ومائتين، ودفن في سرَّ من رأى.
قال السمهودي: وفي [ روض الرياحين ]للامام عبد الله بن سعد اليافعي، قال: عن بهلول (قدس سره) قال: بينا أنا ذات يوم في بعض شوارع البصرة، وإذا بالصبيان يلعبون بالجوز واللوز، وإذا بصبيّ ينظر إليهم ويبكي، فقلت: هذا صبيّ يتحسر على ما في أيدي الصبيان، ولا شيء معه، فقلت: أي بنيّ ما يبكيك ؟ أشتري لك ما تلعب به ! فرفع بصره إليّ وقال: يا قليل العقل، ما للّعب خلقنا ! فقلت: فلم إذاً خلقنا ؟ قال: للعلم والعبادة، قلت: من أين لك ذاك بارك الله فيك ؟ قال: من قوله تعالى: ( أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثاً وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لاَ تُرْجَعُونَ ) ، قلت: يا بُني، أراك حكيماً فعظني وأوجز، فأنشأ يقول:
أرى الدنيا تَجَهَّر بانطلاق | مشمّرةً على قدم وساق |
فلا الدنيا بباقية لحيٍّ | ولا الحي على الدنيا بباق |
كأن الموت والحدثان فيها | إلى نفس الفتى فرسا سباق |
فيا مغرور بالدنيا رويداً | ومنها خذ لنفسك بالوثاق |
ثم رمق السماء بعينيه ودموعه تتحدر على خدّيه وأنشأ يقول:
يا من إليه المبتهل | يا من عليه المتّكل |
يا من إذا ما آملٌ | يرجوه لم يخط الامل |
قال: فلما أتمّ كلامه خرّ مغشيّاً عليه، فرفعت رأسه إلى حجري، ونفضت