آفاق الروایة نسخه متنی

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

آفاق الروایة - نسخه متنی

محمد شاهین

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
لیست موضوعات
توضیحات
افزودن یادداشت جدید


لم ينظر عبد الرحمن منيف إلى البترول على أنّه مجرّد ثروة حلّت على البلاد فغيّرت حياتها الاجتماعية والاقتصادية والسياسية ونقلتها من بداوة بسيطة إلى حضارة معقّدة، ولم ينظر إلى البترول وانتشار تأثيره نظرة عالم السوسيولوجيا أو عالم الأنثروبولوجيا، بل إنّه رصد قوّته الخفيّة على النفس البشرية وتغلغله إلى أعمق دواخلها، وإلى خصوصية الفرد وأسراره الدفينة، وكأنّ البترول مناسبة تكشف لنا وللفرد نفسه عمّا كان خافياً بداخله ينتظر فرصة تحرّك النوازع البشريّة البدئية الكامنة التي عاشت حبيسة الأنا مثل ما عاش البترول حبيس القشرة الأرضية.

بعبارة موجزة، لم يهتمّ عبد الرحمن منيف بصورة المنافع المادية التي كان من الطبيعي أن يكون البترول سببها كإنشاء البيوت الحديثة والقصور الشاهقة والجسور والطرق وما إلى ذلك، بل إنّ اهتمامه تركّز حول النسيج الرقيق في العلاقات الإنسانية بين الناس، نتيجة التماس الذي يحدث مع البترول.

يذكّرنا عبد الرحمن منيف هنا، بالروائي كونراد الذي عالج تأثير المادة الخام الثمينة المستخرجة من الأرض في مستخرجها، وبيّن إيقاع الحياة الجديدة التي ينشأ من جرّاء وصوله أو حصوله على هذه المادة. وفي أهم عملين روائيين من أعمال كونراد، وربّما من أهم الأعمال الروائية في القرن العشرين، صوّر كونراد الصراع الأزلي الذي وقع فيه الرجل الغربي في المادة. ومن المعروف أنّ قلب الظلام ونوسترومو يتمحوران حول تهافت الرجل الغربي على ثروة العاج والفضة. ومن المعروف أيضاً أنّ هاتين القصتين تحكيان قصة الاستعمار ليس في جشعه بل في تحطيم إنسانية الإنسان نتيجة هذا الجشع. يذهب كورتز إلى الكونغو ممثّلاً للشركة الاستعمارية في برسل وفي ذهنه حلم وآمال عريضة، يظن بداية أنّ الرحلة إلى الأدغال سيكون لها أثر إيجابي في البشرية، إذ إنّه يظن بنفسه حاملاً مشعل الحضارة الأوروبية، مع أنّ مهمّته الحصول على أكبر كمية من العاج للشركة. وبُعيْدَ وصوله يتغيّر كل شيء بالنسبة لخطّته، ومن قبيل المفارقة يتحوّل كورتز إلى شخص أكثر همجية من أولئك الذي ظنّ نفسه محضّراً لهم. وفي النهاية يصيح صيحته المشهورة "يا للرعب، يا للرعب"، أي الرعب من الاستعمار في أشكاله المختلفة، وما يجلبه من شرّ في النهاية حتى على من ينهضون به من أبنائه ويؤمنون به في البداية.

/ 137