والتهافهات ، أو للمطامع الشهوات ؟ أين النخوة والحفاط ؟ أين الاباء والحمية ؟ أيظنون أنهم لو
انضووا الى راية الهدى يحرمهم صاحبه الاعطاء ؟ أو يضن عليهم بالوظائف ؟ أو يقيم الحق بغيرهم ؟ لا ها
الله ما كان يدّخر الاعطيات إلا لهم ، ولا ينضد الكراسي بمن عداهم ، ولا قيادة الجيوش إلا بهم ، ولو
عدلوا لما استلم الحكم سواهم.لكن خسّة الطباع ولؤم العنصر حالا دون أن يحضوا بالشرف وضاح والسعادة في الدنيا والآخرة فاستمرأوا
أجاج الأمويين تحت راية ابن مرجانة ، وتركوا التاريخ يذكرهم منافيات المروءة والحفاظ ولوازم قول
الزور وخفر الذمم « ولعذاب الله أكبر لو كانوا يعلمون ».
خطبة ابن زياد
لما تفرق الناس عن مسلم ـ عليه السلام ـ وسكن لغطهم ولم يسمع ابن زياد أصوات الرجال أمر من معه فيالقصر أن يشرفوا على ظلال المسجد لينظروا هل كمنوا فيها . فكانوا يدلون القناديل ويشعلون النار في
القصب ويدلونها بالحبال الى أن تصل الى صحن الجامع ، وفعلوا ذلك بالظلة التي فيها المنبر فلم يروا
لأصحاب ابن عقيل أثرا ، فأعلموا ابن مرجانة فأمر مناديه أن ينادي في الناس ليجتمعوا في المسجد ،
ولما امتلأ المسجد بهم رقي المنبر وقال : ان ابن عقيل قد أتى ما قد علمتم من الخلاف والشقاق فبرئت
الذمة من رجل وجدناه في داره ، ومن جاء به فله ديته ، اتقو االله عباد الله والزموا طاعتكم وبيعتكم ،
ولا تجعلوا على أنفسكم سبيلا.
الى السجن
ثم أمر ابن زياد صاحب شرطته الحصين بن تميم أن يفتّش الدور والسكك ، وحذّره بالفتك الذريع اذا أفلتمسلم وخرج من الكوفة (8).فقام الحصين بهذه المهمة فبثّ العيون ووضع الحرس على أفواه السكك ، وتتبّع الأشراف الناهظين مع
مسلم فقبض على عبد الأعلى بن يزيد الكلبي وعمارة بن
8) الطبري ج6 ص209.