التقيّة في الشريعة الإسلامية - صیانة القرآن الکریم من التحریف نسخه متنی

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

صیانة القرآن الکریم من التحریف - نسخه متنی

السید عبدالرحیم الموسوی؛ مصحح: محمد هادی الیوسفی، السید منذر الحکیم

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
لیست موضوعات
توضیحات
افزودن یادداشت جدید



التقيّة في الشريعة الإسلامية


ثالثاً: لماذا دوّنوا هذه الأخبار في الكتب المعتمدة إذا لم تمثل آراءهم؟



والجواب على ذلك: أنّ طبيعة الأعمال الموسوعية لا تتقيد بوجهات نظر أصحابها وبخاصة في عالم نقل الأحاديث.


ولقد كان من المألوف قديماً أن مؤلفي كتب الحديث، ما كان ليهمهم تمحيص الأحاديث بقدر ما كان يهمّهم تدوينها، وكأن مهمّة التمحيص موكولة إلى المجتهدين في مجالات استنباط أحكامهم، ومن هنا احتجنا إلى تسليط الأضواء على جميع كتب الحديث، وإخضاعها لقواعد النقد والتمحيص التي عرضت في كتب الدراية، وحسب هؤلاء المؤلفين أمثال: الكليني، والشيخ الطوسي، وأصحاب الصحاح والمسانيد، أن لا يكونوا موضعاً للطعن في أمانتهم في مجالات النقد والتجريح، ولعل لهم من وجهات النظر في نقل مختلف الأحاديث ما يحمدون عليه، وإلاّ فإن الاقتصار على ما يراه صاحب الكتاب حقاً من الأحاديث وإلغاء ما عداه، معناه تعريض ثرواتنا إلى كثير من الضياع، وإخضاع أكثرها إلى الزاوية التي ينظر منها المؤلف إلى الحديث، وهي تتأثر عادة بعوامل بيئية ، بالإضافة إلى ترسّبات أصحابها وقيمهم وعواطفهم، على أن في ذلك ما فيه من تحديد لطبيعة الاجتهاد وتضييق نطاقه وحصره في غير اطار صاحبه، بل في اُطر رواة الحديث بما لهم من ثقافات ضيّقة لو بالغنا في توسعتها لما تجاوزنا بها طبيعة عصورهم وبيئاتهم، مع أنّ الدين بطبعه يتسع لجميع العصور.


وشبهة التحريف ـ بعد هذا ـ من الشبه التي لا تستحق أن يطال فيها الحديث لكونها شبهة في مقابل البديهة، فأخبار التحريف ـ مع تضارب مضموناتها وتهافتها في أنفسها ـ لا تزيد على كونها أخبار آحاد، وهي لا تنهض للوقوف أمام التواتر الموجب للقطع بأن هذا القرآن الذي بأيدينا هو القرآن الذي نزل على النبي(صلى الله عليه وآله)، دون أن يزاد أو ينقص فيه.



رابعاً: موقف أئمة أهل البيت(عليهم السلام) من القرآن الموجود



وردت أخبار عديدة عن أئمة أهل البيت(عليهم السلام) كلّها تصرّح بأنهم يعتقدون بأن القرآن الموجود، هو نفسه القرآن الذي نزل على رسول الله(صلى الله عليه وآله) .


فلو لاحظنا إرشاداتهم ووصاياهم وحواراتهم ، ذات الموضوعات المختلفة لوجدناها تجعل من هذا القرآن محوراً رئيسياً لها من حيث الاستدلال على الأحكام، أو من حيث التربية، أو تبيان القواعد التفسيرية، أو الفقهية ويضاف لهذا النشاط حثّهم لتلاوة القرآن وضرورة حفظه والتدبّر في آياته، فهذه الألوان من الوصايا تكشف لنا عن مدى إهتمامات الأئمة(عليهم السلام) بالقرآن الموجود بين أيدينا وإلاّ فلا تصح تلك الأخبار، وإليك جملة منها:


1 ـ أوصى الإمام علي بن أبي طالب(عليه السلام) بالقرآن وبيّن علومه وهذا يتضمن الإقرار بأن القرآن الموجود هو نفسه النازل على رسول الله(صلى الله عليه وآله)، قال(عليه السلام):


أ ـ كتاب ربّكم فيكم، مبيّناً حلاله وحرامه، وفرائضه وفضائله، وناسخه ومنسوخه، ورخصه وعزائمه، وخاصه وعامه، وعِبره وأمثاله، ومرسله ومحدوده، ومحكمه ومتشابهه، مفسراً مجمله، ومبيّناً غوامضه، بين مأخوذ ميثاق علمه، وموسّع على العباد في جهله، وبين مثبت في الكتاب فرضه، ومعلوم في السُنّة نسخه، وواجب في السنّة أخذه، ومرخّص في الكتاب تركه، وبين واجب بوقته، وزائل في مستقبله، ومباين بين محارمه، من كبير أوعد عليه نيرانه، أو صغير أرصد له غفرانه، وبين مقبول في أدناه ، موسّع في أقصاه[1].


ب ـ وقال(عليه السلام): أم أنزل الله ديناً ناقصاً فاستعان بهم على إتمامه؟ أم كانوا شركاء له؟! فلهم أن يقولوا وعليه أن يرضى؟ أم أنزل الله سبحانه ديناً تاماً فقصّر الرسول(صلى الله عليه وآله) عن تبليغه وأدائه؟ والله سبحانه يقول: (ما فرّطنا في الكتاب من شيء)[2].


ج ـ وقال(عليه السلام) في كتاب له إلى الحارث الهمداني(رضي الله عنه): وتمسّك بحبل القرآن واستنصحه، وأحل حلاله، وحرّم حرامه[3].


د ـ وقال(عليه السلام): لقاح الإيمان تلاوة القرآن[4].


هـ ـ وقال(عليه السلام) وهو يحث على التدبّر عند قراءة القرآن: ألا لا خير في قراءة ليس فيها تدبّر. ألا لا خير في عبادة ليس فيها تفقّه[5].


والتلاوة والتدبّر اللذان أرادهما الإمام(عليه السلام) يتمان في هذا القرآن لا في غيره.


و ـ ووصف(عليه السلام) القرآن قائلاً: جعله الله ريّاً لعطش العلماء، وربيعاً لقلوب الفقهاء ، ومحاجَّ لطرق الصلحاء، ودواءً ليس بعده داء، ونوراً ليس معه ظلمة[6].


2 ـ الإمام الحسن بن علي بن أبي طالب(عليه السلام) وصف القرآن بقوله: إن هذا القرآن فيه مصابيح النور وشفاء الصدور، فليجل جال بضوئه ، وليلجم الصفة، فإن التلقين حياة القلب البصير، كما يمشي المستنير في الظلمات بالنور[7].


3 ـ وكان الإمام علي بن الحسين السجاد(عليه السلام) يدعو عند ختمه القرآن بقوله:


اللّهمّ فإذا أفدتنا المعونة على تلاوته وسهّلت جواسي ألستنا بحُسن عبارته فاجعلنا ممّن يرعاه حق رعايته ويدين لك باعتقاد التسليم لحكم آياته[8].


4 ـ وجاء عن الإمام محمد بن علي الباقر(عليه السلام) : إن الله يقول للمؤمنين (وإذا قُرئ القرآن)يعني في الفريضة خلف الإمام (فاستمعوا)[9].


وهذه وصية عامة للمسلمين فيما إذا قرأوا سوراً من هذا القرآن.


وجاء عنه(عليه السلام) أيضاً قوله وهو يصف القرآن: إن للقرآن بطناً، وللبطن بطن، وله ظهر وللظهر ظهر... وليس شيء أبعد من عقول الرجال من تفسير القرآن، إن الآية لتكون أ وّلها في شيء وآخرها في شيء وهو كلام متصل يتصرف على وجوه[10].


وقال أيضاً: من ختم القرآن بمكة من جمعة إلى جمعة وأقلّ من ذلك وأكثر، وختمه يوم الجمعة، كتب الله له من الأجر والحسنات من أ وّل جمعة كانت إلى آخر جمعة تكون فيها، وإن ختمه في سائر الأيام فكذلك[11].


5 ـ عن علي بن سالم عن أبيه، قال: سألت الإمام الصادق جعفر ابن محمد(عليهما السلام)فقلت له: يابن رسول الله ما تقول في القرآن؟ فقال :


هو كلام الله وقول الله، وكتاب الله، ووحي الله وتنزيله، وهو الكتاب العزيز الذي (لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد) [12].


وقال(عليه السلام): إن الله جعل ولايتنا أهل البيت قطب القرآن وقطب جميع الكتب، عليها يستدير محكم القرآن وبها يوهب الكتب ويستبين الإيمان[13].


وقال أيضاً: من فسّر القرآن برأيه فأصاب لم يؤجر ، وإن أخطأ كان إثمه عليه[14].


وقد ذكر الفقهاء ـ رضي الله تعالى عنهم ـ تفصيل ما يستحب أن يُقرأ في الصلوات الخمس من سور القرآن[15].


كما روى الشيخ الصدوق(رحمه الله) ثواب قراءة كلّ سورة من القرآن بحسب الأحاديث الواردة عن الأئمة(عليهم السلام)[16].


وبهذا القسم من الأحاديث استدلّ بعض أكابر الإمامية كالشيخ الصدوق على ما ذهب إليه من عدم وقوع التحريف في نصوص القرآن الكريم[17].


فعن الإمام الباقر عن أبيه عن جدّه عن رسول الله(صلى الله عليه وآله) :


من قرأ عشر آيات في ليلة لم يُكتب من الغافلين، ومن قرأ خمسين آية كُتب من الذاكرين، ومن قرأ مائة آية كُتب من القانتين، ومن قرأ مائتي آية كُتب من الخاشعين، ومن قرأ ثلاثمائة آية كُتب من الفائزين، ومن قرأ خمسمائة آية كُتب من المجتهدين، ومن قرأ ألف آية كُتب له قنطار...[18].


وعن الإمام الصادق(عليه السلام): ... وعليكم بتلاوة القرآن، فإن درجات الجنّة على عدد آيات القرآن، فإذا كان يوم القيامة يقال لقارئ القرآن إقرأ وارقَ، فكلّما قرأ آية رقى درجة...[19].


وعن الإمام الصادق(عليه السلام) أيضاً: الواجب على كل مؤمن إذا كان لنا شيعة أن يقرأ ليلة الجمعة بالجمعة وسبّح اسم ربّك الأعلى... فإذا فعل ذلك فإنّما يعمل بعمل رسول الله(صلى الله عليه وآله)، وكان جزاؤه وثوابه على الله الجنة[20].


6 ـ بيّن الإمام علي بن موسى الرضا(عليه السلام) إشارات القرآن الكريم في قوله تعالى: (عفا الله عنك لِمَ اَذِنتَ لهم): هذا ممّا نزل بإياك أعني واسمعي يا جاره... وكذلك قوله تعالى: (لئن أشركت ليحبطنّ عملك)وقوله تعالى: (ولولا أن ثبّتناك لقد كدّت تركن إليهم)[21].


وعن الريّان بن الصلت قال: قلت للرضا(عليه السلام): يابن رسول الله ما تقول في القرآن؟


فقال: كلام الله، لا تتجاوزوه، ولا تطلبوا الهدى في غيره فتضلوا[22].


وجاء فيما كتبه الإمام الرضا(عليه السلام) للمأمون في محض الإسلام وشرائع الدين:


وإنّ جميع ما جاء به محمد بن عبدالله هو الحق المبين، والتصديق به وبجميع من مضى قبله من رُسُل الله وأنبيائه وحججه. والتصديق بكتابه الصادق العزيز الذي (لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد) وأنه المهيمن على الكتب كلّها، وأنه حق من فاتحته إلى خاتمته نؤمن بمحكمه ومتشابهه، وخاصه وعامه، ووعده ووعيده، وناسخه ومنسوخه، وقصصه وأخباره، لا يقدر أحد من المخلوقين أن يأتي بمثله[23].


وهكذا يتّضح للّبيب موقف أهل البيت(عليهم السلام) الصريح من هذا القرآن الموجود بين أيدينا وعدم تسرّب التحريف لنصوصه الكريمة بزيادة أو نقصان.



الخلاصة :



لقد ثبت من خلال استقصاء الأدلّة الروائية والتاريخية، بالإضافة الى ما تفرضه طبيعة الأشياء، من أن القرآن قد حظي باهتمام بالغ من قبل المسلمين، يمنع دخول يد التحريف إليه، وهو يمثل دستور الاُمّة والمصدر الأساسي لكيانها، ثقافةً وسياسةً وعقيدةً.


كما ثبت أن القرآن قد دوّن وجمع في حياة الرسول(صلى الله عليه وآله)انطلاقاً من اطلاع الرسول ومعرفته بتاريخ الرسالات ، وما لعبه المحرفون بالكتب من قبله، وكان(صلى الله عليه وآله) واعياً للظروف المحيطة بالاُمّة الإسلامية، والأخطار التي سوف تهددها من بعده، لذا بذل جهداً كبيراً ولم يترك آخرته لدنياه حتى عارض ما في صدره صدور الحفظة، الذين كانوا كثرة، وتكللت جهوده بجمع القرآن ما بين الدفتين في عهده.


وقد ناقشنا الفروض الممكن تصوّرها حول احتمال التحريف في عهد الخلفاء وممّا جاء بعدهم، وقد ثبت عدم إمكان وقوعها بعد أن توفرت عوامل عديدة تشكل بمجموعها ضمانة حقيقية لوصول القرآن بكامله في عهد الشيخين، بالإضافة الى ما مارسته الاُمّة من دور الرقابة والحراسة، حيث كانت ترصد أي محاولة من شأنها المساس بكتاب الله ولو لحرف واحد منه.


أمّا الروايات التي تنقلها كتب الحديث، والتي يُفهم منها احتمال وقوع التحريف في القرآن، فلا يؤمن بها إلاّ الاتجاه الخاطئ الذي يعتقد بقطعية صدور ما جاء في كتب الصحاح، أما المنهج الذي يتعامل بموضوعية معها ـ كما هو المنهج الذي يسلكه علماء مدرسة أهل البيت(عليهم السلام) مع كتبهم فهو يدين هذه النصوص المرويّة من حيث أسنادها ومن حيث دلالتها على التحريف.


وقد اتّضح ذلك من خلال مناقشة الروايات عند الفريقين، بالإضافة الى تصاريح أئمة أهل البيت(عليهم السلام) ، وعلماء مدرستهم، بسلامة القرآن من التحريف، ابتداءاً من القرن الأوّل وحتى هذا اليوم.


ولم يختلف موقف عامة علماء أهل السنة ، عن هذا الموقف إطلاقاً. أما محاولات الاستدلال بتلك الأحاديث ، وقصة نسخ التلاوة، فقد عارضها كثير من علماء السنّة فضلاً عن علماء مدرسة أهل البيت(عليهم السلام)، وبهذا يثبت بطلان وخبث الجهود التي تسعى لإثارة الشبهة، وتعميقها في نفس الاُمّة حيث تريد الوقيعة بالطائفتين معاً، عن طريق المسّ بأقدس مصدر إسلامي.


وآخر دعوانا ان الحمد لله رب العالمين



[1] نهج البلاغة: الخطبة الاُولى ، القرآن والأحكام الشرعية.


[2] شرح نهج البلاغة: 1/288، خ18 (ذم اختلاف العلماء في الفتيا).


[3] شرح نهج البلاغة: 1/7 خ 198.


[4] غرر الحكم: 7633 نقلاً.


[5] بحار الأنوار: 92/211.


[6] نهج البلاغة الخطبة 198، شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد: 10/199.


[7] بحار الأنوار: 78/112.


[8] الصحيفة السجادية للإمام زين العابدين : الدعاء 42.


[9] بحار الأنوار : 92/222.


[10] بحار الأنوار: 92/20.


[11] ثواب الأعمال: 125.


[12] أمالي الشيخ الصدوق: 545.


[13] بحار الأنوار: 92/27.


[14] المصدر السابق : 92/110.


[15] جواهر الكلام: 9/400 ـ 416.


[16] ثواب الأعمال: 130 ـ 158.


[17] الاعتقادات للشيخ الصدوق: 93.


[18] الأمالي للشيخ الصدوق: 59 ـ 60، الكافي: 2/448.


[19] الأمالي للشيخ الصدوق : 359.


[20] ثواب الأعمال: 146.


[21] عيون أخبار الرضا: 1/202.


[22] المصدر السابق: 2/57، الأمالي: 546.


[23] عيون أخبار الرضا للشيخ الصدوق: 2/130.


/ 6