الجبر والتخيير
قال العلوي: ومن انحرافاتكم وأباطيلكم -أنتم السنة حول الله سبحانه انكم تقولون: ان الله يجبر العباد على المعاصي والمحرمات ثم يعاقبهم عليها؟
قال العباسي: هذا صحيح لأن الله يقول: (ومن يضلل الله) ويقول: (طبع الله على قلوبهم).
قال العلوي: أما كلامك انه في القرآن، فجوابه: ان القرآن فيه مجازات وكنايات يجب المصير اليها، فالمراد (بالضلال) ان الله يترك الانسان الشقي ويهمله حتى يضل، وذلك مثل قولنا: (الحكومة أفسدت الناس) فالمعنى انها تركتهم لشأنهم ولم تهتم بهم، هذا أولاً، وثانياً: ألم تسمع قول الله تعالى: (ان الله لايأمر بالفحشاء) وقوله سبحانه (إنّا هديناه السبيل إما شاكراً وإما كفورا، إنا هديناه النجدين)، وثالثاً: لايجوز عقلاً ان يأمر الله بالمعصية ثم يعاقب عليها، ان هذا بعيد من عوام الناس فكيف من الله العادل المتعال سبحانه وتعالى عما يقول المشركون والظالمون علوّاً كبيرا.
قال الملك: لا، لا، لايمكن أن يجبر الله الانسان على المعصية ثم يعاقبه، ان هذا هو الظلم بعينه، والله منزّه عن الظلم والفساد (وان الله ليس بظلاّم للعبيد)، ولكن لاأظن ان أهل السنة يلتزمون بمقالة العباسي؟
ثم وجّه خطابه الى الوزير وقال: هل أهل السنة يلتزمون بذلك؟
قال الوزير: نعم المشور بين أهل السنة ذلك!
قال الملك: كيف يقولون بما يخالف العقل؟
قال الوزير: لهم في ذلك تأويلات واستدلالات.
قال الملك: ومهما يكن من تأويل واستدلال، فلن يُعقل ولاأرى إلاّ رأي السيد العلوي بأن الله لايجبر أحداً على الكفر والعصيان، ثم يعاقبه على ذلك؟!.