قال ابن تيمية في منهاجه: وكلّ هذا باجتهاد سائغ، كان غايته أن يكون من الخطأ الذي رفع الله المؤاخذة به(1) . نعم كان كل ذلك باجتهاد سائغ في مقابل النص عند ابن تيمية وإمامه، وإن صار سبباً لافتراق الامة وضلالة الملايين من أهل الملة وقتل مئات الالاف، ومع كل ذلك رفع الله المؤاخذة به !! وهذا عجيب جداً، فالنبي (صلى الله عليه وآله وسلم) يقول: «إئتوني أكتب لكم كتاباً لا تضلون بعده ولا يختلف منكم اثنان ولا يظلمكم أحد»، والخليفة يمنع من ذلك، وابن تيمية يسوغ له مع مشاهدته لِمَا جاء على المسلمين وما وقع فيه الاسلام بسبب المنع من تلك الوصية. وعندما وقفت على هذه القصة الاليمة ـ بل المصيبة العظيمة ـ فهمت أن في التاريخ حوادث مخفية عنا ووقائع مستورة، وتعجبت من صنيع الخليفة ونسبته تلك الكلمات الشنيعة إلى الرسول الاكرم الذي لا ينطق عن الهوى، ومن كيفية جرأته على ساحة الرسالة وناموس الوحي، ومنعه من كتابة الوصية الضامنة لحماية الامة من الضلالة. وأعجب من ذلك مخالفة الخليفة لكتاب الله في قوله: ( وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا ) ، وقوله: ( يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ وَلاَ تَجْهَرُوا لَهُ بِالْقَوْلِ كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ لِبَعْض أَنْ تَحْبَطَ أَعْمَالُكُمْ وَأَنْتُمْ لاَْ تَشْعُرُونَ ) ، وقوله: ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللهَ وَأطِيعُوا الرَّسُولَ وَلاَ