بیشترلیست موضوعات هوية العلم الديني خلاصة الكلام توضیحاتافزودن یادداشت جدید
ان قول المنتقي يوجب علي القائل ان لايتهاون في توكيد هدفه الاصلي من جهة و يولي اهتمامه لتحقيقه، و ان يسعي، من جهة اخري الي ان يوجز فيبيان ماهو بعيد عن تحقيق هدفه، ان الميزة فيقول المنتقيات تعيننا في الاجابة عن هذا السؤل: هل يستجيب القرآن للحدالأدني من حاجات الانسان، أم للحد الأعلي؟ لاشك في ان الاستجابة ستكون للحد الأعلي بالنسبة لحاجات الانسان التي ترتبط بموضوع هدف القرآن الاصيل، أماحاجات الانسان التي لا تكون ضمن اطار هدفه الاصلي، فالاستجابة تكون في الأحد الأدني، علي الرغم من وجود الارتباط والتأثير و التأثر بين هاتين المجموعتين من الحاجات الانسانية. ان الانسان لكي يسد حاجته الي الوقود، لا بدله من معرفة المزيد عن صناعة النفط. ولكن القرآن لم ينزل لمعرفة صناعة النفط، فاذا اكتفي بالكلام بايجاز علي اساليب الاستفادة العامة و الخاصة من كنوز الطبيعة، فلا مجال للشكوي من ذلك. ثم من جهة اخري لامجال للعجب اذا ماتكلم القرآن بالتفصيل، مثلا، علي طيش الانسان و عدم اهتمامه بمعرفة غاية الوجود القصوي، فيكشف عن هذا الطيش في صوره و مظاهره المتعددة و اسبابه المختلفة، و بيان عاقبة ذلك و طريقه المسدود، و ذلك لأن جميع هذه الأمور هي محور الهدف الاصلي لهذا الكتاب. من ذلك، مثلا، يحث القرآن الانسان ـ في معرض سعيه للوصول الي هدفه الاصلي، و هو هداية الانسان اليالساحة الالهية- علي ان يلقي نظرة علي تقلبات حياته في هذه الحياة الدنيا، لكي يدرك انه في تقلبات الدهر هذه يمكن ان يصاب بالغفلة بشكل ما. و عندماتحصل له هذه البصيرة يكون مستعدا للاعتصام بحبل رحمة الله: «اعلموا إنماالحياة الدنيا لعب و لهو و زينة و تفاخرو تكاثر في الاموال و الاولاد كمثل غيث أعجب الكفار نباته ثم يهيج فتراه مصفرا ثم يكون حطاما... سابقوا إلي مغفرة من ربكم» (الحديد/20-21).عن هذه الآية يقول الشيخالبهائي ان الخصائص الخمس المذكورة فيها يتنامي الاهتمام بهابتنامي عمرالانسان و مراحل حياتة، اي: اللعب في مرحلة الطفولة، و اللهوفي مرحلة البلوغ، و الركض وراء زينة الحياة الدينا و بهارجها و الملبس و المسكن في مرحلة اوج البلوغ، ثم التفاخر بكل ذلك و بالحسب و النسب في مرحلة التقدم في السن، و اخيرا الرغبة في التكاثر و الاستكثار من الذهب و الفضة و من الاولاد مما يلازم التقدم في السن ان لتفسير هذه الآية علي هذا النحو دلالات علي بعض خصائص علم النفس البشري في مختلف مراحل الحياة و كيفية تنظيمها و مايترتب عليها. و علي الرغم من ان هذه الآية تعدد مواضع الزلل التي تتربص بالانسان في كل مرحلة من مراحل حياته، و لكن السوءال التالي يوصلنا الي الدلالات المذكورة: ماهي الخصائص النفسية في كل مرحلة من مراحل الحياة البشرية تحملناعلي التحدث عن مواطن الزلل هذه؟ علي كل حال، هذه الآية لاتجيب اجابة كاملة عن اسئلة مثل: كيف تختلف مراحل التحول الفكري و النفسي في حياةالانسان؟ و ماهي الخصائص الفكرية و النفسية التيتظهر في كل مرحلة؟ فمثلا، في مرحلة الطفولة يدور الكلام علي اللعب، و من ذلك يمكن ان نستنتج ان مرحلة الطفولة هي مرحلة النشاط و الحركة و التخيل [جسما يقول صاحب الميزان في تعريف اللعب: اللعب ذلك العمل المنظم الذي يتم لهدف خيالي]. أما القدرة علي التخيل كيف تبدأ و في اي سن، و ماالصور التي تتخذها، أواللعب نفسه ما انواعه و مامقدماته؟ هذه اسئلة تتطلب الاجابة ضمن نظام علم النفس.ولكن الآية لا تقول شيئا في هذا الشأن، و هذا نموذج جيد لما سبق لنا قوله من ان الله، فيالقرآن يريد بيان هدفه، و فد يتطلب الأمر فيهذاالسياق الاشارة الي حقيقة نفسية او فلكية و ما اشبه ذلك، إلا ان هذه الاشارة تكون محدودة بما يقتضيه اطار الهدف المذكور، فكما يظهر من هذه الآية، يدور البحث في مراحل حياة الانسان في هذ الدنيا، ولكن ضمن هدف القرآن الاصلي، و هو امكان الهداية او الضلال في مختلف مراحل الحياة. لذلك فبموجب اقتضاء البحث هنالك تقسيم واضح لمراحل حياة الانسان، و لكن لااشارة الي الخصائص النفسية لكل مرحلة، كمايرغب، مثلا، العالم النفساني مشتاقا ان تتم الاشارة إليها.القول بأن القرآن قائل انتقائي يعني القول بأنه «ينطق» في اطار «هدفمعين»، كمايعني ايضا ان القرآن بحد ذاته ليس ألكن عديم اللسان. ذلك فالقرآن لاينظرالي «التطلع نحو الأعلي» و «النظرة اللعوب» علي حد سواء، بل يمدح الاول بصراحة و يحث عليه، و يذم الآخر و يحّذر منه: «أَفَمَنْ يَمْشِيمُكِبّا عَلَي وَجْهِهِ أَهْدي أمَّنْ يَمْشِي سَوِيّا عَلي صَراطٍ مُستَقِيمٍ» (سورة الملك/22).اذا اردنا ان نتحدث بضرب الأمثال، فالقرآن ليس «لطخة علي قرن» [كمايقول المثل[ حتي ينظر اليها علي السواء و علي اي نحو كان، بحيث تظهر من نقاطها المبهمة اي شكل كان. بديهي ان من كان أحول العينين يري الشيء شيئين، ولكن تفسير ذلك يكمن في الحول، لا في «الشيء» الواحد. لذلك، علي الرغم من وجود بعض ما يمكن حمله محملا معوجا، كالمتشابهات، و لكن اذا ظل المفسر منغمسا فيها مع وجود المحكمات فلا بد من ارجاع ذلك الي احولال العين: فَأمّا الّذِينَ فَي قُّلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ ما تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغاءِ تَأوِيلِهِ (آل عمران/7) (مولانا) يمثل القرآن بمثابة حبل معلق فيبئر، يتعلق به بعض للنزول الي قعرالبئر، و يتعلق به بعض للخروج منها. هذا التمثيل يكون مناسبا للقرآن اذا مااعتبرنا نزولالناز لين الي قعر البئر ناجما عن «زيع القلب».3ـ هوية العلم الديني ان نبين ان في الدين كلاما علميا، عندئذ يكون دينا علميا، و يكون لدينا دين مقبول موجه. ان هذا المسعي الذي يتحمل ثقله و صعوبته بعضهم مسعي لافائدة فيه و لاثمر. الدين لا يمكن ان يقام علي العلم، فذاك كالبناء علي الرمال، إذ ان الاكتشافات العلمية مهما تكن مستندة الي الادلة الكثيرة، تبقي دائما عرضة للتغير او حتي للإبطال و الاخراج من الميدان. العلم حتي اذا كان بمثابة وسيلة، فهو حتما ليس وسيلة مصنوعة خاصة لقياس اعتبار الدين، إلا اذا حاول احدهم ان «يختزل» الدين في الفرضيات العلمية. و في هذه الحالة يجب ان نري إن كان سيتبقي شيء من الدين ما يستحق الدفاع عنه علي اعتبار انه حق أم لا. اذن لا يمكن من لبّاد العلم صنع قبعة للدين، و الدين العلمي تعبير لا معني له، و هو اشبه بقولك «الدائرة المربعة».في النوع الثاني من العلاقة، أي مزج العلم والدين، لايعني بالوسيلة -الهدف، بل ينظر الي هذين كما ينظر الي عنصرين مختلفين في عجينة واحدة، بينهما تجانس بحيث يمكن ان نركمهما بعض عل بعض للحصول علي مادة لاهيتشبه كليا الاول او هويته، و لا هي تشبه الثاني، و بعبارة اخري يمكن القول ان هذا الطفل بشبه والديه كليهما. و وجه الاختلاف في الجمع بين العلم و الدين هو وجود الدين العلمي فيه. كماان مزج العلم والدين، بخلاف الدين العلمي، لا يتطلب من المرء أن يدافع عن إن الدين حق، بل يهمه ان يتحدث عن العلم تحت عنوان العلم الديني. أما الخطأ في ذلك فهو انه يريد، بالغفلة او التغافل عن الاختلافات الاساس بين التفاسير و حتي مفاهيم نظامي المعرفة المختلفة، و بالمزج بين الكلام الديني والعلمي، ان يخلق كائنا متجانسا و ان يعتبره نوعا من العلم يطلق عليه اسم العلم الديني، بينما الحقيقة هي ان ما يصنعه لا يعدو ان يكون خليطا من الدين و العلم. ان التفاسير العلمية يتم التحقق منهاباجراء التجارب عليها، ولكن التفاسير الدينية ليست فرضيات تستقي اعتبارها من «التجربة». و المفاهيم العلمية في نظرية ما ترتبط بها و بسائر اجزائها ارتباطا عميقا ليس من اليسير معه ان ينتزع منها مفهوم من مفاهيمها، بحيث يمكن مقارنته (وفق مايحصل مع مفهوم مشابه لنظرية اخري) مع مفهوم ديني مشابه. فمثلا يمكن دراسة «الطبيعة البشرية» اوال·· (Id) في نظرية فرويد بالقياس الي «النفس الأمارة» في المباحث الاسلامية. ان مزاعم مثل القول بأن «النفس الامارة» هيال·· «Id» نفسها لا يمكن ان يعني وجود علم نفس اسلامي» و ذلك لأن مايحدث في امثال هذه الحالات نوع من التطبيق الذي لا اساس له و الذي لا يمكن ان يرتق فتق الاختلافات العميقة بين المفاهيم الدينية و المفاهيم «المشابهة» في النظريات العلمية. من ذلك، مثلاً، وجود اختلافات مهمة في المثل المذكور، فالطبيعة البشرية تمثل جانبا من بناء الشخصية البشرية و تابعة كليا «لمبدأاللذة» أو «The Principle of Pleasure» و هو غريب علي المبادئالاخلاقية. و علي هذا فانه اتجاه مظلل ان نقول ان هذا المبدأ مع «النفس الامارة» بمثابة جانب من الشخصية (الي جانب النفس اللوامة و النفس المطمئنة) و علي قدم المساواة، و ذلك لأنه يسعي لتحقيق هدفه الخاص و تحطيم الحدود الاخلاقية «الامارة بالسوء». أما وضع كل واحد من هذه المفاهيم في موضعه الخاص فيكشف عما يميز كلا منها عن الاّخر و يبين صعوبة التطابق بينها، بينما فعالية «الطبيعة» تؤدي الي انهيار الحدود الأخلاقية - الأجتماعية. ان نشاط «النفس الأمارة» يؤدي الي تحطيم الحدود المذكورة، و الخلط بين هذين المفهومين المختلفين خلط فاضح. و بعبارة اخري، ان النفس لكي تكون أمارة بالسوء لابد لها، اولاً، ان يكون لها تصور عن الحدود والتخوم، وان تعرف، ثانيا، ان تجاوزها محظور و «سوء»، و ان تصدر، ثالثا، الأوامر بتجاوز تلك الحدود، بينما هذه الحالات الثلاث غريبة عن «الطبيعة البشرية». و لهذا نجد في نظرية (فرويد) ان هذه «الطبيعة» تباشر فعاليتها منذ ولادة الطفل الذي يمر بالمراحل الاولية التي يقول بها (فرويد) مثل المرحلة الفمية و المرحلة الأستية، من دون ان يخطر له شيء عن الحدود الاخلاقية و الممنوع والمباح. في نظرية (فرويد) تتأخر هذه الحالة التي نسميها «الأنا الاعلي» (Super ego). ولكن هل يمكن القول بأن «النفس الأمارة بالسوء» تكون فعالة منذ ولادة الوليد؟ يضاف الي ذلك، و وفقا لنظرية فرويد، قبل ان يتكون هذا «الا نا الا علي» لايمكن ان يكون امرا موجودا في «الطبيعة البشرية» او مقوما من مقوماتها. و لذلك يفصل(فرويد) ذلك عن «الطبيعة البشرية» في بناء الشخصية المفروضة، في الوقت الذي يكون فيه الممنوع و المباح و الحدود و العزم علي تحطيمها من ضمن مفهوم النفس الامارة بالسوء.