( و كذلك نري إبراهيم ملكوت السموات و الارض و ليكون من الموقنين ) ( 1 ) قوى الله بصره لما رفعه دون السماء حتى أبصر الارض و من عليها ظاهرين و مستترين فرأى رجلا و إمرأة على فاحشة فدعا عليهما بالهلاك فهلكا ، ثم رأى آخرين فدعا عليهما بالهلاك ، فهلكا ، ثم رأى آخرين فهم بالدعاء عليهما ، فأوحى الله تعالى إليه : يا إبراهيم اكفف دعوتك من عبادي و إمائي ، فاني أنا الغفور الرحيم الحنان الحليم ، لا تضرني ذنوب عبادي كما لا تنفعني طاعتهم ، و لست أسوسهم (2 ) لشفاء الغيظ كسياستك ، فاكفف دعوتك عن عبادي ، فانما أنت عبد نذير لا شريك في المملكة ( 3 ) ، و لا مهيمن علي ، و لا على عبادي و عبادي ، معي بين خلال ( 4 ) ثلاث : إما تابوا إلى فتبت عليهم ، و غفرت ذنوبهم ، و سترت عيوبهم .
و إما كففت عنهم عذابي لعلمي بأنه سيخرج من أصلابهم ذريات مؤمنون ، فأرفق بالآباء الكافرين ، و أتأنى بالامهات الكافرات ، و أرفع عنهم عذابي ليخرج ذلك المؤمن من أصلابهم ، فإذا تزايلوا ( 5 ) حل بهم عذابي و حاق بهم بلائي .
و إن لم يكن هذا و لا هذا فان الذي أعددته لهم من عذابي أعظم مما تريده بهم فان عذابي لعبادي على حسب جلالي و كبريائي .
يا إبراهيم فخل بيني بين عبادي ، فاني أرحم بهم منك ، و خل بيني و بين عبادي فاني أنا الجبار الحليم العلام الحكيم ، ادبرهم بعلمي ، و أنفذ فيهم قضائي و قدري .
ثم قال رسول الله صلى الله عليه و آله : إن الله تعالى - يا أبا جهل - إنما دفع عنك العذاب لعلمه بأنه سيخرج من صلبك ذرية طيبة : عكرمة ابنك ، و سيلي من امور المسلمين ما إن ( 6 ) أطاع الله و رسوله فيه كان عند الله جليلا ، و إلا فالعذاب نازل عليك .
1 ) الانعام : 75 . 2 ) ساس - يسوس سياسة - القوم : دبرهم و تولى أمرهم . 3 ) " الملك " الاحتجاج . 4 ) " حال " ق ، د . 5 ) أى تفارقوا . 6 ) تدبر معنى ان الشرطية و جوابها .