آفاق الروایة نسخه متنی
لطفا منتظر باشید ...
والدهشة لا يستوعبها في أبعادها العميقة، إلاَّ من أوتي الذكاء والفطنة، وهي إحساس يتميّز بالحيادية التي تبتعد بدورها عن التوجيه الأخلاقي. هي ردّة فعل أكثر من فعل مباشر، وهي استيعاب شعوري لا عقلاني لواقع معين يجعل صاحبه في منزلة تطلّ على الواقع من خلف حجاب، يرى الواقع بإحساس يختلف عن رؤية العين المجرّدة المألوفة. يرى الواقع بهذا الإحساس في الوقت الذي يراه الواقع بالعين المجرّدة، وهنا يمكن أن نقترب من وصف الطيب صالح لشخصية مصطفى سعيد بأنها طاقة.وخير سبيل للحفاظ على هذه الدهشة هو تحويلها إلى قصّة، تمّ تفصيلها من خلال روايتها والاستماع إليها، وإدخالها حيّز النقل، من راوٍ إلى مستمعٍ إلى راوٍ وهكذا. وموسم الهجرة رواية محكمة لا يتم معرفة سرّها من خلال روايتها، فالراوي فيها ينقل دهشة، ولا يبوح بحدث أو بسرّ كان مخفياً وأصبح معروفاً، من أجل ألاَّ ينتهي الأمر عند هذا الحدّ، وكي لا يصبح النصّ الروائي مستهلكاً بعد معرفة ما جاء فيه.