على الشيعة، وولي عليهم الحجاج بن يوسف، فتقرّب إليه أهل النسك والصلاح والدين ببغض علي وموالاة أعدائه، وموالاة من يدّعي من الناس أنهم أيضاً أعداؤه، فأكثروا في الرواية في فضلهم وسوابقهم ومناقبهم، وأكثروا من الغضّ من علي (عليه السلام) وعيبه والطعن فيه والشنآن له، حتى إن إنساناً وقف للحجاج ـ ويقال إنّه جدّ الاصمعي عبد الملك بن قريب ـ فصاح به: أيها الامير إنّ أهلي عقّوني فسمّوني عليّاً، وإني فقير بائس وأنا إلى صلة الامير محتاج، فتضاحك له الحجاج وقال: للطف ما توسلتَ به قد ولّيتك موضع كذا. وقد روى ابن عرفة المعروف بنفطويه ـ وهو من أكابر المحدّثين وأعلامهم ـ في تاريخه ما يناسب هذا الخبر وقال: إنّ أكثر الاحاديث الموضوعة في فضائل الصحابة افتعلت في أيام بني أمية، تقرّباً إليهم بما يظنون أنهم يرغمون به أنوف بني هاشم. وقال العلامة المعتزلي في موضع آخر من شرحه: قال شيخنا أبو جعفر الاسكافي:... والجائزة لمن روى الاخبار والاحاديث في فضل أبي بكر، وما كان من تأكيد بني أمية لذلك، وما ولده المحدثون طلباً لما في أيديهم ; فكانوا لا يألون جهداً ـ في طول ما ملكوا ـ أن يخملوا ذكر علي (عليه السلام)وولده، ويطفئوا نورهم ويكتموا فضائلهم ومناقبهم، ويحملوا على شتمهم وسبهم ولعنهم على المنابر، فلم يزل السيف يقطر من دمائهم، مع قلة عددهم وكثرة عدوهم، فكانوا بين قتيل وأسير و شريد وهارب ومستخف ذليل وخائف مترقب، حتى إن الفقيه والمحدث والقاضي والمتكلم لَيُتقدم إليه ويُتوعد بغاية الايعاد وأشد العقوبة ألاّ يذكروا شيئاً من فضائلهم ولا يرخصوا لاحد أن يطيف بهم،