الخليفة حرمتهم، وضربهم وعذّبهم ونفاهم وشتمهم وآذاهم من دون أن يكتسبوا جرماً أمام الله عزوجل. نعم، كان عثمان رؤوفاً بقرابته وحليماً على أعمالهم ووصولاً لهم ; حيث أنه وهب خمس أرمينيا لابن عمه مروان بن الحكم، وأقطعه فدكاً، وكان نحلة للزهراء (عليها السلام)، نحلها الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) بأمر من الله: ( وَآتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ ) ، فانتزعها الخليفتان الاولان ولم يرجعاها إليها على رغم إصرارها واحتجاجها عليهما، مما كان سبباً لغضبها عليهما وهجرانها إياهما حتى لحقت بالرفيق الاعلى، وكانت قد أمرت باخفاء قبرها الشريف كي لا يأتيا عليه، فصار قبرها مخفيّاً إلى يومنا هذا صلوات الله وسلامه عليها، وقد تقدم شيء من الكلام على ذلك. ولم يستح الخليفة من أولادها سلام الله عليها حتى أقطع نحلتهم نصب أعينهم لاعدى أعدائهم(1) . وأعطى مروان أيضاً مائة ألف من بيت المال، وصفق مروان على الخمس بخمسمائة ألف فوضعها عنه عثمان، وأعطاه خمس الغزو الثاني لافريقيا. ونقل ابن كثير الشامي في تاريخه عن الواقدي: أن عبد الله بن سعد بن أبي سرح صالح في غزوه لافريقيا على ألفي ألف دينار وعشرين ألف دينار، فأطلقها كلّها عثمان في يوم واحد لال الحكم، ويقال: لال مروان. وفي تاريخ الطبري
1 ـ سنن البيهقي: 6 / 301، المعارف لابن قتيبة / 195، تاريخ أبي الفداء: 1 / 236.