ولئلاّ يبقوا في الحيرة، مع أنّ حال هذه الامة لا يختلف عن حال الامم السابقة، بل تسلك سلوكها حتى لو دخلوا جُحر ضبٍّ لتبعتها، وأنها ستفترق على ثلاث وسبعين فرقة كافتراقها، ولا ينجو منها إلاّ فرقة واحدة، وأن أكثر أصحابه سيرتدون بعده على أعقابهم القهقرى، ولا ينجو منهم إلاّ مثل هَمَلِ النعم، كما تقدّم ذكر الاخبار المستفيضة في جميع ذلك. وكيف يستطيع اللبيب أن يقنع نفسه بأن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) لم يعيّن وصيّاً لامّته من بعده وتركهم بدون راع، وقد رأى إلحاحَ ذلك النبي وإصراره على أمته كي لا يتركوا وصاياهم الشخصية، مع أنه كان راعياً لاكبر الامم ولا يجئ بعده نبي آخر، وقد رأى بعينه تمرُّدَ صحابته عليه ومخالفتَهم لامره في كثير من المقامات و شاهد اعتراضاتهم على أمرائه في كثير من الاوقات.