15 سورة الحجر - 10 - 15 - تفسیر المیزان جلد 12

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

تفسیر المیزان - جلد 12

سیدمحمد حسین طباطبائی

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
لیست موضوعات
توضیحات
افزودن یادداشت جدید






15 سورة الحجر - 10 - 15

وَ لَقَدْ أَرْسلْنَا مِن قَبْلِك فى شِيَع الأَوّلِينَ (10) وَ مَا يَأْتِيهِم مِّن رّسولٍ إِلا كانُوا بِهِ يَستهْزِءُونَ (11) كَذَلِك نَسلُكُهُ فى قُلُوبِ الْمُجْرِمِينَ (12) لا يُؤْمِنُونَ بِهِ وَ قَدْ خَلَت سنّةُ الأَوّلِينَ (13) وَ لَوْ فَتَحْنَا عَلَيهِم بَاباً مِّنَ السمَاءِ فَظلّوا فِيهِ يَعْرُجُونَ (14) لَقَالُوا إِنّمَا سكِّرَت أَبْصرُنَا بَلْ نحْنُ قَوْمٌ مّسحُورُونَ (15)
بيان
لما ذكر استهزاءهم بكتابه و نبيه و ما اقترحوا عليه من الإتيان بالملائكة آية للرسالة عقبه بثلاث طوائف من الآيات و هي المصدرة بقوله: "و لقد أرسلنا من قبلك" إلخ و قوله: "و لقد جعلنا في السماء بروجا" إلخ و قوله: "و لقد خلقنا الإنسان من صلصال" إلخ.



فبين في أوليها أن هذا الاستهزاء دأب و سنة جارية للمجرمين و ليسوا بمؤمنين و لو جاءتهم آية آية، و في الثانية أن هناك آيات سماوية و أرضية كافية لمن وفق للإيمان و في الثالثة أن الاختلاف بالإيمان و الكفر في نوع الإنسان و ضلال أهل الضلال مما تعين لهم يوم أبدع الله خلق الإنسان، فخلق آدم و جرى هنالك ما جرى من أمر الملائكة بالسجود و إباء إبليس عن ذلك.



قوله تعالى: "و لقد أرسلنا من قبلك في شيع الأولين" إلى آخر الآيتين.



الشيع جمع شيعة و هي الفرقة المتفقة على سنة أو مذهب يتبعونه قال تعالى: "من الذين فرقوا دينهم و كانوا شيعا كل حزب بما لديهم فرحون": الروم: 32.



و قوله: "و لقد أرسلنا" أي رسلا و قد حذف للاستغناء عنه فإن العناية بأصل تحقق الإرسال من قبل من غير نظر إلى من أرسل بل بيان أن البشر الأولين كالآخرين جرت عادتهم على أن لا يحترموا الرسالة الإلهية و يستهزءوا بمن أتى بها و يمضوا على إجرامهم لتكون في ذلك تعزية للنبي (صلى الله عليه وآله وسلم) فلا يضيق صدره بما قابلوه به من الإنكار و الاستهزاء كما سيعود إليه في آخر السورة بقوله: "و لقد نعلم أنك يضيق صدرك بما يقولون" إلخ: الآية - 97 من السورة.



و المعنى: طب نفسا فنحن نزلنا الذكر عليك و نحن نحفظه و لا يضيقن صدرك بما يقولون فهو دأب المجرمين من الأمم الإنسانية أقسم لقد أرسلنا من قبلك في فرق الأولين و شيعهم و حالهم هذه الحال ما يأتيهم من رسول إلا كانوا به يستهزءون.



قوله تعالى: "كذلك نسلكه في قلوب المجرمين" إلى آخر الآيتين.



السلوك.



النفاذ و الإنفاذ يقال: سلك الطريق أي نفذ فيه و سلك الخيط في الإبرة أي أنفذه فيها و أدخله و ذكروا أن سلك و أسلك بمعنى.



و الضميران في "نسلكه" و "به" للذكر المتقدم ذكره و هو القرآن الكريم و المعنى أن حال رسالتك و دعوتك بالذكر المنزل إليك تشبه حال الرسالة من قبلك فكما أرسلنا من قبلك فقابلوها بالرد و الاستهزاء كذلك ندخل هذا الذكر و ننفذه في قلوب هؤلاء المجرمين، و نبأ به: أنهم لا يؤمنون بالذكر و قد مضت طريقة الأولين و سنتهم في أنهم يستهزءون بالحق و لا يتبعونه فالآيتان قريبتا المعنى من قوله: "فما كانوا ليؤمنوا بما كذبوا به من قبل".



و ربما قيل: إن الضميرين للشرك أو الاستهزاء المفهوم من الآيات السابقة و الباء في "به" للسببية، و المعنى كذلك ننفذ الشرك أو الاستهزاء في قلوب المجرمين لا يؤمنون بسبب الشرك أو الاستهزاء إلخ.



و هو معنى بعيد، و المتبادر إلى الذهن من لفظة "لا يؤمنون به" أن الباء للتعدية دون السببية.



و ربما قيل: إن الضمير الأول للاستهزاء المفهوم من سابق الكلام و الثاني للذكر المذكور سابقا، و المعنى مثل ما سلكنا الاستهزاء في قلوب شيع الأولين نسلك الاستهزاء و ننفذه في قلوب هؤلاء المجرمين لا يؤمنون بالذكر "إلخ".



و لا بأس به و إن كان يستلزم التفرقة بين الضميرين المتواليين لكن إباء قوله: "لا يؤمنون به" أن يرجع ضميره إلى الاستهزاء يكفي قرينة لذلك.



و كذا لا يرد على الوجهين ما أورد أن رجوع ضمير "نسلكه" إلى الاستهزاء يوجب كون المشركين ملجئين إلى الشرك مجبرين عليه.



وجه عدم الورود: أنه تعالى علق السلوك على المجرمين فيكون مفاده أنهم كانوا متلبسين بالأجرام قبل فعل السلوك بهم ثم فعل بهم ذلك فينطبق على الإضلال الإلهي مجازاة و لا مانع منه، و إنما الممنوع هو الإضلال الابتدائي و لا دليل عليه في الآية بل الدليل على خلافه، و الآية من قبيل قوله تعالى: "يضل به كثيرا و يهدي به كثيرا و ما يضل به إلا الفاسقين": البقرة: 26.



و قد تقدم تفصيل القول فيه.



و قد ظهر مما تقدم أن المراد بسنة الأولين السنة التي سنها الأولون لا السنة التي سنها الله في الأولين فالسنة سنتهم دون سنة الله فيهم - كما ذكره بعض المفسرين - فهو الأنسب لمقام ذمهم و تعزيته (صلى الله عليه وآله وسلم) بذكر ردهم و استهزائهم لرسلهم.



قوله تعالى: "و لو فتحنا عليهم بابا من السماء فظلوا فيه يعرجون لقالوا إنما سكرت أبصارنا" إلخ، العروج في السماء الصعود إليها و التسكير الغشاوة.



و المراد بفتح باب من السماء عليهم إيجاد طريق يتيسر لهم به الدخول في العالم العلوي الذي هو مأوى الملائكة و ليس كما يظن سقفا جرمانيا له باب ذو مصراعين يفتح و يغلق، و قد قال تعالى: "ففتحنا أبواب السماء بماء منهمر": القمر: 11.



و قد اختار سبحانه من بين الخوارق التي يظن أنها ترفع عنهم الشبهة و تزيل عن نفوسهم الريب فتح باب من السماء و عروجهم فيه لأنه كان يعظم في أعينهم أكثر من غيره، و لذلك لما اقترحوا عليه أمورا من الخوارق العظيمة ذكروا الرقي في السماء في آخر تلك الخوارق المذكورة على سبيل الترقي كما حكاه الله عنهم بقوله: "و قالوا لن نؤمن لك حتى تفجر لنا من الأرض ينبوعا - إلى أن قال - أو ترقى في السماء و لن نؤمن لرقيك حتى تنزل علينا كتابا نقرؤه": إسراء: 93، فالرقي في السماء و التصرف في أمورها كتنزيل كتاب مقرو منها أي نفوذ البشر في العالم العلوي و تمكنه فيه و منه أعجب الخوارق عندهم.



على أن السماء مأوى الملائكة الكرام و محل صدور الأحكام و الأوامر الإلهية و فيها ألواح التقادير و منها مجاري الأمور و منبع الوحي و إليها صعود كتب الأعمال، فعروج الإنسان فيها يوجب اطلاعه على مجاري الأمور و أسباب الخوارق و حقائق الوحي و النبوة و الدعوة و السعادة و الشقاوة و بالجملة يوجب إشرافه على كل حقيقة، و خاصة إذا كان عروجا مستمرا لا مرة و دفعة كما يشير إليه قوله تعالى: "فظلوا فيه يعرجون" حيث عبر بقوله: "ظلوا" و لم يقل: فعرجوا فيه.



فالفتح و العروج بهذا النعت يطلعهم على أصول هذه الدعوة الحقة و أعراقها لكنهم لما في قلوبهم من الفساد و في نفوسهم من قذارة الريبة و الشبهة المستحكمة يخطئون أبصارهم فيما يشاهدون بل يتهمون النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) أنه سحرهم فهم مسحورون من قبله.



فالمعنى: و لو فتحنا عليهم بابا من السماء و يسرنا لهم الدخول في عالمها فداموا يعرجون فيه عروجا بعد عروج حتى يتكرر لهم مشاهدة ما فيه من أسرار الغيب و ملكوت الأشياء لقالوا إنما غشيت أبصارنا فشاهدت أمورا لا حقيقة لها بل نحن قوم مسحورون.




/ 20