آفاق الروایة نسخه متنی

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

آفاق الروایة - نسخه متنی

محمد شاهین

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
لیست موضوعات
توضیحات
افزودن یادداشت جدید



وعلاوة على كل ما تقدّم، فإنَّ أهم ما تبقّى للمرء هو ما يكمن في شخصيته وهو خير وأبقى من كل شيء آخر من حوله. وهذا ما يكوّن البناء الداخلي للشخصية والذي بدوره يكشف عن قدرة فنية هائلة تجعل كل شخصية تصل إلينا بفردية تعبّر عن تميّزها الفردي، وفي الوقت ذاته عن موقعها من قضيتها الكبرى الجماعية، وذلك دون ن يختلّ التوازن بين الناحيتين الفردية والجماعية، أو أن يكون التأكيد على واحدة دون الأخرى.

يلاحظ نيتشه أنَّ لكل شخصية مركزاً ينطلق منه سلوكها الرئيسي الذي يطغى على التفاصيل الفرعية ويميّزها عن سائر البشر. مريم مثلاً شخصية تتمتّع بفرديّة قوية أمينة مع نفسها ورغباتها. عادات المجتمع وتقاليده ليست من أولوياتها، لذلك، فإنّها لا تدعها تطغى على فرديتها، ولديها الجرأة على الاستجابة لعواطفها دون تحسّب لعقاب أو جزاء المجتمع. وعندما تحاول تصفية الحساب في لحظة حاسمة في حياتها وتجد أنَّ كل ما تبقّى لها فعلاً تركة لا تستحقّ أن تبقى أو تتبقى لأحد في وضعها على الأقل فتمارس شجاعتها المعهودة وتقضي على التركة النتنة. أمّا حامد فإنَّ جبنه يمنعه من اتخاذ قرار، ويظل سكينه بالمقابل معلّقاً في ظلمة الصحراء يشهره على العدو مع وقف التنفيذ، أي أنَّ الإمكانيات (possibilities) موجودة عند مريم وحامد، عند الأولى قابلة لأن تتحوّل إلى فعل انسجاماً مع سلوكها السابق مع زكريا قبل الزواج المحتوم، وعند الآخر، تظل الإمكانات أسيرة شخصية إتكاليّة. كيف نريد حامد أن يتصرّف مع العدو وهو في طريقه من أجل التشاور مع أمّه بشأن مريم لأنَّه عاش حياته معتمداً على أمَّه. هنا يتداخل البعدان الاجتماعي والسياسي مع بعدي الفرد والجماعة بطريقة عفوية غاية في الدقة والتركيب الفني.

وبالرغم من كل ما ورد عن محاولة التعرّف على ما "تبقى" وتصفية الحساب في هذه القصة الرائعة، إلاَّ أنَّ بقيّة باقية هي التي تتبقى وربما هي خير وأبقى، ألا وهي بطولة سالم، نموذج البطولة الغائبة. تقول مريم لأخيها حامد إنهم قتلوا سالم لأنه كان بطل المقاومة. وفي هذا غمز لعجز أو جبن حامد. وبصورة فيها الكثير من المفارقة تقول مريم لأخيها وكأنّها تطمئنه على حياته "وأغلب الظن أنها كانت تريد أن تطمئني ولم تعرف أبداً أنها حمّلتني ذلاً جديداً، لماذا يقتلونك أنت؟ تافه آخر لا بأس من أن يكمل حياته تافهاً ويموت تافهاً، يموت ها هنا ...".(ص201).

والسؤال الذي يطرحه القارئ على نفسه: هل هذا هو صوت مريم، أم أنّه صوت حامد وليس صوت الراوي؟ تتقاطع الأصوات وتتناغم بطريقة تحيِّر، ولكنها في النهاية صوت واحد يخرج من الوحدة الفنية الرائعة التي تشمل الأصوات مهما اختلف أصحابها في تركيب موحَّد. وهنا يصدق في هذا الموقف د.هـ. لورانس عندما قال: ضع ثقتك في القصة لا في القاص الذي يروي القصة، بمعنى أنَّ الصوت الواحد في القصة يظلّ عاجزاً عن تقديم المطلوب من وجهة النظر. تعليق لورانس هو trust the tale not the teller.

/ 137