حاشیة المکاسب

محمدحسین الإصفهانی؛ المحقق: عباس محمد آل سباع

جلد 4 -صفحه : 227/ 134
نمايش فراداده

و أخذه نعم في كلام العلامة في باب الصرف ما اوهم عدم تعين النقدين حيث ذكران احد العوضين المختلفين في الصرف إذا كان معيبا و ظهر العيب بعد التفرق جاز أخذ الارش من النقدين و لم يجز منهما فانه قد استظهر منه جامع المقاصد عدم تعين النقدين عنده فاورد عليه بأن الحقوق المالية انما يرجع فيها إلى النقدين فكيف الحق الثابت باعتبار نقصان في أحدهما و أجاب عنه المصنف قده بما سيجئ انشاء الله تعالى توضحيه و مجمل القول في ذلك ان الارش حيث انه عند العلامة بل عند واحد من الاصحاب متمم المعاوضة و تتميم للمعيب ليساوى الصحيح فلذابنوا على لزوم الربوا في المتجانسين و على عدم جواز اداء النقد ارشا بعد التفرق عن مجلس الصرف لان تتميم المعاملة الصرفية بعد التفرق مناف لاعتبار التقابض في المجلس بخلاف ما إذا ادى الارش من النقدين فان المعاملة المزبورة ينحل إلى صرف و غير صرف و التفرق في الصرف ممنوع عنه و غرض جامع المقاصد ان الغرامات تتعين في النقدين في سائر الموارد و غرامة أحد النقدين أولى بأن يكون منهما و لازمه حينئذ عدم إمكان تتميم المعاملة الصرفية أما بالنقد فلفرض منافاته للتفرق و اما بغير النقدين فلان ما يستحقه المشتري على البايع ليس الا النقد كلية و غيره لابد من أن يكون بدلا عنه فإذا لم يستحق المبدل لفرض التفرق لا يستحق البدل فلا أرش أصلا لا نفسا و لا بدلا و غرض المصنف قده ان تعين الارش في النقدين كسائر الغرامات بمعنى عدم استحقاق كل من الضامن و المضمون له للامتناع من أدائهما و أخذها لا ينافي عدم تعين الارش فيهما بمعنى وقوع غيرهما ارشا حقيقة مع التراضى لا ان النقدين بدل عن الارش حتى لا يصح البدل حيث لا يصح المبدل كما في الصرف توضيح ذلك ان المالية لها اعتبارات ثلاثة أحدها اعتبار المالية بشرط عدم الخصوصية التي تتفاوت بها الرغبات و لا مطابق لها الا النقد لتمحضه في المالية لعدم اقترانه بمثل تلك الخصوصية ثانيها اعتبار المالية بشرط الخصوصية اما معينا أو بدليا ثالثها اعتبار المالية لا بشرط وجود خصوصية و لا بشرط عدمها فان اعتبرت المالية على الوجه الاول فلا يستحق من له الحق الا النقد الفاقد لكل خصوصية كما لا يستحق من عليه الحق الالزام بما فيه خصوصية لعدم مطابقته بشرط شيء لما هو بشرط لا و ان اعتبرت المالية على الوجه الثاني فلا محالة يستحق من له الحق ما فيه خصوصيا معينة أو ما فيه خصوصية مطلقا و يتخير من عليه الحق في اداء آية خصوصية كانت على الاخير و ان اعتبرت المالية على الوجه الثالث فلا يستحق من له الحق مطالبة خصوصية من الخصوصيات لفرض عدم التقيد بخصوصية لا تعينيا و لا بدليا و يستحق من عليه الحق أن يؤدي الفاقد لكل خصوصية كالنقد و ان يؤدي الواجد لاية خصوصية لفرض عدم تقيد المال بعدمها إذا عرفت ذلك فنقول ان الفرق بين سائر الغرامات و بين الغرامة الارشية من وجهين أحدهما ان سائر الغرامات المالية تشتغل بها الذمة لتعلق الاعتبار الحقى بنفس المال و لا وعاء له بعد الخارج الا الذمة و لا بد كما عرفت من تعينه في الذمة بأحد التعينات الثلاثة و المعروف فيها هو التعين الاول اعنى المال بشرط لا و هو كما عرفت منحصر في النقد و وجه تعين هذا الاعتبار الخاص في الغرامات الغير الارشية هو انه إذا تلف قيمى من القيميات فهذا التالف له شئون ثلاثة حيثية شخصيتها و حيثية كونها ذات حصة من طبيعة نوعية و حيثية المالية و كل طبيعة نوعية كما انه لها جهة وجدان ما هوى هي مبدأ جنسها الطبيعي و مبدأ فصلها الطبيعي كذلك لها جهة فقدان لما فوقها بها تكون هذه المالية نوعا و الماهية الاخرى نوعا اخر فماهية الشجر مثلا المتقومة بالجسمية و القوة النباتية فاقدة لمرتبة الحيوانية فهي بشرط لامن حيث الحيوان أو لذا لا يصدق عليها الحيوان كما لا يصدق الشجر على الحيوان أو على هذا فإذا فرض تلف فرد من نوع خاص و شخصية التالف قابلة للتدارك عقلا و نوعيته لعدم المثل قابلة للتدارك فلم يبق الا مالية ماهية هي بشرط لا بالاضافة إلى سائر الماهيات فلا محالة تكون المالية المشتغلة بها الذمة مالية هي بشرط لاعن سائر الماليات فتدبره فانه حقيق به هذا في سائر الغرامات و اما الغرامة الارشية فقد عرفت مرارا انها لا تشتغل بها الذمة ليجب أن يكون لها تعين مخصوص فان حقيقتها حق التغريم لا استحقاق المال و حيث ان الاستحقاق متعلق بالفعل فلا معنى لتعينه الذمي كما انه حيث لا تعين له في الذمة فلا بأس بجعل حق التغريم بما هو بشرط لا و هو النقد عند المخاصمة في الخصوصيات و بما هو بشرط شيء عند التراضي على خصوص شيء ثانيهما انه لا ريب في صحة التراضى على النقدين في باب الغرامات جميعا ففي الغرامة الارشية حيث ان الذمة مشغولة بخصوص مال لا يطابقه الا النقد فلا محالة يكون ما تراضيا عليه بدلا عن النقد و في الغرامة الارشية حيث انه لامال في الخارج و لا في الذمة فلا معنى البدلية و لا للمعاوضة بل هو اداء عين ما يستحق التغريم به عند الترك عني كما انه إذا ادى النقد كان هو عين ما يستحقه ارشا عند امتناع كل منهما عن الخصوصية و مما ذكرنا اتضح صحة ما افاده المصنف قده و لا يرد عليه شيء من الاعتراضات الناشئة عن عدم الوصول إلى حقيقة مرامه زيد في علو مقامه منها في تصور الارش المستوعب لتمام الثمن و تحقيق القول بالبحث في موارد أحدها ان النقض الوارد على العين على قسمين فتارة نقص خارجى يوجب سلب المالية رأسا مع بقاء ذات المبيع كذهاب رائحة ماء الورد مثلا رأسا بحيث كان بلا فائدة أصلا و كذا إذا أوجب سلب الملكية مع بقاء حق الاختصاص كالخل المنقلب خمرا مع إمكان اتخاذه للتخليل أو إذا لم يمكن ذلك ايضا و اخرى نقص اعتباري من حيث تعلق حق الجناية به الموجب للاسترقاق أو القصاص أو دية كاملة مستوعبة لقيمة العبد فان كان النقص من قبل الاول و كان قبل القبض لا حال العقد فهل هو مندرج تحت عنوان التلف قبل القبض بحيث يوجب الانفساخ أو يوجب الخيار فان كان من تلف ذات المبيع عرفا فهو موجب للانفساخ و الرجوع بتمام الثمن حينئذ أجنبي عن تصور الارش المستوعب و ان كان من تلف وصف المبيع و هي حيثية المالية و قد مر انه موجب للخيار فلا محالة يتعقل الارش المستوعب و ظاهر قوله عليه السلام كل مبيع تلف قبل قبضه هو تلف ما هو مبيع بالحمل الشايع و هو عين المال لا المالية فتلف المالية من تلف الوصف و قد مر ان مضمونية تلف و صوف المبيع لا يقتضي الا الخيار و اما تلف الملكية فقد ادعى انه كتلف ذات المبيع و ذات الملك و هو فيما إذا لم يبق حق الاختصاص لا بأس به لا لصدق تلف المبيع بل لانه ليس هناك شيء له إقباض حيث انه لا اعتبار ملكى و لا حقى للمشتري كى يترقب قبضه و إقباضه و ان كان النقض من قبل الثاني و كان قبل القبض فتارة يحكم عليه بالتلف بلحاظ الحكم بأحد تلك الامور من الاسترقاق و القصاص والدية و اخرى بلحاظ فعلية احد تلك الامور اما الاول فنقول اما الحكم باستحقاق المجني عليه للاسترقاق فمن الواضح ان الجاني لم يخرج بذلك عن الملك و لم يدخل فعلا في ملك المجني عليه حتى يكون من قبيل تلف الملكية بل مجرد استحقاق المجني عليه للتملك فيكون كاستحقاق الشريك لتمليك حصة شريكه من المشتري غاية الامر أنه هناك بالعوض وهنا مجانا فمجرد استحقاق التملك و حق إتلاف ملكية المشتري و ازالتها ليس من تلف المبيع لا ذاتا و لا مالية و لا ملكية فلا انفساخ و لا خيار نعم ربما يتخيل خيار التعذر فيه بملاحظة استحقاق المجني عليه إقباضه من البايع و يندفع بأن مجرد الاستحقاق لا يوجب إقباض الجاني حتى يمتنع إقباضه للمشتري شرعا بل بالاسترقاق يصير ملكا للمجني عليه فيجب إقباضه و اما الحكم بالقصاص كما في قتل العمد فانفساخ العقد بملاحظة ان استحقاق المجني عليه للقصاص يوجب سقوطه