بیشترلیست موضوعات آفـــاق الروايــــة السندباد: حكاية العودة:
من الشعر إلى القصة المصادر ألف ليلة وليلة: إشكالية المتلقي الخصم عودة الروح... آمال عظام موسم الهجرة إلى الشمال دائرة السر الاسطوري وما بعدها المصادر سراب عفان حصاد المرايا المهشمّة المصادر إميل حبيبي ذات جماعيّة باقية المصادر مدن الملح: الأخدود والكنز المفقود الواقعية في صورة الواقع المصادر ذاكرة ليست للنسيان المصادر توضیحاتافزودن یادداشت جدید واللاوعي عند مصطفى سعيد ليس من النوع الذي يخضع للاشتقاق، بمعنى أن يكون السلوك الظاهري مرتبطاً أو معبّراً عن اللاوعي المكبوت كشعور القهر الداخلي، أو أنَّه ليس من اللاوعي السيكولوجي الاشتقاقي؛ وهو أقرب إلى يونغ منه إلى فرويد بسبب قيمته التصويرية (visionary) التي تسمو على الاشتقاقية (derivative) وربّما يكون أقرب إلى القيمة التركيبية (structural)، التي تتطلّب النظر إلى قيمة العلاقات بين الأجزاء (relational) من أجل الوصول إلى منظورها الكلي، ومن هنا يمكن قراءة موسم الهجرة إلى الشمال من خلال منظور متقدّم للغة يرى الرواية أمراً بنيوياً لا يشتقّ من أصل معيّن، ولا يستهلك بعد الفراغ من سرد حوادثه. فالسرّ في حياة مصطفى سعيد يظلّ سراً في جميع القراءات، وبقدر ما تقربنا الرواية من سرّ الهجرة نفسها وسرّ العودة بعينها، والذكاء ذاته، والرعب الرعب (كلمات كونراد، The terror the terror) فإنها تبعدنا عن شخص مصطفى سعيد، إذ نعرف أنفسنا به دون أن نعرّفه بنا، وهو قريب جداً إلينا بلا وعيه وبعيد عنّا بشخصيته، وعلى كل حال، فلابدَّ من بعض التفاصيل لهذه العجالة.سرّ كل هذا الإقبال على موسم الهجرة إلى الشمال، ربّما يعود إلى المزاوجة بين سحر الفنّ القصصي التقليدي وسرّ الشخصية القصصية في فن الرواية الحديث. يجمع الطيب صالح بين سحر الماضي وسرّ الحاضر، بطريقة تلتقي فيها عفوية الواقع ـواقع الحياة التي نعيشها ـ مع عفوية الخيال، لا عفوية الفن الذي يقودنا عادة إلى أبعد مما نرى ونسمع ونعلم ونألّف، وهكذا يتداخل الواقع والخيال، ليدعم أحدهما الآخر ويسمو به إلى ماهو أبعد وأسمى.السحر الذي يواجهنا به الراوي منذ البداية، هو في أبسط صوره سحر القصص التقليدي الذي يقصّ علينا، ما حدث في تتابع زمني يبدو لنا من أول وهلة وكأنَّه لا يخرج عن المألوف، ويقدّم الراوي نفسه لنا إثر عودته من الغرب بعد غياب سبع سنوات، وكأنَّها رحلات السندباد السبع في بلاد الغربة. ونتهيأً لسماع قصّة الراوي العائد إلى الوطن بشوق وتلهّف، وكأنَّه يقول لنا في كل كلمة إنَّه "راضٍ من الغنيمة بالإياب"، بعد طول الغياب. ومايكاد يتشكّل لدينا هذا التوقّع حتى يلتقي الراوي بمصطفى سعيد، عائد آخر سبقه في العودة، واستقرّ به المقام في القرية، وبهذا نتهيأ من جديد لسماع قصّة جديدة، ليست بالضرورة قصّة الراوي نفسه. وهكذا ينطوي استعدادها الأول الذي أدخلنا الراوي إليه بادئ ذي بدء على استعداد آخر، يخلقه الراوي على التوّ، بعفوية لا تجعلنا نشعر أو نهتم بهذا الانتقال الذي يحوّلنا طوعاً إلى رواية جديدة تكاد تنسينا ما كنّا نتوق لسماعه من رواية الراوي لقصته نفسه، وما حصل معه في الغرب.