طریق الی المهدی المنتظر نسخه متنی
لطفا منتظر باشید ...
واستلم بنو اميه اعلام القص بعد ذلك، روى ان عبد الملك بن مروان قال: (انا جمعنا الناس على امرين: رفع الايدى على المنابر يوم الجمعه، والقصص بعد الصبح والعصر)(127)، ولبس القص الزى الدينى فى عهد بنى اميه، وذلك ان النبى(ص) كان يبدا بالصلاه فى العيدين ثم يخطب بعد ذلك، ففعل بنو اميه العكس، وبداوا بالخطبه لينشروا بذلك مذهبهم السياسى بين الناس، روى الامام مسلم عن ابى سعيد الخدرى ان رسول اللّه(ص) كان يخرج يوم الاضحى ويوم الفطر، فيبدا بالصلاه، فاذا صلى صلاته وسلم، قام فاقبل على الناس وهم جلوس فى مصلاهم، فان كان له حاجه ببعث ذكره للناس، او كانت له حاجه بغير ذلك امرهم بها(128). اما التغيير ففى ما رواه مسلم عن ابى سعيد الخدرى: (ان مروان خطب قبل الصلاه، فقال له ابو سعيد: غيرتم واللّه، قال مروان: يا ابا سعيد قد ذهب ما تعلم، فقال: ما اعلم -واللّه- خير مما لا اعلم، قال مروان: ان الناس لم يكونوا يجلسون لنا بعد الصلاه، فجعلتها قبل الصلاه)، وقد اختلف فى اول من سن هذه السنه، قال فى تحفه الاحوازى: (اختلف فى اول من غير ذلك، فروايه الامام مسلم صريحه فى ان مروان اول من بدا الخطبه قبل الصلاه، وقيل: سبقه الى ذلك عثمان بن عفان، روى ابن المنذر باسناد صحيح الى الحسن البصرى، قال: اول من خطب قبل الصلاه عثمان، وروى ان مروان فعل ذلك تبعا لمعاويه، ومعاويه عندما قدم المدينه قدم الخطبه)(129). وكان الامام على يتصدى للقصاصين وينهاهم عن القص، فعن ابى البحترى قال: (دخل على بن ابى طالب المسجد، فاذا رجل يخوف، فقال: ما هذا؟ قالوا: رجل يذكر الناس، فقال: ليس برجل يذكر الناس، ولكنه يقول: انا فلان بن فلان، اعرفونى، فارسل اليه فقال: اتعرف الناسخ من المنسوخ، قال: لا، فقال: اخرج من مسجدنا ولا تذكر فيه)(130). وبالجمله، قال فى الفتح الربانى: القص: هو اخبار الناس بقصص الماضين، وعمل ذلك مذموم شرعا، لانه يصرف الناس عن الاشتغال بالعلوم الدينيه، ولم يعهد ذلك فى عصر النبى(ص)، وقال ابن حبان: (قال ابو حاتم: كان القصاصون يضعون الحديث فى قصصهم، وكانوا اذا دخلوا بمساجد الجماعات ومحافل القبائل من العوام والرعاع اكثر جساره على وضع الحديث)(131)، كما وضعوا احاديث تنافى عصمه الانبياء، فجعلتهم يخطئون، ونسبوا الى النبى(ص) انه كان يسب ويلعن ويجلد بغير سبب، ونسبوا اليه انه كان يسهو فى الصلاه، وانه كان ينسى آيات القرآن الكريم، وارادوا من وراء تجريد النبى من العصمه ان يبرروا اخطاء الامراء الذين جلدوا الشعوب وضيعوا الصلاه، وان يعطوا للذين لعنهم اللّه على لسان رسوله(ص) جواز المرور لتولى المراكز القياديه.