كي يكتب لهم تلك الوصية العظيمة، فكره بعض الصحابة كتابتها أشد الكراهة، وعلى رأسهم عمر بن الخطاب، فقال: إن النبي ليهجر، حسبنا كتاب الله، ثم أراد أن يصرف أنظار الحاضرين فطرح بعض المسائل الاخرى في البين، فقال بعض النسوة: ويحكم عهد رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) إليكم ! فدفعها عمر قائلا: اسكتي لا عقل لك، إنكن صويحبات يوسف، إذا مرض النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) عصرتن أعينكن وإذا صح ركبتن عنقه. فقال النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): «بل أنتم لا أحلام لكم، دعوهن فإنهن خير منكم»، وقال بعض الصحابة: قربوا يكتب لكم النبي كتابا لا تضلوا بعده، وقال الموافقون لعمر بمثل قوله، فغم النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) كلامهم و مواجهتهم له بذلك القول الشنيع، فقال: «دعوني فالذي أنا فيه خير مما تدعوني إليه»، ثم قال بعض الصحابة: ألا نأتيك بدواة وكتف ؟ فقال: «أبعد الذي قلتم ؟!»، فلما أكثروا اللغط والاختلاف طردهم الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) من مجلسه قائلاً: «قوموا عني، ولا ينبغي عندي التنازع». ومع الاسف فقد نجح القوم في خطتهم وصاروا سبباً لحرمان الامة من تلك الوصية المقدسة. ولا شك أن هذه كانت أفجع مصيبة في تاريخ الامة الاسلامية. وإليك تفصيل ما ورد حول القصة من الاخبار: أخرج البخاري وأبو عوانة وأبو إسماعيل الانصاري بعدة أسانيد ومسلم وأحمد بن حنبل وعبد الرزاق وابن حبان والنسائي وابن سعد والبيهقي وغيرهم عن عبيد الله بن عبد الله عن ابن عباس: قال: لما حضر رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ـ وفي البيت رجال فيهم عمر بن الخطاب ـ قال النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): «هلم أكتب لكم كتاباً لا تضلّوا بعده»، فقال عمر: إن النبي قد غلب عليه الوجع