بیشترلیست موضوعات هوية العلم الديني خلاصة الكلام توضیحاتافزودن یادداشت جدید
ان النوع المقبول للارتباط بين العلم و الدين يمكن العثور عليه في مايطلق عليه اسم «العلم الديني». و علي اساس ماقلناه في بحث هوية العلم و هوية الدين، يمكن تعيين الارتباط بين العلم و الدين و نوعه. ان العلم من الاتساع بحيث ان انواعا كثيرة من المعرفة غير العلمية تنفذ الي صلبه بكل سهولة، في حين ان الدين بالمعني الذي يريده قائل المنتقي لايضمن بأي شكل من الاشكال استيعاب العلوم المختلفة في ذاته، و ان من يركض بهذا الظن و راء العلم الديني، انما يركض وراء السراب في الصحراء. «العلم الديني» (الذييعني العلوم الانسانية غالبا) يتخذ معناه الموجّه عندما يسعي المرء الي ان يجعل المعارف الدينية عن الانسان مقدمات مفترضة، ليستلهم منها مفاهيم معينة و فرضيات و اساليب و ضروبا للبيان، و ان يقيم نظرية علمية تنطق بلسان التجربة.بهذا المعني يصبح للعلم الديني وجود موحد يتم عن طريق تلق ديني عن الانسان كفرض سابق، ثم بالاستلهام من هذا التصور تتشكل صور الفرضيات في القضايا النفسية و الاجتماعية التي لها، بالطبع، تناسب و تلاؤم مع التصور المذكور، و عندئذ يأتي دور وضع هذه الفرضيات علي طاولة التجربة، فاذا توافرت شواهد كافية امكن التحدث عن المكتشفات العلمية (التجريبية)، و تكون هذه المكتشفات علمية بالنظر لكونها خارجة من بوتقة التجربة، و هي دينية بالنظر لكونها مصطبغة بصبغة دينيتها المفترضة من قبل، و تتمتع ببنية متجانسة و موحدة، و ذلك لأن هذه الفرضيات قد تطورت في ضوء الافتراضات السابقة و بمقتضاها و بمايناسبها، و تصبح في النهاية مبرأة من اتهامها بجر الدين الي محك الاختبار و التجربة، اذ ان مايقع تحت التجربة هو «فرضياتنا» المستلهمة من الافكار الدينية، لا الأفكار الدينية نفسها. و قد يكون بعض من فرضياتنا هذه علي خطأ، و بعض آخر منها يثبت بشهادة التجربة.علي الرغم من ان بعض الباحثين يؤيدون تأثير هذا الضرب من الفرضيات الدينية السابقة الافتراض، فانهم يعتقدون بعدم امكان التحدث عن علم ديني. ان «الارتباط الديني» في تعبير«العلم الديني» لايعني التبعية ولا وقوع «العلم» تحت حكومة «الدين». اذن، فان «العلم الديني» هو «العلم» نفسه فيالحقيقة، و توصيله بلفظ «الديني» ليس سوي حشو زائد لقد جاء هذا القول استنادا الي وجهة نظر (رايشنباخ) (Rrichenbach,1938) القائمة علي التمييز بين مرحلة الاكتشاف (context of discovery)و مرحلة التصديق (Context of justification)فيالنشاط العلمي. يري الناقد، استنادا الي هذا التمييز، ان العلم الديني لا يعنيسوي شيء واحد، و هو المفهوم الذي يحصل في مرحلة الاكتشاف. و بعبارة اخري في هذه المرحلة يتأثر العلم بأي مصدر كان، كالاسطورة و الرؤي و الدين و غيرها. و هذا يعني ان التعاليم الدينية تؤثر في فرضيات العلماء و مفاهمهم. أما اذا كان قصدنا مرحلة التصديق التي توجب اجراء الاختيار علي الفرضيات لتجربتها، فلا يكون هناك ثمة مايدعو الي الحديث عن العلم الديني، او العلم موصوفا بأية صفة اخري من هذا النوع، لأن المعيار الحاكم هنا هو التجربة، و حاصل التجربة هو وحده الذي يمكن ان يطلق عليه اسم «العلم».في هذه النظرية بضع نكات جديرة بالدرس:1ـ الأولي هي ان القول بامكان وجود «العلم الديني» في باب الاكتشافات يعني التخلي عن التزام تصنيف (رايشنباخ) و الذي جعله الناقد المحترم اساسا لبحثه، و ذلك لآن «العلم» هو ناتج مرحلة (التصديق، و تحن مادمنا في مرحلة الاكتشاف فلا يمكن ان نتحدث عن العلم. اذن ففي كلام المؤلف هذا نوع من الحشو، لاننا عند الكلام علي «العلم» في تعبير «العلم الديني» يمكن ان نقول ان ما يكون حاضرا في مرحلة الاكتشاف هو الدين، لا العلم «الديني». فاذا كان الأمر كذلك فان المؤلف المحترم يدري ان الكلام علي علم ديني مستحيل، لأن ذلك لم يزد عن كونه مجرد احتمال موجه يمكن تصوره عن العلم الديني.2ـ الثانية: إن تقسيم (رايشنباخ) الثنائي نفسه قد أثار بعض التأملات و كثيرا من النقد لدي الباحثين. يتضمن هذا التقسيم القول بأن الجوانب المنطقية قي العلم تعود الي مرحلة التصديق، وفي مرحلة الاكتشاف تدخل المسائل النفسية التجريبية (بمعناها المحدود). (هانسن) (Hanson 1971)كان علي رأس الذين هاجموا هذه النظرية، قائلا ان في مرحلة الاكتشاف تدخل المسائل المنطقة ايضا. و بعبارة اخري، ان التمييز بين التصديق و الاكتشاف مشوب بالغموض و الابهام، لاننا عندما نقول ان شخصاما قداكتشف شيئا، يتضمن قولنا هذا ان ذلك الشخص قد اكتسب «علما» بذلك الشيء، و هذا بذاته نوع من التصديق. و بناء علي ذلك رأي بعض ان يتحدثوا عن التقسيم الثلاثي (مثل Laudan , 1980) أو التقسيم الرباعي (مثل Goldmann , 1983). في التقسيم الثلاثي يدور الكلام عموما علي: (النشوء generation) و (المتابعة Pursuation) و (القبول acceptance).في مرحلة النشوء تظهر نظرية، أو نطفة نظرية. وفي مرحلة المتابعة تتم دراسة احتمالية النظرية او الفكرة المذكورة، و يمكن مقارنتها ببعض الآراء، و التوسع في شرحها. و اخيرا مرحلة القبول، حيث تفصّل الفرضية و تخضع للتجربة الدقيقة. و عند وجود الادلة الكافية تحظي بالقبول. (گولدمن)، يضيف الي المرحلتين الاولي و الثانية من هذا التقسيم مرحلة الاختبار(test) و مرحلة التصميم (decison) [راجع [ Hoyningen - huene 1987.علي كل حال، اذا اردنا ان نستند الي تقسيمات (رايشنباخ) كما يسير النا قد المحترم في بحثه، فا لظاهر اننانكون قد اغفلنا امرا، و هو نوع «الارتباط» بين مرحلة الاكتشاف و مرحلة التصديق. هل هناك نوع من الاستحالة عند الانتقال من مرحلة الاكتشاف الي مرحلة التصديق؟ اي ان المواد التي اعدت فيمرحلة الاكتشاف، هل تنقلب ماهيتها؟ و بعبارة اخري اذا تشكلت فرضية في مرحلة الاكتشاف تحت تأثير التعاليم الدينية، واتضح تعلقها و تبعيتها لتلك التعاليم في السير الي مرحلة التصديق و الاقامة هناك، فهل تخرج الفرضية المذكورة عن كونها فرضية دينية (ذات صبغة دينية)؟ اذا كان الأمر كذلك فلا بد من القول ان المراحل التي قال بها (رايشنباخ) ناقصة و تتطلب مرحلة ثالثة تقع بين مرحلة الاكتشاف و مرحلة التصديق، و ان ما يحدث في هذه المرحلة الوسطي هو غسل كل صبغة تعلق عن الفرضيات و اعدادها لمرحلة التصديق التالية. بينما في حالة وجود مرحلتين فقط، فان مرحلة التصديق تكون للتصديق فحسب، و حاصل التصديق سيكون، مثلاً: الفرضية (أ) ذات صبغة علاقة خاصة، ظهر بوضعها موضع التجربة انها فرضية جديرة بالتقدير.خذ هذا المثل: اذا اكتسب (اسكينرـ من علماء السلوك) العقلية السلوكية باستلهام الفلسفة الذرائعية (pragmatism) الاميركية، و تبعا لذلك اصطبغت مفاهيمه و نظرياتة في علم النفس بصبغة الذرائعية و تم بيانها باسلوب السلوكية، فهل في مرحلة التصديق تفقد فرضياته المستنده الي شواهد تجريبية صبغة علاقتها، أم ان هذه الصبغة تظل تسطع علي ناصية السلوكية؟ ان مرحلة التصديق دليل علي وجود ادلة و شواهد تجريبية علي فرضية (اسكينر) السلوكية، من دون ان تفقدها هذه الصبغة. و بكلمة اخري، ان التجربة الموجودة في مرحلة التصديق هي بمثابة «المكيال» و «الموزون» للحظأ الواقع في اقامة العلاقة بين هاتين المرحلتين، و هو وضع «المكيال» بمكان «المكيل» و «الميزان» بمكان «الموزون».اجل، ان حاكم منطقة التصديق هو التجربة، و كل الفرضيات عليها ان تخضع للتجربة، لا للفرضيات الفلسفية او الدينية او غيرها. و هذا يعني ان التجربة هي التي تعين مدي الثقة بهذه الفرضيات، إلا ان ذلك لا يعني ان هذه الفرضيات تفقد، في مرحلة التصديق، صبغة التعلق و التبعية ايضا. ان الناقد المحترم يترك كل هذه الأمور جانبا ليقول ان صفة «الديني» في تعبير «العلم الديني» لا تعني مطلقا التعلق و التبعية و لا وقوع «العلم» تحت حكم «الدين». في مدينة العلم يحتدث الجميع بلغة واحدة، لغة التجربة، ولكن لا بلهجة واحدة. فلما ذا اختلاف اللهجات مع ان اللغة واحدة؟ الجواب هو لأن اهالي هذه المدينة قد جاءوها من تخوم و اراضٍمتعددة، فهم يصعب عليهم (بل قد يستحيل عليهم) ان يخفوا لهجاتهم، وهذا هو السبب في وجود نظريات علميه مختلفة في كل فرع من فروع العلم.