مقدمة التحقيق
بسم الله الرحمن الرحيمإذا كان من نظام حياة الانسان أن يقوم بنفسه لسد حاجاته والتوصل إلىمتطلباته وإصلاح شؤونه فإنه يواجه وبصورة دائمة خيارين بين ما يناسب شأنه
وطبيعة أمره ووجوده وما لا يناسب ذلك.فهو مضطر إلى ضبط الخيارات المناسبة والحركات الهادفة إلى غرض
تضمين سلامته ودوامه وخيره وصلاحه ومن هذا المبدأ جاء الاسلام بتشريعه
القويم على لسان نبيه ليبين للإنسان حدود هذه الخيارات والحركات وثغورهما
فيجعله على سبل السلام والصراط الأقوم لحياته ويخرجه عن الضنك في العيش
إلى الرغد فيه ومن الظلمات في المسالك إلى الأنوار المضيئة فيها.فوعت هذا البلاغ قلوب سليمة وتسلمت الأمانة أيدي آهلة لها فقامت
طائفة منها بدورها إلى استيعاب معالم الشريعة حسب وسعها بدءا ومآلا ظاهرا
وباطنا لتروى وتتأمل في ظل تعاليم صاحب الرسالة والكتاب المنزل عليه فلم تجد
لهذا الدين منبعا ومصدرا إلا الكتاب كتاب الله المنزل وما صدر عن الرسول
قولا وفعلا وسكونا كما أن قسما منهم من الذين وعوا مغزى الدعوة المحمدية وهذا
النداء السماوي والغاية المحكمة رأت وبالبراهين المتقنة وبالوجدان من صاحب
الرسالة استمرار الخط الرسالي في أهل بيت النبوة وعترته في الدرجة التالية بعده
فاقتفوا آثارهم كاقتفائهم آثار النبوة إلى جنب الكتاب العزيز القرآن المجيد فقام
أصحاب الفكر والوعي من هؤلاء على مركب العقل بدراسة الكتاب والسنة
واعتنوا بهذا الشأن كل العناية وراعوا ذلك رعاية المتعلم النشيط معلمه والمتأدب
مؤدبه فحاولوا فهم الدين وفقهه - ومن ضمنه الأحكام والتشريعات -.