[ و غاية ما يمكن أن يقال في تصويره : إن النزاع وقع - على هذا - في أن الاصل في هذه الالفاظ المستعملة مجازا في كلام الشارع ، هو استعمالها في خصوص الصحيحة أو الاعم ، بمعنى أن أيهما قد اعتبرت العلاقة بينه و بين المعاني اللغوية ابتداء ، و قد استعمل في الآخر بتبعه و مناسبة ، كي ينزل كلامه عليه مع القرينة الصارفة عن المعاني اللغوية ، و عدم قرينة أخرى معينة للآخر .]
المستحدثة إما بتصريحه و إما باستعماله تلك الالفاظ في المعاني المستحدثة بقصد صيرورتها موضوعا لها .
الثانية كون تلك الالفاظ مستعملة في لسانه مجازا ، و بكثرة الاستعمال في لسان تابعية و أصحابه صارت حقيقة .
الثالثة كونها مستعملة في تلك المعاني حقيقة بمعنى أن هذه المعاني ما كانت مستحدثة ، بل هي المعاني اللغوية الثابتة عند الشرايع السابقة و عند العرب قبل الشرع ، و استعملها الشارع موافقا لاستعمال من كان قبله .
الرابعة كونها مستعملة في معانيها اللغوية مثل الدعاء بالنسبة إلى لفظ الصلوة ، و اما الزوائد فهي دخيلة في المأمور به لا في مسمى الصلوة و تدل على هذه الزوائد ألفاظ اخرى مثل لفظ السجود و الركوع إلى غيرهما كما ذهب اليه الباقلاني ( 1 ) إذا عرفت هذا فاعلم أنه لا شبهة في تأتي الخلاف على الاحتمال
1 - الباقلاني : القاضي محمد بن الطيب ، بن محمد بن جعفر ، من كبار علماء الكلام ، انتهت اليه الرياسة في مذهب الاشاعرة ولد في البصرة سنة 338 - و توفى ببغداد سنة 403 . وجهه عضد الدولة سفيرا عنه إلى ملك الروم ، فجرت له في القسطنطنية مناظرات مع علماء النصرانية بين يدي ملكها له كتب في الكلام و الاصول بين مطبوع و مخطوط . حكى انه ناظر الشيخ الجليل المفيد المتوفى ( 413 ) فغلبه المفيد ، فقال الباقلاني للشيخ :