حکمت 107
بيان: المصانعه الرشوه و يمكن ان يقرا بفتح النون و فى النسخ بالكسر و يحتمل ان يكون المصانعه بمعنى المداراه كما فى النهايه.و المضارعه من ضرع الرجل ضراعه اذا خضع و ذل، و قيل: من المشابهه اى يتشبه بائمه الحق و ولاته و ليس منهم و الاول اظهر.حکمت 108
تبيان: مرجعه منصوب على الظرفيه.و التهافت التساقط قطعه قطعه، من هفت- كضرب- اذا سقط كذلك، و قيل: هفت اى تطاير لخفته، و المراد تلاشى الاجزاء و تفرقها لعدم الطاقه.و تغلظ- فى بعض النسخ على صيغه المجهول من باب التفعيل، و فى بعضها على صيغه المجرد المعلوم- يقال: غلظ الشى ء- ككرم- ضد رق كما فى النسخه، و جاء (غلظ)- كضرب-.و الاستعداد للشى ء التهيوله.و لفظ الروايه على ما ذكره ابن الاثير فى النهايه اظهر قال: فى حديث على - عليه السلام-: من احبنا اهل البيت فليعد للفقر جلبابا اى ليزهد فى الدنيا و ليصبر على الفقر و العله.و الجلباب الازار و الرداء و قيل: هو كالمقنعه تغطى به المراه راسها و ظهرها و صدرها، و جمعه جلابيب كنى به عن الصبر لانه يستر الفقر كما يستر الجلباب البدن.و قيل: انما كنى بالجلباب عن اشتماله بالفقر اى فليلبس ازار الفقر، و يكون منه على حاله تعمه و تشمله، لان الغنا من احوال اهل الدنيا و لايتهيا الجمع بين حب الدنيا و حب اهل البيت.انتهى.و قال ابن ابى الحديد: قد ثبت ان النبى- صلى الله عليه و آله- قال: لايحبك الا مومن و لايبغضك الا منافق.و قد ثبت ان النبى- صلى الله عليه و آله- قال: ان البلوى اسرع الى المومن من الماء الى الحدور.هاتان المقدمتان يلزمهما نتيجه صادقه هى انه- عليه السلام- لو احبه جبل لتهافت، و لعل هذا هو مراد الرضى- رضى الله عنه- بقوله: معنى آخر ليس هذا موضع ذكره.انتهى.و فيه تامل.و قال ابن ميثم: الجلباب مستعار لتوطين النفس على الفقر و الصبر عليه، و وجه الاستعاره كونهما ساترين للمستعد بهما من عوارض الفقر و ظهوره فى سوء الخلق و ضيق الصدر و التحير الذى ربما ادى الى الكفر، كما يستر بالملحفه.و لما كانت محبتهم- عليهم السلام- بصدق يستلزم متابعتهم و الاستشعار بشعارهم، و من شعارهم الفقر و رفض الدنيا و الصبر على ذلك، وجب ان يكون كل محب مستشعرا للفقر و مستعدا له جلبابا من توطين النفس عليه و الصبر.و قد ذكر ابن قتيبه هذا المعنى بعباره اخرى، فقال: من احبنا فليقتصر على التقلل من الدنيا و التقنع فيها، قال: و شبه الصبر على الفقر بالجلباب لانه يستر الفقر، كما يستر الجلباب البدن.قال: و يشهد بصحه هذا التاويل ما روى انه راى قوما على بابه، فقال: يا قنبر من هولائ؟ فقال: شيعتك يا اميرالمومنين! فقال: ما لى لا ارى فيهم سيماء الشيعه؟ قال: و ما سيماء الشيعه؟ قال،: خمص البطون من الطوى، يبس الشفاه من الظماء، ع
مش العيون من البكاء.و قال ابوعبيد: انه لم يرد الفقر فى الدنيا، الاترى ان فيمن يحبهم مثل ما فى سائر الناس من الغنى؟ و انما اراد الفقر يوم القيامه، و اخرج الكلام مخرج الوعظ و النصيحه و الحث على الطاعات، فكانه اراد من احبنا فليعد لفقره يوم القيامه ما يحسره من الثواب، و التقرب الى الله- تعالى- والزلفه عنده.قال: و قال السيدالمرتضى- رحمه الله-: و الوجهان جميعا حسنان، و ان كان قول ابن قتيبه احسن، فذلك معنى قول السيد- رضى الله عنه- و قد توول ذلك على معنى آخر.انتهى كلام ابن ميثم.و قال القطب الراوندى- رحمه الله- بعد ذكر المعنيين المحكيين عن ابن قتيبه و ابى عبيد: و قال المرتضى فيه وجها ثالثا، اى من احبنا فليزم نفسه و ليقدها الى الطاعات، و ليذللها على الصبر عما كره منها، فالفقر ان يجز انف البعير فيلوى عليه حبل يذلل به الصعب، يقال: فقره اذا فعل به ذلك.انتهى.و لايخفى انه لو كان المراد الصبر على الفقر و ستره و الكف عن اظهار الحاجه الى الناس، و ذلك هو المعبر عنه بالجلباب، كما اشير اليه اولا، لايقدح فيه ما ذكره ابوعبيد من ان فيمن يحبهم مثل ما فى سائر الناس من الغنى، لان الامر بالصبر و الستر حينئذ يتوجه الى من ابتلاه ال
له بالفقر، فالمراد ان من ابتلى من محبينا بالفقر، فليصب عليه و لايكشفها، و لايستفاد منه فقد الغنى من الشيعه.و اما الخبر الاول فقد قيل: يحتمل ان تكون مفاده صعوبه حمل محبتهم الكامله، فيكون قريبا من قوله عليه السلام-: ان امرنا صعب مستصعب، لايحتمله الا ملك مقرب، او نبى مرسل، او عبد امتحن الله قلبه للايمان.فتهافت الجبل حينئذ لثقل هذا الحمل و شده المهابه، كقوله- تعالى-: لو انزلنا هذا القرآن على جبل لرايته خاشعا متصدعا من خشيه الله.و قوله- تعالى-: انا عرضنا الامانه على السماوات و الارض و الجبال فابين ان يحملنها واشفقن منها.و الظاهر من المقام انه ليس المراد بالمحبه ما فى العوام و الاوساط، بل ما يستلزم التشبه به- عليه السلام- على وجه كامل، و الاقتداء التام به عليه اسلام- فى الفضائل و محاسن الاعمال على قدر الطاقه، و ان كانت درجته الرفيعه فوق ادراك الافهام و اعلى من ان تناله الاوهام، و حق للجبل ان يتهافت عن حمل مثل ذلك الحمل.فى هذه الاحاديث الوارده من طرق الخاصه و العامه دلاله واضحه على ان الانبياء و الاوصياء- عليهم السلام- فى الامراض الحسيه و البلايا الجمسيه كغيرهم بل هم اولى بها من الغير تعظيما لاجرهم الذى يوجب ا
لتفاضل فى الدرجات و لايقدح ذلك فى رتبتهم بل هو تثبيت لامرهم، و انهم بشر اذ لو لم يصبهم ما اصاب سائر البشر مع ما يظهر فى ايديهم من خرق العاده، لقيل فيهم ما قالت النصارى فى نبيهم.و قد ورد هذا التاويل فى الخبر، و ابتلاوهم تحفه لهم لرفع الدرجات التى لا يمكن الوصول اليها بشى ء من العمل الا ببليه كما ان بعض الدرجات لا يمكن الوصول اليها الا بالشهاده، فيمن الله- سبحانه- على من احب من عباده بها تعظيما و تكريما له، كما ورد فى خبر شهاده سيد الشهداء- عليه السلام- انه راى النبى- صلى الله عليه و آله- فى المنام فقال له: يا حسين! لك درجه فى الجنه لاتصل اليها الا بالشهاده.و استثنى اكثر العلماء ما هو نقص و منفر للخلق عنهم كالجنون و الجذام و البرص، و حمل استعاذه النبى- صلى الله عليه و آله- عنها على انها تعليم للخلق.و قال المحقق الطوسى- قدس سره- فى التجريد فيما يجب كونه فى كل نبى: العصمه، و كمال العقل، و الذكاء، و الفطنه، و قوه الراى، و عدم السهو، و كلما ينفر عنه الخلق من دنائه الاباء، و عهر الامهات، و الفظاظه، و الغلظه، و الا بنه و شبهها، و الاكل على الطريق و شبهه.و قال العلامه فى شرحه: و ان يكن منزها عن الامراض المنفره نح و الابنه و سلس الريح، و الجذام، و البرص، لان ذلك كله مما ينفر عنه فيكون منافيا للغرض من البعثه و ضم القوشجى سلس البول ايضا.و قال القاضى عياض من علماء المخالفين فى كتاب الشفاء: قال الله- تعالى-: و ما محمد الا رسول قد خلت من قبله الرسل افان مات او قتل انقلبتهم على اعقابكم و قال: ما المسيح بن مريم الا رسول قد خلت من قبله الرسل و امه صديقه كانا ياكلان الطعام و قال: و ما ارسلنا من قبلك من المرسلين الا انهم لياكلون الطعام و يمشون فى الاسواق و قال: قل انما انا بشر مثلكم يوحى الى.فمحمد- صلى الله عليه و آله- و سائر الانبياء من البشر ارسلوا الى البشر، و لو لا ذلك لما اطاق الناس مقاومتهم و القبول عنهم و مخاطبتهم، قال الله- تعالى-: و لو جعلناه ملكا لجعلناه رجلا اى لما كان الا فى صوره البشر، الذين يمكنكم مخالطتهم اذ لاتطيقون مقاومه الملك و مخاطبته و رويته اذا كان على صورته، و قال: لو كان فى الارض ملائكه يمشون مطمئنين لنزلنا عليهم من السماء ملكا رسولا اى لا يمكن فى سنه الله ارسال الملك الا لمن هو من جنسه او من خص الله- تعالى- و اصطفاه و قواه على مقاومته كالانبياء و الرسل.فالانبياء و الرسل وسائط بين الله و خلقه، يبلغونهم
اوامره و نواهيه و وعده و وعيده و يعرفونهم بمالم يعلموه من امره و خلقه و جلاله و سلطانه و جبروته و ملكوته، فظواهرهم و اجسادهم و بنيتهم متصفه باوصاف البشر، طارى ء عليها ما يطرء على البشر من الاعراض و الاسقام و الموت و الفناء و نعوت الانسانيه، و ارواحهم و بواطنهم متصفه باعلى من اوصاف البشر، متعلقه بالملا الاعلى، متشبهه بصفات الملائكه، سليمه من التغيير و الافات، و لايلحقها غالبا عجز البشريه و لاضعف الانسانيه.اذ لو كانت بواطنهم خالصه للبشريه كظواهرهم، لما اطاقوا الاخذ عن الملائكه و رويتهم و مخاطبتهم كما لايطيقه غيرهم من البشر.و لو كانت اجسامهم و ظواهرهم متسمه بنعوت الملائكه و بخلاف صفات البشر، لما اطاق البشر و من ارسلوا اليه مخاطبتهم كما تقدم من قول الله- تعالى-.فجعلوا من جهه الاجسام و الظواهر مع البشر، و من جهه الارواح و البواطن مع الملائكه، كما قال- صلى الله عليه و آله-: تنام عيناى و لا ينام قلبى، و قال: انى لست كهيئتكم انى اظل يطعمنى ربى و يسقينى.فبواطنهم منزهه عن الافات، مطهره من النقائص و الاعتلالات.و قال فى موضع آخر: قد قدمنا انه- صلى الله عليه و آله- و سائر الانبياء و الرسل من البشر و ان جسمه و ظاهره
خالص للبشر، يجوز عليه من الافات و التغييرات و الالام و الاسقام، و تجرع كاس الحمام ما يجوز على البشر، هذا كله ليس بنقيصه فيه، لان الشى ء انما يسمى ناقصا بالاضافه الى ما هو اتم منه و اكمل من نوعه.و قد كتب الله على اهل هذه الدار: فيها تحيون و فيها تموتون و منها تخرجون، و خلق جميع البشر بمدرجه الغير، فقد مرض- صلى الله عليه و آله- و اشتكى و اصابه الحر و القر، و ادركه الجوع و العطش، و لحقه الغضب و الضجر و ناله الاعياء و التعب، و مسه الضعف و الكبر، و سقط فجحش شقه، و شجه الكفار و كسروا رباعيته، و سقى السم، و سحر و تداوى، و احتجم و تعوذ ثم قضى نحبه فتوفى- صلى الله عليه و آله و سلم- و لحق بالرفيق الاعلى و تخلص من دار الامتحان و البلوى.و هذه سمات البشر التى لا محيص عنها و اصاب غيره من الانبياء ما هو اعظم منها، و قتلوا قتلا، و رموا فى النار، و وشروا بالمياشير.و منهم من وقاه الله ذلك فى بعض الاوقات، و منهم من عصمه كما عصم نبينا- صلى الله عليه و آله- بعد من الناس.فلئن لم يكف عن نبينا ربه- تعالى- يد ابن قميئه يوم احد، و لا حجبه عن عيون عداه عند دعوه اهل الطائف، فلقد اخذ على عيون قريش عند خروجه الى ثور و امسك عنه سيف غور
ث و حجر ابى جهل و فرس سراقه.و لئن لم يقه من سحر ابن الاعصم، فلقد وقاه ما هو اعظم من سم اليهوديه، و كذا سائر انبيائه مبتلى و معافى.و ذلك من تمام حكمته ليظهر شرفهم فى هذه المقامات و يبين امرهم و يتم كلمته فيهم و ليحقق بامتحانهم بشريتهم و يرتفع الالتباس عن اهل الضعف فيهم لئلا يضلوا بما يظهر من العجائب على ايديهم ضلال انصارى بعيسى بن مريم و ليكون فى محنهم تسليه لاممهم و وفور لاجورهم عند ربهم تماما على الذى احسن اليهم.قال بعض المحققين: و هذه الطوارى و التغييرات المذكوره انما يختص باجسامهم البشريه المقصود بها مقاومه البشر و معاناه بنى آدم لمشاكله الجسم، و اما بواطنهم فمنزهه غالبا عن ذلك، معصومه منه، متعلقه بالملا الاعلى و الملائكه لاخذها عنهم، تلقيها الوحى منهم، و قد قال (النبى)- صلى الله عليه و آله-: ان عينى تنامان و لاينام قلبى، و قال: انى لست كهيئتكم انى ابيت عند ربى يطعمنى و يسقينى، و قال: انى لست انسى، و لكن انسى ليستن بى.فاخبر ان سره و باطنه و روحه بخلاف جسمه و ظاهره، و ان الافات التى تحل ظاهره من ضعف و جوع و نوم و سهر لايحل منها شى ء باطنه بخلاف غيره من البشر فى حكم الباطن، لان غيره اذا نام استغرق النوم
جسمه و قلبه، و هو فى نومه- عليه السلام- حاضر القلب كما هو فى يقظته حتى انه جاء فى بعض الاثار انه كان محروسا من الحدث فى نومه لكون قلبه يقظان كما ذكرناه.و كذلك غيره اذا جاع ضعف لذلك جسمه و حارت قوته و بطلت فى الكليه حملته، و هو- عليه السلام- قد اخبر انه لايعتريه ذلك و انه بخلافهم، بقوله: لست كهيئتكم، و كذلك اقول: انه فى هذه الاحوال كلها من وصب و مرض و سحر و غضب لم يجر على باطنه ما يحل به، و لا فاض منه على لسانه و جوارحه ما لا يليق به كما يعترى غيره من البشر.تذييل قال المحقق الطوسى- قدس الله روحه- فى التجريد: بعض الالم قبيح يصدر منا خاصه و بعضه حسن يصدر منه- تعالى- و منا، و حسنه اما لاستحقاقه او لاشتماله على النفع او دفع الضرر الزائدين او لكونه عاديا او على وجه الدفع.و يجوز فى المستحق كونه عقابا، و لا يكفى اللطف فى الم المكلف فى الحسن و لايشترط فى الحسن اختيار المتالم بالفعل، و العوض نفع مستحق خال عن تعظيم و اجلال و يستحق عليه- تعالى- بانزال الالام و تفويت المنافع لمصلحه الغير و انزال الغموم سواء استندت الى علم ضرورى او مكتسب او ظن لا ما يستند الى فعل العبد.و امر عباده بالمضار و اباحته او تمكين غير العاقل ، بخلاف الاحراق عند الالقاء فى النار و القتل عند شهاده الزور و الانتصاف عليه- تعالى- واجب عقلا و سمعا، فلايجوز تمكين الظالم من الظلم من دون عوض فى الحال يوازى ظلمه.فان كان المظلوم من اهل الجنه فرق الله اعواضه على الاوقات او تفضل عليه بمثلها، و ان كان من اهل العقاب اسقط بها جزء من عقابه بحيث لايظهر له التخفيف بان يفرق الناقص على الاوقات، و لايجب دوامه لحسن الزائد بما يختار معه الالم و ان كان منقطعا، و لايجب حصوله فى الدنيا لاحتمال مصلحه التاخير، و الالم على القطع ممنوع مع انه غير محل النزاع، و لايجب اشعار صاحبه بايصاله عوضا و لايتعين منافعه و لايصح اسقاطه، و العوض عليه- تعالى- يجب تزايده الى حد الرضا عند كل عاقل، و علينا تجب مساواته.و قال العلامه- نور الله ضريحه- فى شرحه: اعلم انا قد بينا و جوب الالطاف و المصالح، و هى ضربان: مصالح فى الدين، و مصالح فى الدنيا اعنى المنافع الدنياويه.و مصالح الدين اما مضار، او منافع، و المضار منها آلام و امراض و غيرهما كالا جال و الغلاء و المنافع، الصحه و السعه فى الرزق و الرخص.و اختلف الناس فى قبح الالم و حسنه، فذهبت الثنويه الى قبح جميع الالام و ذهبت المجبره الى حسن جميعها من
الله- تعالى- و ذهبت البكريه و اهل التناسخ و العدليه الى حسن بعضها و قبح الباقى، و اختلفوا فى وجه الحسن.الى ان قال: و قالت المعتزله: انه يحسن عند شروط: احدها: ان يكون مستحقا و ثانيها: ان يكون نفع عظيم يوفى عليها، و ثالثها: ان يكون فيها دفع ضرر اعظم منها، و رابعها: ان يكون مفعولا على مجرى العاده، كما يفعله الله- تعالى- بالحى اذا القيناه فى النار، و خامسها: ان يكون مفعولا على سبيل الدفع عن النفس كما اذا آلمنا من يقصد قتلنا، لانا متى علمنا اشتمال الالم على احد هذه الوجوه، حكمنا بحسنه قطعا.و شرط حسن الالم المبتدا الذى يفعله الله- تعالى- كونه مشتملا على اللطف، اما للمتالم او لغيره، لان خلو الالم عن النفع الزائد الذى يختار المولم معه الالم يستلزم الظلم و خلوه عن اللطف يستلزم العبث و هما قبيحان، و لذا اوجب ابوهاشم فى امراض الصبيان مع الاعواض الزائده اشتمالها على اللطف لمكلف آخر.و جوز المصنف كابى الحسين البصرى ان تقع الالام فى الكفار و الفساق عقابا للكافر و الفاسق، و منع قاضى القضاه من ذلك و جزم بكون امراضهم محنا لاعقوبات.و ذهب المصنف كالقاضى و الشيخين الى انه لايكفى اللطف فى الم المكلف فى الحسن، بل لابد من عوض خ
لافا لجماعه اكتفوا باللطف، و لو فرضنا اشتمال اللذه على اللطف الذى اشتمل عليه الالم، هل يحسن منه- تعالى- فعل الالم بالحى لاجل لطف الغير مع العوض الذى يختار المكلف لو عرض عليه؟ قال ابوهاشم: نعم، و ابوالحسين منع ذلك، و تبعه المصنف.و لايشترط فى حسن الالم المفعول ابتداء من الله- تعالى- اختيار المتالم للعوض الزائد عليه بالفعل، و قيد الخلو عن تعظيم و اجلال ليخرج به الثواب.و الوجوه التى يستحق به العوض على الله- تعالى- امور: الاول: انزال الالام بالعبد كالمرض و غيره.الثانى: تفويت المنافع اذا كانت منه- تعالى- لمصلحه الغير، فلو امات الله- تعالى- ابنا لزيد و كان فى معلومه- تعالى- انه لو عاش لاينفع به زيد لاستحق عليه- تعالى- العوض عما فاته من منافع ولده، و لو كان فى معلومه- تعالى- عدم انتفاعه به لانه يموت قبل الانتفاع منه لم يستحق منه عوضا لعدم تفويت المنفعه منه- تعالى-، و لذلك لو اهلك ماله استحق العوض بذلك، سواء اشعر بهلاك ما له او لم يشعر لان تفويت المنفعه كانزال الالم، و لو آلمه و لم يشعر به لا ستحق العوض و كذا لوفوت عليه منفعه لم يشعر بها، و عندى فى هذا الوجه نظر.الثالث: انزال الغموم بان يفعل الله- تعالى- اسباب الغ
م، اما الغم الحاصل من العبد نفسه فانه لا عوض فيه عليه- تعالى-.الرابع: امرالله- تعالى- عباده بايلام الحيوان او اباحته، سواء كان الامر للايجاب او للندب، فان العوض فى ذلك كله على الله- تعالى-.الخامس: تمكين غير العاقل مثل سباع الوحش و سباع الطير و الهوام و قد اختلف اهل العدل هنا اربعه اقوال: فذهب بعضهم الى ان العوض على الله- تعالى- مطلقا، و يعزى الى الجبائى، و قال آخرون: ان العوض على فاعل الالم عن ابى على، و قال آخرون: لا عوض هنا على الله- تعالى- و لا على الحيوان.و قال القاضى: ان كان الحيوان ملجا الى الايلام كان العوض عليه- تعالى- و ان لم يكن ملجا كان العوض على الحيوان، و اذا طرحنا صبيا فى النار فاحترق فان الفاعل للالم هو الله- تعالى- و العوض علينا و يحسن لان فعل الالم واجب فى الحكمه من حيث اجراء العاده، و الله قد منعنا من طرحه و نهانا عنه فصار الطارح كانه الموصل اليه الالم، فهذا كان العوض علينا دونه- تعالى- و كذلك اذا شهد عند الامام شاهدا زور بالقتل فان العوض على الشهود، و ان كان الله- تعالى- قد اوجب القتل و الامام تولاه، و ليس عليهما عوض، لانهما اوجبا بشهادتهما على الامام ايصال الالم اليه من جهه الشرع فصار
كانهما فعلاه، لان قبول الشاهدين عاده شرعيه يجب اجراوها على قانونها كالعادات الحسيه.و اختلف اهل العدل فى وجوب الانتصاف عليه- تعالى-، فذهب قوم منهم الى ان الانتصاف للمظلوم من الظالم واجب على الله- تعالى- عقلا لانه هو المدبر لعباده فنظره نظر الوالد لولده، و قال آخرون منهم: انه يجب سمعا، و المصنف- رحمه الله- اختار و جوبه عقلا و سمعا.و هل يجوز ان يمكن الله- تعالى- من الظلم من لا عوض له فى الحال يوازى ظلمه؟ فمنع منه المصنف- قدس سره-.و قد اختلف اهل العدل هنا، فقال ابوهاشم و الكعبى: انه يجوز، لكنهما اختلفا فقال اكلعبى: يجوز ان يخرج من الدنيا و لا عوض له يوازى ظلمه، و قال: ان الله- تعالى- يتفضل عليه بالعوض المستحق عليه و يدفعه الى المظلوم، و قال ابوهاشم: لايجوز بل يجب التقيه، لان الانتصاف واجب و التفضل ليس بواجب و لايجوز تعليق الواجب بالجائز.و قال السيد المرتضى- رضى الله عنه-: ان التقيه تفضل ايضا، فلايجوز تعليق الانتصاف بها، فلهذا وجب العوض فى الحال، و اختاره المصنف- رحمه الله- لما ذكرناه.و اعلم ان المستحق للعوض اما ان يكون مستحقا للجنه او للنار، فان كان مستحقا للجنه، فان قلنا: ان العوض دائم فلا بحث، و ان قلنا:
انه منقطع توجه الاشكال بان يقال: لو اوصل العوض اليه ثم انقطع عنه حصل له الالم بانقطاعه.و الجواب من وجهين: الاول: انه يوصل اليه عوضه متفرقا على الاوقات بحيث لايتبين له انقطاعه، فلايحصل له الالم.الثانى: ان يتفضل الله- تعالى- عليه بعد انقطاعه بمثله دائما، فلايحصل له الم و ان كان مستحقا للعقاب جعل الله عوضه جزء من عقابه، بمعنى انه يسقط من عقابه بازاء ما يستحقه من الاعواض، اذ لافرق فى العقل بين ايصال النفع و دفع الضرر فى الايثار.فاذا خفف عقابه و كانت آلامه عظيمه، علم ان آلامه بعد اسقاط ذلك القدر من العقاب اشد و لايظهر له انه كان فى راحه، او نقول: انه- تعالى- ينقص من آلامه ما يستحقه من اعواضه متفرقا على الاوقات، بحيث لاتظهر له الخفه من قبل.و اختلف فى انه هل يجب دوام العوض ام لا؟ فقال الجبائى: يجب دوامه و قال ابوهاشم: لايجب، و اختاره المصنف- رحمه الله-.و لايجب اشعار مستحق العوض بتوفيره عوضا له بخلاف الثواب، و حينئذ امكن ان يوفره الله- تعالى- فى الدنيا على بعض المعوضين غير المكلفين و ان ينتصف لبعضهم من بعض فى الدنيا، و لا تجب اعادتهم فى الاخره.و العوض لايجب ايصاله فى منفعه معينه دون اخرى بل يصح توفيره بكل ما يح
صل فيه شهوه المعوض بخلاف الثواب، لانه يجب ان يكون من جنس ما الفه المكلف من ملاذه.و لايصح اسقاط العوض و لاهبته ممن وجب عليه فى الدنيا و لا فى الاخره سواء كان العوض عليه- تعالى- او علينا، هذا قول ابى هاشم و القاضى، و جزم ابوالحسين بصحه اسقاط العوض علينا اذا استحل الظالم من المظلوم و جعله فى حل بخلاف العوض عليه- تعالى- فانه لايسقط، لان اسقاطه عنه- تعالى- عبث لعدم انتفاعه به.ثم قال بعد ايراد دليل القاضى على عدم صحه الهبه مطلقا: و الوجه عندى جواز ذلك لانه حقه و فى هبته نفع للموهوب، و يمكن نقل هذا الحق اليه.و على هذا لو كان العوض مستحقا عليه- تعالى-، امكن هبه مستحقه لغيره من العباد، اما الثواب المستحق عليه- تعالى- فلايصح مناهبته لغيرنا لانه مستحق بالمدح فلايصح نقله الى من لايستحقه.ثم قال: العوض الواجب عليه- تعالى- يحب ان يكون زائدا على الالم الحاصل بفعله او بامره او با باحته او بتمكينه لغير العاقل زياده تنتهى الى حد الرضا من كل عاقل بذلك العوض فى مقابله ذلك الالم لو فعل به لانه لو لا ذلك لزم الظلم، اما مع مثل هذا العوض، فانه يصير كانه لم يفعل.و اما العوض علينا فانه يجب مساواته لما فعله من الالم، او فوته من ال
منفعه لان الزائد على ما يستحق عليه من الضمان يكون ظلما.و لايخرج ما فعلناه بالضمان عن كونه ظلما قبيحا، فلايلزم ان يبلغ الحد الذى شرطناه فى الالام الصادره عنه- تعالى-.انتهى ملخص ما ذكره- قدس سره- و انما ذكرناها بطولها لتطلع على ما ذكره اصحابنا تبعا لاصحاب الاعتزال، و اكثر دلائلهم على جل ما ذكر فى غايه الاعتلال، بل ينافى بعض ما ذكروه كثير من الايات و الاخبار، و نقلها و تحصيلها و شرحها و تفصيلها لايناسب هذا الكتاب، و الله اعلم بالصواب، و سياتى بعض القول انشاءالله- تعالى- عن قريب.(هذا بيان آخر فى شرح الحكمه:) بيان: التهافت التساقط قطعه قطعه.و التاويل الاخر الذى ذكره السيد- رحمه الله- لعله هو ما ذكره ابن ميثم، قال: قال ابوعبيد: انه لم يرد الفقر فى الدنيا و انما اراد الفقر يوم القيمه، اى فليعد لذلك ما يجده من الثواب و التقرب الى الله- تعالى- و الزلفه لديه.
حکمت 111
بيان: الباء فى قوله ببقائه للسببيه، فان البقاء مقرب للاجل موجب لضعف القوى، و فى قوله بصحته للملابسه، و يمكن الحمل على السببيه بتكلف فان الصحه غالبا موجبه لجراه الانسان و عدم تحرزه عن الامور المضره له.و قوله عليه السلام-: يوتى من مامنه اى ياتيه المصائب من الجهه التى لايتوقع اتيانها منها و فى حال امنه و غفلته، و يحتمل ان يكون الما من مصدرا، فان امنه و غفلته من اسباب تركه للحزم و ظفر الاعداء عليه.حکمت 113
بيان: قلا اى كرهه و ابغضه و هو يشمل المخالفين ايضا، لان تقديم غيره عليه بغض له.حکمت 116
بيان: قال ابن ميثم: فلان بعيد الراى اذا كان يرى المصلحه من بعيد لقوه رايه.و امنعها لما وراء ظهورها كنايه عن جمعيتهم.و فى النهايه: النكر بالضم، الدهاء و الامر المنكر.و اصبح اى احسن وجوها و اجمل او الفى للناس بالطلاقه و البشر.حکمت 118
بيان: قوله- عليه السلام- كان الموت فيها اى فى الدنيا.و الحق اوامر الله و نواهيه، او الموت.و السفر- بالفتح- جمع مسافر.و الاجداث القبور.و التراث ما يخلفه الرجل لورثته.كل واعظ و واعظه اى كل امر و خصله يوجب العبره و الا تعاظ.و قوله و رمينا يحتمل الحاليه، قال فى النهايه: الجائحه هى الافه التى تهلك الثمار و الاموال و تستاصلها.و كل مصيبه عظيمه و فتنه مبيره جائحه.اقول: و رواه الكراجكى فى كنز الفوائد عن النبى و زاد بعد قوله كل جائحه: طوبى لمن شغله عيبه عن عيوب غيره و انفق ما اكتسب فى غير معصيه و رحم اهل الضعف و المسكنه و خالط اهل العفه و الحكمه.بيان: الذله فى النفس التواضع ضد الاعجاب و الترفع.و طيب الكسب ان لايكون مكسبه من الطرق المحرمه و المكروهه و مواضع الشبهه.و صلحت- كمنعت او كحسنت- باختلاف النسخ.و سريره الرجل و سره باطنه، و صلاحها ترك النفاق و اضمار الشر و الخلو عن الحسد و غيره.و الخليقه الطبيعه.و انفاق الفضل من المال ان لايمسك لنفسه الا الكفاف.و امساك الفضل من الكلام الاقتصار على ما يعنيه.و عزله- كنصره- اى نحاه و ابعده.و وسعته السنه اى لم تتضيق عليه حتى يخرج الى البدعه و طلبها، و ذلك الخروج اما فى الاعتقاد لعدم الرضا بالسنه، و هو مضاد للايمان كما قال- سبحانه-: فلا و ربك لايومنون حتى يحكموك- الايه، و اما فى العمل لميل النفس الاماره الى الباطل و اتباع الشهوات، و هو معصيه منافيه لكمال الايمان.
حکمت 122
بيان: قيل: المقصر فى العمل لله يكون غالب احواله متوفرا على الدنيا مفرطا فى طلبها و جمعها، و بقدر التوفر عليها يكون شده الهم فى جمعها و تحصيلها، ثم فى ضبطها و الخوف على فواتها.اقول: الاظهر ان المعنى ان الهموم و الاحزان فى الدنيا انما تعرض لمن قصر فيها فى العمل كما قال- سبحانه-: ما اصابكم من مصيبه فبما كسبت ايديكم، و انما لاتعرض تلك لمن لم يكن لله فيه حاجه، اى لم يكن مستحقا للطفه- تعالى- و رحمته.حکمت 136
بيان: روى فى الكافى بسند فيه ضعف على المشهور بالسكونى عن ابى عبدالله- عليه السلام- قال: قال رسول الله- صلى الله عليه و آله-: ضرب المسلم يده على فخذه عند المصيبه احباط لاجره.و روى بسند آخر فيه ايضا ضعف عن ابى الحسن الاول- عليه السلام- مثله.حکمت 139
و ظاهرها الحرمه و يمكن حملها على الكراهه كما هو ظاهر اكثر الاصحاب، و الاحوط الترك.و يدل على الاحباط فى الجمله.كتاب الغارات للثقفى باسناده مثله.بيان: سياتى هذا الخبر باسانيد جمه فى باب الاضطرار الى الحجه.و الجبان و الجبانه بالتشديد، الصحراء، و تسمى بهما المقابر ايضا.و اصحر اى اخرج الى الصحراء.و اوعاها اى احفظها للعلم و اجمعها.و الربانى منسوب الى الرب بزياده الالف و النون على خلاف القياس كالرقبانى، قال الجوهرى: الربانى المتاله العارف بالله- تعالى-، و كذا قال الفيروز آبادى.و قال فى الكشاف: الربانى هو شديدى التمسك بدين الله- تعالى- و طاعته.و قال فى مجمع البيان: هو الذى يرب امر الناس بتدبيره و اصلاحه اياه و الهمج قدمر.و الرعاع الاحداث الطغام من العوام و السفله و امثالهم.و النعيق صوت الراعى بغنمه، و يقال لصوت الغراب ايضا، و المراد انهم لعدم ثباتهم على عقيده من العقائد و تزلزلهم فى امر الدين يتبعون كل داع و يعتقدون بكل مدع و يخبطون خبط العشواء من غير تمييز بين محق و مبطل، و لعل فى جمع هذا القسم و افراد القسمين الاولين ايماء الى قلتهما و كثرته، كما ذكره الشيخ البهائى- رحمه الله-.و الركن ال و ثيق هو العقائد الحقه البرهانيه اليقينيه التى يعتمد عليها فى دفع الشبهات و رفع مشقه الطاعات.و العلم يحرسك اى من مخاوف الدنيا و الاخره و الفتن و الشكوك و الوساوس الشيطانيه.و المال تنقصه- و فى ف: تفنيه-.و العلم يزكو على الانفاق اى ينموو يزيد به، اما لان كثره المدارسه توجب و فور الممارسه و قوه الفكر، او لان الله- تعالى- يفيض من خزائن علمه على من لايبخل به.و قال الشيخ البهائى- رحمه الله-: كلمه على يجوز ان تكون بمعنى مع كما قالوا فى قوله- تعالى-: و ان ربك لذو مغفره للناس على ظلمهم، و ان تكون للسببيه و التعليل كما قالوه فى قوله- تعالى-: و لتكبروا الله على ما هديكم.و فى ف بعد ذلك: و العلم حاكم و المال محكوم عليه اذ بالعلم يحكم على الاموال فى القضاء، و ينتزع من احد الخصمين و يصرف الى الاخر، و ايضا انفاقه و جمعه على وفق العلم بوجوه تحصيله و مصارفه.محبه العالم دين يدان به، الدين الطاعه و الجزاء اى طاعه هى جزاء نعم الله و شكر لها، او يدان و يجزى صاحبه به، او محبه العالم و هو الامام دين و مله يعبدالله بسببه و لاتقبل الطاعات الا به.و فى ما: صحبه العالم دين يدان الله به اى عباده يعبد الله بها.و فى نهج البلاغه: معرفه العلم دين يدان به.قوله يكسبه الطاعه قال الشيخ البهائى- رحمه الله-: بضم الحرف المضارعه من اكسب و المرادانه يكسب الانسان طاعه الله، او يكسبه طاعه العباد له.اقول: لاحاجه الى نقله الى باب الافعال، بل المجرد ايضا ورد بهذا المعنى، بل هو افصح.قال الجوهرى: الكسب الجمع، و كسبت اهل خيرا و كسبت الرجل مالا فكسبه.و هذا مما جاء فعلته ففعل.انتهى.و الضمير فى يكسبه راجع الى صاحب العلم.و فى نهج البلاغه: يكسب الانسان الطاعه.و جميل الا حدوثه اى الكلام الجميل و الثناء، و الا حدوثه مفرد الاحاديث.و فى ف بعد ذلك: و منفعه المال تزول بزواله و هو ظاهر.مات خزان الاموال و هم احياء اى هم فى حال حياتهم فى حكم الاموات، لعدم ترتب فائده الحياه على حياتهم من فهم الحق و سماعه و قبوله و العمل به و استعمال الجوارح فيما خلقت لاجله، كما قال- تعالى-: اموات غير احياء و ما يشعرون و العلماء بعد موتهم ايضا باقون بذكرهم الجميل و بما حصل لهم من السعادات و اللذات فى عالم البرزخ و النشاه الاخره و بما يترتب على آثارهم و علومهم و ينتفع الناس من بركاتهم الباقيه مدى الاعصار.و على نسخه امالى الشيخ المراد انهم ماتوا و مات ذكرهم و آثارهم معهم، و العل
ماء بعد موتهم باقون باثارهم و علومهم و انوارهم.قوله- عليه السلام- و امثالهم فى القلوب موجوده قال الشيخ البهائى: الامثال جمع مثل بالتحريك، فهو فى الاصل بمعنى النظير، استعمل فى القول السائر الممثل مضربه بمورده ثم فى الكلام الذى له شان و غرابه، و هذا هو المراد ههنا، اى ان حكمهم و مواعظهم محفوظه عند اهلها يعملون بها.انتهى.و يحتمل ان يكون المراد بامثالهم اشباحهم و صورهم، فان المحبين لهم المهتدين بهم المقتدين لاثارهم يذكرونهم دائما و صورهم متمثله فى قلوبهم على ان يكون جمع مثل بالتحريك او جمع مثل بالكسر، فانه ايضا يجمع على امثال.ان ههنا لعلما و فى نهج البلاغه: لعلما جما اى كثيرا.لو اصبت له حمله بالفتحات، جمع حامل اى من يكون اهلا له، و جواب لو محذوف، اى لاظهرته او لبذلته له.مع ان كلمه لو اذا كانت للتمنى لاتحتاج الى الجزاء عند كثير من النجاه.بلى اصبت له لقنا و فى نهج البلاغه: اصيب لقنا، و اللقن بفتح اللام و كسر القاف، الفهم من اللقانه و هى حسن الفهم.غير مامون اى يذيعه الى غير اهله، و يضعه فى غير موضعه.يستعمل آله الدين فى الدنيا- و فى ف: فى طلب الدنيا- اى يجعل العلم الذى هو آله و وصله الى الفوز بالسعادات الاب
ديه آله و وسيله الى تحصيل الحظوظ الفانيه الدنيويه.قوله- عليه السلام- يستظهر بحجج الله على خلقه لعل المراد بالحجج و النعم ائمه الحق، اى يستعين بهولاء و ياخذ منهم العلوم ليظهر هذا العلم للناس فيتخذه ضعفاء العقول بطانه و وليجه و يصد الناس عن ولى الحق و يدعوهم الى نفسه، و يحتمل ان يكون المراد بالحجج و النعم العلم الذى آتاه الله، و يكون الظرفان متعلقين بالاستظهار، اى يستعين بهولاء و ياخذ منهم العلوم ليظهر هذا العلم للناس فيتخذه ضعفاء العقول بطانه و وليجه و يصد الناس عن ولى الحق و يدعوهم الى نفسه، و يحتمل ان يكون المراد بالحجج و النعم العلم الذى آتاه الله، و يكون الظرفان متعلقين بالاستظهار، اى يستعين بالحجج للغلبه على الخلق و بالنعم للغلبه على العباد.و غرضه من هذا الاستظهار اظهار الفضل ليتخذه الناس و ليجه، قال: الفيروز آبادى: الوليجه الدخيله و خاصتك من الرجال او من تتخذه معتمدا عليه من غير اهلك.و فى ف: بنعمه الله على معاصيه.او منقادا لحمله العلم بالحاء المهمله- و فى بعض النسخ بالجيم- اى مومنا بالحق معتقدا له على سبيل الجمله، و فى ف: او قائلا بجمله الحق.لابصيره له فى احنائه بفتح الهمزه و بعدها حاء مهمله ثم نون ، اى جوانبه، اى ليس له غور و تعمق فيه- و فى بعض نسخ الكتابين و فى ف و فى بعض نسخ النهج ايضا فى احيائه بالياء المثناه من تحت، اى فى ترويجه و تقويته-.يقدح على صيغه المجهول، يقال: قدحت النار اى استخرجتها بالمقدحه، و فى ما مثل ف يقتدح و فى النهج: ينقدح.و على التقادير حاصله انه يشتعل نار الشك فى قلبه بسبب اول شبهه عرضت له، فكيف اذا توالت و تواترت؟ الا لاذا و لاذاك اى ليس المنقاد العديم البصيره اهلا لتحمل العلم، و لا اللقن الغير المامون.و هذا الكلام معترض بين المعطوف و المعطوف عليه.او منهوما باللذات اى حريصا عليها منهمكا فيها، و المنهوم فى الاصل هو الذى لايشبع من الطعام.اقول.فى اكثر نسخ الكتابين: فمنهوم اى فمن طلبه العلم او من الناس.و فى ف: اللهم لا ذا و لا ذاك! فمن اذا المنهوم باللذه السلس القياد للشهوه، او مغرم بالجمع و الادخار ليسا من رعاه الدين و لا ذوى البصائر و اليقين.و فى النهج: او منهوما باللذه سلس القياد للشهوه او مغرما.قوله- عليه السلام- سلس القياد اى سهل الانقياد من غير توقف.او مغرى بالجمع و الادخار اى شديد الحرص على جمع المال و ادخاره كان احدا يغريه بذلك و يبعثه عليه، و الغرم ايضا بمعناه، يقال:
فلان مغرم بكذا اى لازم له مولع به.ليسا من رعاه الدين، الرعاه بضم اوله جمع راع بمعنى الوالى، اى ليس المنهوم و المغرى المذكوران من ولاه الدين، و فيه اشعار بان العالم الحقيقى و آل على الدين و قيم عليه.اقر ب شبها اى الانعام السائمه اى الراعيه اشبه الاشياء بهذين الصنفين.كذلك يموت اى مثل ما عدم من يصلح لتحمل العلوم تعدم تلك العلوم ايضا و تندرس آثارها بموت العلماء العارفين لانهم لايجدون من يليق لتحملها بعدهم.