بالاقدام، وتحت سقفه اختل منهج البحث ومنهج التفكير ومنهج الاستدلال، وعلى موائده لا تظهر القراءه النقديه المتفحصه التقييميه الا بعد عناء شديد، وكان القص وراء اهمال الواجبات، والتسامح فى المحرمات، والتهاون بالسنن والمستحبات، وكان البذره الاولى لظهور المبادى والمنظمات الباطله التى وضعت القوانين على طبق اهوائهم وآرائهم، وعلى هذه المبادى انقسمت الامه الى قوافل، وكل قافله تتولى حزبا وتدعمه، لانها تميل الى قوانينه، وتحب القائمين عليه، وعلى رووس الجميع الحجه قائمه. واللّه-تعالى- ينظر الى عباده كيف يعملون. 2) الخفوت والظهور وكان من آثار عدم الروايه التعتيم على اهل البيت، وذلك لان الامر بحرق الكتب اطاح بالعديد من الاحاديث التى تبين منزله اهل البيت ومناقبهم، ويشهد على ذلك ما رواه الخطيب البغدادى عن عبد الرحم-ن بن الاسود عن ابيه، قال: (جاء علقمه بكتاب من مكه او اليمن، صحيفه فيها احاديث فى اهل بيت النبى(ص)، فاستاذنا على عبداللّه، فدخلنا عليه، فدفعنا اليه الصحيفه، فدعا الجاريه ثم دعا بطست فيها ماء، فقلنا له: يا ابا عبد الرحم-ن، انظر فيها، فان فيها احاديث حسانا، فجعل يميثها فى الماء، ويقول: (نحن نقص عليك احسن القصص بما اوحينا اليك هذا القرآن) «يوسف: 3»، القلوب اوعيه فاشغلوها بالقرآن، ولا تشغلوها بما سواه)(132). ويشهد بذلك ان عليا عندما تولى الخلافه لم يكن السواد الاعظم يعلم عن منزلته ومناقبه شيئا، حتى انشد باللّه كل امرى مسلم سمع النبى(ص) يقول: (من كنت مولاه فعلى مولاه)، ان يقوم، وكان قد جمعهم فى الرحبه، ولم يعرف العوام مناقبه الا من خلال ما رواه الصحابه بعد ذلك، وكان العديد من الصحابه يتحدثون فى مجالسهم الخاصه عن مناقبه، ولكن هذا الحديث لم يكن يخرج الى الساحات العامه، وفى مقابل هذا التعتيم، كان لعدم الروايه الاثر الكبير فى ظهور الذين حذر منهم النبى(ص) وهو يخبر بالغيب عن ربه، ويشهد بذلك ما روى عن حذيفه انه قال: (واللّه ما ادرى انسى اصحابى ام تناسوا، واللّه ما ترك رسول اللّه(ص) من قائد فتنه الى ان تنقضى الدنيا بلغ من معه ثلاثمائه فصاعدا، الا وقد سماه لنا باسمه واسم ابيه واسم قبيلته)(133)، ومعنى (ام تناسوا) اى اظهروا النسيان لمصلحه، ومعنى (باسمه واسم ابيه)، يعنى وصفا واضحا مفصلا لا مبهما، مجملا، فالاستقصاء متصل.