تاریخ الشیعه و عقیدتهم نسخه متنی
لطفا منتظر باشید ...
عقب انتهاء مؤتمر سقيفة بني ساعدة، وما ترتّب عليه من نتائج وقرارات خطيرة.والحقّ يقال إنّ هذا المؤتمر الذي ضمّ بين صفوفة ثلّة كبيرة من وجوه الصحابةـ من المهاجرين والاَنصار ـ قد أغفل عند انعقاده الواجب الاَعظم في إكرام رسول الله_ صلى الله عليه وآله وسلم _ صاحب الفضل الاَكبر فيما وصل إليه الجميع ـ عندما تُرك مُسجّى بين يدي أهل بيته وانشغلوا بما كان من غير الاِنصاف أن ينسب إليه _ صلى الله عليه وآله وسلم _ من قصور لا عذر فيه في ترك الاَُمّة حائرة به بعد موته.أقول: ونتيجة لانشغالهم ذاك فقد حرموا من واجب إكرام الرسول _ صلى الله عليه وآله وسلم _ جلّه، ففاتهم أعظمه، وقصروا في تأديته، وكان لاَهل بيته وحدهم ذلك الدور كلّه، فأوفوه، ولم يألوا في ذلك جهداً.وإذا كان المؤتمرون في السقيفة قد خرجوا إلى الملاَ بقرار كان ثمرة مخاض عسير واعتراك صعب؛ فإنّه أوضح وبلا أدنى ريب تبعثر الآراء واختلافها، بل وظروف خطرة كان من الممكن أن تودي بالجهد العظيم الذي بذله رسول الله_ صلى الله عليه وآله وسلم _ ومن معه من المؤمنين في إرساء دعائم هذا الدين وتثبيت أركانه، وأوضحت ـ وذاك لا خفاء عليه ـ أنّ من غير المنطقي لرسول الله_ صلى الله عليه وآله وسلم _ أن يرحل ـ مع أنّه لم يفاجئه الموت ـ دون أن يدرك هذه الحقيقة التي ليس هو ببعيد عنها، ولا يمكن أن يتغاضى عنها، وهو الذي ما خرج في أمر جسيم إلاّ وخلّف عنه من ينوبه في إدارة شؤون الاَُمّة في فترة غيابه التي لا يلبث أن يعود منها بعد أيّام معدودات، فكيف بالرحيل الاَبدي؟! نعم إنّ هذا الاَمر لابدّ وإن يستوقف كلّ ذي لب وعقل مستنير.كما أنّ الاستقراء المتأنّي لاَحداث السقيفة قد أوضح وبقوّة في أثناء المؤتمر وبعده وجود تيار قوي ومتماسك تبنّته جملة من وجوه الصحابة ومتقدّميها، وعمدت إلى التذكير بوجوده والاِجهار به، ولو قادهم هذا الاَمر إلى الاِقتتال دون تنفيذه، وذاك الاَمر هو الاِصرار على إيكال أمر الخلافة إلى عليّ بن أبي طالب7