سورة آل عمران - 28 - 32 - تفسیر المیزان جلد 3

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

تفسیر المیزان - جلد 3

سیدمحمد حسین طباطبائی

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
لیست موضوعات
توضیحات
افزودن یادداشت جدید


سورة آل عمران - 28 - 32




لا يَتّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ الْكَفِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِن دُونِ الْمُؤْمِنِينَ وَ مَن يَفْعَلْ ذَلِك فَلَيْس مِنَ اللّهِ فى شىْءٍ إِلا أَن تَتّقُوا مِنْهُمْ تُقَاةً وَ يُحَذِّرُكمُ اللّهُ نَفْسهُ وَ إِلى اللّهِ الْمَصِيرُ (28) قُلْ إِن تُخْفُوا مَا فى صدُورِكمْ أَوْ تُبْدُوهُ يَعْلَمْهُ اللّهُ وَ يَعْلَمُ مَا فى السمَوَتِ وَ مَا فى الأَرْضِ وَ اللّهُ عَلى كلِّ شىْءٍ قَدِيرٌ (29) يَوْمَ تَجِدُ كلّ نَفْسٍ مّا عَمِلَت مِنْ خَيرٍ محْضراً وَ مَا عَمِلَت مِن سوءٍ تَوَدّ لَوْ أَنّ بَيْنَهَا وَ بَيْنَهُ أَمَدَا بَعِيداً وَ يُحَذِّرُكمُ اللّهُ نَفْسهُ وَ اللّهُ رَءُوف بِالْعِبَادِ (30) قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبّونَ اللّهَ فَاتّبِعُونى يُحْبِبْكُمُ اللّهُ وَ يَغْفِرْ لَكمْ ذُنُوبَكمْ وَ اللّهُ غَفُورٌ رّحِيمٌ (31) قُلْ أَطِيعُوا اللّهَ وَ الرّسولَ فَإِن تَوَلّوْا فَإِنّ اللّهَ لا يحِب الْكَفِرِينَ (32)

بيان

الآيات غير خالية عن الارتباط بما تقدمها بناء على ما ذكرناه في الآيات السابقة: أن المقام مقام التعرض لحال أهل الكتاب و المشركين و التعريض لهم، فالمراد بالكافرين إن كان يعم أهل الكتاب فهذه الآيات تنهى عن توليهم و الامتزاج الروحي بالمشركين و بهم جميعا، و إن كان المراد بهم المشركين فحسب فالآيات متعرضة لهم و دعوة إلى تركهم و الاتصال بحزب الله، و حب الله و طاعة رسوله.



قوله تعالى: لا يتخذ المؤمنون الكافرين أولياء من دون المؤمنين، الأولياء جمع الولي من الولاية و هي في الأصل ملك تدبير أمر الشيء فولي الصغير أو المجنون أو المعتوه هو الذي يملك تدبير أمورهم و أمور أموالهم فالمال لهم و تدبير أمره لوليهم، ثم استعمل و كثر استعماله في مورد الحب لكونه يستلزم غالبا تصرف كل من المتحابين في أمور الآخر لإفضائه إلى التقرب و التأثر عن إرادة المحبوب و سائر شئونه الروحية فلا يخلو الحب عن تصرف المحبوب في أمور المحب في حيوته.



فاتخاذ الكافرين أولياء هو الامتزاج الروحي بهم بحيث يؤدي إلى مطاوعتهم و التأثر منهم في الأخلاق و سائر شئون الحيوة و تصرفهم في ذلك، و يدل على ذلك تقييد هذا النهي بقوله: من دون المؤمنين، فإن فيه دلالة على إيثار حبهم على حب المؤمنين، و إلقاء أزمة الحيوة إليهم دون المؤمنين، و فيه الركون إليهم و الاتصال بهم و الانفصال عن المؤمنين.



و قد تكرر ورود النهي في الآيات الكريمة عن تولي الكافرين و اليهود و النصارى و اتخاذهم أولياء لكن موارد النهي مشتملة على ما يفسر معنى التولي المنهي عنه، و يعرف كيفية الولاية المنهي عنها كاشتمال هذه الآية على قوله: من دون المؤمنين بعد قوله: لا يتخذ المؤمنون الكافرين أولياء، و اشتمال قوله تعالى: "يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا اليهود و النصارى أولياء" الآية: المائدة - 51، على قوله: بعضهم أولياء بعض، و تعقب قوله تعالى: "يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا عدوي و عدوكم أولياء" الآية: الممتحنة - 1، بقوله: لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين إلى آخر الآيات.



و على هذا فأخذ هذه الأوصاف في قوله: لا يتخذ المؤمنون الكافرين أولياء من دون المؤمنين للدلالة على سبب الحكم و علته، و هو أن صفتي الكفر و الإيمان مع ما فيهما من البعد و البينونة و لا محالة يسري ذلك إلى من اتصف بهما فيفرق بينهما في المعارف و الأخلاق و طريق السلوك إلى الله تعالى و سائر شئون الحيوة لا يلائم حالهما مع الولاية فإن الولاية يوجب الاتحاد و الامتزاج، و هاتان الصفتان توجبان التفرق و البينونة، و إذا قويت الولاية كما إذا كان من دون المؤمنين أوجب ذلك فساد خواص الإيمان و آثاره ثم فساد أصله، و لذلك عقبه بقوله: و من يفعل ذلك فليس من الله في شيء، ثم عقبه أيضا بقوله: إلا أن تتقوا منهم تقية، فاستثنى التقية فإن التقية إنما توجب صورة الولاية في الظاهر دون حقيقتها.



و دون في قوله: من دون المؤمنين كأنه ظرف يفيد معنى عند مع شوب من معنى السفالة و القصور، و المعنى: مبتدئا من مكان دون مكان المؤمنين فإنهم أعلى مكانا.



و الظاهر أن ذلك هو الأصل في معنى دون فكان في الأصل يفيد معنى الدنو مع خصوصية الانخفاض فقولهم دونك زيد أي هو في مكان يدنو من مكانك و أخفض منه كالدرجة دون الدرجة ثم استعمل بمعنى غير كقوله: "إلهين من دون الله": المائدة - 116، و قوله: "و يغفر ما دون ذلك لمن يشاء": النساء - 48، أي ما سوى ذلك أو ما هو أدون من ذلك و أهون، كذا استعمل اسم فعل كقولهم: دونك زيدا أي الزمه، كل ذلك من جهة الانطباق على المورد دون الاشتراك اللفظي.



قوله تعالى: و من يفعل ذلك فليس من الله في شيء، أي و من يتخذهم أولياء من دون المؤمنين، و إنما بدل من لفظ عام للإشعار بنهاية نفرة المتكلم منه حتى أنه لا يتلفظ به إلا بلفظ عام كالتكنية عن القبائح، و هو شائع في اللسان، و لذلك أيضا لم يقل: و من يفعل ذلك من المؤمنين كأن فيه صونا للمؤمنين من أن ينسب إليهم مثل هذا الفعل.



و من في قوله: من الله، للابتداء، و يفيد في أمثال هذا المقام معنى التحزب أي ليس من حزب الله في شيء كما قال تعالى: "و من يتول الله و رسوله و الذين آمنوا فإن حزب الله هم الغالبون": المائدة - 56، و كما فيما حكاه عن إبراهيم (عليه السلام) من قوله: "فمن تبعني فإنه مني": إبراهيم - 36، أي من حزبي، و كيف كان فالمعنى و الله أعلم: ليس من حزب الله مستقرا في شيء من الأحوال و الآثار.



قوله تعالى: إلا أن تتقوا منهم تقية، الاتقاء في الأصل أخذ الوقاية للخوف ثم ربما استعمل بمعنى الخوف استعمالا للمسبب في مورد السبب و لعل التقية في المورد من هذا القبيل.



و الاستثناء منقطع فإن التقرب من الغير خوفا بإظهار آثار التولي ظاهرا من غير عقد القلب على الحب و الولاية ليس من التولي في شيء لأن الخوف و الحب أمران قلبيان متباينان و متنافيان أثرا في القلب فكيف يمكن اتحادهما؟ فاستثناء الاتقاء استثناء منقطع.



و في الآية دلالة ظاهرة على الرخصة في التقية على ما روي عن أئمة أهل البيت (عليهم السلام) كما تدل عليه الآية النازلة في قصة عمار و أبويه ياسر و سمية و هي قوله تعالى: "من كفر بالله من بعد إيمانه إلا من أكره و قلبه مطمئن بالإيمان و لكن من شرح بالكفر صدرا فعليهم غضب من الله و لهم عذاب عظيم": النحل - 106.



و بالجملة الكتاب و السنة متطابقان في جوازها في الجملة، و الاعتبار العقلي يؤكده إذ لا بغية للدين، و لا هم لشارعه إلا ظهور الحق و حياته، و ربما يترتب على التقية و المجاراة مع أعداء الدين و مخالفي الحق من حفظ مصلحة الدين و حيوة الحق ما لا يترتب على تركها، و إنكار ذلك مكابرة و تعسف، و سنستوفي الكلام فيها في البحث الروائي التالي، و في الكلام على قوله تعالى: "من كفر بالله من بعد إيمانه إلا من أكره و قلبه مطمئن بالإيمان": النحل - 106.



قوله تعالى: و يحذركم الله نفسه و إلى الله المصير، التحذير تفعيل من الحذر و هو الاحتراز من أمر مخيف و قد حذر الله عباده من عذابه كما قال تعالى: "إن عذاب ربك كان محذورا": إسراء - 57، و حذر من المنافقين و فتنة الكفار فقال: "هم العدو فاحذرهم": المنافقين - 4، و قال: "و احذرهم أن يفتنوك": المائدة - 49، و حذرهم من نفسه كما في هذه الآية و ما يأتي بعد آيتين، و ليس ذلك إلا للدلالة على أن الله سبحانه نفسه هو المخوف الواجب الاحتراز في هذه المعصية، أي ليس بين هذا المجرم و بينه تعالى شيء مخوف آخر حتى يتقى عنه بشيء أو يتحصن منه بحصن، و إنما هو الله الذي لا عاصم منه، و لا أن بينه و بين الله سبحانه أمر مرجو في دفع الشر عنه من ولي و لا شفيع، ففي الكلام أشد التهديد، و يزيد في اشتداده تكراره مرتين في مقام واحد و يؤكده تذييله أولا بقوله: و إلى الله المصير، و ثانيا بقوله: و الله رءوف بالعباد على ما سيجيء من بيانه.



و من جهة أخرى: يظهر من مطاوي هذه الآية و سائر الآيات الناهية عن اتخاذ غير المؤمنين أولياء أنه خروج عن زي العبودية، و رفض لولاية الله سبحانه، و دخول في حزب أعدائه لإفساد أمر الدين، و بالجملة هو طغيان و إفساد لنظام الدين الذي هو أشد و أضر بحال الدين من كفر الكافرين و شرك المشركين فإن العدو الظاهر عدواته المبائن طريقته مدفوع عن الحومة سهل الاتقاء و الحذر، و أما الصديق و الحميم إذا استأنس مع الأعداء و دب فيه أخلاقهم و سننهم فلا يلبث فعاله إلا أن يذهب بالحومة و أهلها من حيث لا يشعرون، و هو الهلاك الذي لا رجاء للحياة و البقاء معه.



و بالجملة هو طغيان، و أمر الطاغي في طغيانه إلى الله سبحانه نفسه، قال تعالى: "أ لم تر كيف فعل ربك بعاد إرم ذات العماد التي لم يخلق مثلها في البلاد و ثمود الذين جابوا الصخر بالواد و فرعون ذي الأوتاد الذين طغوا في البلاد فأكثروا فيها الفساد فصب عليهم ربك سوط عذاب إن ربك لبالمرصاد": الفجر - 14، فالطغيان يسلك بالطاغي مسلكا يورده المرصاد الذي ليس به إلا الله جلت عظمته فيصب عليه سوط عذاب و لا مانع.



و من هنا يظهر: أن التهديد بالتحذير من الله نفسه في قوله: و يحذركم الله نفسه، لكون المورد من مصاديق الطغيان على الله بإبطال دينه و إفساده.



و يدل على ما ذكرناه قوله تعالى: "فاستقم كما أمرت و من تاب معك و لا تطغوا إنه بما تعملون بصير و لا تركنوا إلى الذين ظلموا فتمسكم النار و ما لكم من دون الله من أولياء ثم لا تنصرون": هود - 113، و هذه آية ذكر رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): أنها شيبته - على ما في الرواية - فإن الآيتين - كما هو ظاهر للمتدبر - ظاهرتان في أن الركون إلى الظالمين من الكافرين طغيان يستتبع مس النار استتباعا لا ناصر معه، و هو الانتقام الإلهي لا عاصم منه و لا دافع له كما تقدم بيانه.



و من هنا يظهر أيضا: أن في قوله: و يحذركم الله نفسه، دلالة على أن التهديد إنما هو بعذاب مقضي قضاء حتما من حيث تعليق التحذير بالله نفسه الدال على عدم حائل يحول في البين، و لا عاصم من الله سبحانه و قد أوعد بالعذاب فينتج قطعية الوقوع كما يدل على مثله قوله في آيتي سورة هود: فتمسكم النار و ما لكم من دون الله من أولياء ثم لا تنصرون.



و في قوله: و إلى الله المصير دلالة على أن لا مفر لكم منه و لا صارف له، ففيه تأكيد التهديد السابق عليه.



و الآيات أعني قوله تعالى: لا يتخذ المؤمنون الكافرين أولياء الآية و ما يتبعها من الآيات من ملاحم القرآن، و سيجيء بيانه إن شاء الله في سورة المائدة.



قوله تعالى: قل إن تخفوا ما في صدوركم أو تبدوه يعلمه الله، الآية نظيرة قوله تعالى: "و إن تبدوا ما في أنفسكم أو تخفوه يحاسبكم به الله": البقرة - 284، غير أنه لما كان الأنسب بحال العلم أن يتعلق بالمخفي بخلاف الحساب فإن الأنسب له أن يتعلق بالبادي الظاهر قدم ذكر الإخفاء في هذه الآية على ذكر الإبداء، و جرى بالعكس منه في آية البقرة كما قيل.



و قد أمر في الآية رسوله بإبلاغ هذه الحقيقة - و هو علمه بما تخفيه أنفسهم أو تبديه - من دون أن يباشره بنفسه كسابق الكلام، و ليس ذلك إلا ترفعا عن مخاطبة من يستشعر من حاله أنه سيخالف ما وصاه كما مر ما يشبه ذلك في قوله: و من يفعل ذلك.



و في قوله تعالى: و يعلم ما في السموات و ما في الأرض و الله على كل شيء قدير مضاهاة لما مر من آية البقرة و قد مر الكلام فيه.



قوله تعالى: يوم تجد كل نفس ما عملت من خير محضرا و ما عملت من سوء، الظاهر من اتصال السياق أنه من تتمة القول في الآية السابقة الذي أمر به النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)، و الظرف متعلق بمقدر أي و اذكر يوم تجد، أو متعلق بقوله: يعلمه الله و يعلم، و لا ضير في تعليق علمه تعالى بما سنشاهده من أحوال يوم القيامة فإن هذا اليوم ظرف لعلمه تعالى بالنسبة إلى ظهور الأمر لنا لا بالنسبة إلى تحققه منه تعالى، و ذلك كظهور ملكه و قدرته و قوته في اليوم، قال تعالى: "يوم هم بارزون لا يخفى على الله منهم شيء لمن الملك اليوم لله الواحد القهار": المؤمن - 16، و قال: "لا عاصم اليوم من الله": هود - 43، و قال: "و لو يرى الذين ظلموا إذ يرون العذاب أن القوة لله جميعا": البقرة - 165، و قال: "و الأمر يومئذ لله": الانفطار - 19، إذ من المعلوم أن الله سبحانه له كل الملك و القدرة و القوة و الأمر دائما - قبل القيامة و فيها و بعدها - و إنما اختص يوم القيامة بظهور هذه الأمور لنا معاشر الخلائق ظهورا لا ريب فيه.



و من ذلك يظهر أن تعلق الظرف بقوله: يعلمه الله، لا يفيد تأخر علمه تعالى بسرائر عباده من خير أو شر إلى يوم القيامة.



على أن في قوله تعالى: محضرا، دون أن يقول: حاضرا دلالة على ذلك فإن الإحضار إنما يتم فيما هو موجود غائب فالأعمال موجودة محفوظة عن البطلان يحضرها الله تعالى لخلقه يوم القيامة، و لا حافظ لها إلا الله سبحانه، قال تعالى: "و ربك على كل شيء حفيظ": سبأ - 21 و قال: "و عندنا كتاب حفيظ": ق - 4.



و قوله: تجد، من الوجدان خلاف الفقدان، و من في قوله: من خير و من سوء للبيان، و التنكير للتعميم، أي تجد كل ما عملت من الخير و إن قل و كذا من السوء و قوله: و ما عملت من سوء، معطوف على قوله ما عملت من خير على ما هو ظاهر السياق و الآية من الآيات الدالة على تجسم الأعمال، و قد مر البحث عنها في سورة البقرة.



قوله تعالى: تود لو أن بينها و بينه أمدا بعيدا، الظاهر أنه خبر لمبتدإ محذوف و هو الضمير الراجع إلى النفس، و لو للتمني، و قد كثر دخوله في القرآن على أن المفتوحة المشددة، فلا يعبأ بما قيل من عدم جوازه و تأويل ما ورد فيه ذلك من الموارد.



و الأمد يفيد معنى الفاصلة الزمانية، قال الراغب في مفردات القرآن: الأمد و الأبد يتقاربان، لكن الأبد عبارة عن مدة الزمان التي ليس لها حد محدود، و لا يتقيد، لا يقال: أبد كذا، و الأمد مدة لها حد مجهول إذا أطلق، و قد ينحصر نحو أن يقال: أمد كذا، كما يقال: زمان كذا، و الفرق بين الزمان و الأمد، أن الأمد يقال باعتبار الغاية، و الزمان عام في المبدإ و الغاية، و لذا قال بعضهم: الأمد و المدى يتقاربان، انتهى.



و في قوله: تود لو أن بينها و بينه أمدا بعيدا، دلالة على أن حضور سيىء العمل يسوء النفس كما يشعر بالمقابلة بأن حضور خير العمل يسرها، و إنما تود الفاصلة الزمانية بينها و بينه دون أن تود أنه لم يكن من أصله لما يشاهد من بقائه بحفظ الله فلا يسعها إلا أن تحب بعده و عدم حضوره في أشق الأحوال، و عند أعظم الأهوال كما يقول لقرين السوء نظير ذلك، قال تعالى: "نقيض له شيطانا فهو له قرين إلى أن قال: حتى إذا جاءنا قال يا ليت بيني و بينك بعد المشرقين فبئس القرين": الزخرف - 38.



قوله تعالى: و يحذركم الله نفسه و الله رءوف بالعباد ذكر التحذير ثانيا يعطي من أهمية المطلب و البلوغ في التهديد ما لا يخفى، و يمكن أن يكون هذا التحذير الثاني ناظرا إلى عواقب المعصية في الآخرة كما هو مورد نظر هذه الآية، و التحذير الأول ناظرا إلى وبالها في الدنيا أو في الأعم من الدنيا و الآخرة.



و أما قوله: و الله رءوف بالعباد فهو - على كونه حاكيا عن رأفته و حنانه تعالى المتعلق بعباده كما يحكي عن ذلك الإتيان بوصف العبودية و الرقية - دليل آخر على تشديد التهديد إذ أمثال هذا التعبير في موارد التخويف و التحذير إنما يؤتى بها لتثبيت التخويف و إيجاد الإذعان بأن المتكلم ناصح لا يريد إلا الخير و الصلاح، تقول: إياك أن تتعرض لي في أمر كذا فإني آليت أن لا أسامح مع من تعرض لي فيه، إنما أخبرك بهذا رأفة بك و شفقة.



فيئول المعنى - و الله أعلم - إلى مثل أن يقال: إن الله لرأفته بعباده ينهاهم قبلا أن يتعرضوا لمثل هذه المعصية التي وبال أمرها واقع لا محالة من غير أن يؤثر فيه شفاعة شافع و لا دفع دافع.



قوله تعالى: قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله، قد تقدم كلام في معنى الحب، و أنه يتعلق بحقيقة معناه بالله سبحانه كما يتعلق بغيره في تفسير قوله تعالى: "و الذين آمنوا أشد حبا لله" الآية: البقرة - 165.



و نزيد عليه هاهنا: أنه لا ريب أن الله سبحانه - على ما ينادي به كلامه - إنما يدعو عبده إلى الإيمان به و عبادته بالإخلاص له و الاجتناب عن الشرك كما قال تعالى: "ألا لله الدين الخالص": الزمر - 3، و قال تعالى: "و ما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين": البينة - 5، و قال تعالى: "فادعوا الله مخلصين له الدين و لو كره الكافرون": المؤمن - 14، إلى غير ذلك من الآيات.



و لا شك أن الإخلاص في الدين إنما يتم على الحقيقة إذا لم يتعلق قلب الإنسان - الذي لا يريد شيئا و لا يقصد أمرا إلا عن حب نفسي و تعلق قلبي - بغيره تعالى من معبود أو مطلوب كصنم أو ند أو غاية دنيوية بل و لا مطلوب أخروي كفوز بالجنة أو خلاص من النار و إنما يكون متعلق قلبه هو الله تعالى في معبوديته، فالإخلاص لله في دينه إنما يكون بحبه تعالى.



ثم الحب الذي هو بحسب الحقيقة الوسيلة الوحيدة لارتباط كل طالب بمطلوبه و كل مريد بمراده إنما يجذب المحب إلى محبوبه ليجده و يتم بالمحبوب ما للمحب من النقص و لا بشرى للمحب أعظم من أن يبشر أن محبوبه يحبه، و عند ذلك يتلاقى حبان، و يتعاكس دلالان.



فالإنسان إنما يحب الغذاء و ينجذب ليجده و يتم به ما يجده في نفسه من النقص الذي آتيه الجوع، و كذا يحب النكاح ليجد ما تطلبه منه نفسه الذي علامته الشبق و كذا يريد لقاء الصديق ليجده و يملك لنفسه الأنس و له يضيق صدره، و كذا العبد يحب مولاه و الخادم ربما يتوله لمخدومه ليكون مولى له حق المولوية، و مخدوما له حق المخدومية، و لو تأملت موارد التعلق و الحب أو قرأت قصص العشاق و المتولهين على اختلافهم لم تشك في صدق ما ذكرناه.



فالعبد المخلص لله بالحب لا بغية له إلا أن يحبه الله سبحانه كما أنه يحب الله و يكون الله له كما يكون هو لله عز اسمه فهذا هو حقيقة الأمر غير أن الله سبحانه لا يعد في كلامه كل حب له حبا و الحب في الحقيقة هو العلقة الرابطة التي تربط أحد الشيئين بالآخر على ما يقضي به ناموس الحب الحاكم في الوجود فإن حب الشيء يقتضي حب جميع ما يتعلق به، و يوجب الخضوع و التسليم لكل ما هو في جانبه، و الله سبحانه هو الله الواحد الأحد الذي يعتمد عليه كل شيء في جميع شئون وجوده و يبتغي إليه الوسيلة و يصير إليه كل ما دق و جل، فمن الواجب أن يكون حبه و الإخلاص له بالتدين له بدين التوحيد و طريق الإسلام على قدر ما يطيقه إدراك الإنسان و شعوره، و إن الدين عند الله الإسلام، و هذا هو الدين الذي يندب إليه سفراؤه، و يدعو إليه أنبياؤه و رسله، و خاصة دين الإسلام الذي فيه من الإخلاص ما لا إخلاص فوقه، و هو الدين الفطري الذي يختم به الشرائع و طرق النبوة كما يختم بصادعه الأنبياء (عليهم السلام)، و هذا الذي ذكرناه مما لا يرتاب فيه المتدبر في كلامه تعالى.



و قد عرف النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) سبيله الذي سلكه بسبيل التوحيد، و طريقة الإخلاص على ما أمره الله سبحانه حيث قال: "قل هذه سبيلي أدعو إلى الله على بصيرة أنا و من اتبعني و سبحان الله و ما أنا من المشركين": يوسف - 108، فذكر أن سبيله الدعوة إلى الله على بصيرة و الإخلاص لله من غير شرك فسبيله دعوة و إخلاص، و اتباعه و اقتفاء أثره إنما هو في ذلك فهو صفة من اتبعه.



ثم ذكر الله سبحانه أن الشريعة التي شرعها له (صلى الله عليه وآله وسلم) هي الممثلة لهذا السبيل سبيل الدعوة و الإخلاص فقال: "ثم جعلناك على شريعة من الأمر فاتبعها": الجاثية - 18، و ذكر أيضا أنه إسلام لله حيث قال: "فإن حاجوك فقل أسلمت وجهي لله و من اتبعن": آل عمران - 20، ثم نسبه إلى نفسه و بين أنه صراطه المستقيم فقال: "و أن هذا صراطي مستقيما فاتبعوه": الأنعام - 153، فتبين بذلك كله أن الإسلام و هو الشريعة المشرعة للنبي (صلى الله عليه وآله وسلم) الذي هو مجموع المعارف الأصلية و الخلقية و العملية و سيرته في الحيوة هو سبيل الإخلاص عند الله سبحانه الذي يعتمد و يبتني على الحب، فهو دين الإخلاص، و هو دين الحب.



و من جميع ما تقدم على طوله يظهر معنى الآية التي نحن بصدد تفسيرها، أعني قوله: قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله فالمراد - و الله أعلم - إن كنتم تريدون أن تخلصوا لله في عبوديتكم بالبناء على الحب حقيقة فاتبعوا هذه الشريعة التي هي مبنية على الحب الذي ممثله الإخلاص و الإسلام و هو صراط الله المستقيم الذي يسلك بسالكه إليه تعالى، فإن اتبعتموني في سبيلي و شأنه هذا الشأن أحبكم الله و هو أعظم البشارة للمحب، و عند ذلك تجدون ما تريدون، و هذا هو الذي يبتغيه محب بحبه، هذا هو الذي تقتضيه الآية الكريمة بإطلاقها.



و أما بالنظر إلى وقوعها بعد الآيات الناهية عن اتخاذ الكفار أولياء و ارتباطها بما قبلها فهذه الولاية لكونها تستدعي في تحققها تحقق الحب بين الإنسان و بين من يتولى كما تقدم كانت الآية ناظرة إلى دعوتهم إلى اتباع النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) إن كانوا صادقين في دعواهم ولاية الله و أنهم من حزبه فإن ولاية الله لا يتم باتباع الكافرين في أهوائهم و لا ولاية إلا باتباع و ابتغاء ما عندهم من مطامع الدنيا من عز و مال بل تحتاج إلى اتباع نبيه في دينه كما قال تعالى: "ثم جعلناك على شريعة من الأمر فاتبعها و لا تتبع أهواء الذين لا يعلمون إنهم لن يغنوا عنك من الله شيئا و إن الظالمين بعضهم أولياء بعض و الله ولي المتقين": الجاثية - 19، انظر إلى الانتقال من معنى الاتباع إلى معنى الولاية في الآية الثانية.



فمن الواجب على من يدعي ولاية الله بحبه أن يتبع الرسول حتى ينتهي ذلك إلى ولاية الله له بحبه.



و إنما ذكر حب الله دون ولايته لأنه الأساس الذي تبتني عليه الولاية، و إنما اقتصر على ذكر حب الله تعالى فحسب لأن ولاية النبي و المؤمنين تئول بالحقيقة إلى ولاية الله.



قوله تعالى: و يغفر لكم ذنوبكم و الله غفور رحيم، الرحمة الواسعة الإلهية و ما عنده من الفيوضات المعنوية و الصورية غير المتناهية غير موقوفة على شخص أو صنف من أشخاص عباده و أصنافهم، و لا استثناء هناك يحكم على إطلاق إفاضته، و لا سبيل يلزمه على الإمساك إلا حرمان من جهة عدم استعداد المستفيض المحروم أو مانع أبداه بسوء اختياره، قال تعالى: "و ما كان عطاء ربك محظورا": إسراء - 20.



و الذنوب هي المانعة من نيل ما عنده من كرامة القرب و الزلفى و جميع الأمور التي هي من توابعها كالجنة و ما فيها، و إزالة رينها عن قلب الإنسان و مغفرتها و سترها عليه هي المفتاح الوحيد لانفتاح باب السعادة و الدخول في دار الكرامة، و لذلك عقب قوله: يحببكم الله بقوله: و يغفر لكم ذنوبكم، فإن الحب كما تقدم يجذب المحب إلى المحبوب، و كما كان حب العبد لربه يستدعي منه التقرب بالإخلاص له و قصر العبودية فيه كذلك حبه تعالى لعبده يستدعي قربه من العبد، و كشفه حجب البعد و سبحات الغيبة، و لا حجاب إلا الذنب فيستدعي ذلك مغفرة الذنوب، و أما ما بعده من الكرامة و الإفاضة فالجود كاف فيه كما تقدم آنفا.



و التأمل في قوله تعالى: "كلا بل ران على قلوبهم ما كانوا يكسبون كلا إنهم عن ربهم يومئذ لمحجوبون": المطففين - 15 مع قوله تعالى في هذه الآية: "يحببكم الله و يغفر لكم ذنوبكم" كاف في تأييد ما ذكرناه.



قوله تعالى: قل أطيعوا الله و الرسول، الخ لما كانت الآية السابقة تدعو إلى اتباع الرسول، و الاتباع و هو اقتفاء الأثر لا يتم إلا مع كون المتبع اسم مفعول سالك سبيل، و السبيل الذي يسلكه النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) إنما هو الصراط المستقيم الذي هو لله سبحانه، و هو الشريعة التي شرعها لنبيه و افترض طاعته فيه كرر ثانيا في هذه الآية معنى اتباع النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) في قالب الإطاعة إشعارا بأن سبيل الإخلاص الذي هو سبيل النبي هو بعينه مجموع أوامر و نواه و دعوة و إرشاد فيكون اتباع الرسول في سلوك سبيله هو إطاعة الله و رسوله في الشريعة المشرعة.



و لعل ذكره تعالى مع الرسول للإشعار بأن الأمر واحد، و ذكر الرسول معه سبحانه لأن الكلام في اتباعه.



و من هنا يظهر عدم استقامة ما ذكره بعضهم في الآية: أن المعنى: أطيعوا الله في كتابه و الرسول في سنته.



و ذلك أنه مناف لما يلوح من المقام من أن قوله: قل أطيعوا الله و الرسول "الخ" كالمبين لقوله: "قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني"، على أن الآية مشعرة بكون إطاعة الله و إطاعة الرسول واحدة، و لذا لم يكرر الأمر، و لو كان مورد الإطاعة مختلفا في الله و رسوله لكان الأنسب أن يقال: أطيعوا الله و أطيعوا الرسول كما في قوله تعالى: "أطيعوا الله و أطيعوا الرسول و أولي الأمر منكم": النساء - 59، كما لا يخفى.



و اعلم أن الكلام في هذه الآية من حيث إطلاقها و من حيث انطباقها على المورد نظير الكلام في الآية السابقة.



قوله تعالى: فإن تولوا فإن الله لا يحب الكافرين، فيه دلالة على كفر المتولي عن هذا الأمر كما يدل على ذلك سائر آيات النهي عن تولي الكفار و فيه أيضا إشعار بكون هذه الآية كالمبينة لسابقتها حيث ختمت بنفي الحب عن الكافرين بأمر الإطاعة، و قد كانت الآية الأولى متضمنة لإثبات الحب للمؤمنين المنقادين لأمر الاتباع فافهم ذلك.



و قد تبين من الكلام في هذه الآيات الكريمة أمور: أحدها: الرخصة في التقية في الجملة.



و ثانيها: أن مؤاخذة تولي الكفار و التمرد عن النهي فيه لا يتخلف البتة، و هي من القضاء الحتم.



و ثالثها: أن الشريعة الإلهية ممثلة للإخلاص لله و الإخلاص له ممثل لحب الله سبحانه، و بعبارة أخرى الدين الذي هو مجموع المعارف الإلهية و الأمور الخلقية و الأحكام العملية على ما فيها من العرض العريض لا ينتهي بحسب التحليل إلا إلى الإخلاص فقط، و هو وضع الإنسان ذاته و صفات ذاته و هي الأخلاق و أعمال ذاته و أفعاله على أساس أنها لله الواحد القهار، و الإخلاص المذكور لا يحلل إلا إلى الحب، هذا من جهة التحليل.



و من جهة التركيب ينتهي الحب إلى الإخلاص، و الإخلاص إلى مجموع الشريعة، كما أن الدين بنظر آخر ينحل إلى التسليم و التسليم إلى التوحيد.



و رابعها: أن تولي الكافرين كفر و المراد به الكفر في الفروع دون الأصول ككفر مانع الزكوة و تارك الصلوة و يمكن أن يكون كفر المتولي بعناية ما ينجر إليه أمر التولي على ما مر بيانه، و سيأتي في سورة المائدة.



بحث روائي
في الدر المنثور،: في قوله تعالى: لا يتخذ المؤمنون الكافرين أولياء الآية، أخرج ابن إسحاق و ابن جرير و ابن أبي حاتم عن ابن عباس قال: كان الحجاج بن عمرو حليف كعب بن الأشرف و ابن أبي الحقيق و قيس بن زيد و قد بطنوا بنفر من الأنصار ليفتنوهم عن دينهم فقال رفاعة بن المنذر و عبد الله بن جبير و سعد بن خثيمة لأولئك النفر اجتنبوا هؤلاء النفر من يهود، و احذروا مباطنتهم لا يفتنوكم عن دينكم فأبى أولئك النفر فأنزل الله: لا يتخذ المؤمنون الكافرين إلى قوله: و الله على كل شيء قدير.



أقول: الرواية لا تلائم ظاهر الآية لما تقدم أن الكافرين في القرآن غير معلوم الإطلاق على أهل الكتاب، فأولى بالقصة أن تكون سببا لنزول الآيات الناهية عن اتخاذ اليهود و النصارى أولياء دون هذه الآيات.



و في الصافي،: في قوله تعالى: إلا أن تتقوا منهم تقية الآية، عن كتاب الاحتجاج، عن أمير المؤمنين (عليه السلام) في حديث: و أمرك أن تستعمل التقية في دينك فإن الله يقول: و إياك ثم إياك أن تتعرض للهلاك، و أن تترك التقية التي أمرتك بها فإنك شائط بدمك و دماء إخوانك، معرض لزوال نعمك و نعمهم، مذلهم في أيدي أعداء دين الله و قد أمرك الله بإعزازهم و في تفسير العياشي، عن الصادق (عليه السلام) قال: كان رسول الله يقول: لا دين لمن لا تقية له، و يقول: قال الله: إلا أن تتقوا منهم تقية.



و في الكافي، عن الباقر (عليه السلام): التقية في كل شيء يضطر إليه ابن آدم و قد أحل الله له.



أقول: و الأخبار في مشروعية التقية من طرق أئمة أهل البيت كثيرة جدا ربما بلغت حد التواتر، و قد عرفت دلالة الآية عليها دلالة غير قابلة للدفع.



و في معاني الأخبار، عن سعيد بن يسار قال: قال لي أبو عبد الله: هل الدين إلا الحب؟ إن الله عز و جل يقول: قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله.



أقول: و رواه في الكافي، عن الباقر (عليه السلام) و كذا القمي و العياشي في تفسيريهما، عن الحذاء عنه (عليه السلام): و كذا العياشي في تفسيره، عن بريد عنه (عليه السلام)، و عن ربعي عن الصادق (عليه السلام)، و الرواية تؤيد ما أوضحناه في البيان المتقدم.



و في المعاني، عن الصادق (عليه السلام) قال: ما أحب الله من عصاه ثم تمثل بقوله: تعصي الإله و أنت تظهر حبه.



هذا لعمري في الفعال بديع.



لو كان حبك صادقا لأطعته.



إن المحب لمن يحب مطيع و في الكافي، عن الصادق (عليه السلام) في حديث قال: و من سره أن يعلم أن الله يحبه فليعمل بطاعة الله و ليتبعنا، أ لم يسمع قول الله عز و جل لنبيه: قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله - و يغفر لكم ذنوبكم الحديث.



أقول: و سيأتي بيان كون اتباعهم اتباع النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) في الكلام على قوله تعالى: "يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله و أطيعوا الرسول و أولي الأمر منكم" الآية: النساء - 59.



و في الدر المنثور، أخرج عبد بن حميد عن الحسن قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): من رغب عن سنتي فليس مني ثم تلا هذه الآية: قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله إلى آخر الآية.



و فيه، أيضا أخرج ابن أبي حاتم و أبو نعيم في الحلية و الحاكم عن عائشة قالت: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): الشرك أخفى من دبيب الذر على الصفا في الليلة الظلماء و أدناه أن يحب على شيء من الجور، و يبغض على شيء من العدل، و هل الدين إلا الحب و البغض في الله؟ قال الله تعالى: قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله".



و فيه، أيضا أخرج أحمد و أبو داود و الترمذي و ابن ماجة و ابن حبان و الحاكم عن أبي رافع عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) قال: لا ألقين أحدكم متكئا على أريكته يأتيه الأمر من أمري مما أمرت به أو نهيت عنه فيقول لا ندري ما وجدنا في كتاب الله اتبعناه.



/ 20