الثابت) نسب التثبيت الى اللطف لانه من فعل الله.و قال ابن ميثم: قوله- عليه السلام- (الا و ان الله) ترغيب للسامعين ان يكونوا من اهل الخير و دعائم الحق و عصم الطاعه و كانه عنى بالعون القرآن، قال- تعالى-: (لنثبت به فوادك).و (فيه كفاء) اى فى ذلك العون كفايه لطالبى الاكتفاء، اى من الكمالات النفسانيه، (و شفاء) لمن طلب الشفاء من امراض الرذائل الموبقه، و يمكن ان يكون المراد باهل الخير الاتقياء و بدعائم الحق النبى و الائمه- عليهم السلام- و بعصم الطاعه العبادات التى توجب التوفيق من الله- سبحانه- و ترك المعاصى الموجبه لسلبه او الملائكه العاصمه للعباد عن اتباع الشياطين و بالعون الملائكه المرغبه فى طاعه الله كما ورد فى الاخبار.نهج: و اشهد ان محمدا عبده و سيد عباده، كلما نسخ الله الخلق فرقتين جعله فى خيرهما، لم يسهم فيه عاهر، و لا ضرب فيه فاجر.بيان: (النسخ) الازاله و التغيير، استعير هنا للقسمه لانها ازاله للمقسوم و تغيير له.و (العاهر) الزانى، و يطلق على الذكر و الانثى، و كذلك الفاجر.تذنيب: اقول: قد ذكر علمائنا- رضى الله عنهم- بعض خصائصه- صلى الله عليه و آله- فى كتبهم و جمعها العلامه- رحمه الله- فى كتاب التذكره.فلنور
د ملخص ما ذكروه- رحمهم الله-.قال فى التذكره: فاما الواجبات عليه دون غيره من امته امور: الاول السواك، الثانى الوتر، الثالت الاصحيحه.روى عنه- صلى الله عليه و آله- انه قال: ثلاث كتب على و لم يكتب عليكم: السواك و الوتر و الاضحيه.و فى حديث آخر: كتب على الوتر و لم يكتب عليكم، و كتب على السواك و لم يكتب عليكم، و كتبت على الاصحيه و لم تكتب عليكم.و تردد الشافعى فى وجوب السواك عليه- صلى الله عليه و آله-.الرابع: قيام الليل لقوله- تعالى-: (و من الليل فتهجد به نافله لك).و ان اشعر لفظ النافله بالسنه، و لكنها فى اللغه الزياده و لان السنه جبر للفريضه، و كان- صلى الله عليه و آله- معصوما من النقصان فى الفرائض.و اختلف الشافعيه فقال بعضهم: كان ذلك واجبا عليه و قال بعضهم: كان واجبا عليه و على امته فنسخ.اقول: ذكر الوتر مع قيام الليل يشتمل على تكرارا ظاهرا، و الاصل فيه ان العامه رووا حديثا عن عايشه ان النبى- صلى الله عليه و آله- قال: (ثلاث على فريضه و لكم سنه: الوتر و السواك و قيام الليل).و لذا جمعوا بينهما تبعا للروايه، كما يظهر من شارح الوجيزه و تبعهم اصحابنا- رضوان الله عليهم-.و قال الشهيد الثانى- قدس سره-: اعلم ان بي
ن قيام الليل و بين الوتر الواجبين عليه مغايره العموم و الخصوص المطلق، لان قيام الليل بالتهجد يحصل بالوتر و بغيره فلا يلزم من وجوبه وجوبه، و اما الوتر فلما كان من العبادات الواقعه بالليل فهو من جمله التهجد بل افضله.فقد يقال: ان ايجابه يغنى عن ايجاب قيام الليل و جوابه ان قيام الليل و ان تحقق بالوتر لكن مفهومه مغاير لمفهومه لان الواجب من القيام لما كان يتادى به و بغيره.و بالكثير منه و القليل كان كل فرد ياتى به منه موصوفا بالوجوب لانه احد افراد الواجب الكلى، و هذا القدر لا يتادى بايجاب الوتر خاصه و لا يفيد فائدته، فلا بد من الجمع بينهما.ثم قال فى التذكره: الخامس: قضاء دين من مات معسرا لقوله - صلى الله عليه و آله-: (من مات و خلف مالا فلورثته: و من مات و خلف دينا او كلا فعلى) و الى هذا مذهب الجمهور.و قال بعضهم: كان ذلك كرما منه، و هذا اللفظ لا يمكن حمله على الضمان لان من صحح ضمان المجهول لم يصحح على هذا الوجه.و للشافعيه و جهان فى ان الامام هل يجب عليه قضاء دين المعسر اذا مات و كان فى بيت المال سعه تزيد على حاجه الاحياء لما فى ايجابه من الترغيب فى اقتراض المحتاجين.السادس: مشاوره اولى النهى لقوله- تعالى-: (و ش
اورهم فى الامر).و قيل: انه لم يكن واجبا عليه، بل امر لاستماله قلوبهم و هو المعتمد، فان عقل النبى- صلى الله عليه و آله- اوفر من عقول كل البشر.السابع: انكار المنكر اذا راه و اظهاره، لان اقراره على ذلك يوجب جوازه: فان الله - تعالى- ضمن له النصر و الاظهار.الثامن: كان عليه تخيير نسائه بين مفارقته و مصاحبته بقوله- تعالى-: (يا ايها النبى قل لازواجك ان كنتن تردن الحياه الدنيا و زينتها فتعالين امتعكن و اسرحكن سراحا جميلا و ان كنتن تردن الله و رسوله و الدار الاخره فان الله اعد للمحسنات منكن اجرا عظيما).و الاصل فيه ان النبى- صلى الله عليه و آله- آثر لنفسه الفقر و الصبر عليه، فامر بتخيير نسائه بين مفارقته و اختيار زينه الدنيا و بين اختياره و الصبر على ضر الفقر لئلا يكون مكرها لهن على الضر و الفقر، هذا هو المشهور.و للشافعيه وجه فى التخيير لم يكن واجبا عليه و انما كان مندوبا، و المشهور الاول.ثم ان رسول الله - صلى الله عليه و آله- لما خير هن اخترنه و الدار الاخره، فحرم الله- تعالى- على رسوله التزويج عليهن و التبدل بهن من ازواج ثم نسخ ذلك ليكون المنه لرسول الله- صلى الله عليه و آله- بترك التزوج عليهن بقوله- تعالى-: (ا
نا احللنا لك ازواجك اللاتى آتيت اجور هن).قالت عايشه: ان النبى- صلى الله عليه و آله- لم يمت حتى احل له النساء تعنى اللاتى حظرن عليه.و قال ابوحنيفه: ان التحريم باق لم ينسخ.و قد روى ان بعض نساء النبى- صلى الله عليه و آله- طلبت منه حلقه من ذهب فصاغ لها حلقه من فضه و طلاها بالزعفران، فقالت: لا اريد الا من ذهب، فاغتم النبى- صلى الله عليه و آله- لذلك فنزلت آيه التخيير.و قيل: انما خيره لانه لم يمكنه التوسعه عليهن، فربما يكون فيهن من يكره المقام معه فنزهه عن ذلك.و روى ان النبى- صلى الله عليه و آله- كان يطالب بامور لا يملكها و كان نسائه يكثرن مطالبته حتى قال عمر: كنا معاشر المهاجرين متسلطين على نسائنا بمكه و كانت نساء الانصار متسلطات على الازواج، فاختلط نساونا فيهن فتخلفن باخلاقهن، و كلمت امراتى يوما فراجعتنى، فرفعت يدى لاضربها و قلت: اتر اجعينى يا لكعائ؟ فقالت: ان نساء رسول الله- صلى الله عليه و آله- يراجعنه و هو خير منك.فقلت: خابت حفصه و خسرت، ثم اتيت حفصه و سالتها.فقالت: ان رسول الله- صلى الله عليه و آله- قد يظل على بعض نسائه طول نهاره غضبانا.فقلت: لا تغترى بابنه ابى قحافه، فانها حبه رسول الله- صلى الله عليه و آله- يحمل منها ما لا يحمل منك.و قال عمر: كنت قد ناوبت رجلا من الانصار حضور مجلس رسول الله- صلى الله عليه و آله- ليخبر كل واحد منا صاحبه فيما يجرى، فقرع الانصارى باب الدار يوما، فقلت: اجائنا غسان؟ و كان قد اخبرنا بان غسان تنعل خيولها لتغزونا، فقال: امر افظع من ذلك، طلق رسول الله - صلى الله عليه و آله- جميع نسائه.فخرجت من البيت و رايت اصحاب رسول الله- صلى الله عليه و آله- يبكون حوله و هو جالس و كان انس على البيت.فقلت: استاذن لى فلم يجب.فانصرفت فنا زعتنى نفسى و عاودت فلم يجب، حتى فعلت ذلك ثلاثا، فسمع رسول الله- صلى الله عليه و آله- صوتى فاذن، فدخلت فرايته نائما على حصير من الليف، فاستوى و اثر الليف فى جنبيه، فقلت: ان قيصر و كسرى يفرشان الديباج و الحرير.فقال: افى شك انت يا عمر؟ اما علمت انها لهم فى الدنيا و لنا فى الاخره.ثم قصصت عليه القصه فابتسم لما سمع قول لحفصه (لا تغترى بابنه ابى قحافه).ثم قلت: طلقت نسائك؟ فقال: لا.و روى انه كان الى من نسائه شهرا فكمث فى غرفه شهرا، فنزل قوله- تعالى-: (يا ايها النبى قل لازواجك- الايه) فبدا رسول الله- صلى الله عليه و آله- بعايشه و قال: انى ملق اليك امرا فلا تبادرينى
بالجواب حتى توامرى ابويك، و تلا الايه.فقالت: افيك اوامر ابوى؟ اخترت الله و رسوله و الدار الاخره.ثم قالت لا تخبر ازواجك بذلك.و كانت تريد ان يخترن.فيفارقهن رسول الله - صلى الله عليه و آله- فدار- صلى الله عليه و آله- على نسائه و كان يخبرهن بما جرى لعايشه، فاخترين باجمعهن الله و رسوله، و هذا التخيير عند العامه كنايه فى الطلاق و عندنا انه ليس له حكم.و قال الشهيد الثانى و الشيخ على- رحمهما الله-: هذا التخيير عند العامه القائلين بوقوع الطلاق بالكنايه كنايه عن الطلاق، و قال بعضهم: انه صريح فيه و عندنا ليس له حكم بنفسه، بل ظاهر الايه ان من اختارت الحياه الدنيا و زينتها يطلقها لقوله - تعالى-: (ان كنتن تردن الحياه الدنيا و زينتها فتعالين امتعكن و اسرحكن سراحا جميلا).اقول: سياتى القول فيه فى بابه.ثم قال فى التذكره: و اما المحرمات فقسمان: الاول: ما حرم عليه خاصه فى غير النكاح و هو امور: الاول: الزكاه المفروضه، صيانه لمنصبه العلى عن او ساخ اموال الناس التى تعطى على سبيل الترحم و تنبى عن ذل الاخذ، و ابدل بالفى ء الذى يوخذ على سبيل القهر و الغلبه المنبى عن عز الاخذ و ذل الماخوذ منه، و يشركه فى حرمتها او لوا القربى، ل
كن التحريم عليهم بسببه ايضا فالخاصه عائده اليه، قال رسول الله- صلى الله عليه و آله-: انا اهل بيت لا تحل لنا الصدقه.اقول: قال الشهيد الثانى- رحمه الله- بعد ذكر هذا الوجه: مع انها لا تحرم عليهم مطلقا، بل من غير الهاشمى مع و فاء نصيبهم من الخمس بكفايتهم و اما عليه- صلى الله عليه و آله- فانها تحرم مطلقا، و لعل هذا اولى من الجواب السابق لان ذاك مبنى على مساواتهم له فى ذلك كما تراه العامه، فاشتركوا فى ذلك الجواب و الجواب الثانى مختص بقاعدتنا.رجعنا الى كلام التذكره: الثانى: الصدقه المندوبه، الاقرب تحريمها على رسول الله - صلى الله عليه و آله- لما تقدم و هو احد قولى الشافعى تعظيما له و تكريما، و فى الثانى يجوز، و حكم الامام عندنا حكم النبى- صلى الله عليه و آله-.الثالث: انه كان- صلى الله عليه و آله- لا ياكل الثوم و البصل و الكراث، و هل كان محرما عليه؟ الاقرب: لا، و للشافعيه و جهان، لكنه كان يمتنع منها لئلا يتاذى بها من يناجيه من الملائكه، روى انه- صلى الله عليه و آله- اتى بقدر فيها بقول فوجد لها ريحا فقر بها لى بعض اصحابه و قال به: كل! فانى اناجى من لا تناجى.الرابع: انه- صلى الله عليه و آله- كان لا ياكل متكئا، روى
انه- صلى الله عليه و آله- قال: انا آكل كما تاكل العبيد و اجلس كما تجلس العبيد.و هل كان ذلك محرما عليه او مكروها كما فى حق الامه؟ الاقرب الثانى، و للشافعى و جهان.الخامس: يحرم عليه الخط و الشعر تاكيدا لحجته و بيانا لمعجزته، قال الله- تعالى-: (و لا تخطه بيمينك) و قال - تعالى-: (و ما علمناه الشعر).و قد اختلف فى انه- صلى الله عليه و آله- كان يحسنهما ام لا؟ و اصح قولى الشافعى الثانى، و انما يتجه التحريم على الاول.السادس: كان- صلى الله عليه و آله- اذا لبس لامه الحرب يحرم عليه نزعها حتى يلقى العدو و يقاتل، قال- صلى الله عليه و آله-: (ما كان لنبى اذا لبس لامته ان ينزعها حتى يلقى العدو)، و هو المشهور عند الشافعيه و لهم وجه: انه كان مكروها لا محرما.السابع: كان- صلى الله عليه و آله- اذا ابتدا بتطوع حرم عليه تركه قبل اتمامه، و فيه خلاف.الثامن: كان يحرم ان يمد عينيه الى ما متع الله به الناس، قال الله - تعالى-: (و لا تمدن عينيك- الايه).التاسع: كان يحرم عليه خائنه الاعين، قال- صلى الله عليه و آله-: (ما كان لنبى ان يكون له خائنه الاعين).و فسروها بالايماء الى مباح، من ضرب او قتل على خلاف ما يظهر و يشعر به الحال، و انم
ا قيل له خائنه الاعين لانه سبب الخيانه من حيث انه يخفى و لا يحرم ذلك على غيره الا فى محظور، و بالجمله ان يظهر خلاف ما يضمر.و طرد بعض الفقهاء ذلك فى مكائده الحروب و هو ضعيف، و قد صح ان رسول الله- صلى الله عليه و آله- كان اذا اراد سفرا ورى بغيره.العاشر: اختلفوا فى انه هل كان يحرم عليه ان يصلى على من عليه دين ام لا؟ على قولين.الحادى عشر: اختلفوا فى انه هل كان يجوز ان يصلى على من عليه دين مع وجود الضامن.الثانى عشر: لم يكن له ان يمن ليستكثر، قال الله- تعالى-: (و لا تمنن تستكثر) اى لا تعط شيئا لتنال اكثر منه، قال المفسرون: انه كان من خواصه- صلى الله عليه و آله-.الثانى: ما حرم عليه خاصه فى النكاح و هو امور: الاول: امساك من تكره نكاحه و ترغب عنه لانه- صلى الله عليه و آله- نكح امراه ذات جمال، فلقنت ان تقول لرسول الله- صلى الله عليه و آله-: (اعوذ بالله منك) و قيل لها: (ان هذا الكلام يعجبه).فلما قالت ذلك قال- صلى الله عليه و آله-: (لقد استعذت بمعاذ) و طلقها.و للشافعيه وجه غريب: ان كان لا يحرم امساكها لكن فارقها تكرما منه و مات رسول الله- صلى الله عليه و آله- عن تسع نسوه: عايشه، و حفصه، و ام سلمه بنت ابن اميه المخ
زومى، و ام حبيبه بنت ابى سفيان، و ميمونه بنت الحارث الهلاليه، و جويريه بنت الحارث الخزاعيه، و سوده بنت زمعه، و صفيه بنت حى بن اخطب الخيبريه، و زينب بنت جحش.و جميع من تزوج بهن خمسه عشر و جمع بين احدى عشره و دخل بثلاث عشره و فارق امراتين فى حياته: احداهما الكلبيه و هى التى راى بكشحها بياضا، فقال لها: الحقى باهلك! و الاخرى التى تعوذت منه.و قال: ابوعبيد: تزوج رسول الله- صلى الله عليه و آله- ثمانيه عشر امراه و اتخذ من الاماء ثلاثا.الثانى: نكاح الكفار.عندنا لا يصح للمسلم على الاقوى، لقوله- تعالى-: (و لا تنكحوا المشركات حتى يومن) و قال: (و لا تمسكوا بعصم الكوافر).و قال بعض علمائنا: انه يصح، و هو مذهب جماعه من العامه، فعندنا التحريم بطريق الاولى ثابت فى حق النبى- صلى الله عليه و آله-.و اختلف فى مشروعيته له من جوز من العامه فى حق الامه على قولين: احدهما المنع لقوله- صلى الله عليه و آله-: (زوجاتى فى الدنيا زوجاتى فى الاخره)، و الجنه محرمه على الكافرين، و لانه اشرف من ان يضع مائه فى رحم كافره، و الله- تعالى- اكرم زوجاته اذ جعلهن امهات المومنين و الكافره لا تصلح لذلك لان هذه اسوه الكرامه، و لقوله- تعالى-: (انما ال
مشركون نجس)، و لقوله (كل سبب و نسب ينقطع يوم القيمامه الا سببى و نسبى) و ذلك لا يصح فى الكافره.و الثانى الجواز لان ذبائحهم له حلال فكذلك نسائهم.و المقدمه الاولى ممنوعه، فان ذبائح اهل الكتاب عندنا محرمه، و اما نكاح الامه فلم يجز له بلا خلاف بين الاكثر، و اما و طى الامه فكان سائغا له مسلمه كانت او كتابيه لقوله- تعالى-: (او ما ملكت ايمانكم) و قوله- تعالى-: (و ما ملكت يمينك) و لم يفصل.و ملك- صلى الله عليه و آله- ماريه القبطيه و كانت مسلمه، و ملك صفيه و هى مشركه، فكانت عنده الى ان اسلمت فاعتقها و تزوجها.و جوز بعضهم نكاح الامه المسلمه له- صلى الله عليه و آله- بالعقد كما يجوز بالملك و النكاح او سع منه من الامه، و لكن الاكثر على المنع لان نكاح الامه مشروط بالخوف من العنت، و النبى- صلى الله عليه و آله- معصوم و بفقدان طول الحره، و نكاحه- صلى الله عليه و آله- مستغنى عن المهر ابتداء و انتهاء، و بان من نكح امه كان ولده منها رقيقا عند جماعه و منصب النبى- صلى الله عليه و آله- منزه عن ذلك، لكن من جوز له نكاح الامه قال: خوف العنت انما يشترط فى حق الامه و منع من اشتراط فقدان الطول، و اما رق الولد فقد التزم بعض الشافعيه و جها مستبعدا فيه بذلك، و الصحيح خلافه لانه عندنا يتبع اشرف الطرفين.و اما التخفيفات فقسمان: الاول: ما يتعلق بغير النكاح و هى امور: الاول: الوصال فى الصوم، كان مباحا للنبى- صلى الله عليه و آله- و حرام على امته، و معناه انه يطوى الليل بلا اكل و شرب مع صيام النهار، لا ان يكون صائما لان الصوم فى الليل لا ينعقد، بل اذا دخل الليل صار الصائم مفطرا اجماعا، فلما نهى النبى- صلى الله عليه و آله- امته عن الوصال قيل له: انك تواصل، فقال: انى لست كاحدكم، انى اضل عند ربى يطعمنى و يسقينى.و فى روايه: انى ابيت عند ربى فيطعمنى و يسقينى.قيل: معناه يسقينى و يغذينى بوحيه.و قال الشهيد الثانى- نور الله ضريحه-: الوصال يتحقق بامرين: احدهما الجمع بين الليل و النهار عن تروك الصوم بالنيه، و الثانى تاخير عشائه الى سحوره بالنيه كذلك بحيث يكون صائما مجموع ذلك الوقت.و الوصال بمعنييه محرم على امته و مباح له - صلى الله عليه و آله-.ثم نقل كلام التذكره و قال: ليس بجيد لان الاكل بالليل ليس بواجب، و قد صرح به هو فى المنتهى فقال: لو امسك عن الطعام يومين لابنيه الصيام بل بنيه الافطار فالاقوى عدم التحريم، و على ما ذكره هنا لا فرق بينه- صلى الله ع
ليه و آله- و بين غيره، بل المراد الصوم فيهما معا بالنيه، فان هذا حكم مختص به محرم على غيره.اقول: ما ذكره- رحمه الله- هو المطابق لكلام الاكثر، لكن الاخبار الوارده فى تفسيره تقتضى التحريم مطلقا، و ايضا لو كان المراد مع النيه فلا وجه للتخصيص بهذين الفردين، بل الظاهر انه لونوى دخول ساعه من الليل مثلا فى الصوم كان تشريعا محرما.و سياتى تمام القول فى ذلك فى كتاب الصوم ان شاء الله- تعالى-.ثم قال فى التذكره: الثانى: اصطفاء ما يختاره من الغنيمه قبل القسمه، كجاريه حسنه و ثوب مترفع و فرس جواد و غير ذلك، و يقال لذلك الذى اختاره: (الصفى و الصفيه) و الجمع (الصفايا) و من صفاياه صفيه بنت حيى، اصطفاها و اعتقها و تزوجها، و ذوالفقار.الثالث: خمس الفى ء و الغنيمه كان لرسول الله- صلى الله عليه و آله- الاستبدابه، و اربعه اخماس الفى ء كانت له ايضا.الرابع: ابيح له دخول مكه بغير احرام خلافا لاخمته، فانه محرم عليهم على خلاف.الخامس: ابيحت له و لامته كرامه له الغنائم و كانت حراما على من قبله من الانبياء، بل امروا بجمعها فتنزل نار من السماء فتاكلها.و انه كان يقضى لنفسه و فى غيره خلاف، و ان يحكم لنفسه و لولده، و ان يشهد لنفسه و لولد
ه، و ان يقبل شهاده من شهد له.السادس: ابيح له ان يحمى لنفسه الارض لرعى ما شيته و كان حراما على من قبله من الانبياء- عليهم السلام- و الائمه بعده ليس لهم ان يحموا لانفسهم.و قال المحقق الثانى- رحمه الله- فى شرح القواعد: و هذا عندنا مشترك بينه و بين الائمه- عليه السلام- و قول المصنف- رحمه الله- فى التذكره (و الائمه بعده ليس لهم ان يحموا لانفسهم) ليس جاريا على مذهبنا.ثم قال فى التذكره: السابع: ابيح له ان ياخذ الطعام و الشراب من المالك و ان اضطر اليها لان حفظه لنفسه الشريفه اولى من حفظ نفس غيره، و عليه البذل و الفداء بمهجته مهجه رسول الله- صلى الله عليه و آله- لانه- صلى الله عليه و آله- اولى بالمومنين من انفسهم.و قال المحقق فى شرح القواعد و ينبغى ان يكون الامام كذلك كما يرشد اليه التعليل، و لم اقف على تصريح فى ذلك.ثم قال فى التذكره: الثامن: كان لا ينقض و ضوئه بالنوم، و به قال الشافعيه، و حكى ابوالعباس منهم و جها آخر غريبا، و كذلك حكى و جهين فى انتقاض و ضوئه باللمس.التاسع: كان يجوز له ان يدخل المسجد جنبا، و منعه بعض الشافعيه و قال: لا اخاله صحيحا.العاشر: قيل: انه كان يجوز له ان يقتل من آمنه و هو غلط، فانه من ي
حرم عليه خائنه الاعين كيف يجوز له قتل من آمنه؟ الحادى عشر: قيل: انه كان يجوز له لعن من شاء من غير سبب يقتضيه لان لعنه رحمه، و استبعده الجماعه و روى ابوهريره ان النبى- صلى الله عليه و آله- قال: (اللهم انى اتخذ عندك عهدا لن تخلفه، انما انا بشر فاى المومنين آذيته بتهمه و لعنه فاجعلها له صلاه و زكاه و قربه يتقرب بها اليك يوم القيامه).و هو عندنا باطل لانه معصوم لا يجوز منه لعن الغير و سبه بغير سبب، و الحديث لو سلم انما هو لسبب.و من التخفيفات ما يتعلق بالنكاح و هى امور: الاول: الزياده على اربع نسوه، فانه- صلى الله عليه و آله- مات عن تسع، و هل كان له الزياده على تسع؟ الاولى الجواز لامتناع الجور عليه، و للشافعيه و جهان: هذا اصحهما، و الثانى المنع، و اما انحصار طلاقه فى الثلاث فالوجه فى ذلك كما فى حق الامه و هو احد و جهى الشافعيه.و الثانى العدم كما لم ينحصر عدد زوجاته- صلى الله عليه و آله-.الثانى: العقد بلفظ الهبه، لقوله- تالى- (و امراه مومنه ان وهبت نفسها للنبى) فلا يجب المهر حينئذ بالعقد و لا بالدخول، لا ابتداء و لا انتهاء كما هو قضيه الهبه، و هو اظهر و جهى الشافعيه.و الثانى المنع، كما فى حق الامه.و على الاول
هل يشترط لفظ النكاح من جهه النبى- صلى الله عليه و آله-؟ للشافعيه و جهان: احدهما: نعم، لظاهر قوله- تعالى-: (ان يستنكحها).و الثانى لا يشترط فى حق الواهبه، و هل ينعقد نكاحه بمعنى الهبه حتى لا يجب المهر ابتداء و لا انتهائ؟ و جهان للشافعيه، و لهم وجه غريب: انه يجب المهر فى حق الواهبه، و خاصيه النبى- صلى الله عليه و آله- ليست فى اسقاط المهر، بل فى الانعقاد بلفظ الهبه.الثالث: كان اذا رغب- صلى الله عليه و آله- فى نكاح امراه فان كانت خليه فعليها الاجابه و يحرم على غيره خطبتها، و للشافعيه وجه: انه لا يحرم، و ان كانت ذات زوج وجب على الزوج طلاقها لينكحها لقضيه زيد.و لعل السر فيه من جانب الزوج امتحان ايمانه و اعتقاده بتكليفه النزول عن اهله، و من جانب النبى- صلى الله عليه و آله- ابتلاوه ببليه البشريه و منعه من خائنه الاعين و من الاضمار الذى يخالف الاظهار كما قال- تعالى-: (و تخفى فى نفسك ما الله مبديه) و لا شى ء ادعى الى غض البصر و حفظه لمجاريه الا تفاقيه من هذا التكليف و ليس هذا من باب التخفيفات كما قاله الفقهاء، بل هو فى حقه غايه التشديد اذ لو كلف بذلك آحاد الناس لما فتحوا اعينهم فى الشوارع خوفا من ذلك، و لهذا قالت عا
يشه: لو كان- صلى الله عليه و آله- يخفى آيه لاخفى هذه.الرابع: انعقاد نكحه بغير ولى و شهود، و هو عندنا ثابت فى حقه- صلى الله عليه و آله- و حق امته اذا لا نشترط نحن ذلك، و للشافعيه و جهان.الخامس: انعقاد نكاحه فى الاحرام، و للشافعيه فيه و جهان: احدهما الجواز لما روى انه - صلى الله عليه و آله- نكح ميمونه محرما، و الثانى المنع كما لم يحل له الوطى فى الاحرام، و المشهور عندهم انه نكح ميمونه حلالا.السادس: هل كان يجب عليه القسم بين زوجاته بحيث اذا باتت عند واحده منهن ليله وجب عليه ان يبيت عند الباقيات كذلك ام لا يجب؟ قال الشهيد الثانى- رحمه الله-: اختلف العلماء فى ذلك، فقال بعضهم: لا يجب عليه ذلك لقوله- تعالى-: (ترجى من تشاء منهن و تووى اليك من تشاء و من ابتغيت ممن عزلت فلا جناح عليك) و معنى (ترجى) توخر و تترك ايوائه اليك و مضاجعته بقرينه قسيمه، و هو قوله: (و تووى اليك من تشاء) اى تضمه اليك و تضاجعه، ثم لا يتعين ذلك عليك، بل لك بعد الارجاء، ان تبتغى من عزلت ما شئت و توويه اليك.و هذا ظاهر فى عدم وجوب القسمه عليه - صلى الله عليه و آله-، حتى روى ان بعد نزول الايه ترك القسمه لجماعه من نشائه و آوى اليه جماعه منهن معينا
ت و قال آخرون: بل تجب القسمه عليه كغيره لعموم الادله الداله عليها و لانه لم يزل يقسم بين نسائه حتى كان يطاف به و هو مريض عليهن و يقول: (هذا قسمى فيما املك، و انت اعلم بما لا املك) يعنى قلبه- صلى الله عليه و آله-.و المحقق- رحمه الله- استضعف الاستدلال بالايه على عدم وجوب القسمه بانه كما يحتمل ان يكون المشيه فى الارجاء و الايواء لجميع نسائه يحتمل ان يكون متعلقا بالواهبات انفسهن خاصه، فلا يكون دليلا على التخيير مطلقا.و حينئذ فيكون اختيار قول ثالث و هو وجوب القسمه لمن تزوجهن بالعقد و عدمها لمن وهبت نفسها.و فى هذا عندى نظر لان ضمير الجمع المونث فى قوله: (ترجى من تشاء منهن) و اللفظ العام فى قوله: (و من ابتغيت) لا يصح عوده للواهبات، لانه لم يتقدم ذكر الهبه الا لامراه واحده، و هى قوله: (و امراه مومنه ان وهبت نفسها للنبى ان اراد النبى ان يستنكحها) فوحد ضمير الهبه فى مواضع من الايه، ثم عقبه بقوله: (ترجى من تشاء منهن فلا يحسن عوده الى الواهبات، اذ لم يسبق لهن ذكر على وجه الجمع.بل الى جميع الازواج المذكورات فى هذه الايه و هى قوله- تعالى-: (يا ايها النبى انا احللنا لك ازواجك اللاتى آتيت اجورهن و ما ملكت يمينك مما افاء
الله عليك و بنات عمك و بنات عماتك و بنات خالك و بنات خالاتك اللاتى هاجرن معك و امراه مومنه ان وهبت نفسها للنبى- الايه) الايه، ثم عقبها بقوله: (ترجى من تشاء منهن- الايه)، و هذا هو ظاهر فى عود ضمير النسوه المخير فيهن الى من سبق من ازواجه جمع.و ايضا فان النبى - صلى الله عليه و آله- لم يتزوج بالهبه الا امراه واحده على ما ذكره المحدثون و المفسرون، و هو المناسب لسياق الايه، فكيف يجعل ضمير الجمع عائدا الى الواهبات و ليس له منهن الا واحده؟ ثم لو تنزلنا و سلمنا جواز عوده الى الواهبات لما جاز حمله عليه بمجرد الاحتمال مع وجود اللفظ العام الشامل لجميعهن، و ايضا فان غايه الهبه ان تزويجه- صلى الله عليه و آله- يجوز بلفظ الهبه من جانب المراه او من الطرفين، و ذلك لا يخرج الواهبه عن ان تكون زوجه فيلحقها ما يلحق غيرها من ازواجه.لانها تصير بسبب الهبه بمنزله الامه.و حينئذ فتخصيص الحكم بالواهبات لا وجه له اصلا، و اما فعله- صلى الله عليه و آله- فجاز كونه بطريق التفضل و الانصاف و جبر القلوب، كما قال الله- تعالى-: (ذلك ادنى ان تقر اعينهن و لا يحزن و يرضين بما آتيتهن كلهن).انتهى كلامه- رحمه الله-.و رجعنا الى كلام التذكره: السابع:
انه كان يجوز للنبى- صلى الله عليه و آله- تزويج المراه ممن شاء بغير اذن و ليها و تزويجها من نفسه و تولى الطرفين من غير اذن و ليهما، و هل كان يجب عليه نفقه زوجاته؟ و جهان لهم بناء على الخلاف فى المهر، و كانت المراه تحل له بتزويج الله- تعالى-، قال- سبحانه- فى قصه زيد: (فلما قضى زيد منها و طرا زوجناكها).و قيل: انه نكحها بمهر، و حملو (زوجناكها) على احلال الله- تعالى - له نكاحها، و اعتق- صلى الله عليه و آله- صفيه- رضى الله عنه- و تزوجها و جعل عتقها صداقها، و هو ثابت عندنا فى حق امته.و جوز بعض الشافعيه له الجمع بين المراه و عمتها او خالتها، و انه كان يجوز له الجمع بين الاختين، و كذا فى الجمع بين الام و بنتها.و هو عندنا بعيد لان خطاب الله- تعالى- يدخل فيه النبى- صلى الله عليه و آله-.و اما الفضل و الكرامات فقسمان: الاول: فى النكاح، و هو امور: الاول: تحريم زوجاته على غيره، قال الشهيد الثانى- قدس سره-: من جمله خواصه- صلى الله عليه و آله- تحريم ازواجه من بعده على غيره لقوله- تعالى-: (و ما كان لكم ان تودوا رسول الله و لا ان تنكحوا ازواجه من بعده ابدا).و هى متناوله بعمومها لمن مات عنها من ازواجه، سواء كانت مدخولا بها
ام لا، لصدق الزوجيه عليهما و لم يمت- صلى الله عليه و آله- عن زوجه فى عصمته الا مدخولا بها.و نقل المحقق الاجماع على تحريم المدخول بها، و الخلاف فى غيرهها ليس بجيد لعدم الخلاف اولا و عدم الفرض الثانى ثانيا، و انما الخلاف فيمن فارقها فى حياته بفسخ او طلاق كالتى وجد بكشحها بياضا و المستعيذه، فان فيه او جها اصحها عندنا تحريمها مطلقا لصدق نسبه زوجيتها اليه- صلى الله عليه و آله- بعد الفراق فى الجمله، فيدخل فى عموم الايه.و الثانى انها لا تحرم مطلقا لانه يصدق فى حياته ان يقال: ليست زوجته الان و لاعراضه- صلى الله عليه و آله- عنها و انقطاع اعتنائه بها.و الثالث ان كانت مدخولا بها حرمت و الا فلا، لما روى ان الاشعث بن قيس نكح المستعيذه فى زمان عمر فهم برجمها فاخبر ان النبى- صلى الله عليه و آله- فارقها قبل ان يمسها فخلاها، و لم ينكر عليه احد من الصحابه.و روى الكلينى فى الحسن عن عمر بن اذينه فى حديث طويل ان النبى- صلى الله عليه و آله- فارق المستعيذه و امراه اخرى من كنده، قالت لما مات ولده ابراهيم: لو كان نبيا ما مات ابنه فتزو جتا بعده باذن الاولين، و ان اباجعفر- عليه السلام- قال: ما نهى الله- عز و جل- عن شى ء الا و قد ع
صى فيه، لقد نكحوا ازواج رسول الله- صلى الله عليه وآله- من بعده، و ذكر هاتين العامريه و الكنديه.ثم قال ابوجعفر- صلى الله عليه و آله-: لو سالتم عن رجل تزوج امراه فطلقها قبل ان يدخل بها اتحل لابنه؟ لقالوا: لا، فرسول الله اعظم حرمه من آبائهم.و فى روايه اخرى عن زراره عنه- عليه السلام- نحوه، و قال فى حديثه: و هم يستحلون ان يتزوجوا امهاتهم؟ و ان ازواج النبى- صلى لله عليه و آله- فى الحرمه مثل امهاتهم ان كانوا مومنين.اذا تقرر ذلك فنقول: تحريم ازواجه- صلى الله عليه و آله- لما ذكرناه من النهى الموكد عنه فى القرآن لا لتسميتهن امهات المومنين فى قوله- تعالى-: (و ازواجه امهاتهم) و لا لتسميته- صلى الله عليه و آله- و الدا، لان ذلك وقع على وجه المجاز لا الحقيقه، كنايه عن تحريم نكاحهن، و وجوب احترامهن، و من ثم لم يجز النظر الهين و لا الخلوه بهن و لا يقال لبناتهن: اخوات المومنين، لانهن لا يحر من على المومنين.فقد زوج رسول الله- صلى الله عليه و آله- فاطمه- عليهاالسلام- بعلى- عليه السلام- و اختيها (رقيه) و (ام كلثوم) عثمان، و كذا لا يقال لابائهن و امهاتهن: اجداد المومنين و جداتهم، و لا لاخوانهن و اخواتهن اخوال المومنين و خالاته
م.و للشافعيه وجه ضعيف فى اطلاق ذلك كله، و هو فى غايه البعد.انتهى.ثم قال- رحمه الله- فى التذكره الثانى: ان ازواجه امهات المومنين، سواء فيه من ماتت تحت النبى و من مات النبى- صلى الله عليه و آله- و هى تحته، و ليست الامومه هنا حقيقه، ثم ذكر نحوا مما ذكره الشهيد الثانى - رحمه الله- فى ذلك.الثالث: تفضيل زوجاته على غيرهن بان جعل ثوابهن و عقابهن على الضعف.الرابع: لا يحل لغيرهن من الرجال ان يسالهن شيئا الا من وراء حجاب لقوله- تعالى-: و اذا سالتموهن متاعا فاسالوهن من وراء حجاب).و اما غيرهن فيجوز ان يسالن مشافهه.الثانى: فى غير النكاح، و هو امور: الاول: انه خاتم النبيين- صلى الله عليه و آله-.الثانى: ان له خير الامم، لقوله- تعالى-: (كنتم خير امه) تكرمه له- صلى الله عليه و آله- و تشريفا.الثالث: نسخ جميع الشرائع بشريعته.الرابع: جعل شريعته موبده.الخامس: جعل كتابه معجزا بخلاف كتب سائر الانبياء- عليه السلام-.السادس: حفظ كتابه عن التبديل و التغيير، و اقيم بعده حجه على الناس، و معجزات غيره من الانبياء انقرضت بانقراضهم.السابع: نصر بالرعب على مسيره شهر، فكان العدو يرهبه من مسيره شهر.الثامن: جعلت له الارض مسجدا و ت را بها طهورا.التاسع: احلت له الغنائم دون غيره من الانبياء- عليه السلام-.العاشر: يشفع فى اهل الكبائر، لقوله- صلى الله عليه و آله-: (ذخرت شفاعتى لاهل الكبائر من امتى).الحادى عشر: بعث الى الناس عامه.الثانى عشر: سيد ولد آدم يوم القيامه.الثالث عشر: اول من تنشق عنه الارض.الرابع عشر: اول شافع و مشفع.الخامس عشر: اول من يقرع باب الجنه.السادس عشر: اكثر الانبياء تبعا.السابع عشر: امته معصومه لا تجتمع على الضلاله.اقول: قال المحقق فى شرح القواعد: فى عد هذا من الخصائص نظر لان الحديث غير معلوم الثبوت، و امته- صلى الله عليه و آله- مع دخول المعصوم- عليه السلام- فيهم لا تجتمع على ضلاله لكن باعتبار المعصوم فقط و لا دخل لغيره فى ذلك، و بدونه هم كسائر الامم على ان الامم الماضين مع اوصياء انبيائهم كهذه الامه مع المعصوم، فلا اختصاص.ثم قال فى التذكره: الثامن عشر: صفوف امته كصفوف الملائكه.التاسع عشر: تنام عينه و لا ينام قلبه.العشرون: كان يرى من ورائه كما يرى من قدامه، بمعنى التحفظ و الحس، و كذلك قوله- صلى الله عليه و آله-: (تنام عيناى و لا ينام قلبى).الحادى و العشرون: كان تطوعه بالصلاه قاعدا كتطوعه قائما و ان لم يكن عذر، و فى حق غيره ذلك على النصف من هذا.الثانى و العشرون: مخاطبه المصلى بقوله (السلام عليك و رحمه الله و بركاته)، و لا يخاطب سائر الناس.الثالث و العشرون: يحرم على غيره رفع صوته على صوت النبى.الرابع و العشرون: يحرم على غيره ندائه من وراء الحجرات للايه.الخامس و العشرون: نادى الله- تعالى- الانبياء و حكى عنهم باسمائهم، فقال- تعالى-: (يوسف اعرض عن هذا) (و) (ان يا ابراهيم) (و) (يا نوح).و ميز نبينا- صلى الله عليه و آله- بالنداء بالقابه الشريفه فقال- تعالى-: (يا ايها النبى) (و) (يا ايها الرسول) (و) (يا ايها المزمل) (و) (يا ايها المدثر).و لم يذكر اسمه فى القرآن الا فى اربعه مواضع، شهد له فيها بالرساله لافتقار الشهاده الى ذكر اسمه، فقال: (محمد رسول الله) (ما كان محمد ابا احد من رجالكم و لكن رسول الله و خاتم النبيين).و الذين آمنوا و عملوا الصالحات و آمنوا بما نزل على محمد و هو الحق من ربهم).(برسول ياتى من بعدى اسمه احمد).و كان يحرم ان ينادى باسمه فيقول: يا محمد! يا احمد! و لكن يقول: يا نبى الله! يا رسول الله! يا خيره الله!...الى غير ذلك من صفاته الجليه.السادس و العشرون: كان يستشفى به.السابع و العشرون: كان يتبرك بب و له و دمه.الثامن و العشرون: من زنى بحضرته او استهان به كفر.التاسع و العشرون: يجب على المصلى اذا دعاه يجيبه و لا تبطل صلاته، و للشافعيه وجه: انه لا يجب و تبطل به الصلاه.الثلاثون: كان اولاد بناته ينسبون اليه و اولاد بنات غيره لا ينسبون اليه: لقوله- صلى الله عليه و آله-: (كل سبب و نسب ينقطع يوم القيامه الا سببى و نسبى).و قيل معناه انه لا ينتفع يومئذ بسائر الانساب، و ينتفع بالنسبه اليه- صلى الله عليه و آله-.مساله: قال- صلى الله عليه و آله-: (سموا باسمى و لا تكنوا بكنيتى).و اختلفوا، فقال الشافعى: انه ليس لاحد ان يكنى بابى القاسم سواء كان اسمه محمدا او لم يكن، و منهم حمله على كراهه الجمع بين الاسم و الكنيه و جوزوا الافراد و هو الوجه لان الناس لم يوالوا بكنيته- صلى الله عليه و آله- يكنون فى جميع الاعصار من غير انكار.انتهى.و يويد ما اختاره- رحمه الله- ما رواه الكلينى و الشيخ عن على بن ابراهيم، عن ابيه، عن النوفلى، عن السكونى، عن ابى عبدالله - عليه السلام- ان النبى- صلى الله عليه و آله- نهى عن اربع كنى: عن ابى عيسى، و عن ابى الحكم، و عن ابى مالك، و عن ابى القاسم اذا كان الاسم محمدا.اقوال: هذا جمله ما ذكره اص
حابنا و اكثر مخالفينا من خصائصه- صلى الله عليه و آله- و لم نتعرض للكلام عليها و ان كان لبعضها مجال للقول فيه لقله الجدوى، و لانا اوردنا من الاخبار فى هذا الباب و غيره ما يظهر به جليه الحال لمن اراد الاطلاع عليه.و الله الموفق للسداد.و (المستحفظين) فى اكثر النسخ بالنصب على صيغه اسم المفعول و هو اظهر، يقال: (استحفظته اياه) اى سالته ان يحفظه، و فى بعض النسخ على صيغه اسم الفاعل، اى الطالبين للحفظ، و فى بعض النسخ بالرفع حملا على المحل و كونه خبرا بعيد و المراد بهم الائمه - عليه السلام- كما ورد فى الادعيه و الاخبار، و قال الشراح: المراد بهم العارفون او الصالحون.(يصونون مصونه) اى يكتمون ما ينبغى ان يكتم من اسرار علمه من غير اهله.و (يفجرون عيونه) اى يفيضون ما ينبغى افاضته على عامه الناس، او كل علم على من هو قابل له، او يتقون فى مقام التقيه و يظهرون الحق عند عدمها.و (الولايه) فى النسخ بالكسر، قال سيبويه: (الولايه) بالفتح المصدر و بالكسر الاسم، و قال ابن ابى الحديد: (الولايه) بفتح الواو المحبه و النصره، اى يتواصلون و هم اولياء و مثله (و يتلاقون بالمحبه) كما تقول: (خرجت بسلاحى) اى و انا متسلح او يكون المعنى: يتواصلون بالقلوب لا بالاجسام، كما تقول: انا اراك بقلبى و ازورك بخاطرى و او اصلك بضميرى.انتهى.و اقول: يحتمل ان يكون المراد ولايه اهل البيت- عليهم السلام- اى بسببها، او متصفين بها او مظهرين لها.و (ماء روى) - كغنى- اى كثير مرو ، و (روى من الماء- كرضى- ريا) بالفتح و الكسر، اى تنعم، و الاسم (الرى) بالكسر.(و الريه) فى بعض النسخ بالفتح و فى بعضها بالكسر، و لعل المراد التساقى من المعارف و العلوم.و (الريبه) بالكسر، التهمه و الشك اسم من (الريب) بالفتح، اى لا تخالطهم شك فى المعارف و العقائد او تهمه فى حب احدهم للاخر.و عدم اسرع الغيبه فيهم لعدم استحقاقهم للغيبه فى اقوالهم و اعمالهم و اتقئهم مواضع التهم، او المعنى: لا يغتابون الناس و لا يتبعون عيوبهم.و (الخلق) يكون بمعنى التقدير و الابداع و بمعنى الطبيعه كالخليقه.و (الاخلاق) جمع (خلق) بالضم و بضمتين، و هو السجيه و الطبع و المروه و الدين.و يحتمل ان يكون المراد باخلق ما هو بمنزله الاصل و المشخص للذات و بالاخلاق الفروع و الشعب.و الضمير فى (عليه) راجع الى ما اشير اليه بذلك او الى العقد.(فكانوا كتفاضل البذر) اى كان التفاضل بينهم و بين الناس كالتفاضل بين ما ينتقى من البذر اى يختار و بين ما يلقى، فالمعنى: كالتفاضل بين الجيد و الردى.و يحتمل ان يكون المراد انه كان التفاضل بينهم كالتفاضل بين افراد المختار من البذر فكما انه لا تفاضل يعتد به فيما بينها كذلك فيما بينهم.و (خلص الشى ء)- كنصر- اى
صار خالصا و (خلصه) اى جعله كذلك و (خلصه) ايضا نجاه، و المراد بالتخليص الانتقاء المذكور اى ميزه ذلك عن غيره، او المعنى: ميزه الله تخليصا اياه عن شرور النفس و الشيطان عن غيره.و فى بعض النسخ: (التلخيص) بتقديم اللام، و هو التبيين و (التلخيص و التهذيب) التنقيه و الاصلاح.و (التمحيص) الابتداء و الاختبار.و (الكرامه) الاسم من التركيم و الاكرام، و المراد بها هنا نصحه - سبحانه- و وعظه و تذكيره او ما وعده الله على تقدير حسن العمل من المثوبه و الزلفى، و قبول الكرامه على الثانى بالعمل الصالح الموجب للفوز بها و على الاول العمل بمقتضاه و بقبولها القبول الحسن اللائق بها.و (قرعه)- كمنعه- اى اتاه فجاه و (قرع الباب) دقه، و قال الاكثر: (القارعه) الموت، و يحتمل القيامه لانها من اسمائها سميت بها لانها تقرع القلوب بالفزع و اعدها الله للعذاب، او الداهيه التى يستحقها العاصى، يقال: (اصابه الله بقارعه) اى بداهيه تهلكه، و حلولها نزولها.و (استبدلت الشى ء بالشى ء) اى اتخذت الاول بدلا من الثانى.و المراد بالنظر التبدر و التفكر.و الظرف فى قوله (فى منزل) متعلق بالمقام و (حتى) لانتهاء غايه المقام، اى الثبات او الاقامه، اى ليعتبر الانسان
بهذه المده القصيره و اقامته القليله فى الدنيا المنتهيه الى الاستبدال بها و اتخاذ غيرها.و قيل: يحتمل ان تكون كلمه (فى) لافاده الظرفيه الزمانيه و يكون قوله (فى منزل) متعلقا بالنظر و مدخول (حتى) عله غائيه النظر، اى لينظر بنظر الاعتبار و ليتامل مده حياته فى الدنيا فى شان ذلك المنزل الفانى حتى تتخذ بدله منزلا لائقا للنزول فالاستبدال حينئذ اتخاذ البدل المستحق لذلك، او توطين النفس على الارتحال و رفض المنزل الفانى.(فليصنع) اى فليعمل.و (المتحول) بالفتح، مكان التحول، و كذلك (المنتقل) و (معارف المنتقل) قيل: هى المواضع التى يعرف الانتقال اليها، و قال ابن ابى الحديد: (معارف الدار) ما يعرفه المتوسم بها، واحدها (معرف) مثل معاهد الدار و معالمها، و منه: (معارف المراه) اى ما يظهر منها كالوجه و اليدين.و قيل: يحتمل ان يكون المراد بمعارف المنتقل ما عرف من احواله و الامور السانحه فيه، فيمكن ان يكون المتحول و المنتقل مصدرين.(من يهديه) يعنى نفسه و الائمه من ولده- عليه السلام-.(من يرديه) اى يهلكه بالقائه فى مهاوى الجهل و الضلاله.و (البصر) يطلق على الحاسه و يراد به العلم مجازا و قد يطلق على العلم، يقال: (بصرت بالشى ء) اى علمته.و يحتمل ان تكون الاضافه لادنى ملابسه، اى بالبصر الحاصل للمطيع بتبصير الهادى اياه.و (السبب) فى الاصل الحبل.و اغلاق الابواب بالموت، و جوز بعضهم ان يكون الابواب و الاسباب عباره عن نفسه و الائمه من ذريته- عليه السلام- فانهم ابواب الفوز و الفلاح و الاسباب الممدوده من السماء الى الارض، بهم يصل العبد الى الله- سبحانه-.و الغلق و القطع كنايه عن عدمهم او غيبتهم- عليه السلام-.و (استفتح التوبه) اى طلب فتحها كانها باب مغلق يطلب فتحها للدخول فيها، و يمكن ان يكون من (الاستفتاح) بمعنى الاستنصار، اى طلب ان تنصره التوبه.و (مطت- كبعت- و امطت) اى تنحيت و كذلك (مطت غيرى و امطته) اى نحيته.و قال الاصمعى: مطت انا و امطت غيرى.و (الحوبه) بالفتح، الاثم.(فقد اقيم على الطريق) اى بهدايه الله- سبحانه-.و (النهج) بالفتح، الطريق الواضح.
خطبه 207 -خطبه اى در صفين
تبيين: قوله- عليه السلام-: (اوسع الاشياء فى التواصف) اى كل احد يصف الحق و العدل و يقول: لو وليت لعدلت، و لكن اذا تيسر له لم يعمل بقوله و لم ينصف الناس من نفسه.و (معالم الشى ء) مظانه و ما يستدل به عليه.و (الاذلال) المجارى و الطرق.و (اختلاف الكلمه) اختلاف الاراء و الاهواء.و قال الجزرى: اصل (الدغل) الشجر الملتف الذى يكون اهل الفساد فيه، و (ادغلت فى هذا الامر) اذا ادخلت فيه ما يخالفه.و (المحاج) جمع (محجه) و هى جاده الطريق.و (اقتحمته عينى) احتقرته و (الاطراء) المبالغه فى المدح.قوله (من البقيه) فى اكثر النسخ بالباء الموحده، اى لا تثنوا على لاجل ما ترون منى فى طاعه الله، فانما هو اخراج لنفسى الى الله من حقوقه الباقيه على لم افرغ من ادائها، و كذلك اليكم من الحقوق التى اوجبها الله على لكم من النصيحه و الهدايه و الارشاد، و قيل: المعنى: لاعترافى بين يدى الله و بمحضر منكم ان على حقوقا فى رئاستى عليكم لم اقم بها بعد، و ارجو من الله القيام بها، و فى بعض النسخ المصححه القديمه بالتاء المثناه الفوقانيه، اى خوف الله فى حقوق لم افرغ من ادائها بعد.قوله- عليه السلام- (و لا تتحفظوا منى) اى لا تمتنعوا من اظهار ما تريدون اظهاره لدى خوفا من سطوتى كما هو شان الملوك.و (البادره) الحده و ما يبدر عند الغضب.و (المصانعه) المداراه و الرشوه.كا: على بن الحسن المودب، عن احمد بن محمد بن خالد، و احمد بن محمد عن على بن الحسن التيمى، جميعا عن اسماعيل بن مهران، قال: حدثنى عبدالله بن الحارث، عن جابر، عن ابى جعفر،- عليه السلام- قال: خطب اميرالمومنين- عليه السلام- الناس بصفين، فحمدالله و اثنى عليه و صلى على محمد النبى- صلى الله عليه و آله- ثم قال: اما بعد، فقد جعل الله- تعالى- لى عليكم حقا بولايه امركم و منزلتى التى انزلنى الله- عز ذكره- بها منكم و لكم على من الحق مثل الذى لى عليكم، و الحق اجمل الاشياء فى التواصف و اوسعها فى التناصف، لا يجرى لاحد الا جرى عليه و لا يجرى عليه الا جرى له.و لو كان لاحد ان يجرى ذلك له و لا يجرى عليه، لكان ذلك الله- عز و جل- خالصا دون خلقه لقدرته على عباده و لعدله فى كل ما جرت عليه ضروب قضائه، و لكن جعل حقه على العباد ان يطيعوه و جعل كفارتهم عليه بحسن الثواب تفضلا منه و تطولا بكرمه و توسعا بما هو من المزيد له اهلا.ثم جعل من حقوقه حقوقا فرضها لبعض الناس على بعض فجعلها تتكافى فى وجوهها و يوجب بعضها بعضا و لا يستوجب بعضها الا ببعض.فاعظم مما افترض الله - تبارك و تعالى- من تلك الحقوق حق الوالى على الرعيه و حق الرعيه على الوالى، فريضه فرضها الله- عز و جل- لكل على كل، فجعلها نظام الفتهم و عزا لدينهم و قواما لسنن الحق فيهم، فليست تصلح الرعيه الا بصلاح الولاه و لا تصلح الولاه الا باستقامه الرعيه، فاذا ادت الرعيه الى الوالى حقه و ادى اليها الوالى كذلك عز الحق بينهم، فقامت مناهج الدين و اعتدلت معالم العدل و جرت على اذلالها السنن، فصلح بذلك الزمان و طاب به العيس و طمع فى بضاء الدوله و يئست مطامع الاعداء.و اذا علبت الرعيه و اليهم و علا الوالى الرعيه، اختلفت هنا لك الكلمه و ظهرت مطامع الجور و كثر الادغال فى الدين و تركت معالم السنن، فعمل بالهوى.و عطلت الاثار و كثرت عللل النفوس و لا يستوحش لجسيم حد عطل، و لا لعظيم باطل اثل! فهنالك تذل الابرار و تعز الاشرار و تخرب البلاد و تعظم تبعات الله - عز و جل- عند العباد.فهلم ايها الناس الى التعاون على طاعه الله- عز و جل- و القيام بعدله و الوقاء بعهده و الانصاف له فى جميع حقه، فانه ليس العباد الى شى ء احوج منهم الى التناصح فى ذلك و حسن التعاون عليه، و ليس احد و ان اشتد على رضى الله حرصه و طال فى العمل اجتهاده ببالغ حقيقه ما اعطى الله من الحق اهله، و لكن من واجب حقوق الله - عز و جل- على العباد النصيحه له مبلغ جهدهم و التعاون على اقامه الحق فيهم، ثم ليس امرء- و ان عظمت فى الحق منزلته و جسمت فى الحق فضيلته- بمستغن عن ان يعان على ما حمله الله- عز و جل- من حقه، و لا لامرى مع ذلك خسئت به الامور و اقتحمته العيون بدون ما ان يعين على ذلك و يعان عليه.و اهل الفضيله فى الحال و اهل النعم العظام اكثر فى ذلك حاجه و كل فى الحاجه الى الله- عز و جل- شرع سواء.فاجابه ر
جل من عسكره لا يدرى من هو (و يقال: انه لم يرفى عسكره قبل ذلك اليوم و لا بعده).فقام و احسن الثناء على الله - عز و جل- بما ابلاهم و اعطاهم من واجب حقه عليهم و الاقرار بكل ما ذكر من تصرف الحالات به و بهم.ثم قال: انت اميرنا و نحن رعيتك، بك اخرجنا الله- عز و جل- من الذل و باعزازك اطلق عباده من الغل.فاختر علينا و امض اختيارك و ائتمر فامض ائتمارك فانك القائل المصدق و الحاكم الموفق و الملك المخول لا نستحل فى شى ء من معصيتك و لا نقيس علما بعلمك، يعظم عندنا فى ذلك خطرك و يجل عنه فى انفسنا فضلك.فاجابه اميرالمومنين- عليه السلام- فقال: ان من حق من عظم جلال الله فى نفسه و جل موضعه من قلبه، ان يصغر عنده لعظم ذلك كل ما سواه، و ان احق من كان كذلك لمن عظمت تعمه الله عليه و لطف احسانه اليه، فانه لم تعظم نعمه الله على احد الا زاد حق الله عليه عظما.و ان من اسخف حالات الولاه عند صالح الناس ان يظن بهم حب الفخر و يوضع امرهم على الكبر، و قد كرهت ان يكون جال فى ظنكم انى احب الاطراء و استماع الثناء، و لست بحمدالله كذلك، و لو كنت احب ان يقال ذلك لتركته انحطاطا لله- سبحانه- عن تناول ما هو احق به من العظمه و الكبرياء.و ربما استحلى
الناس الثناء بعد البلاء، فلا تثنوا على بجميل ثناء لاخراجى نفسى الى الله و اليكم من البقيه فى حقوق لم افرغ من ادائها و فرائض لا بد من امضائها، فلا تكلمونى بما تكلم به الجبابره و لا تتحفظوا منى بما يتحفظ به عند اهل البادره و لا تخلطونى بالمصانعه و لا تظنوا بى استثقالا فى حق قيل لى و لا التماس اعظام لنفسى لما لا يصلح لى، فانه من استثقل الحق ان يقال له او العدل ان يعرض عليه، كان العمل بهما اثقل عليه.فلا تكفوا عنى مقاله بحق او مشوره بعدل، فانى لست فى نفسى بفقو ما ان اخطى و لا آمن ذلك من فعلى الا ان يكفى الله من نفسى ما هو املك به منى، فانما انا و انتم عبيد مملوكون لرب لا رب غيره، يملك منا ما لا نملك من انفسنا و اخرجنا مما كنا فيه الى ما صلحنا عليه، فابدلنا بعد الضلاله بالهدى و اعطانا البصيره بعد العمى.فاجابه الرجل الذى اجابه من قبل، فقال: انت اهل ما قلت و الله و الله فوق ما قلته، فبلائه عندنا ما لا يكفر و قد حملك الله- تبارك و تعالى- رعايتنا و ولاك سياسه امورنا، فاصبحت علمنا الذى نهتدى به و امامنا الذى نقتدى به، و امرك كله رشد و قولك كله ادب، قد قرت بلك الحياه اعيننا و امتلات من سرور بك قلوبنا و تحيرت من صفه ما
فيك من بارع الفضل عقولنا.و لسنا نقول لك: (ايها الامام الصالح!) تزكيه لك و لا تجاوز القصد فى الثناء عليك، و لم يكن فى انفسنا طعن على يقينك او غش فى دينك، فنتخوف ان تكون احدثت بنعمه الله- تبارك و تعالى- تجبرا او دخلك كبر، و لكنا نقول لك ما قلنا تقربا الى الله- عز و جل- بتوقيرك و توسعا بتفضيلك و شكرا باعظام امرك.فانظر لنفسم و لنا و آثر امر الله على نفسك و علينا، فنحن طوع فيما امرتنا ننقاد من الامور مع ذلك فيما ينفعنا.فاجابه اميرالمومنين- عليه السلام- فقال: و انا استشهد كم عندالله على نفسى لعلمكم فيما وليت به من اموركم، و عما قليل يجمعنى و اياكم الموقف بين يديه و السوال عما كنا فيه، ثم يشهد بعضنا على بعض فلا تشهدوا اليوم بخلاف ما انتم شاهدون غدا، فان الله- عز و جل- لا يخفى عليه خافيه و لا يجوز عنده الا مناصحه الصدور فى جميع الامور.فاجابه الرجل (و يقال: لم يرالرجل بعد كلامه هذا لاميرالمومنين- عليه السلام-).فاجابه و قد عال الذى فى صدره، فقال و البكاء يقطع منطقه و غصص الشجا تكسر صوته اعظاما الخطر مرزئته و وحشه من كون فجيعته.فحمدالله و اثنى عليه، ثم شكا اليه هول ما اشفى عليه من الخطر العظيم و الذل الطويل فى فس
اد زمانه و انقلاب جده و انقطاع ما كان من دولته ثم نصب المساله الى الله- عز و جل- بالامتنان عليه و المدافعه عنه بالتفجع و حسن الثناء فقال: يا ربانى العباد و يا سكن البلاد! اين يقع قولنا من فضلك؟ و اين يبلغ و صفنا من فعلك؟ و انى تبلغ حقيقه حسن ثنائك او تحصى جميل بلائك؟ فكيف و بك جرت نعم الله علينا و على يدك اتصلت اسباب الخير الينا؟ الم تكن لذل الذليل ملاذا و للعصاه الكفار اخوانا؟ فبمن؟ الا باهل بيتك و بك اخرجنا الله- عز و جل- من فظاعه تلك الخطرات؟ او بمن فرج عنا غمرات الكربات؟ و بمن؟ الا بكم اظهر الله معالم ديننا و استصلح ما كان فسد من دنيانا حتى استبان بعد الجور ذكرنا و قرت من رخاء العيش اعيننا لما و ليتنا بالاحسان جهدك و وفيت لنا بجميع و عدك و قمت لنا على جميع عهدك، فكنت شاهد من غاب منا و خلف اهل البيت لنا و كنت عز ضعفائنا و ثمال فقرائنا و عماد عظمائنا.يجمعنا فى الامور عدللك و يتسع لنا فى الحق تانيك.فكنت لنا انسا اذا رايناك و سكنا اذا ذكرناك.فاى الخيرات لم تفعل؟ و اى الصالحات لم تعمل؟ و لو لا ان الامر الذى نخاف عليك منه، يبلغ تحويله جهدنا و تقوى لمدافعته طاقتنا او يجوز الفداء عنك منه بانفسنا و بمن نفديه ب
النفسو من ابنائنا، لقدمنا انفسنا و ابنائنا قبلك و لا خطرناها و قل خطرها دونك و لقمنا بجهدنا فى محاوله من حاولك و فى مدافعه من ناواك، و لكنه سلطان لا يحاول و عز لا يزاول و رب لا يغالب.فان يمنن علينا بعافيتك و يترحم علينا ببقائك و يتحنن علينا بتفريج هذا من حالك الى سلامه منك لنا و بقاء منك بين اظهرنا نحدث لله - عز و جل- بذلك شكرا نعظمه و ذكرا نديمه و نقسم انصاف اموالنا صدقات و انصاف رقيقنا عتقاء و نحدث له تواضعا فى انفسنا و نخشع فى جميع امورنا.و ان يمض بك الى الجنان و يجرى عليك حتم سبيله، فغير متهم فيك قضائه و لا مدفوع عنك بلائه و لا مختلفه مع ذلك قلوبنا بان اختياره لك ما عنده على ما كنت فيه و لكنا نبكى من غير اثم لعز هذا السلطان ان يعود ذليلا و للدين و الدنيا اكيلا فلا نرى لك خلفا نشكو اليه و لا نظيرا نومله و لا نقيمه.تبيين: اقول: اورد السيد فى النهج بعض هذا السوال و الجواب و اسقط اكثرهما، و سنشير الى بعض الاختلاف.قوله- عليه السلام- (بولايه امركم) اى لى عليكم حق الطاعه لان الله جعلنى واليا عليكم متوليا لاموركم و لانه انزلنى منكم منزله عظيمه هى منزله الامامه و السلطنه و وجوب الطاعه.قوله- عليه السلام- (و ا
لحق اجمل الاشياء فى التواصف) اى وصفه جميل و ذكره حسن، يقال: (تواصفوا الشى ء) اى وصفه بعضهم لبعض.و فى بعض النسخ: (التراصف) بالراء المهمله، و (التراصف) تنضيد الحجاره بعضها ببعض، اى احسن الاشياء فى احكام الامور و اتقانها.(و اوسعها فى التناصف) اى اذا انصف الناس بعضهم لبعض فالحق يسعه و يحتمله و لا يقع للناس فى العمل بالحق ضيق.و فى نهج البلاغه: (فالحق اوسع الاشياء فى التواصف و اضيقها فى التناصف) اى اذا اخذ الناس فى وصف الحق و بيانه كان لهم فى ذلك مجال واسع لسهولته على السنتهم و اذا حضر التناصف بينهم فطلب منهم ضاق عليهم المجال لشده العمل بالحق و صعوبه الانصاف.قوله- عليه السلام- (صروف قضائه) اى انواعه المتغيره المتواليه.و فى بعض النسخ: (ضروب قضائه) بمعناه، و الحاصل انه لو كان لاحد ان يجعل الحق على غيره و لم يجعل له على نفسه لكان هو- سبحانه- اولى بذلك، و على الاولويه بوجهين: الاول القدره، فان غيره - تعالى- لو فعل ذلك لم يطعه احد و الله- تعالى- قادر على جبرهم و قهرهم عليه، و الثانى انه لو لم يجبرهم على اعمالهم و كلفهم بهها لكان عادلا لان له من النعم على العباد ما لو عبدوه ابد الدهر، لم يوفوا حق نعمه واحده منها، فا
لمراد من اول الكلام انه- سبحانه- جعل لكل احد على غيره حقا حتى على نفسه.اما الحق المفروض على الناس فبمقتضى الاستحقاق و اما ما اجرى على نفسه فللوفاء بالوعد مع عدم لزوم الوعد عليه، فظهر جريان الحق على كل احد و ان اختلفت الجه و الاعتبار.قوله- عليه السلام- (و جعل كفارتهم عليه حسن الثواب) لعل المراد بالكفاره الجزاء العظيم لستره عملهم حيث لم يكن له فى جنبه قدر، فكانه قد محاه و ستره.و فى اكثر النسخ: (بحسن الثواب) فيحتمل ايضا ان يكون المراد بها ما يقع منهم لتدارك سيئاتهم كالتوبه و سائر الكفارات، اى اوجب قبول كفارتهم و توبتهم على نفسه مع حسن الثواب بان يثبهم على ذلك ايضا، و لا يبعد ان يكون تصحيف (كفائتهم) بالهمز.و فى النهج: (و جعل جزائهم عليه مضاعفه الثواب تفضلا منه و توسعا بما و من المزيد اهله.قوله- عليه السلام- (ثم جعل من حقوقه) هذا كالمقدمه لما يريد ان يبينه من كون حقه عليهم واجبا من قبل الله- تعالى- و هو حق من حقوقه ليكون ادعى لهم على ادائه.و بين ان حقوق الخلق بعضهم على بعض، هى من حق الله - تعالى- من حيث ان حقه على عباده هو الطاعه و اداء تلك الحقوق طاعات الله، كحق الوالد على ولده و بالعكس و حق الزوج على الز و جه و بالعكس و حق الوالى على الرعيه و بالعكس.قوله- عليه السلام- (فجعلها تتكافا فى وجوهها) اى جعل كل وجه من تلك الحقوق مقابلا بمثله، فحق الوالى و هو الطاعه من الرعيه مقابل بمثله و هو العدل فيهم و حسن السيره.قوله- عليه السلام- (و لا يستوجب بعضها الا ببعض) كمان ان الوالى اذا لم يعدل لم يستحق الطاعه.قوله- عليه السلام- (فريضه فرضها الله) بالنصب على الحاليه او باضمار فعل او بالرفع ليكون خبر مبتداء محذوف.قوله- عليه السلام- (نظاما لالفتهم) فانها سبب اجتماعهم و بها يقهرون اعدائهم و يعز دينهم.قوله- عليه السلام- (و قواما) اى بها يقوم جريان الحق فيهم و بينهم.قوله- عليه السلام- (عز الحق) اى غلب.قوله - عليه السلام- (و اعتدلت معالم العدل) اى مظانه، او العلامات التى نصبت فى طريق العدل لسلوكه، او الاحكام التى يعلم بها العدل.قوله- عليه السلام- (على اذ لا لها) قال الفيروزآبادى: (ذل الطريق) بالكسر، محجتها و (امور الله جاريه على اذ لا لها) اى مجاريها، جمع (ذل) بالكسر.قوله - عليه السلام- (و كثر الادغال) بكسر الهمزه، و (الادغال) ان يدخل فى شى ء ما ليس منه و هو الابداع و التلبيس، او بفتحها، جمع (الدغل) بالتحريك، الفساد.قول
ه- عليه السلام- (علل النفوس) اى امراضها بملكات السوء كالغل و الحسد و العداوه و نحوها، و قيل: وجوه ارتكاباتها للمنكرات فتاتى من كل منكر بوجه و عله و راى فاسد.قوله- عليه السلام- (اثل) يقال: (مال موثل) و (مجد موثل) اى مجموع ذو اصل، و (اثل اشى ء) اصله و زكاه، ذكره الجزرى).و فى النهج: (فعل).قوله - عليه السلام- (تبعات الله) قال فى العين: (التبعه) اسم للشى ء الذى لك فيه بغيه شبه ظلامه و نحوها.قوله - عليه السلام- (فهلم ايها الناس) قال الجوهرى: (هلم يا رجل) بفتح الميم، بمعنى تعال، قال الخليل: اصله (لم) من قولهم (لم الله شعثه) اى جمعه، كانه اراد: لم نفسك اليها، اى اقرب، و (هاء) للتنبيه و انما حذفت الفها لكثره الاستعمال و جعلا اسما واحدا، يستوى فيه الواحد و الجمع و التانيث فى لغه اهل الحجاز.قوله- عليه السلام- (حقيقه ما اعطى الله من الحق اهله) اى جزاء ما اعطى الله اهل الحق من الدين المبين و سائر ما هداهم الله- تعالى- اليه بان يكون المراد بالحقيقه الجزاء مجازا، او يكون فى الكلام تقدير مضاف، اى حقيقه جزاء ما اعطى من الحق، او يكون المراد بالبلوغ اليها كونه بازائها و مكافاه لها، و قيل: المراد بحقيقه ما اعطى الله شكر نعم
ه هدايته- تعالى- الى دين الحق.فى النهج: (حقيقه ما الله اهله من الطاعه له).و فى بعض النسخ القديمه من الكتاب: (حقيقه ما الحق من الله اهله).قوله- عليه السلام- (النصيحه له) اى لله او للامام او نصيحه بعضهم لبعض لله- تعالى- بان لا يكون الظرف صله.و فى النهج: (النصيحه بمبلغ) بدون الصله، و هو يويد الاخير.قال الجزرى: (النصيحه) فى اللغه الخلوص، يقال: (نصحته و نصحت له).و معنى نصيحه الله صحه الاعتقاد فى وحدانيته و اخلاص النيه فى عبادته، و النصيحه لكتاب الله، هو التصديق به و العمل بما فيه، و نصيحه رسول الله- صلى الله عليه و آله- التصديق بنبوته و رسالته و الانقياد لما امر به و نهى عنه، و نصيحه الائمه (- عليهم السلام-) ان يطيعهم فى الحق، و نصيحه عامه المسلمين، ارشادهم الى مصالحهم.قوله- عليه السلام- (و لا لامرى مع ذلك) كانه راجع الى ما حمل الله على الوالى او الى الوالى الذى اشير اليه سابقا، اى لا يجوز، او لابد لامرى، او لا استغناء لاخيرى مع الوالى او مع كون و اليه مكلفا بالجهاد و غيره من امور الدين و ان كان ذلك المرء ضعيفا محقرا بدون ان يعين على اقامه الدين و يعينه الناس او الوالى عليه.و فى النهج: (و لا امرو و ان صغر
ته النفوس و اقتحمته العثون بدون ان يعين على ذلك او يعان عليه) و هو الظاهر.قوله- عليه السلام- (خسئت به الامور) يقال: (خسات الكلب خسا) طردته و (خسا الكلب بنفسه)، يتعدى و لا يتعدى، ذكره الجوهرى.فيجوز ان يكون هنا استعمل غير متعد بنفسه قد عدى بالباء، اى طردته الامور، او يكون الباء للسببيه، اى بعدت بسببه الامور.و فى بعض النسخ: (حبست به الامور).و على التقادير المراد انه يكون بحيث لا يتمشى امر من اموره و لا ينفع سعيه فى تحصيل شى ء من الامور.(و اقتحمته العيون) اى احتقرته.و كلمه (ما) فى قوله- عليه السلام- (ما ان يعين) زائده.قوله - عليه السلام- (و اهل الفضيله فى الحال) المراد بهم الائمه و الولاه و الامراء و العلماء و كذا اهل النعم العظام فانهم لكونهم مكلفين بعظائم الامور كالجهاد فى سبيل الله و اقامه الحدود و الشرائع و الاحكام و الامر بالمعروف و النهى عن المنكر، الى اعانه الخلق احوج.و يحتمل ان يكون المراد باهل افضيله العلماء فانهم محتاجون فيما حمل عليهم من الامر بالمعروف و النهى عن المنكر الى اعوان و لا اقل الى من يومر و ينهى، و باهل النعم اصحاب الاموال لان ما حمل عليهم من الحقوق اكثر كاداء الاخماس و الصدقات، و ه
م محتاجون الى الفقير القابل لها و الى الشهود و الى غيرهم، و الاول اظهر.قوله - عليه السلام- (و كل فى الحاجه الى الله- عز و جل- شرع سواء) بيان لقوله (شرع) و تاكيد.و انما ذكر- عليه السلام- ذلك لئلا يتوهم انهم يستغنون باعانه بعضهم بعضا عن ربهم- جل و عز-، بل هو الموفق و المعين لهم فى جميع امورهم و لا يستغنون بشى ء عن الله- عز و جل-.و انما كلفهم بذلك ليختبر طاعتهم و يثيبهم على ذلك، و اقتضت حكمته البالغه ان يحرى الاشياء باسبابها و هو المسبب لها و القادر على امضائها بلا سبب.قوله (فاجابه رجل) الظاهر انه ان الخضر- عليه السلام- و قد جاء فى مواطن كثيره و كلمه- عليه السلام- لاتمام الحجه على الحاضرين، و قد اتى بعد وفاته- عليه السلام- و قام على باب داره و بكى و ابكى و خاطبه- عليه السلام- بامثال تلك الكلمات و خرج و غاب عن الناس.قوله (و الاقرار) الظاهر انه معطوف على الثناء، اى اقر اقرارا حسنا باشياء ذكرها ذلك الرجل و لم يذكره- عليه السلام- اختصارا او تقيه من تغير حالاته من استيلاء ائمه الجور عليه و مظلوميته و تغير احوال رعيته من تقصيرهم فى حقه و عدم قيامهم بما يحق من طاعته و القيام بخدمته، و يمكن ان يكون الواو بمعنى (مع
)، و يحتمل عطفه على واجب حقه.قوله (من الغل) اى اغلال الشرك و المعاصى.و فى بعض النسخ القدميه: (اطلق عنا رهائن الغل) اى ما يوجب اغلال القيمه.قوله (فاختر) اى اقبل ما امرك الله به فامضه علينا.قوله (و الملك المخول) اى الملك الذى اعطالك الله الامره علينا و جعلنا خدمك و تبعك.قوله (لا تستحل فى شى ء من معصيتك) لعله عدى ب (فى) لتضمين معنى الدخول، او المعنى: لا تستحل فى شى ء شيئا من معصيتك.و فى بعض النسخ القدميه: (لا نستحل فى شى ء من معصيتك) و هو اظهر.قوله (فى ذلك) اى فى العلم بان تكون كلمه (فى) تعليليه، و يحتمل ان يكون اشاره الى مادل عليه الكلام من اطاعته- عليه السلام-.و (الخطر) القدر و المنزله.قوله (و يجل عنه) يحتمل ارجاع الضمير الى القياس، اى فضلك اجل فى انفسنا من يقاس بفضل احد، و يمكن ارجاعه الى العلم فتكون كلمه (عن) تعليليه، كما فى قوله - تعالى-: (و ما نحن بتاركى الهتنا عن قولك) ان يجل و يعظم بسبب ذلك فى انفسنا فضلك.قوله- عليه السلام- (من عظم جلال الله) اما على التفعيل بنصب (جلال الله) او بالتخفيف برفعه، يعنى: من حق من عظم جلال الله فى نفسه و جل موضعه فى قلبه، ان يصغر عنده كل ما سوى الله- تعالى- لما ظهر
له من جلال الله، و ان احق من كان كذلك ائمه الحق - عليه السلام- لعظم نعم الله و كمال معرفتهم بجلال ربهم فحق الله- تعالى- عليهم اعظم منه على غيرهم، فينبغى ان يصغر عندهم انفسهم فلا يحبوا الفخر و الاطراء فى المدح، او يجب ان يضمحل فى جنب جلال الله عندهم غيره- نعالى- فلا يكون غيره منظورا لهم فى اعمالهم ليطلبوا رضى الناس بمدحهم.قوله- عليه السلام- (و ان من اسخف)، (السخف) رقه العيش و رقه العقل و (السخافه) رقه كل شى ء، اى اضعف حالات الولاه عند الرعيه ان يكونوا متهمين عندهم بهذه الخصله المذمومه.قوله- عليه السلام- (انى احب الاطراء) اى مجاوزه الحد فى المدح و المبالغه فيه.قوله- عليه السلام- (انحطاطا لله- سبحانه-) اى تواضعا له- تعالى-.و فى بعض النسخ القديمه: (و لو كنت احب ان يقال ذلك لتناهيت له.اغنانا الله و اياكم عن تناول ما هو احق به من التعاظم و حسن الثناء.و (التناهى) قبول النهى، و الضمير فى (له) راجع الى الله - تعالى-.و فى النهج كما فى النسخ المشهوره.قوله - عليه السلام- (و ربما استحلى الناس) يقال: (استحلاه) اى وجده حلوا.قال ابن ميثم- رحمه الله-: هذا يجرى مجرى تمهيد العذر لمن اثنى عليه، فكانه يقول: انت معذور فى
ذلك حيث رايتنى اجاهد فى الله و احث الناس على ذلك.و من عاده الناس ان يستحل الثناء عند ان يبلو بلاء حسنا فى جهاد او غيره من سائر الطاعات.ثم اجاب عن هذا العذر فى نفسه بقوله (فلا تثنوا) على بجميل ثناء) اى لا تثنوا على لاجل ما ترونه منى من طاعه الله، فان ذلك انما هو اخراج لنفسى الى الله من حقوقه الباقيه على، لم افرغ بعد من ادائها و هى حقوق نعمه و فرائضه التى لا بد من المضى فيها، و كذلك من الحقوق التى اوجبها الله الى من النصيحه فى الدين و الارشاد الى الطريق الافضل و التعليم لكيفيه سلوكه.و فى خط الرضى- رحمه الله-: (من التقيه) بالتاء، و المعنى: فان الذى افعله من طاعه الله انما هو اخراج لنفسى الى الله و اليكم من تقيه الخلق فيما يجب على من الحقوق اذا كان- عليه السلام- انما يعبد الله لله غير ملتفت فى شى ء من عبادته و اداء واجب حقه الى احد سواه خوفا منه او رغبه اليه، او المراد بها التقيه التى كان يعملها فى زمن الخلفاء الثلاثه و تركها فى ايام خلافته.و كانه قال: لم افعل شيئا الا و هو اداء حق واجب على، و اذا كان كذلك فكيف استحق ان يثنى على لاجل اتبان الواج بثناء جميل و اقابل هذا التعظيم.و هذا من باب التواضع منه و تعلي
م كيفيته و كسر للنفس عن محبه الباطل و الميل اليه.انتهى.و قال ابن ابى الحديد: معنى قوله- عليه السلام- (لاخراجى نفسى الى الله و اليكم) اى لاعترافى بين يدى الله و بمحضر منكم ان على حقوقا فى ايالتكم و رئاستى، لم اقم بها بعد، و ارجو من الله القيام بها.انتهى.فكانه جعل قوله (لاخراجى) تعليلا لترك الثناء لا مثنى عليه و لا يخفى بعده.ثم اعلم انه يحتمل ان يكون المراد بالبقيه و الترحم، كما قال- تعالى-: (اولوا بقيه ينهون عن الفساد فى الارض) اى اخراجى نفسى من ان بقى و اترحم مداهنه فى حقوق لم افرغ من ادائها.قال الفيروزآبادى: (و ابقيت ما بيننا) لم ابالغ فى افسادها، و الاسم (البقيه)، و (او لوا بقيه ينهون عن الفساد) اى ابقاء او فهم.قوله- عليه السلام- (و لا تتحفظوا عنى بما يتحفظ به عند اهل البادره)، (البادره) الحده و الكلام الذى يسبق من الانسان فى الغضب، اى لا تثنوا على كما يثنى على اهل الحده من الملوك خوفا من سطوتهم، او لا تحتشموا منى كما يحتشم من السلاطين و الامراء كترك المسائه و الحديث اجلالا و خوفا منهم و ترك مشاورتهم او اعلامهم ببعض الامور و القيام بين ايديهم.قوله- عليه السلام- (بالمصانعه) اى الرشوه او المداراه.ق و له - عليه السلام- (كان العمل بهما اثقل عليه) و شان الولاه العمل بالعدل و الحق، او انتم تعلمون انه لا يثقل على العمل بها.قوله- عليه السلام- (بفوق ان اخطى) هذا من الانقطاع الى الله و التواضع الباعث لهم على الانبساط معه بقول الحق وعد نفسه من المقصرين فى مقام العبوديه و الاقرار بان عصمته من نعمه- تعالى- عليه و ليس اعترافا بعدم العصمه كما توهم، بل ليست العصمه الا ذلك، فانها هى ان يعصم الله العبد من ارتكاب المعاصى.و قد اشار اليه بقوله- عليه السلام- (ان يكفى الله) و هذا مثل قول يوسف- عليه السلام-: و ما ابرى نفسى ان النفس لاماره بالسوء الا ما رحم ربى).قوله- عليه السلام- (ما هو املك به منى) اى العصمه من الخطا، فانه- تعالى- اقدر على ذلك للعبد من العبد لنفسه.قوله- عليه السلام- (مما كنا فيه) اى من الجهاله و عدم العلم و المعرفه و الكمالات التى يسرها الله- تعالى- لنا ببعثه الرسول- صلى الله عليه و آله-.قال ابن ابى الحديد: ليس هذا اشاره الى خاص نفسه - عليه السلام- لانه لم يكن كافرا فاسلم، و لكنه كلام يقوله و يشير به الى القوم الذين يخاطبهم من افناء الناس، فياتى بصيغه الجمع الداخله فيها نفسه توسعا.و يجوز ان يكون معناها:
لو لا الطاف الله- تعالى- ببعثه محمد- صلى الله عليه و آله- لكنت انا و غيرى على مذهب الاسلاف.انتهى.قوله (فبلائه عندنا ما لا يكفر) اى نعمته عندنا و افره بحيث لا نستطيع كفرها و سترها، اى لا يجوز كفرانها و ترك شكرها.قوله (سياسته امورنا)، (سست الرعيه سياسته) امرتها و نهيتها.و (العلم) بالتحريك، ما نصب فى الطريق ليهتدى به السائرون.قوله (من بارع الفضل) قال الفيروزآبادى: (برع - و يثلث- براعه) فاق اصحابه فى العلم و غيره، اوتم فى كل جمال و فضيله، فهو بارع و هى بارعه.قوله (ولن يكن) على المجهول، من (كنت الشى ء) سترته او بفتح الياء و كسر الكاف، من (و كن الطائر بيضه يكنه) اذا حضنه.و فى بعض النسخ: (لم يكن)، و فى النسخه القديمه: (لن يكون).قوله (و توسعا) اى فى الفضل و السواد قوله (مع ذلك) اى مع طاعتنا لك، اى نفس الطاعه امر مرغوب فيه و مع ذلك موجب لحصول ما ينفعنا و ما هو خيرلنا فى دنبانا و آخرتنا.قوله- عليه السلام- (الا مناصحه الصدور) اى خلوصها عن غش النفاق بان يطوى فيه ما يظهر خلافه، او نصح الاخوان نصح يكون فى الصدر لا بمحض اللسان.قوله (و قد عال الذى فى صدره) يقال: (عالنى الشى ء) اى غلبنى و (عال امرهم) اشتد.قوله ( و غصص الشجا)، (الغصه) بالضم، ما اعترض فى الحلق، و كذا الشجا و (الشجو) الهم و الحزن.قوله (لخطر مرزئته)، (الخطر) بالتحريك القدر و المنزله و الاشراف على الهلاك.و (المرزئه) المصيبته، و كذا الفجيعه و القائل كان عالما بقرب اوان شهادته - عليه السلام- فلذا كان يندب و يتفجع، و ارجاعهما الى القائل بعيد.قوله (اشفى) اى اشرف عليه.و الضمير فى قوله (اليه) راجع الى الله- تعالى-.قوله (و انقلاب جده)، (الجد) البخت و التفجع و التوجع فى المصيبه، اى سال الله دفع هذا البلاء الذى قد ظن وقوعه عنه- عليه السلام- مع التفجع و التضرع.قوله- عليه السلام- (يا ربانى العباد) قال الجزرى: الربانى) منسوب الى الرب بزياده الف و النون، و قيل: هو من الرب بمعنى التربيه لانهم كانوا يربون المتعلمين بصغار العلوم و قيل: كبارها.و (الربانى) العالم الراسخ فى العلم و الدين و الذى يطلب بعلممه وجه الله، و قيل: العالم العامل المعلم.قوله- عليه السلام- (و يا سكن البلاد)، (السكن) بالتحريك، كل ما يسكن اليه.قوله - عليه السلام- (و بك جرت نعم الله علينا) اى بجهادك و مساعيك الجميه لترويج الدين و تشييد الاسلام فى زمن الرسول - صلى الله عليه و آله- و بعده.قوله- عل
يه السلام- (و للعصاه الكفار اخوانا) اى كنت تعاشر من يعصيك و يكفر نعمتك معاشره الاخوان شفقه منك عليهم، او المراد الشفقه على الكفار و العصاه و الاهتما فى هدايتهم.و يحتمل ان يكون المراد المنافقين الذين كانوا فى عسكره و كان يلزمه رعايتهم بظاهر الشرع.و قيل: المراد بالاخوان الخوان الذى يوكل عليه الطعام، فانه لغه فيه كما ذكره الجزرى، و لا يخفى بعده.فى النسخه القديمه: (الم نكن) بصيغه المتكلم، و حينئذ فالمراد بالفقره الاولى انه كان ينزل بنازل كل ذليل، اى كنا نذل بكل ذله و هو ان، و هو اظهر و الصق بقوله (فبمن؟).قوله- عليه السلام- (من فضاعه تلك الخطرات) اى شناعتها و شدتها.قوله (بعد الحور) قال الجوهرى: نعوذ بالله من الحور بعد الكور، اى من النقصان بعد الزياده.و فى بعض النسخ بالجيم.قوله- عليه السلام- (و ثمال فقرائنا) قال الجزرى: (الثمال) بالكسر، الملجا و القياس، و قيل: هو المطعم فى الشده.قوله- عليه السلام- (يجمعنا فى الامور عدلك) اى هو سبب اجتماعنا و عدم تفرقنا فى جميع الامور او من بين سائر الامور، و هو سبب لانتظام جميع امورنا، او عدلك يحيط بجميعنا فى جميع الامور.قوله (و يتسع لنا فى الحق تانيك) اى صار مداراتك و تان
يك و عدم مبادرتك فى الحكم علينا بما نستحقه، سببا لوسعه الحق علينا و عدم تضيق الامور بنا.قوله- عليه السلام- (يبلغ تحريكه) اى تغييره و صرفه.و فى النسخه القديمه: (تحويله).قوله (و لا خطرناها) اى جعلناها فى معرض المخاطره و الهلاك، او صيرناها خطرا و رهنا و عوضا لك.قال الجزرى فيه: (فان الجنه لا خطر لها) اى لا عوض لها و لا مثل، و (الخطر) بالتحريك، فى الاصل الرهن و ما يخاطر عليه و مثل شى ء و عدله، و لا يقال الا فى الشى ء الذى له قدر و مزيه.و منه الحديث: (الا رجل يخاطر بنفسه و ماله) اى يلقيهما فى الهلكه بالجهاد.و منه حديث النعمان: (ان هولاء- يعنى المجوس- قد اخطروا لكم رثه و متاعا و اخطرتم بهم الاسلام) المعنى انه قد شرطوا لكم ذلك و جعلوه رهنا من جانبهم، و.جعلتم رهنكم دينكم.قوله- عليه السلام- (حاولك) اى قصدك.قوله (من ناواك) اى عاداك.قوله (و لكنه) اى الرب- تعالى- قوله (و عز) اى ذو عز و غلبه.و (زاوله) اى حاوله و طالبه.و هذا اشاره الى ان تلك الامور بقضاء الله و تقديره و المبالغه فى دفعها فى حكم مغالبه الله فى تقديراته.و قد سبقن تحقيق القضاء و القدر فى كتاب العدل.قوله- عليه السلام- (نعظمه) الضمير فى قوله (و نع
ظمه و نديمه) راجعان الى الشكر و الذكر.قوله (- عليه السلام-) (بلائه) يحتمل النعمه ايضا.قوله (- عليه السلام-) (ما عنده) هو خبر (ان)، و يحتمل ان يكون الخبر محذوفا، اى خير لك.و المعنى انه لا تختلف قلوبنا، بل تتفق على ان الله اختار لك بامضائك النعيم و الراحه الدائمه على ما كنت فيه من المشقه و الجهد و العناء قوله- عليه السلام- (من غير اثم) اى لا ناثم على البكاء عليك، فانه من افضل الطاعات، او لا نقول ما يوجب الاثم.قوله (- عليه السلام- (لعز) متعلق بالبكاء و (ان يعود) بدل اشتمال له، اى نبكى لتبدل عز هذا السلطان ذلا.قوله (- عليه السلام-) (اكيلا)، (الاكيل) يكون بمعنى الماكول و بمعنى الاكل، و المراد هنا الثانى، اى نبكى لتبدل هذا السلطان الحق بسلطنه الجور، فيكون اكلا للدين و الدنيا.و فى بعض النسخ: (لعن الله هذا السلطان) فلا يكون مرجع الاشاره سلطنته - عليه السلام-، بل جنسها الباطل الشامل ايضا، اى لعن الله السلطنه التى لا تكون صاحبها.و يحتمل ان يكون اللعن مستعملا فى اصل معناه لغه و هو الابعاد، اى ابعد الله هذا السلطان عن ان يعود ذليلا، و لا يخفى بعده.قوله (عليه السلام) (و لا نرى لك خلفا) اى من بين السلاطين لخروج ا
لسلطنه عن اهل البيت (عليه السلام).
خطبه 227 -در ستايش پيامبر
بيان: قوله (بوجوب الحجج) اى تمامها و نفوذها و لزومها.و (الفلج) بالتحريك، النصره و الغلبه.و (المرسه) بالتحريك، الحبل، و جمع جمعه (امراس).و (المتانه) الشده.(هذا بيان آخر فى شرح جزء من الخطبه:) ايضاح: (الدال على قدمه بحدوث خلقه) فيه و فيما بعده دلاله على ان عله الفاقه الى الموثر الحدوث، و انه لا يعقل التاثير فى الازلى القديم.و كذا قوله (مستشهد بحدوث الاشياء على ازليته).يد، ن: حدثنا ابوالعباس محمدبن ابراهيم بن اسحاق الطالقانى- رضوان الله عليه- قال: حدثنا ابوسعيد الحسن بن على العدوى، قال: حدثنا الهيثم بن عبدالله الرمانى، قال: حدثنى على بن موسى الرضا، عن ابيه موسى بن جعفر، عن ابيه جعفرابن محمد، عن ابيه محمد بن على، عن ابيه على بن الحسين، عن ابيه الحسين بن على- عليهم السلام-، قال: خطب اميرالمومنين- عليه السلام- الناس فى مسجد الكوفه، فقال: الحمد لله الذى لا من شى ء كان، و لا من شى ء كون ما قد كان، المستشهد بحدوث الاشياء على ازليته، و بما و سمعها به من العجز على قدرته و بما اضطرها اليه من الفناء على دوامه، لم يخل منه مكان فيدرك باينيه، و لاله شبح مثال فيوصف بكيفيه، و لم يغب عن شى ء فيعلم بحيثيه ، مبائن لجميع ما احدث فى الصفات، و ممتنع عن الادراك بما ابتدع من تصريف الذوات، و خارج بالكبرياء و العظمه من جميع تصرف الحالات، محرم على بوارع ناقبات الفطن تحديده، و على عوامق ثاقبات الفكر تكييفه، و على غوائص سابحات النظر تصويره، لا تحويه الاماكن لعظمته، و لا تذرعه المقادير لجلاله، و لا تقطعه المقائيس لكبريائه، ممتنع عن الاوهام ان تكتنهه، و عن الافهام ان تستغرقه، و عن الاذهان ان تمتثله.قد يئست من استنباط الاحاطه به طوامح العقول، و نضبت عن الاشاره اليه بالاكتناه بحار العلوم، و رجعت بالصغر عن السمو الى وصف قدرته لطائف الخصوم.واحد لا من عدد، و دائم لا بامد، و قائم لا بعمد، و ليس بجنس قتعادله الاجناس، و لا بشبح فتضارعه الاشباح، و لا كالاشياء فتقع عليه الصفات.قد ضلت العقول فى امواج تيار ادراكه، و تحيرت الاوهام عن احاطه ذكر ازليته، و حصرت الافهام عن استشعار وصف قدرته، و غرقت الاذهان فى لجج افلاك ملكوته.مقتدر بالالاء، و ممتنع بالكبرياء، و متملك على الاشياء، فلا دهر يخلقه، و لا وصف يحيط به.قد خضعت له رواتب الصعاب فى محل تخوم قرارها، و اذعنت له رواصن الاسباب فى منتهى شواهق اقطارها.مستشهد بكليه الاجناس على ربوبيته، و بعجزها على قدرته، و بفطورها على قدمته، و بزوالها على بقائه، فلا لها محيص عن ادراكه اياها، و لا خروج من احاطته بها، و لا احتجاب عن احصائه لها، و لا امتناع من قدته عليها، كفى باتقان الصنع لها آيه، و بمركب الطبع عليها دلاله، و بحدوث الفطر عليها قدمه، و باحكام الصنعه لها عبره، فلا اليه حد منسوب، و لا له مثل مضروب، و لا شى ء عنه بمحجوب، تعالى عن ضرب الامثال و الصفات المخلوقه علوا كبيرا، و اشهد ان لا اله الا هو ايمانا بربوبيه، و خلافا على من انكره، و اشهد ان محمدا عبده و رسوله، المقر فى خير مستقر، المتناسخ من اكارم الاصلاب و مطهرات الارحام، المخرج من اكرم المعادن محتدا، و افضل المنابت منبتا، من امنع ذروه و اعز ارومه، من الشجره التى صاغ الله منها انبيائه، و انتجب منها امنائه، الطيبه العود، المعتدله العمود، الباسقه الفروع، الناضره الغصون، اليانعه الثمار، الكريمه الحشا، فى كرم غرست و فى حرم انبتت، و فيه تشعبت و اثمرت و عزت و امتنعت فسمت به و شمخت حتى اكرمه الله- عز و جل- بالروح الامين، و النور المنير، و الكتاب المستبين، و سخر له البراق، و صافحته الملائكه، و ارعب به الابالس، و هدم به الاصنام و الالهه المعبوده دونه ، سنته الرشد، و سيرته العدل، و حكمه الحق، صدع بما امره ربه، و بلغ ما حمله، حتى افصح بالتوحيد دعوته، و اظهر فى الخلق ان لا اله الا الله وحده لا شريك له، حتى خلصت الوحدانيه و صفت الربوبيه، و اظهر الله بالتوحيد حجته، و اعلى بالاسلام درجته، و اختار الله- عز و جل- لنبيه ما عنده من الروح و الدرجه و الوسيله.صلى الله عليه و على آله الطاهرين.بيان: قوله- عليه السلام- (و لا من شى ء كون ما قد كان) رد على من يقول بان كل حادث مسبوق بالماده.(المستشهد بحدوث الاشياء على ازليته)، (الاستشهاد) طلب الشهاده اى طلب من العقول بما بين لها من حدوث الاشياء الشهاده على ازليته، او من الاشياء انفسها بان جعلها حادثه فهى بلسان حدوثها تشهد على ازليته، و المعنى على التقديرين ان العقل يحكم بان كل حادث يحتاج الى موجد، و انه لابد من ان تنتهى سلسله الاحتياج الى من تنهى سلسله الاحتياج الى من لايحتاج الى موجد فيحكم بان عله العلل لابد ان يكون ازليا، و الا لكان محتاجا الى موجد آخر بحكم المقدمه الاولى.(و بما و سمها به من العجز على قدرته)، (الوسم) الكى، شبه - عليه السلام- ما اظهر عليها من آثار العجز و الامكان و الاحتياج بالسمه التى تكون على العبيد و النعم و تدل على كونها مقهوره مملوكه.(و بما اضطرها اليه من الفناء على دوامه) اذ فناوها يدل على امكانها و حدوثها فيدل على احتياجها الى صانع ليس كذلك.(لم يخل منه مكان فيدرك باينيه) اى ليس ذامكان حتى يكون فى مكان دون مكان كما هو من لوازم المتمكنات فيدرك بانه ذواين و مكان، بل نسبه المجرد الى جميع الامكنه على السواء، و لم يخل منه مكان من حيث الاحاطه العلميه و العليه و الحفظ و التربيه، او انه لم يخل منه مكان حتى يكون ادراكه بالوصول الى مكانه بل آثاره ظاهره فى كل شى ء.(و لاله شبح مثال فيوصف بكيفيه) اضافه اشبح بيانيه، اى ليس له شبح مماثل له لا فى الخارج و لا فى الاذهان فيوصف بانه ذو كيفيه من الكيفيات الجسمانيه او الامكانيه و يحتمل ان يكون المراد بالكيفيه الصوره العلميه.(و لم يغب عن شى ء فيعلم بحيثيه) اى لم يغب عن شى ء من حيث العلم حتى يعلم انه ذو حيث و مكان اذ شان المكانيات ان يغيبوا عن شى ء فلا يحيطوا به علما فيكون كالتاكيد للفقره السابقه، و يحتمل ان يكون (حيث) هنا للزمان، قال ابن هاشم: قال الاخفش: و قد ترد (حيث) للزمان، اى لم يغب عن شى ء بالعدم ليكون وجوده مخصوصا بزمان دون زمان، و يحتمل على هذا ان يكون اشاره الىما قيل من انه - تعالى- لما كان خارجا عن الزمان فجميع الازمنه حاضره عنده كخيط مع ما فيه من الزمانيات و انما يغيب شى ء عما لم يات اذا كان داخلا فى الزمان.و يحتمل ان تكون الحيثيه تعليليه اى لم يجهل شيئا فيكون علمه به معللا بعله، و على هذا يمكن ان يقرا (يعلم) على بناء المعلوم.و فى التوحيد: لم يغب عن علمه شى ء.(و ممتنع عن الادراك بما ابتدع من تصريف الذوات) اى اظهر بما ابدع من الذوات المتغيره المنتقله من حال الى حال انه يمتنع ادراكه اما لوجوب وجود المانع من حصول حقيقته فى الاذهان لمامر، اولان حصوله فيها يستلزم كونه كسائر الذوات الممكنه محلا للصفات المتغيره فيحتاج الى صانع، او لان العقل يحكم بمباينه الصانع للمصنوع فى الصفات فلا يدرك كما تدرك تلك الذوات، و يحتمل ان يكون الظرف متعلقا بالادراك، اى يمتنع عن ان يدرك بخلقه اى بمشابهتها، او بالصور العلميه التى هى مخلوقه له.(من جميع تصرف الحالات) اى الصفات الحادثه المتغيره.(محرم على بوارع ناقبات الفطن تحديده)، (البوارع) جمع (البارعه) و هى الفائقه.و (النقب) الثقب، و لعل المراد بالتحديد العقلى، و يحتمل الاعم.و (الثاقبات) النافذات او المضيئات.و (التكييف) اثبات الكيف ل
ه او الاحاطه بكيفيه ذاته و صفاته اى كنهها.و كذا (التصوير) اثبات الصوره، او تصوره بالكنه، و الاخير فيهما اظهر.قوله (لعظمته) اى لكونه اعظم شانا من ان يكون محتاجا الى المكان.قوله- عليه السلام- (لجلاله) اى لكونه اجل قدرا عن يكون ذا مقدرا.قوله- عليه السلام- (لجلاله) اى لكونه اجل قدرا عن ان يكون ذا مقدار.قوله- عليه السلام- (و لا تقطعه) من (قطعه)- كسمعه- اى ابانه، او من (قطع الوادى و قطع المسافه)، و (المقائيس) اعم من المقائيس الجسمانيه و العقلانيه.و (الكنه) بالضم، جوهر الشى ء و غايته و قدره و وقته و وجهه، و (اكتنهه و اكنهه) بلغ كنهه، ذكره الفيروزآبادى.قوله - عليه السلام- (ان تستغرقه) قال الفيروزآبادى: (استغرق) استوعب، و فى التوحيد: (ان تستعرفه) اى تطلب معرفته.قوله - عليه السلام- (ان تمتثله) قال الفيروزآبادى: (امتثله) تصوره، و فى التوحيد: (تمثله).قوله (من استنباط) اى استخراج الاحاطه به و بكنهه.(طوامح العقول) اى العقول الطامحه الرفيعه، و كل مرتفع طامح.قوله- عليه السلام- (و نضبت) يقال: (نضب الماء نضوبا) اى غار اى يبست بحار العلوم قبل ان تشير الى كنه ذاته، او تبين غايه صفاته.قوله (بالصغر) بالضم، اى مع الذل.و (السمو) الارتفاع و العلو، و لعل اضافه الاطائف الى الخصوم ليست من قبيل اضافه الصفه الى الموصوف، بل المراد المناظرات اللطيفه بينهم، او فكرهم الدقيقه، او عقولهم و نفوسهم اللطيفه.قوله - عليه السلام- (واحد لا من عدد) اى من غير ان يكون فيه تعدد، او من غير ان يكون معه ثان من جنسه.و (الامد) الغايه، و (العمد) بالتحريك، جمع (العمود) اى ليس قيامه قياما جسمانيا يكون بالعمد البدنيه او بالاعتماد على الساقين، او انه قائم باق من غير استناد الى سبب يعتمد عليه و يقيمه كسائر الموجودات الممكنه.قوله- عليه السلام- (ليس بجنس) اى ذا جنس، فيكون ممكنا معادلا لسائر الممكنات الداخله تحت جنسه او اجناسها.و (الشبح) بالتحريك، الشخص، و جمعه اشباح.و (المضارعه) المشابهه، و قال الجزرى: (التيار) موج البحر و لجته.انتهى.و (حصر الرجل)- كعلم- تعب، و (حصرت صدورهم) ضاقت، و كل من امتنع من شى ء لم يقدر عليه فقد حصر عنه، ذكرها الجوهرى.و (الاستشعار) لبس الشعار و الثوب الذى يلى الجسد كنايه عن ملازمه الوصف، و يحتمل ان يكون المراد به هنا طلب العلم و الشعور.و (الملكوت) الملك و العزه و السلطان.قوله- عليه السلام- (بالالاء) اى عليها.و (التملك) الملك
قهرا، و ضمن معنى التسلط و الاستياء، و فى بعض نسخ التوحيد: مستملك.قوله (يخلقه) من باب الافعال من (الخلق) ضد الجديد.و (الراتب) الثابت، و (الصعب) نقيض الذلول، و (التخم) منتهى الشى ء، و الجمع (التخوم) بالضم.و (الرصين) المحكم الثابت، و (اسباب السماء) مراقيها او نواحيها او ابوابها، و (الشاهق) المرتفع من الجبال و الابنيه و غيرها.فرواتب الصعاب اشاره الى الجبال الشاهقه التى تشبه الابل الصاب حيث اثبتها بعروقها الى منتهى الارض، و يحتمل ان تكون اشاره الى جميع الاسباب الارضيه من الارض و الجبال و الماء و الثور و السمكه و الصخره و غيرها حيث اثبت كلا منها فى مقرها بحيث لا يزول عنه و لا يتزلزل و لا يضطرب.و انما عبر عنها بالصعاب اشاره الى ان من شانها ان تضطرب و تزلزل لو لا ان الله اثبتها بقدرته.و رواصن الاسباب اشاره الى الاسباب السماويه من الافلاك و الكواكب حيث رتبها على نظام لا يختل و لا يتبدل و لا يختلف، و لذا اورد - عليه السلام- فى الاول التخوم و فى الثانى الشواهق.و ما بعد ذلك من الفقرات موكده لمامر.و (الادراك والاحاطه و الاحصاء) كل منها يحتمل ان يكون بالعلم او بالقدره و العليه و القهر و الغلبه، او بالمعنى الاعم، ا و بالتوزيع.قوله - عليه السلام- (كفى باتقان الصنع) الباء زائده اى كفى احكام صنعه - تعالى- للاشياء لكونها آيه لوجوده و صفاته الكماليه.و (المركب) مصدر ميمى بمعنى الركوب، اى كفى ركوب الطبائع و غلبتها على الاشياء للدلاله على من جعل الطبائع فيها و جعلها مسخره لها، و يحتمل ان يكون اسم مفعول من التركيب كما يقال: (ركبت الفص فى الخاتم او عليه)، اى كفى الطبع الذى ركب على الاشياء دلاله على مركبها.و على التقديرين رد على الطبيعيين المنكرين للصانع باسناد الاشياء الى الطبائع.و (الفط) الخلق و الابتداء و الاختراع، و يحتمل ان يكون هنا (الفطر) بكسر الفاء و فتح الطاء على صيغه الجمع، اى كفى حدوث الخلق على الاشياء دلاله على قدمه.قوله - عليه السلام- (فلا اليه حد) اى ليس له حد ينسب اليه.قوله (ايمانا) حال او مفعول لاجله، و كذا قوله (خلافا).قوله- عليه السلام- (المقر) على صيغه المفعول، و (خير مستقر) المراد به اما عالم الارواح او الاصلاب الطاهره او اعلى عليين بعد الوفاه.قوله (المتناسخ) اى المتزايل و المنتقل.و (المحتد) بكسر التاء، الاصل، يقال: (فلان فى محتد صدق) ذكره الجوهرى.و (المنبت) بكسر الباء، موضع النبات.و (الارومه) بفتح ا
لهمزه و ضم الراء، اصل الشجره و (بسق النخل بسوقا) طال، و منه قوله- تعالى-: (و النخل باسقات).و (اليانع) النضيج.و (الحشا) واحد احشاء البطن، و المراد هنا داخل الشجره و يحتمل ان يكون من قولهم (انا فى حشاه) اى فى كنفه و ناحيته.و (سمت و شمخت) كلا هما بمعنى ارتفعت.و الباء فى قوله (به) لتعديتهما.و المراد بالشجره، الابراهيميه، ثم القرشيه، ثم الهاشيمه.و (صدع بالحق) تكلم به جهارا.و (الافصاح) البيان بفصاحه، اى اظهر دعوته متلبسا بالتوحيد، و يمكن ان تقرا (دعوته) بالرفع ليكون فاعل الافصاح و الضمير فى قوله (حجته و درجته) راجع الى الرسول.ايضاح: (مدخوله) اى معيوبه من (الدخل) بالتحريك، و هو العيب و الغش و الفساد.و (فلق) اى شق.و (البشر) ظاهر جلد الانسان.(و لا بمستدرك الكفر) اما مصدر ميمى اى بادراك الفكر، او اسم مفعول من قبيل اضافه الصفه الى الموصوف اى بادراك الفكر الذى يدركه الانسان بغايه سعيه، او اسم مكان و الباء بمعنى (فى) اى فى محل ادراكه، و الغرض المبالغه فى صغرها بحيق لا يمكن ادراك تفاصيل اعضائه لا بالنظر و لا بالفكر.(كيف دبت) اى مشت.و (ضنت) بالضاد المعجمه و النون، اى بخلت، و فى بعض النسخ: (صبت) بالصاد المهمله و الباء الموحده على بناء المجهول، اما على القلب اى صب عليها الرزق، او كنايه عن هجومها و اجتماعها على رزقها بالهامه - تعالى- فكانها صبت على ارزق، و يمكن ان يقرا على بناء المعلوم من الصبابه و هى حراره الشوق.(لصدرها)، (الصدر) بالتحريك، رجوع المسافر من مقصده و الشاربه من الورد، اى تجمع فى ايام التمكن من الحركه الايام العجز عنها، فانها تخفى فى شده الشتاء لعجزها عن البرد.و (المنان) هو كثير المن و العطاء و (الديان) القهار و القاضى و الحاكم و السائس و المجازى.و (الصفا) مقصورا، جمع (الصفاه) و هى الحجر الصلد الضخم الذى لا
ينبت.و (الجامس) اليابس الجامد، قال الخليل فى كتاب العين: (جمس الماء) جمد، و صخره جامسه لزمت مكانا.انتهى.و الضمير فى (علوها و سفلها) اما راجع الى المجارى، او الى النمله اى ارتفاع اجزاء بدنها و انخفاضها على وجه تقتضيه الحكمه.و قال الجوهرى: (الشراسيف) مقاط الاضلاع و هى اطرافها التى تشرف على البطن، و يقال: (الشرسوف) غضروف معلق بكل ضلغ، مثل غضروف الكتف.(لقضيت من خلقها عجبا) القضاء بمعنى الاداء، اى لاديت عجبا، و يحتمل ان يكون بمعنى الموت اى لقضيت نحبك من شده تعجبك، و يكون (عجبا) مفعولا لاجله.(و لو ضربت) اى سرت، كما قال- تعالى-: (و اذا ضربتم فى الارض).(غاياته) اى غايات فكرك.(الاسواء) اى فى دقه الصنعه و غموض الخلقه، او فى الدلاله على الفاطر و كمال قدرته و علمه.و (القلال) بالكسر، جمع (قله) بالضم، و هى اعلى الجبل.(زعموا انهم كالنبات) اى كما زعموا فى النبات، او كنبات لا زارع له حيث لا ينسب الى الزارع.و ان نسب الى ربه- تعالى- (لما وعوا) اى جمعوا و حفظوا.تبيين: (التفكير) اعمال النظر فى الشى ء، يقال: فكر فيه - كضرب- و فكر- بالتشديد- و افكر و تفكر بمعنى.و (الجسيم) العظيم.و (الحريق) اسم من الاحتراق.و (البصائر
) جمع (البصيره) و هى و البصر بالتحريك، العلم و الخبره، و فى بعض النسخ: (الابصار) موضع البصائر.و (الدخل) بالتحريك، ما داخلك من فساد فى عقل او جسم و العيب و الريبه، يقال: هذا الامر فيه دخل و دغل بمعنى، و قد دخل- كفرح- و دخل على البناء للمفعول.و (الاحكام) الا تقان، و (ركبه تركيبا) اى وضع بعضه على بعض فتركب.و (فلق)- كضرب- اى شق فانفلق، و منه (قوله تعالى-): (فالق الحب و النوب).و (استوى الشى ء) اعتدل، و (سويته) عدلته.و (النمله) واحده (النمل)، و (الجثه) بالضم للانسان، شخصه قادعا او نائما، فان كان منتصبا فهو طل بالتحريك، و الشخص عام، كذا قيل.و فى القاموس: (جثه الانسان) شخصه.و (لطف الشى ء- ككرم- لطافته بالفتح) و قيل: هو اسم اى صغر و دق، و (الهيئه) حال الشى ء و كيفيته.و (نلته- بالكسر- انيله) اى اصبته.و (اللحظ) فى الاصل، النظر بموخر العين و هو اشد التفاتا من الشزر و فى بعض النسخ: (بلحظ النظر).و (استدرك الشى ء و ادركه) بمعنى، ذكره الجوهرى و (استدركت ما فات و تداركته) بمعنى، و (استدركت الشى ء بالشى ء) اى حاولت ادراكه به، و (الفكر) - كعنب- جمع (فكره) بالكسر و هو اعمال النظر، و قيل: اسم من الافتكار كالعبره من الا
عتبار، و فى بعض النسخ: (الفكر) بسكون العين، و مستدرك الفكر على بناء المفعول يحتمل ان يكون مصدرا اى ادراك الفكر او يطلبها الادراك، و لعله انسب بقوله- عليه السلام- (بلحظ البصر) و ان يكون اسم مفعول اى بالفكر الذى يدركه الانسان و يصل اليه او يطلب ادراكه اى منتهى طلبه لا يصل اى ادراك ذلك، و ان يكون اسم مكان، و الباء بمعنى فى.و (دب)- كفر- اى مشى رويدا.و (صبت) على بناء المفعول من الصب و هو فى الاصل الاراقه، و قيل: هو على العكس، اى صبت رزقها عليها و الظاهر انه لا حاجه اليه، اى كيف الهمت حتى انحطت على رزقها، و استعير له الصب لهوجومها عليه، و فى بعض النسخ: (و ضنت) بالضاد المعجمه و النون على بناء المعلوم اى بخلت برزقها، و ذكر دبيبها لانه متوقف على القوائم و المفاصل و القوى الجئيه، و تركبها فيها مع غايه صغرها على وجه تنتظم به حركاتها السريعه المتتابعه مظهر للقدره و لطيف الصنعه، و ذكر الصب او الضنه للدلاله على علمها بحاجتها الى الرزق و حسن نظرها فى الاعداد و الحفظ.و (الجحره) بالضم، الحفره التى تحتفرها الهوام و السباع لانفسها.و (اعده) اى هياه، و (مستقرها) موضع استقرارها.و (الورود) فى الاصل، و (اعده) اى هياه، و (مستقر
ها) موضع استقرارها.و (الورود) فى الاصل، الاشراف على الماء للشرب، و (الصدر) بالتحريك، رجوع الشاربه من الورود، كان المعنى: تجمع فى ايام التمكن من الحركه لايام العجز عنها، فانها تظهر فى المصيف و تخفى فى الشتاء لعجزها عن البرد.و (كفل) - كنصر و قيل: كعلم و شرف- اى ضمن، قيل: تقول: (كفلته و به و عنه) اذا تحملت به.(بوفقها) اى بقدر كفايتها.و (اغفلت الشى ء اغفالا) اى تركته اهمالا من غير نسيان، و (المنان) المنعم المعطى من المن بمعنى العطاء لا من المنه، و فد يشتق منه و هو مذموم.و (حرمه)- كمنعه0 ضد اعطاه و (الديان) الحاكم و القاضى، و قيل: القهار، و قيل: السائس و هو القائم على الشى ء بما يصلحه كما تفعل الولاه و الامراء بالرعيه، و وجه المناسبه على الاخير واضح و لعله على الاول هو ان اعطاء كل شى ء ما يستحقه و لو على وجه التفضل من فروع الحكم بالحق، و على الثانى الاشعار بان قهره- سبحانه- لا يمنعه عن العطاء كما يكون فى غيره احيانا.و (الصفا) مقصورا، الحجاره، و قيل: الحجر الصلد الضخم لا ينبت شيئا و الواحده (صفاه).و جمس و جمد بمعنى، و قيل: اكثر ما يستعمل فى الماء جمد، و فى السمن و غيره جمس، و (صخره جامسه) اى ثابته فى موضعها.و (الاكل) بالضم، كما فى بعض النسخ و بضمتين كما فى بعضها، الماكول و (الاكل) بالضم، اللقمه و (علوها و سفلها) بالضم فيهما فى بعض النسخ، و بالكسر فى بعضها، و الضميران كالسوابق.قال بعض شراح النهج: (علوها) راسها و ما يليه الى الجزء المتوسط، و يحتمل رجوعهما الى المجارى.و (الشراسيف) مقاط الاضلاع و هى اطرافها التى تشرف على البطن، و قيل: (الشرسوف)- كعصفور- غضروف معلق بكل ضلع مثل غضروف الكتف، و لا حاجه الى الحمل على المجاز كما يظهر من كلام بعض الشارحين.و (الاذن) بضمتين فى النسخ.و (القضاء) يكون بمعنى الاداء قال الله- تعالى-: (فاذا قضيتم مناسككم) و قال: (فاذا فضيتم الصلاه).و (قضاء العجب) التعجب او التعجب الكامل، و قال بعض الشارحين: يحتمل ان يكون بمعنى الموت من قولهم: (قضى فلان) اى مات، اى لقضيت نحبك من شده تعجبك، و يكون (عجبا) نصيبا على المفعول له، و لا يخفى بعده.و (الدعامه و الدعام) بالكسر فيهما، عماد البيت، و الخشب المنصوب للتعريش و فيه تشبيه لها بالبيت المبنى على الدائم و فى بعض النسخ: (لم يعنه).و (الضرب فى الارض) السير فيها او الاسراع فيه.و (الدلاله) بالفتح كما فى بعض النسخ و بالكسر كما فى بعضها، الاسم من قول
ك: (دله الى الشى ء و عليه) ى ارشده و سدده.و (الغامض) خلاف الواضح، و الغرض من الكلام دفع توهم يسر الخلق و سهوله الابداع فى بعض الاشياء للصغر و خفاء دقائق الصنع.و (الجليل) العظيم، يقال: (جل- كفر- جلال) بالفتح، اى عظم، و الغرض استواء نسبه القدره الكامله الى الانواع، كذلك السماء قيل: المشبه به الامور المتضاده السابقه، و المشبه هو السماء و الهواء و الرياح و الماء و وجه الشبه هو حاجتها فى خلقها و تركيبها و احوالها المختلفه و المتفقه الى صانع حكيم، و يحتمل ان يكون التشبيه فى استواء نسبه القدره.(فانظر الى الشمس و القمر...الخ) اى تدبر فيما اودع فى هذه الاشياء من غرائب الصنعه و لطائف الحكمه، و قيل: استدلال بامكان الاعراض على ثبوت الصانع بان يقال: كل جسم يقبل لجسميته المشتركه بينه و بين سائر الاجسام ما يقبله غيره من الاجسام فاذا اختلف الاجسام فى الاعراض فلابد من مخصص و هو الصانع الحكيم.انتهى.و (اختلاف الليل و النهار) تعاقبهما.و (فجر الماء) اى فتح له طريقا فتفجر، و (انفجر) اى جرى و سال، و المراد بالبحار الانهار العظيمه او البحار المعروفه، و (تفجرها) جريانها لو وجدت طريقا.و (القلال)- كجبال- جمع (قله) بالضم، و هى
اعلى الجبل، و قيل: الجبل.و (تفرق اللغات) اختلافها و تباينها كما قال- عز و جل-: (و اختلاف السنتكم و الوانكم).و (الويل) الحزن و الهلاك و المشقه من العذاب، و علم واد فى جهنم و الجمله تحتمل الاخبار و الدعاء.قال سيبويه: (الويل) مشترك بين الدعاء و الخبر.و المراد بالنبات ما ينبت فى الصحارى و الجبال من غير زرع، و ليس المراد ان النبات ليس له مقدر و لا مبدر، بل المعنى ان النبات المذكور كما انه ليس له مدبر من البشر يزعمون ان الانسان يحصل من غير مدبر اصلا، و قيل: المراد انهم قاسوا انفسهم على النبات الذى جعلوا من الاصول المسلمه انه لا مقدر له بل ينبت بنفسه من غير مدبر، و ذكر الاختلاف فى الصور لانه من الدلائل الواضحه على الصانع لم يلجاوا اى لم يستندوا، و الغرض استنادهم فى دعواهم الى قياس باطل و ظن ضعيف كما قال- عز و جل-: (و ما لهم بذلك من علم ان هم الا يظنون).و (اوعى الشى ء) و (وعاه) على المجرد كما فى بعض النسخ، اى حفظه و جمعه، اى لم يرتبوا العلوم الضروريه، و لم يحصلوا المقدمات على وجهها حتى تفضى الى نتيجه صحيحه.و (جنى فلان جنايه) بالكسر، اى جر جريره على نفسه و قومه، و يقال: (جنيت الثمره اجنيها و اجتنيتها) اى اقتطفته
ا، و اسم الفاعل منها (جان) الا ان المصدر من الثانى (جنى) لا جنايه.والغرض دعوى الضروره فى الاحتياج الى الصانع و الفاعل كالبناء و الجنايه لا الاستناد الى القياس.(و اسرج لها حدقتين) اى جعلهما مضيئتين كالسراج، و يقال: (حدقه قمراء) اى منيره، كما يقال: (ليله قمراء) اى نيره بضوء القمر.(بهما تقرض) بكسر الراء، اى تقطع.و (المنجل) كمنبر، جديده يقضب بها الزرع، شبهت بهايداها.و (الذنب) الدفع و المنع.(فى نزواتها) اى و ثباتها.و (خلقها كله) الوا و حاله.(سلما) بالكسر و بالتحريك اى استسلاما و انقيادا.و (ارسى) اى اثبت، اى جعل لها رجلين يمكنها الاستقرار بهما على الاراضى اليابسه و النديه.و (الهطل) تتابع المطر.و (الديم) بكسر الدال و فتح الياء، جمع (الديمه) بالكسر، و هى المطر الذى ليس فيه رعد و لا برق.و (المجذوب) قله النبات و الزرع.(قلت فى الجراده) اى تكلمت فى بديع صنعتها و عجيب فطرتها.و (اسرج لها حدقتين) اى جعلهما مضيئتين كالسراج، (قمراوين) اى منيرتين كالليله القمراء المضيئه بالقمر.و (جعل لها السمع الخفى) اى عن اعين الناظرين، و قيل: المراد بالخفى اللطيف السامع لخفى الاصوات، فوصف بالخفه مجازا من قبيل اطلاق اسم المقبول على القبال و هو انسب بقوله- عليه السلام- (و جعل لها الحس القوى)، و قيل: اراد بحسها قوتها الوهميه، و بقوته حذقتها فيما الهمت اياه من وجوه معاشها و تصرفها يقال: (لفلان حس حاذق) اذا كان ذكيا فطنا دراكا.و (الناب) فى الاصل، السن خلف الرباعيه.و (قرض)- كضرب- اى قطع.و (المنجل)- كمنبر- حديده يقضب بها الزرع و قيل: (المنجلان) رجلاها شبههما بالمناجل لعوجهما و خشونتهما.و (رهبه)- كعلم- اى خاف.و (ذب عن حريمه)- كمد- اى دفع و حمى.و (اجلبوا) اى تجمعوا و تالبوا، و (اجلب على فرسه) اى استحثه للعدو بوكز او صياح او نحو ذلك، (بجمعهم) اى باجمعهم، و كلمه (لو) للوصل.و (الحرث) الزرع.و (نزا)- كدعا- اى وثب.(و خلقها) الجمله حاليه.و (استدق) صار دقيقا.(الذى يسجد (له)... )اى حقيقه، فانه يسجد له الملائكه و المومنون من الثقلين (طوعا) حالتى الشده و الرخاء، و الكفره له (كرها) حال الشده و الضروره او اعم منها و من السجده المجازيه و هى الخضوع و الدخول تحت ذل الافتقار و الحاجه كما مر مرارا.و (العفر) بالتحريك و قد يسكن، وجه الارض و يطلق على التراب و (عفره فى التراب - كضرب- و عفره تعفيرا) اى مرغه فيه، و كان التعفير فى البعض كاهل السماوات كنايه عن غايه الخضوع.و (الاقاء بالطاعه) مجاز عن الانقياد، و فى بعض النسخ: (بالطاعه اليه).و (السلم) بالكسر كما فى بعض النسخ، الصلح و بالتحريك كما
فى بعضها، الاستسلام و الانقياد، و (القياد) بالكسر، ما يقاد به و (اعطاء القياد) الانقياد.و (الرهبه) الخوف، و (ارسى) اى اثبت، و (الندى) البلل و المطر، و (اليبس) بالتحريك، ضد الرطوبه، و (طريق يبس) اى لا نداوه فيه و لا بلل.و (الحمام) بالفتح، كل ذى طوق من الفواخت و القمارى و الوارشين و غيرها، و الحمامه تقع على الذكر و الانثى كالحيه و النعامه، و اسم الجنس من النعامه (نعام) بالفتح و الغرض بيان عموم علمه - سبحانه- و قدرته.(دعا كل طائر باسمه) قيل: (الدعاء) استعاره فى امر كل نوع بالدخول فى الوجود، و قد عرفت ان ذلك الامر يعود الى حكم القدره الاهيه عليه بالدخول فى الوجود كقوله - تعالى-: (فقال لها و للارض انتيا- الايه).و لما استعار الدعا رشح بذكر الاسم لان الشى ء انما يدعى باسمه، و يحتمل ان يريد الاسم اللغوى و هو العلامه، فان لكل نوع من الطير خاصه و سمه ليست للاخر، و يكون المعنى انه- تعالى- اجرى عليها حكم القدره بما لها من السمات و الخواص فى العلم الالهى و اللوح المحفوظ، و قال بعضهم: اراد اسماء الاجناس و ذلك ان الله- تعالى- كتب فى اللوح المحفوظ كل لغه تواضع عليها العباد فى المستقبل و ذكر الاسماء التى يتواضعون عليها، و ذكر لكل اسم مسماه فعند اراده خلقها نادى كل نوع باسمه فاجاب داعيه و اسرع فى اجابته.و (كفل برزقه) اى ضمن.و (السحاب) جمع (سحابه) و هى الغيم.و (الهطل) بالفتح، تتابع المطر او الدمع و سيلانه، و قيل: تتابع المطر المتفرق العظيم القطر، و (الديمه) بالكسر، مطريدوم فى سكون بلا رد و برق و الجمع (ديم) كعنب-.و (تعديد القسم) احصاء ما قدر منها لكل بلد و ارض على وفق الحكمه.و (البله) بالكسر، ضد الجفاف، يقال: (بله فابتل).و (الجفوف) بالضم، الجفاف بالفتح.و (الجدوب) بالضم، انقطاع المطر و يبس الارض.
خطبه 228 -در توحيد
بيان: قال بعض شراح النهج فى قوله- عليه السلام- (و لتجزا كنهه) اشاره الى نفى الجوهر افرد.و قال: قوله - عليه السلام- (و لكان له وراء اذ كان له امام) يوكد ذلك لان من اثبته يصح ان تحله الحركه و لا يكون احد و جهيه غير الاخر.فائده اعلم ان الطبيعيين و الرياضيين اتفقوا على ان الارض واحده، فالماء ليس بتام الاستدراه بل هو على هيئه كره مجوفه قطع بعض منها و ملئت الارض على وجه صارت الارض مع الماء بمنزله كره واحده، و مع ذلك ليس شى ء من سطحيه صحيح الاستدراه، اما المحدب فلما فيه من الامواج، و اما المقعر فللتضاريس فيه من الارض.و قد اخرج الله- تعالى- قريبا من الربع من الارض من الماء بمحض عنايته الكامله، او لبعض الاسباب المتقدمه لتكون مسكنا للحيوانات المتنفسه و غيرها من المركبات المحوجه الى غلبه العنصر اليابس الصلب لحفظ الصور والاشكال و ربط الاعضاء و الاوصال.و مما يدل على كرويه الارض ما او مانا اليه سابقا من طلوع الكواكب و غروبها فى البقاع الشرقيه قبل طلوعها و غروبها فى الغربيه بقدر ما تقتضيه ابعاد تلك البقاع فى الجهتين على ما علم من ارصاد كسوفات بعينها لا سيما القمريه فى بقاع مختلفه، فان ذلك ليس فى ساعات متسا و يه البعد من نصف النهار على الوجه المذكور، و كون الاختلاف متقدرا بقدر الابعاد دليل على الاستدراه المتشابهه السائره بحدبتها المواضع التى يتلو بعضها بعضا على قياس واحد بين الخافقين، و ازدياد ارتفاع القطب و الكواكب الشماليه و انحطاط الجنوبيه للسائرين الى الشمال و بالعكس للسائرين الى الجنوب بحسب سيرهما دليل على استدراتها بين الجنوب و الشمال، و تركب الاختلافين يعطى الاستداره فى جميع الامتدادات.و يويده مشاهده استداره اطراف المنكسف من القمر الداله على ان الفصل المشترك بين المستضى ء من الارض و ما ينبعث منه الظل دائره، وكذلك اختلاف ساعات النهر الطوال و القصار فى مساكن متفقه الطول الى غير ذلك.و لو كانت اسطوانيه قاعدتاها نحو القطبين لم يكن لساكنى الاستداره كوكب ابدى الظهور، بل اما الجميع طالعه غاربه او كانت كواكب يكون من كل واحد من القطبين على بعد تستره القاعدتان ابديه الخفاء و الباقيه طالعه غاربه و ليس كذلك، و ايضا فالسائر الى الشمال قد يغيب عنه دائما كواكب كانت تظهر له، و تظهر له كواكب كانت تغيب عنه بقدر امعانه فى السير، و ذلك يدل على استدارتها فى هاتين الجهتين ايضا.و مما يدل على استداره سطح الماء الواقف طلوع رووسالجبال الشامخه على السائرين فى البحر اولا ثم مايلى رووسها شيئا بعد شى ء فى جميع الجهات.و قالوا: التضاريس التى على وجه الارض من جهه الجبال و الاغوار لا تقدح فى كرويتها الحسيه، اذ ارتفاع اعظم الجبال و ارفعها على ما و جدوه فرسخان و ثلث فرسخ، و نسبتها الى جرم الارض كنسبه جرم سبع عرض شعيره الى كره قطرها ذراع بل اقل من ذلك.و يظهر من كلام اكثر المتاخيرين ان عدم قدح تلك الامور فى كرويتها الحسيه معناه انها لا تخل بشكل جملتها كالبيضه الزقت بها حبات شعير لم يقدح ذلك فى شكل جملتها.و اعترض عليه بان كون الارض او البيضه حينئذ على الشكل الكروى او البيضى عند الحس ممنوع، و كيف يمكن دعوى ذلك مع ما يرى على كل منهما ما يخرج به الشكل مما اعتبروا فيه و عرفوه به؟ و ربما يوجه بوجه آخر و هو ان الجبال و الوهاد الواقعه على سطح الارض غير محسوسه عاده عند الاحساس بجمله كره الارض على ما هى عليه فى الواقع.بيانه ان رويه الاشياء تختلف بالقرب و البعد، فيرى القريب اعظم مما هو الواقع و البعيد اصغر منه و هو ظاهر، و قد اطبق القائلون بالانطباع و بخروج الشعاع كلهم على ان هذا الاختلاف فى رويه المرئى بسبب القرب و البعد انما هو تابع لاختلاف الزاويه
الحاصله عند مركز الجليديه فى راس المخروط الشعاعى بحسب التوهم او بحسب الواقع عند انطباق قاعدته على سطح المرئى، فكلما قرب المرئى عظمت تلك الزاويه، و كلما بعد صغرت.و قد تقرر ايضا بين محققيهم ان رويه الشى ء على ما هو عليه انما هو فى حاله يكون البعد بين الرائى و المرئى على قدر يقتضى ان تكون الزاويه المذكوره قائمه.فبناء على ذلك اذا فرضت الزاويه المذكوره بالنسبه الى مرئى قائمه يجب ان يكون البعد بين راس المخروط و قاعدته المحيطه بالمرئى بقدر نصف قطر قاعدته على ما تقرر فى الاصول.فلما كان قطر الارض ازيد من الفى فرسخ بلا شبهه لا تكون مرئيه على ما هى عليه من دون الف فرسخ، و معلوم ان الجبال و الوهاد المذكوره غير محسوسه عاده عند هذا البعد من المسافه فلا يكون لها قدر محسوس عند الارض بالمعنى الذى مهدنا.ثم انهم استعلموا بزعمهم مساحه الارض و اجزائها و دوائرها فى زمان المامون و قبله فوجدوا مقدار محيط الدائره العظمى من الارض ثمانيه الاف فرسخ، و قصرها الفين و خمسمائه و خمسه و اربعين فرسخا و نصف فرسخ تقريبا، و مضروب القطر فى المحيط مساحه سطح الارض و هى عشرون الف الف و ثلاثمائه و ستون الف فرسخ و ربع ذلك مساحه الربع المسكون من ا
لارض.و اما القدر المعمور من الربع المسكون و هو ما بين خط الاستواء و الموضع الذى عرضه بقدر تمام اليل الكلى فمساحته ثلاثه آلاف الف و سبعمائه و خمسه و ستين الفا و اربعمائه و عشرين فرسخا و هو قريب من سدس سطح جميع الارض و سدس عشره.و الفرسخ ثلاثه اميال بالاتفاق، و كل ميل اربعه آلاف ذراع عند المحدثين، و ثلاثه آلاف عند القدماء، و كل ذراع اربع و عشرون اصبعا عند المحدثين، و اثنان و ثلاثون عند القدماء.و كل اصبع بالتفاق مقدارست شعيرات مضمومه بطون بعضها الى ظهور بعض من الشعيرات المعتدله.و ذكروا ان للارض ثلاث طبقات: الاولى الارض الصرفه المحيطه بالمركز، الثانيه الطبقه الطينيه و هى المجاوره للماء، الثالثه الطبقه المنكشفه من الماء و هى التى تحتبس فيها الابخره و الادخنه و تتولد منها المعادن و النباتات و الحيوانات.و زعموا ان البسائط كلها شفاقه لا تحجب عن ابصار ماورائها ماعدا الكواكب، و ان الارض الصرفه المتجاوزه للمركز ايضا شفاقه، و الطبقتان الاخريان ليستا بسيطتين فهما كثيفتان.فالارض جعل الله الطبقه الظهاره منها ملونه كثيفه غبراء لتقبل الضياء و خلق ما فوقها من العناصر مشفه لطيفه بالطباع لينفذ فيها و يصل الى غيرها ساطع الش
عاع، فان الكواكب و سيما الشمس و القمر اكثر تاثيراتها فى العوالم السفلى بوسيله اشعتها المستقيمه و المنعطفه و المنعكسه باذن الله- تعالى-.و قالوا: الارض فى وسط السماء كالمركز فى الكره فينطبق مركز حجمها على مركز العالم، و ذلك لتساوز ارتفاع الكواكب و انحطاطها مده ظهورها و ظهور النصف من الفلك دائما و تطابق اظلال الشمس فى وقتى طلوعها و غروبها عند كونها على المدار الذى يتساوى فيه زمان ظهورها و خفائها على خط مستقيم، او عند كونها فى جزئين متقابلين من الدائره التى يقطعها بسيرها الخاص بها، و انخساف القمر فى مقاطراته الحقيقيه للشمس، فان الاول يمنع ميلها الى احد الخافقين، والثانى الى احد السمتين، الراس و القدم، و الثالث الى احد القطبين، و الرابع الى شى ء منها او من غيرها من الجهات كما لا يخفى.و كما ان مركز حجمها منطبق على مركز العالم فكذا مركز ثقلها، و ذلك لان الثقال تميل بطبعها الى الوسط كما دلت عليه التجربه، فهى اذن لا تتحرك عن الوسط، بل هى ساكنه فيه متافعه باجزائها من جميع الجوانب الى المركز تافعا متساويا، فلا محاله ينطبق مركز ثقلها الحقيقى المتحد بمركز حجمها التقريب على مركز العالم و مستقرها عند وسط العالم لتكافو الق و ى بلا تزلزل و اضطراب بحدث فيها لثباتها بالسبب المذكور، و لكون الاثقال المنتقله من جانب منها الى الاخر فى غايه الصغر بالقياس اليها لا يوجب انتقال مركز ثقلها من نقطه الى اخرى بحركه شى ء منها، و كذا الاجزاء المبائنه لها تهوى اليها و هى تقبلها من جميع نواحيها من دون اضطراب.هذا ما ذكروه فى هذا المقام، و لا نعرف من ذلك الا كون الجميع بقدره القادر العليم و اراده المدبر الحكيم كما ستعرف ذلك ان شاء الله- تعالى-.و قال الشيخ المفيد- قدس سره - فى كتاب المقالات: اقول: ان العالم هو السماء و الارض و ما بينهما و فيهما من الجواهر و الاعرض، و لست اعرف بين اهل التوحيد خلافا فى ذلك.اقول: لعل مراده- قدس سره- بالسماوات ما يشمل العرض و الكرسى و الحجب، و غرضه نفى الجواهر المجرده التى تقول بها الحكماء.ثم قال- رحمه الله-: و اقول: ان الفلك هو المحيط بالارض الدائر عليها و فيه الشمس و القمر و سائر النجوم، و الارض فى وسطه بمنزله النقطه فى وسط الدائره، و هذا مذهب ابى القاسم البلخى و جماعه كثيره من اهل التوحيد، و مذهب اكثر القدماء و المنجمين و قد خالف فيه جماعه من بصريه المعتزله و غيرهم من اهل النحل.و اقول: ان المتحرك من الفلك انما ي
تحرك حركه دو ريه كما يتحرك الدائر على الكره، و الى هذا ذهب البلخى و جماعه من اهل التوحيد، و الارض على هيئه الكره فى وسط الفلك و هى ساكنه لا تتحرك، و عله سكونها انها فى المراكز، و هو مذهب ابى القاسم و اكثر القدماء و المنجمين، و قد خالف فيه الجبائى و ابنه و جماعه غير هما من اهل الاراء و المذاهب من المقلده و المتكلمين.ثم قال: و اقول: ان العالم مملوئه من الجواهر و انه لا خلافيه و لو كان فيه خلا لما صح فرق بين المجتمع و المتفرق من الجواهر و الاجسام و هو مذهب ابى القاسم خاصه من البغداديين، و مذهب اكثر القدماء من المتكليمن و خالف فيه الجبائى و ابنه و جماعه متكلمى اهل الحشو و الجبر و التشبيه.ثم قال: و اقول: ان المكان هو ما احاط بالشى ء من جميع جهاته، و لا يصح تحرك الجواهر الا فى الاماكن، و الوقت هو ما جعله الموقت وقتا للشى ء و ليس بحادث مخصوص و الزمان اسم يقع على حركات الفلك فلذلك لم يكن الفعل محتاجا فى وجوده الى وقت و لا زمان، و على هذا القول سائر الموحدين.و سئل السيد المرتضى- رحمه الله-: الفراغ له نهايه؟ و القديم - تعالى- يعلم منتهى نهايته؟ و هذا الفراغ اى شى ء هو؟ و كذلك الطبقه الثامنه من الارض و الثامنه من ال
سماء نقطع ان هناك فراغا ام لا؟ فان قلت: لا، طالبتك بما وراء الملا، القديم - تعالى- يعلم ان هناك نهايه.فان قلت: نعم، طالبتك اى شى ء وراء النهايه؟ فاجاب- رحمه الله-: ان الفراغ لا يوصف بانه منته، و لا انه غير منته على وجه الحقيقه، و انما يوصف بذلك مجازا و اتساعا.و اما قوله (و هذا الفراغ اى شى ء هو؟) فقد علمنا انه لا جوهر و لا عرض و لا قديم و لا محدث و لا هو ذات و لا هو معلوم كالمعلومات.و اما الطبقه الثامنه من الارض فما نعرفها، و الذى نطق به القرآن: (سبع سموات طباقا و من الارض مثلهن) فاما غير ذلك فلا سبيل للقطع به من عقل و لا شرع.انتهى.و اقول: بسط الكلام فى هذه الامور خروج عن مقصود الكتاب، و محله علم الكلام.(ايضاح:) (لا تصحبه الاوقات) يحتمل وجهين: احد هما نفى المصاحبه على الدوام بل وجوده سابق على الزمان كالزمانيات كما قال: (سبق الاوقات كونه).و ثانيهما نفى الزمانيه عنه- سبحانه- مطلقا كما ذهب اليه الحكماء من ان الزمان نسبه المتغير الى المتغير و لا يكون فيما لا تغير فيه اصلا، فالمراد بسبق كونه على الاوقات عدم لحوقها له و امتناع مقارنته- سبحانه- لها، و ربما يويد ذلك بقوله- عليه السلام- (و كيف يجرى عليه ما هو ا
جراه؟).فانه- عليه السلام- استدل على عدم جريان السكون و الحركه عليه بانه موجدهما فلا يكونان من صفاته الكماليه، لان الفعل لا يكون كمالا للفاعل و اتصافه بهما لا على وجه الكمال يوجب التغير او النقص و هذا جار فى الزمان ايضا.و كذا قوله (و يعود فيه ما هو ابداه) اى اظهره، فقيل: المعنى انه - سبحانه- اظهر الحركه و السكون فكانا متاخرين عنه ذاتا، فلو كانا من صفاته لزم ان يعود المتاخر و يصير مقتدما لان صفاته- سبحانه- عين ذاته فلا يجوز خلوه عنها فى مرتبه الاظهار و الايجاد.(و يحدث فيه ما هو احدثه) لان الشى ء لا يكون فاعلا و قابلا لشى ء واحد، او لمامر من لزوم الاستكمال بغيره و النقص فى ذاته.(اذا لتفاوتت ذاته) اى حص الاختلاف و التغير فى ذاته.(و لتجز اكنهه) اى كانت حقيقته ذات اجزاء و ابعاض، لان الحركه و السكون مستلزمان للتحيز المستلزم للجسميه، او لكان فيه ما به بالقوه و ما به بالفعل.(و لا متنع من الازل معناه) اى ذاته المقصوده من اسمائه الحسنى، و الامتناع من الازل للجسميه و حدوث ما لا ينفك عن الحركه و السكون.(لا بصوت يقرع) اى يقرع الاسماع، و (القرع) الدق، و فى بعض النسخ على بناء المجهول اى يحصل من قرع شى ء (و مثله) اى اقامه، و قيل: البارى- تعالى- مثل القرآن لجبرئيل - عليه السلام- بالكتابه فى اللوح، و يقال: (مثلته بين يدى) اى احضرته.فلما كان الله- تعالى- فعل القرآن واضحا بينا كان قد مثله للمكلفين.انتهى.و الظاهر ان المراد ان قوله (- تعالى-:) (كن فيكون) ليس المراد به الكلام الحقيقى الذى له صوت بل كنايه عن تعلق الاراده و تمثيل لحصول الاشياء بمحض ارادته بلا تاخر و لا توقف على امر.(و لو كان قديما لكان الها ثانيا) هذا صريح فى ان الامكان لا يجامع القدم و ان الايجاد انما يكون لما هو مسبوق بالعدم، فالقول بتعدد القدماء مع القول بامكان بعضها قول بالنقيضين.(فتجرى) على (بناء) المعلوم و فى بعض النسخ على (بناء) المجهول.(عليه الصفات المحدثات) فى اكثر النسخ (الصفات) معرفه باللام، فالمحدثات صفه له و فى بعضها بدن اللام على الاضافه و هو انسب، اى لو كان محدثا لجرت عليه صفات الاجسام المحدثه فلم يكن بينه و بينها فرق.و (الفصل) القطع، و الحاجز بين الشيئين.و (المبتدع) فى بعض النسخ على صيغه الفاعل، و فى بعضها على صيغه المفعول، فعلى الاول (البديع) بمعنى المبدع على بناء المفعول، و على الثانى بمعنى (المبدع) على بناء الفاعل.(على غير مثال خلا) اى مضى و سبق.(من غير اشتغال) اى لم يشغله امساكها عن غيره من الامور.و (ارساها) اى اثبتها (على غير قرار) اى مقر يتمكن عليه بل قامت بامره لا على شى ء.(بغير قوائم) اى لا كدابه تقوم بقوائمها.و (الدعامه) بالكسر، عماد البيت الذى يقوم عليه.و (حصنه تحصينا) اى جعله منيعا.و (الاود) بالتحريك، الاعوجاج، و العطف للتفسير.و (التهافت) التساقط قطعه قطعه.(اوتادها) اى جبالها التى هى للارض بمنزله الاوتاد.(و ضرب اسدادها،) (السد) بالفتح و بالضم الجبل و الحاجز بين الشيئين، و قيل: بالضم ما كان مخلوقا لله- تعالى- و بالفتح ما كان من فعلنا.و (ضرب الاسداد) نصبها، يقال: (ضربت الخيمه) اى نصبتها، او تعيينها كضرب الخراج.و لعل المعنى خلق الجبال فيها و الانهار التى هى كالحدود لها ليتميز بعضها عن بعض على حسب اقتضاء الحكمه الكامله.و قال الجوهرى: (السد) ايضا واحد السدود و هى السحائب السود، عن ابى زيد.(و استفاض عيونها) اى جعلها فائضه جاريه.(و خد اوديتها) اى شقها و منها (الاخدود) اى الحفرات المستطيله فى الارض.(حتى يصير موجودها كمفقودها) لعل المراد بالمفقود ما لم يوجد اصلا اى حتى يصير كان لم يكن، و يحتمل ان تكون الكاف زائده.