آفاق الروایة نسخه متنی

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

آفاق الروایة - نسخه متنی

محمد شاهین

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
لیست موضوعات
توضیحات
افزودن یادداشت جدید


وكأنَّ الراوي هنا يريدنا أن نكفّ عن السؤال والتساؤل، وكأنَّه يقول لنا: انظروا كيف اختفى مصطفى سعيد، وكيف بقيتُ أنا على قيد الحياة، مجدِّفاً في مياه نفس النهر!... وعندما نتأمّل الوضع نراه غير ذلك تماماً. فالسّر ما زال يحيط بالاثنين، بالراوي والشخصية: مصطفى سعيد. وأول ما يخطر على بالنا هو سرّ الراوي نفسه: ما الذي حدث له خلال السنوات السبع التي قضاها في بلاد الصقيع؟... لا نعلم عن ذلك شيئاً، فبدلاً من أن يخبرنا الراوي بتاريخ حياته خلال تلك المدة، يقصّ علينا حياة شخص آخر، وكأنَّ حياة مصطفى سعيد أصبحت مبرّراً كافياً لإخفاء حياة الراوي. ويظلّ السؤال يطرح نفسه: هل حياة مصطفى سعيد موازية لحياة الراوي الذي عاش مدّة سبع سنوات في المكان نفسه؟... أليس التعاطف بينهما هو سرّ هذا الاعتقاد الذي يغرينا بإقامة موازاة بين الطرفين؟... لماذا لم يجد مصطفى سعيد غير الراوي شخصاً مناسباً في القرية يبوح له بقصته كاملة؟ هل ابتدع الراوي قصة بطلها مصطفى سعيد ليقصّها على نفسه من أجل أن يستوعب ما حصل له فعلاً، وهنا تضيق المسافة بين الشخص والشخصية من أجل تنفيذ المتطلبات الفنية للعمل الروائي؟... لماذا انتظر مصطفى سعيد كل هذه المدّة، حتى يرجع الراوي من الغربة ليقصّ عليه قصّته؟ وبعبارة أخرى ألم يجد مصطفى سعيد في القرية من يستطيع أن يأتمنه، طوال هذه المدة التي عاشها في القرية، ليكون متنفساً لما يعتمل في داخل نفسه، وهو يشارك أهل القرية أعمالهم وأفراحهم وأتراحهم؟ هل يمكن أن نفسّر اللقاء التلقائي بين مصطفى سعيد وبين الراوي بالقول الشائع: "وكل غريب للقاء نسيب؟.. ما سرّ كل هذه المشاركة الوجدانية بين الاثنين؟...

هذا سرّ يظلّ موضع استفهام واستفسار لا يستطيع الإجابة عنه حتى الطيب صالح نفسه، لأنَّه وضع الأمر في صورة تُصوّر تروى، ولكنها لا تنطق ولا تبوح بصريح العبارة، وهذا ما يجعلنا نظلّ مشدودين للصورة دون معرفة صريحة لكليهما. هذا يعني أنَّ الطيب صالح قدّم لنا صورة للتأمل لا بياناً للإيضاح!...

ولكن السرّ لا ينتهي عند هذا الحدّ، بل إنَّه يلاحقنا في أجزاء أخرى من السرد القصصي. وعلى سبيل المثال نحن لا نعلم شيئاً عن أسفار مصطفى سعيد في الأمصار النائية، بعد خروجه من السجن، ولا نعلم سرّ عودته إلى السودان، ولا سرّ ارتباطه بحسنة، وهل أحبّها وأحبته قبل الزواج، ما الذي دفع مصطفى سعيد إلى أن يبني البيت العظيم ذا القرميد الأخضر؟.. وهل يرمز ذلك اللون إلى المزار الذي يلجأ إليه الصوفي عندما يقف مذعوراً أمام أسرار الكون؟... بين الأسئلة التي تستحوذ علينا بعد اختفاء مصطفى سعيد، ما يتعلّق بعدم زواج الراوي من أرملة مصطفى سعيد، حيث المبررات الكافية لذلك الزواج الذي لو تم لكان فيه إنقاذ للجميع، أو لمنع مأساة عاشتها القرية بأكملها. والسر الأكبر طبعاً يتعلق باختفاء مصطفى سعيد.

/ 137