آفاق الروایة نسخه متنی

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

آفاق الروایة - نسخه متنی

محمد شاهین

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
لیست موضوعات
توضیحات
افزودن یادداشت جدید


أمّا نوسترومو (1904)، وهي تحفة روائية، فهي صورة الاستعمار البشعة التي تنطبق صورتها (من الناحية الجغرافية على الأقل) على أمريكا اللاتينية، وفيها نبوءة لم يسبق لها مثيل، إذ تنبأ كونراد في بداية القرن العشرين أنّ أمريكا ستكون صاحبة ذلك النظام العالمي الذي يعطيها السيادة على المعمورة. يقول هولرويد، المستثمر الأمريكي، وهو شخصية رئيسية في نوسترومو: "سيكون لدينا متّسع من الوقت نستولي فيه على جزر وقارات المعمورة. سندير أعمال العالم قاطبة سواء رضي العالم أم غضب. لن يكون للعالم خيار في ذلك، وأعتقد أنّه لن يكون لنا الخيار أيضاً."(ص77).

لا أعرف روائياً غربيّاً يمكن مقارنة عبد الرحمن منيف به أكثر من كونراد. فعلى الرغم من أنّ عبد الرحمن منيف لا يعالج قضية الاستعمار مباشرة لأنّها تقع خارج مجال المحلية التي ينطلق منها عبد الرحمن منيف، فإنّ عبد الرحمن منيف يتّفق مع كونراد الذي يعالج قضية الجشع المادي وتأثيره في إنسانية الفرد، فالجشع المادي وتأثيره في بني البشر، ليس مرهوناً بالاستعمار، بالرغم من أنّ الاستعمار يعرف به وغالباً ما يعرَّف به.

أقرأ عبد الرحمن منيف فأتذكّر نوسترومو على الرغم من كلّ ما في الرواية من أبعاد تاريخية للاستعمار، لا توجد عند عبد الرحمن منيف طبعاً. فافتتاحية نوسترومو التي تقدّم وصفاً جماليّاً للمكان يُعدُّ أنموذجاً في بعث الحياة الأسطورية من جديد في مكان الرواية، ليجعلنا نتمثّل روحها الصامتة المتحفّزة وكأنّها بركان أسطوري ساكن يحذّر بني البشر من العبث به أو الاقتراب منه تجنّباً لوقوع الطوفان مثلاً. هذه سولاكو، مسرح أحداث الرواية في جمهورية كوستجوانا (وهي أسماء خياليّة لا يمكن مطابقة مكانها إلاّ بأمريكا اللاتينية) تقع بين السهل والجبال المحاذية على مسافة بسيطة من الخليج وليست متّصلة اتصالاً مباشراً بالبحر. أمّا الجزر الثلاث التي تقع على مدخل الخليج الذي تقع عليه سولاكو فتحتفظ بأسرار كونية والجزر هي: أزابيلا الكبيرة، والأزابيلا الصغيرة وهيرموزا الصغرى. ويتناقل الناس أساطيرها على الدوام، وعلى مرّ العصور.

تبدأ الأخدود بوصف موران الذي يذكّرنا سكونها الحذر المخادع بسولاكو وجزرها وأخدودها السحيق الذي يظنّه الناس مكاناً اندفنت فيه الفضّة منذ زمن بعيد، وكل من حاول الاقتراب منه حلّت عليه اللعنة. هذا هو الوصف التمهيدي لمدينة موران:

"بدت موران في تلك الأيام المبكّرة في فصل الربيع غارقة في الصمت والتأمل، وكأنّها لا تنتظر شيئاً، لكن العين النافذة المدقّقة ترى في صمتها انتظاراً أو بقية من ترقّب، وترى في هذا السكون حذراً مخادعاً، إذ لابدّ أن ينتهي فجأة كأنّه لم يكن، ولذلك، ودون اتّفاق أو تدبير، شارك الجميع في هذا الصمت، وجعلوا لحركتهم البطيئة الموزونة طابعاً في الخفاء المشوب بالتآمر، وبالغوا في ذلك أ شد المبالغة؛ لأنّ خطأ أيّاً كان سببه أو مصدره، لابدّ أن يعكر الكثير، وقد يخلق صعوبات ليس من السهل معالجتها"(منيف، ص5).

/ 137