التراب عن وجهه، فلما أفاق قلت له: أي بني، ما نزل بك وأنت صبيٌّ صغير لم يكتب عليك ذنب ؟! قال: إليك عنّي يا بهلول إنّي رأيت والدتي توقد النار بالحطب الكبار فلا يتّقد إلاّ بالصغار، وأنا أخشى أن أكون من صغار حطب جهنم. قلت له: أي بني، أراك حكيماً فعظني، فأنشأ يقول:
غفلت وحادى الموت في أثري يحدو | وإن لم أُرِحْ يوماً فلابدّ أن أغدو |
أُنعِّمُ جسمي باللِّباس ولينه | وليس لجسمي من لباس البِلاَ بُدُّ |
كأنّي به قد مُدّ في برزخ البَلا | ومن فوقه رَدْمٌ ومن تحتِه لحدُ |
وقد ذهبتْ منّي المحاسنُ وانمحتْ | ولم يبقَ فوق العظم لحمٌ ولا جِلْدُ |
أرى العمر قد ولَّى ولمْ أُدْرِك المُنى | وليس معي زاد وفي سفري بُعْدُ |
وقد كنت جاهرت المهيمنَ عاصياً | وأُحدِثُ أحداثاً وليس لها وُدُّ |