و كتمت أمره حتى أدخلته دار القاسم و دخلت اليه و قصصت عليه الخبر .
قال : فقوض القاسم شغله و خلا و استدعاه .
فقال : لتصدقنى عن أمرك أولا ترى ضوء الدنيا ، و لا تخرج من هذه الحجرة و الله أبدا .
قال تؤمنني ؟ قال : أنت آمن .
فنهض لا قلبة به فتحير القاسم و قال الرجل أنا أخبرك أنا فلان بن فلان الهاشمي رجل متجمل ، و أنا أ تخبر عليك للمعتضد منذ كذا و كذا فأنزل بدرب يعقوب بقرب دار ابن طاهر يجرى على المعتضد خمسين دينارا في الشهر ، و أخرج كل يوم بالزى الذي لا ينكره جيراني فأدخل دارا في الخلد بيدي منها بيت بأجرة فيظن أهلها أن منهم و لا ينكرونى للزى ، فأخرج من هناك بهذه الثياب و أتزامن من الموضع و ألبس لحية فوق لحيتي مخالفة للونى حتى إن لقيني في الطريق بالاتفاق بعض من يعرفنى أنكرني ، و أمشي زحفا من الخلد إلى دارك فأعمل جميع ما عرفت و أقتفى أخبارك من غلمانك و هم لا يعرفون غرضى .
و يخرجون إلى بالاسترسال ما لو بذل لهم فيه من الاموال لم يظهروه ، ثم أخرج فأجئ إلى موضع من الخلد فأغير ثيابي و أعطى ذلك الذي قد اجتمع معي في المخلات للمكدين و ألبس ثيابي التي يعرفونى بها جيراني و أعود إلى منزلى و آكل و أشرب و ألعب بقيت يومى ، فإذا جاء المغرب جاءني خادم من خدم دار ابن طاهر مندوب لهذا فأرمى اليه من روزنة لي برقعة فيها خبر ذلك اليوم و لا افتح له بابا ، فإذا كان بعد تسعة و عشرين يوما جاءني الخادم فأنزل اليه فأعطيه رقعة ذلك اليوم و يعطيني جائزة ذلك الشهر ، و لو لا أنى لم أر صاحب خبرك و لا فطنت له لما تم على هذا .
و لو كنت لحظته لحظة واحدة لما خفى على أنه صاحب خبر و لكنت رجعت من الموضع الذي أراه فيه فلا يعرف خبرى و بعد ذلك فانما تم على هذا لان أجلى قد حضر فالله الله في دمى .
قال فاصدقنى عما رفعته عني إلى المعتضد ؟ قال فحدثه بأشياء رفعها منها خبر الثياب المصبغات .
قال : فحبسه القاسم أياما و أخفى أمره و أنفذنى إلى منزله و قال راع أمرهم و انظر ما يجرى فمضيت إلى داره التي وصفها بدرب يعقوب فجلست إلى المغرب فجاء الخادم فاصح به فقالت له الجارية ما رجع اليوم و لم يكن له بهذا عادة قط ،