بیشترلیست موضوعات آفـــاق الروايــــة السندباد: حكاية العودة:
من الشعر إلى القصة المصادر ألف ليلة وليلة: إشكالية المتلقي الخصم عودة الروح... آمال عظام موسم الهجرة إلى الشمال دائرة السر الاسطوري وما بعدها المصادر سراب عفان حصاد المرايا المهشمّة المصادر إميل حبيبي ذات جماعيّة باقية المصادر مدن الملح: الأخدود والكنز المفقود الواقعية في صورة الواقع المصادر ذاكرة ليست للنسيان المصادر توضیحاتافزودن یادداشت جدید ولو قارنا بين المشهدين لوجدنا تطابقاً كافياً، إذ يذكّرنا المشهد الواحد بالآخر، سعيد مثل ديمتري متّهم بريء. يحدث معه ما يحدث مع سعيد، وهو قد خرج من السجن لتوّه، وفي سيارة تقلّه من مكان لآخر. وحلم ديمتري، وهو على وشك أن يدخل السجن، أنّه يجوب القرية في عربة يجرّها حصانان. كلا المشهدين ينتهيان برغبة عارمة في التوقيع على ما تيسّر. غير أنّ أبرز وجه لهذا التطابق هو تحوّل الذات الفردية عند كل من سعيد وديمتري إلى ذات جماعية تتفوّق إلى حدّ كبير على فرديّتها (التي لا تفقدها حتى في هذا التحوّل)، وعلى المواقف العادية التي نعايشها يومياً. إنّ ما يقوله فورستر في معرض تعليقه على ديمتري وشخصيات دستوفسكي بشكل عام ينطبق إلى حدّ كبير على سعيد وشخصيات إميل حبيبي. يقول فورستر "إنّ ديمتري كشخصية في حدّ ذاتها لا يعني الكثير ولا يصبح حقيقة لنا إلاّ من خلال ما يوحي لنا من إيحاءات تتعدّى الحدود الظاهرة لنا من شخصيته، وهذا يعني أنّ عقله ليس مؤطّراً البتّة.. ولا نستطيع أن نفهمه إلاّ إذا رأيناه وهو يسمو فوق المألوف. لم يركّز دستوفسكي مثلاً على دوره وهو راقد فوق الصندوق الخشبي ولا وهو في أرض الأحلام، بل على صورته في مكان يلتقي فيه مع بقية الناس من بني البشر. إنّ ديمتري هو نحن جميعاً وهو الرؤية التنبؤية وفي الوقت ذاته الإبداع الفني للراوي... فهو الامتداد والذوبان والوحدة التي تتكوّن من خلال مشاعر المحبة والعطف في مكان يوحي به إلينا ربما لا يتّسع عالم الرواية... إنّ عالم شخصيات دستوفسكي ليس عالماً مخفياً ولا اليغوريا (شبه رمزي)، بل إنّه العالم العادي الذي يشكّل عالم الرواية والذي يرجع في صداه إلينا... ويعني هذا أنّ دستوفسكي لا يخفي علينا شيئاً (كأن يجعله سرّاً غامضاً)، ولا ينقل إلينا معنىً مبطّناً (تحتويه الرمزية)، بل يقدّم لنا مجرّد شخص ديمتري كارامازوف، ولكي تكون الشخصية مجرّد شخص عند دستوفسكي فما عليها إلاّ أن تشترك في رجع الصدى مع بقية الناس. ونتيجة لكل هذا وذاك ينساب التيار الهائل فجأة في كلمات: "لقد رأيت حلماً جميلاً" ... إن شخصيات دستوفسكي تطلب منّا أن نشاطرها شيئاً أعمق من تجاربها، فهي تحمل إلينا شعوراً في بعضه ميتافيزيقياً، ولكنه الشعور الذي يغوص بنا في عالم نستشفه من خلال تجربتنا وهي تسمو فوق السطح بعيداً عنّا ولكنها قريبة منّا. ومع أننا لا نعد أولئك الناس العاديين إلاّ أننا لا نفقد شيئاً بل نصبح مثل ما يقولون: "البحر بداخل السمك والسمك بداخل البحر."(122-23).هذه العبارة الأخيرة التي صاغها فورستر من القول الشائع، شبيهة بعبارة محمود درويش الآنفة الذكر بالنسبة للذات التي تملأ ذاتها بخارجها، وهي أيضاً شبيهة بعبارة أخرى له في المقطع الأخير من قصيدته "للحقيقة وجهان" هي: "في داخلي خارجي... خارجي داخلي، (أحد عشر كوكباً 100)، والجسر الذي يربط بينهما هو نوع من الحلم الجميل الذي يجسّمه كل من دستوفسكي وإميل حبيبي في شخوص روائية خالدة، مهما ابتعدت عنّا في سمّوها تظل قريبة منّا بإنسانيتها الشاملة وبواقعها الذي نعيشه ونعايشه.ويقول لوكاش في معرض حديثه عن الواقعية في الرواية أنّ هنالك اختيارات ثلاثة أمام الفرد الذي يواجه واقعاً (مجتمعاً) سلبياً ينكر وجوده: الأول، أن يعقد معه صلحاً ولا يخرج عن إرادته، أي كما يلاحظ روبرت موسل يتمثّل بالمثل القائل عندما "تكون في روما اتبع ما يتبعه الرومان". والاختيار الآخر وهو أيضاً من ملاحظات موسل هو أن ينسحب من المجتمع كلياً وينزوي بنفسه وتصبح حياته حياة العصابي الذي يتقوقع على نفسه. أمّا الاختيار الثالث، وهو الذي يراه لوكاش بديلاً للاثنين السابقين، فهو أن يرقى الفرد بالواقع الذي يواجهه لواقع أسمى وأبقى، وهذا الاختيار هو في الأصل من أفكار أرسطو الذي ينظر إلى الفرد على أنّه حيوان اجتماعي سياسي مؤهّل لتطوير واقع جديد (new typology) في كل مرحلة من مراحل التطور(30-31).