ثم استمر ابن قتيبة قائلاً: فقال عمر لابي بكر: انطلق بنا إلى فاطمة، فإنا قد أغضبناها، فانطلقا جميعا فاستأذنا على فاطمة فلم تأذن لهما، فأتيا علياً فكلماه، فأدخلهما عليها، فلما قعدا عندها حولت وجهها إلى الحائط، فسلّما عليها فلم ترد عليهما السلام، فتكلم أبو بكر، فقال: يا حبيبة رسول الله، والله إن قرابة رسول الله أحب إليَّ من قرابتي، وإنك لاحب إليَّ من عائشة ابنتي، ولوددت يوم مات أبوك أني مت ولا أبقى بعده، أفتراني أعرفك وأعرف فضلك وشرفك وامنع حقك وميراثك من رسول الله، إلا أني سمعت أباك رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يقول: «لا نُورَّث، ما تركناه فهو صدقة». فقالت: أرأيتكما إن حدثتكما حديثاً عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) تعرفانه وتفعلان به ؟ قالا: نعم، فقالت: نشدتكما الله ألم تسمعا رسول الله يقول: « رضا فاطمة من رضاي وسخط فاطمة من سخطي، فمن أحب فاطمة ابنتي فقد أحبني ومن أرضى فاطمة فقد أرضاني ومن أسخط فاطمة فقد أسخطني» ؟ قالا: نعم سمعناه من رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، قالت: فإني أشهد الله وملائكته أنكما أسخطتماني وما أرضيتماني، ولئن لقيت النبي لاشكونكما إليه. فقال أبو بكر: أنا عائذ بالله من سخطه وسخطك يا فاطمة، ثم انتحب أبوبكر يبكي حتى كادت نفسه أن تزهق، وهي تقول: والله لادعون الله عليك في كل صلاة أصلّيها، ثم خرج باكياً فاجتمع إليه الناس، فقال لهم: يبيت كل رجل معانقاً حليلته مسروراً بأهله وتركتموني وما أنا فيه، لا حاجة لي في بيعتكم، أقيلوني بيعتي. ثم ذكر ابن قتيبة كيفية بيعته سلام الله عليه وأنه لم يبايعه إلاّ بعد وفاة