بك دارس السبيل ، و لقد ضل من ضل عنك ، و لن يهتدي إلى الله عز و جل من لم يهتد إليك و إلى ولايتك ، و هو قول ربي عز و جل ( و إني لغفار لمن تاب و آمن و عمل صالحا ثم اهتدى ) ( 1 ) يعني إلى ولايتك ، و لقد أمرني ربي تبارك و تعالى أن افترض من حقك ما افترض من حقي ، و إن حقك ، لمفروض على من آمن بي ، و لولاك لم يعرف حزب الله ، و بك يعرف عدو الله ، و من لم يلقه بولايتك لم يلقه بشيء و لقد أنزل الله عز و جل إلي ( يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك - يعني في ولايتك يا علي - و إن لم تفعل فما بلغت رسالته ) ( 2 ) و لو لم ابلغ ما أمرت به من ولايتك لحبط عملي ، و من لقي الله عز و جل بغير ولايتك فقد حبط عمله ، ( وعدا ينجز لي ) ( 3 ) ، و ما أقول إلا قول ربي تبارك و تعالى و إن الذي أقول لمن الله عز و جل أنزله فيك ( 4 ) .
10 - و من هذا ما ذكره في تفسير العسكري عليه السلام قال الامام عليه السلام : قال رسول الله صلى الله عليه و آله : فضل الله العلم بتأويله و رحمته و توفيقه لموالاة محمد و آله الطيبين و معاداة أعدائهم و كيف لا يكون ذلك خيرا مما يجمعون و هو ثمن الجنة ، و يستحق بها الكون بحضرة محمد و آله الطيبين الذي هو أفضل من الجنة ، لان محمدا و آله أشرف زينة الجنة ( 5 ) .
قوله تعالى : ألا إن أوليآء الله لا خوف عليهم ولاهم يحزنون
[ 62 ]
الذين ءامنوا و كانوا يتقون
[ 63 ]
لهم البشرى في الحيوة الدنيا و فى الاخرة لا تبديل لكلمت الله ذلك هو الفوز العظيم
[ 64 ]
هامش ص 217 .
1 ) سورة طه : 82 .
2 ) سورة المائدة : 67 .
3 ) في نسخة ( ج ) وعد استحقا له سحقا ، و فى ( م ) و غدا سحقا له .
4 ) أمالى الصدوق : 399 ح 13 و عنه البحار : 38 / 105 ح 33 و البرهان : 1 / 488 ح 2 وج 2 / 188 ح 6 و فى البحار : 24 / 64 ح 49 عن التأويل و قطعة منه في البحار : 35 / 426 ح 19 و البرهان : 3 / 40 ح 3 و أورده في بشارة المصطفى : 22 .
5 ) عنه في البحار : 24 / 65 ح 50 عن الامام العسكري عليه السلام .
معناه : أن ( أوليآء الله ) و هم الذين والوا أولياءه و عادوا أعداءه فهؤلاء ( 1 ) ( لا خوف عليهم - في الآخرة - ولاهم يحزنون ) .
ثم وصفهم فقال ( الذين آمنوا و كانوا يتقون ) آمنوا بالله و رسوله و أوليائه و كانوا يتقون ، و يخافون مخالفتهم في الاوامر و النواهي فهؤلاء لهم البشرى أي البشارة في الحياة الدنيا ، و هي ما بشرهم به على لسان رسول الله صلى الله عليه و آله مثل قوله : ( و يبشرهم ربهم برحمة منه و رضوان ) ( 2 ) ( و بشر المؤمنين ) ( 3 ) .
و أما البشرى في الآخرة فهي الجنة ، و هو ما تبشرهم به الملائكة عند الموت و عند خروجهم من القبور ، و يوم النشور .
11 - أما تأويله : فهو ما ذكره أبو علي الطبرسي رحمه الله قال : روى عقبة بن خالد ، عن أبي عبد الله عليه السلام أنه قال : يا عقبة لا يقبل الله من العباد يوم القيامة إلا هذا الدين الذي أنتم عليه ، و ما بين أحدكم و بين أن يرى ما تقر به عينه إلا أن تبلغ نفسه إلى هذه ، - و أومأ بيده إلى الوريد - .
ثم قال : إن في كتاب الله شاهدا ، و قرأ ( الذين آمنوا و كانوا يتقون لهم البشرى في الحيوة الدنيا و في الآخرة لا تبديل لكلمات الله ذلك هو الفوز العظيم ) ( 4 ) 12 - و يؤيده : ما نقله الشيخ أبو جعفر بن بابويه ( ره ) ، عن رجاله باسناده يرفعه إلى الامام أبي جعفر عليه السلام أنه قال لقوم من شيعته : إنما يغتبط أحدكم إذا صارت نفسه إلى هاهنا - و أومأ بيده إلى حلقه - فينزل عليه ملك الموت فيقول له : أما ما كنت ترجوه فقد أعطيته ، و أما ما كنت تخافه فقد أمنت منه ، و يفتح له باب إلى هامش ص 218 .
1 ) في نسخة ( ج ) فهم ، و فى نسخة ( م ) هم .
2 ) سورة التوبة : 21 .
3 ) سورة التوبة : 112 .
4 ) مجمع البيان : 5 / 120 و أخرجه في البحار : 6 / 185 ح 20 عن العياشي : 2 / 125 ح 33 و المحاسن : 1 / 175 ح 158 و فى البرهان : 2 / 190 ح 9 عن العياشي و فى ص 189 ح 1 عن الكافى : 3 / 128 ح 1 مفصلا .
منزله في الجنة فيقول له : أنظر إلى مسكنك من الجنة ، فهذا رسول الله صلى الله عليه و آله و هذا علي و الحسن و الحسين هم رفقاؤك ، ثم قال أبو جعفر عليه السلام : و هو قول الله عز و جل ( الذين آمنوا و كانوا يتقون لهم البشرى في الحيوة الدنيا و في الآخرة لا تبديل لكلمات الله ذلك هو الفوز العظيم ) ( 1 ) .
13 - و في هذا المعنى ما رواه الشيخ أبو جعفر محمد بن يعقوب ( ره ) عن أبان بن عثمان ، عن عقبة قال : إنه سمع أبا عبد الله عليه السلام يقول : إن الرجل منكم إذا وقعت نفسه في صدره رأى .
قلت : جعلت فداك و ما الذي يرى ؟ قال : يرى رسول الله صلى الله عليه و آله يقول
[ له ]
( 2 ) أنا رسول الله
[ أبشر ]
( 3 ) ثم يرى عليا عليه السلام فيقول له : أنا علي بن أبي طالب الذي كنت تحبه ، يجب علي ( 4 ) أن أنفعك اليوم .
قال : قلت له : أ يكون أحد من الناس يرى هذا و يرجع ( إلى الدنيا ؟ ) قال : لا ، بل إذا رأى هذا مات .
قال : فأعظمت ذلك و قلت له : ذلك ( 6 ) في القرآن ؟ قال : نعم ، قوله تعالى ( الذين آمنوا و كانوا يتقون لهم البشرى في الحيوة الدنيا و في الآخرة لا تبديل لكلمات الله ذلك هو الفوز العظيم ) ( 7 ) .
قوله تعالى : و أوحينآ إلى موسى و أخيه أن تبوء تبوء+ا لقومكما بمصر بيوتا و اجعلوا بيوتكم قبلة 14 - تأويله : ما جاء في مسائل المأمون للرضا عليه السلام حين سأله بحضرة العلماء هامش ص 219 .
1 ) أخرج نحوه في البحار : 6 / 177 ح 5 و البرهان : 2 / 190 ح 8 عن العياشي : 2 / 124 ح 32 و فى البحار : 27 / 164 ح 17 عن إعلام الدين : 280 .
2 ) من نسخة ( ب ) .
3 ) من الكافى .
4 ) في الكافى ( تحب ) بدل ( يجب على ) ، و فى نسخة ( ب ) يجب على أن أفعل .
5 ) ليس في نسختى ( ب ، م ) .
6 ) في نسخة ( ب ) أو ذاك .
7 ) الكافى : 3 / 133 ح 8 باختلاف يسير و عنه البرهان : 2 / 189 ح 2 و نور الثقلين : 2 / 311 ح 98 و البحار : 39 / 238 ح 26 .
من أهل خراسان و غيرهم من البلدان فقال : و قد عدد المسائل و أما الرابعة فاخراج ( 1 ) النبي صلى الله عليه و آله ( الناس ) ( 2 ) من مسجده ماخلا العترة حتى عظم ( 3 ) الناس في ذلك و تكلم العباس فقال : يا رسول الله تركت عليا و أخرجتنا ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه و آله : ما أنا تركته و أخرجتكم ، و لكن الله عز و جل تركه و أخرجكم .
و في هذا تبيان قوله لعلي عليه السلام ( أنت مني بمنزلة هارون من موسى ) .
فقال العلماء : و أين هذا من القرآن ؟ فقال أبو الحسن عليه السلام : أوجدكم في ذلك قرآنا أقرأه عليكم ؟ قالوا : هات .
قال : قول الله تعالى ( و أوحينا إلى موسى و أخيه أن تبوءا لقومكما بمصر بيوتا و اجعلوا بيوتكم قبلة ) .
ففي هذه الآية منزلة هارون من موسى و منزلة علي من رسول الله صلى الله عليه و آله و مع هذا دليل ظاهر في قول رسول الله صلى الله عليه و آله حين قال : ألا إن هذا المسجد لا يحل لجنب إلا لمحمد و آله فعند ذلك قالت العلماء : يا أبا الحسن هذا الشرح و هذا البيان لايوجد إلا عندكم معشر أهل البيت .
فقال : و من ينكر لنا
[ ذلك ]
؟ و رسول الله صلى الله عليه و آله يقول : ( أنا مدينة العلم ( 4 ) و علي بابها ، فمن أراد المدينة فليأتها من بابها ) .
و فيما أوضحنا و شرحنا من الفضل و الشرف و التقدمة و الاصطفاء لنا مالا ينكره إلا معاند لله تعالى ( 5 ) ، و لله الحمد على ذلك .
قوله تعالى : فإن كنت في شك ممآ أنزلنآ إليك فسئل الذين يقرؤن الكتب من قبلك لقد جآءك الحق من ربك فلا تكونن من الممترين
[ 94 ]
هامش ص 220 .
1 ) في نسخة ( ب ) فأخرج .
2 ) ليس في نسختى ( م ، ج ) .
3 ) في البحار : تكلم ، و فى نسختى ( ج ، م ) نظم .
4 ) في الامالي و البحار : الحكمة .
5 ) أخرجه في البحار : 25 / 220 ح 20 و البرهان : 2 / 193 ح 2 عن أمالى الصدوق : 421 ح 1 و عيون اخبار الرضا : 1 / 228 ب 23 ح 1 .
15 - تأويله : ذكره علي بن إبراهيم ( ره ) في تفسيره قال : حدثني أبي ، عن عمرو بن سعيد الراشدي ، عن عبد الله بن مسكان ، عن أبي عبد الله عليه السلام قال : لما أسرى برسول الله صلى الله عليه و آله و أوحى الله تعالى إليه في علي ما أوحى من شرفه و عظمته ورد إلى البيت المعمور و جمع الله النبيين وصلوا خلفه ، عرض في قلب رسول الله صلى الله عليه و آله عظم ما أوحى الله إليه في علي عليه السلام ، فأنزل الله عليه ( فان كنت في شك مما أنزلنا إليك - في علي - فسئل الذين يقرؤن الكتاب من قبلك ) يعني الانبياء ( الذين صلى بهم رسول الله صلى الله عليه و آله أي في كتب الانبياء قبلك و ما أنزلنا في كتابك من فضله ) ( 1 ) ( لقد جاءك الحق من ربك فلا تكونن من الممترين ) يعني من الشاكين .
فقال أبو عبد الله عليه السلام : ما شك رسول الله صلى الله عليه و آله و لاسأل ( 2 ) .
و هذا مثل قوله تعالى ( و سئل من أرسلنا من قبلك من رسلنا ) ( 3 ) .
و معنى عرض في قلب رسول الله صلى الله عليه و آله أي خطر على باله عظم ما أوحى الله إليه في علي عليه السلام و فضله و لم يكن عنده في ذلك شك لان فضل علي عليه السلام من فضله الذي فضل على الخلق أجمعين ، و لاجل ذلك قال رسول الله صلى الله عليه و آله : ( يا علي ما عرف الله إلا أنا و أنت ، و لا عرفني إلا الله و أنت ، و لا عرفك إلا الله و أنا ) ( 4 ) يعني حقيقة المعرفة ، و فضل كل منهما على قدر معرفته بالله الذي لا يعلم فضلهما إلا هو سبحانه و تعالى ، و من يكن هذا قوله كيف يكون عنده في فضله شك .
و إنما قال هذا القول للشاك من أمته في فضل علي عليه السلام لتنبيه ( 5 ) الغافل .
هامش ص 221 .
1 ) في تفسير القمي : فقد أنزلنا عليهم في كتبهم من فضله ما أنزلنا في كتابك .
2 ) تفسير القمي : 292 و فيه و ما سأل و عنه البحار : 17 / 82 ح 6 وج 36 / 94 ح 25 و البرهان : 2 / 197 ح 1 .
3 ) سورة الزخرف : 45 .
4 ) رواه البرسى في مشارق أنوار اليقين : 112 ، و أورده في المختصر : 125 و المحتضر : 38 .
5 ) في نسخة ( م ) ليتنبه .
و يقول : إذا كان هذا قول الله عز و جل لنبيه و هو عير شاك في فضل وصيه فكيف حال الشاك ( نعوذ بالله منه و من الشيطان الرجيم ) و من أجل ذلك قال أبو عبد الله عليه السلام : ما شك رسول الله صلى الله عليه و آله و لا سأل ( 1 ) ، أي الانبياء عليهم السلام .
قوله تعالى : و ما تغنى الايت و النذر عن قوم لا يؤمنون
[ 101 ]
16 - تأويله : رواه الشيخ محمد بن يعقوب ( ره ) عن الحسين بن محمد عن معلى بن محمد ، عن أحمد بن محمد ، عن أحمد بن هلال ، عن أمية بن علي القيسي ، عن داود الرقي قال : سألت أبا عبد الله عليه السلام عن قول الله عز و جل : ( و ما تغني الآيات و النذر عن قوم لا يؤمنون ) قال : الآيات :
[ هم ]
( 2 ) الائمة ، و النذر :
[ هم ]
( 3 ) الانبياء صلوات الله عليهم ( 4 ) صلاة تملا الارض و السماء ، ما نسخ الظلام الضياء ، و سرت على الماء الضياء ( 5 ) .
( 11 ) ( سورة هود ) ( و ما فيها من الايات في الائمة الهداة ) منها : قوله تعالى : و يؤت كل ذي فضل فضله معناه : أن الله سبحانه يعطي كل ذي فضل - أي عمل صالح - فضله أي جزاؤه و ثوابه في الدنيا و الآخرة : أما في الدنيا فيجعل له فيها من الخلق المودة و المحبة و الفضل عليهم و السنة ، و أما في الآخرة فيعطيه أن يدخل أعداءه النار ، و أولياءه الجنة هامش ص 222 .
1 ) أخرجه في البحار : 17 / 51 عن مجمع البيان : 5 / 133 .
2 ، 3 ) من المصدر .
4 ) الكافى : 1 / 207 ح 1 و عنه البرهان : 2 / 204 ح 1 ، و أخرجه في البحار : 23 / 206 ح 3 و البرهان : 2 / 205 ح 3 عن تفسير القمي : 296 .
5 ) في نسخة ( م ) الصبا .
( و ذلك أمير المؤمنين عليه السلام ) : 1 - لما نقله ابن مردويه ، عن العامة باسناده ، عن رجاله ، عن ابن عباس قال : قوله تعالى ( و يؤت كل ذي فضل فضله ) إن المعني به علي بن أبي طالب ( 1 ) .
قوله تعالى : و لئن أخرنا عنهم العذاب إلى أمه معدودة ليقولن ما يحبسه ألا يوم يأتيهم ليس مصروفا عنهم و حاق بهم ما كانوا به يستهزءون
[ 8 ]
2 - تأويله : ذكره أبو علي الطبرسي ( ره ) قال : و قيل : إن الامة المعدودة هم أصحاب المهدي عليه السلام في آخر الزمان ثلاثمائة و بضعة عشر رجلا كعدة أهل بدر يجتمعون في ساعة واحدة كما يجتمع قزع الخريف و هو المروي عن أبي جعفر ، و أبي عبد الله عليهما السلام ( 2 ) .
3 - و يؤيده : ما رواه محمد بن جمهور ، عن حماد بن عيسى ، عن حريز قال : روى بعض أصحابنا عن أبي عبد الله عليه السلام في قوله تعالى ( و لئن أخرنا عنهم العذاب إلى امة معدودة ) قال : العذاب هو القائم عليه السلام و هو عذاب على أعدائه .
و ( الامة المعدودة ) هم الذين يقومون معه بعدد أهل بدر ( 3 ) .
قوله تعالى : فلعلك تارك بعض ما يوحى إليك و ضآئق به صدرك أن يقولوا لو لا أنزل عليه كنز أو جآء معه ملك إنمآ أنت نذير و الله على كل شيء وكيل
[ 12 ]
4 - تأويله : ذكره علي بن إبراهيم في تفسيره عن أبيه ، عن النضر بن سويد ، عن يحيى الحلبي ، عن ابن مسكان ، عن عمارة بن سويد ، عن أبي عبد الله عليه السلام ، هامش ص 223 .
1 ) أخرجه في البرهان : 2 / 206 ح 5 عن طريق المخالفين عن ابن مردويه ، و فى ح 4 و البحار : 35 / 424 ح 5 عن مناقب ابن شهرآشوب : 2 / 294 و فى البحار : 35 / 424 ح 4 و ج 9 / 213 قطعة من ح 92 عن تفسير القمي : 297 .
2 ) مجمع البيان : 5 / 144 و عنه البرهان : 2 / 209 ح 7 و إثبات الهداة : 7 / 50 ح 418 .
3 ) عنه البرهان : 2 / 209 ح 8 و أخرجه في البحار : 51 / 58 ح 51 و إثبات الهداة 7 / 81 ح 513 عن غيبة النعماني : 241 ح 36 .