بیشترلیست موضوعات آفـــاق الروايــــة السندباد: حكاية العودة:
من الشعر إلى القصة المصادر ألف ليلة وليلة: إشكالية المتلقي الخصم عودة الروح... آمال عظام موسم الهجرة إلى الشمال دائرة السر الاسطوري وما بعدها المصادر سراب عفان حصاد المرايا المهشمّة المصادر إميل حبيبي ذات جماعيّة باقية المصادر مدن الملح: الأخدود والكنز المفقود الواقعية في صورة الواقع المصادر ذاكرة ليست للنسيان المصادر توضیحاتافزودن یادداشت جدید وتصل إلينا هذه المواجهة من خلال صورة اللاوعي الجمعيّ، التي تؤثر روحها بطريقة غير مباشرة في شخصية مصطفى سعيد. ويعني هذا أنَّ مصطفى سعيد نفسه هو نتاج هذه المواجهة التي سبقته ولاحقته وظلّت تلاحقه، وأنها ليست من نتاجه كفرد. وعلينا هنا أن نميّز بين التاريخ والأسطورة ، فمصطفى سعيد ليس شخصية تاريخية أو شخصية روائية في سياق تاريخي يروي علينا التاريخ فحسب.ومهما تميز سلوك مصطفى سعيد بالفردية أو الذاتيّة، إلاَّ أنََّه في أصله سلوك لا وعي جماعي، فعلاقته مع النساء (وكل واحدة تمثّل حالة خاصة تختلف عن سواها) لا تمثّل حبَّاً ولا رغبة جنسية ولا طمعاً في الزواج، بل إنها مجتمعة توصل، في اصطلاح شتراوس، رسالة (message)، وهي في مجموعها تشكّل ما يعرف بالإشارة "بالمدونة" (code)، ويمكن النظر إليها من خلال اصطلاح نحته إيجلتون وهو (Mythemes).وبالرغم من أنَّ مصطفى سعيد شخصية قوية ترسخ معالمها في الأذهان من أول لقاء له مع الراوي في القرية، فإنّه ليس كباقي الشخصيات في الروايات العربية التي يمكن أن تطابق واقعاً تاريخياً معيناً، أو تحاكي مشكلة مأمونة تجعلنا نقول إنها أقرب إلى الحقيقة من الخيال.إنَّ ما يسهَّل علينا أمر التعامل مع مصطفى سعيد، هو منظور الشخصية الأسطوري الذي ينظر إلى الأسطورة على أنها قيمة (value) لا حقيقة، ويمكن أن نقول إنَّه يشبه "الشاهد الغائب"، وهو المنظور الحديث للأسطورة عند بارت. وغياب الشاهد في "موسم الهجرة إلى الشمال"، هو ربما يحافظ على وجود التناقض في العلاقات المختلفة في حياة مصطفى سعيد، تلك العلاقات التي تلحّ بسبب تناقضها على توفير التأويل وتظلّ مستمرة في إلحاحها دون جدوى.وفي ضوء ردّة الفعل ضد الرجل الغربي الفاوستي المذكورة آنفاً، يمكننا تصوّر مصطفى سعيد نوعاً من الذات الأخرى أو المغايرة (alter ego) لفاوست، فإذا كان فاوست ممثلاً لجبروت السلطة الفردية، إنَّ مصطفى سعيد أشبه بجبروت المقاومة لتلك السلطة؛ وإذاكان فاوست هو الفعل، فمصطفى سعيد هو ردّة الفعل، وهكذا تنشأ المجابهة بين سلطة الوعي ومقاومة اللاوعي، وهي مجابهة أسطورية بسبب الروح الجماعية التي تسري في كلا الطرفين.يهاجر مصطفى سعيد إلى الشمال وقد ترسّبت في لا وعيه قصّة الاستعمار الطويل، وتجد متنفّساً لها في الشمال من خلال سلوك معقّد يجسدّ نفسه في صورة تتجاوز التأويل، وعند العودة إلى الجنوب تترسّب هذه الصورة في لا وعيه، وتظل مكبوتة إلى أن تفور في أعماق النهر الخالد لتظلّ سرَّاً يتحدّى الهجرة والعودة العاديتين، ويفوق الدهشة الرومنسية أو الأسطورية التقليدية، تلك الدهشة التي ينتهي مفعولها بالتعرّف إلى الحدث نفسه من حيث مصدره أو سببه ومسبّباته.