وصيته أن جاءه ابنى لشيء من هذا أن لا يحسن اليه .
قال فأعظمت الخطاب و تنصلت و اعتذرت و وقع في قلبى في الحال أن هذا غاية البغى ، فان الله عز و جل سيخرج ابنه إلى ابنى فيحقق فيهما ما قاله و ظننته و ما مضت إلا مدة مديدة حتى فرج الله عني ، ثم قال لي أبى يا بني : بالله إن رفعك الله و الزمان و وضع ابنه حتى يحتاج إليك الا أحسنت اليه قال : و ضرب الدهر مضربه فما عرفت لابى مروان خبرا حتى رأيته اليوم فكان ما شاهدتم ، ثم أمر بطلب أبى مروان فأحضر فوهب له ما لا و خلع عليه و جمله ، و قلده ديوان البريد و الخرائط ، قال أبو الحسين : فما زال يتقلده منذ ذلك الوقت إلى آخر وزارة ابن الفرات الثالثة فانه مات فيها و قد تقلده ثلاثين سنة أو أكثر .
و كان : كتب إلى عبيد الله أول ما كاتبه بعد تقلده هذا الديوان : عبد الوزير و خادمه عبد الملك بن محمد ، فأراد عبيد الله أن يتكرم عليه .
فقال له أنت على كل حال ابن وزير و ما أحب أن تتعبد لي ، فاكتب اسمك فقط على الكتب فقال : لا تسمح نفسى بهذا و لكني أكتب عبد الملك بن محمد عبد الوزير و خادمه فقال : أكتب .
فكتب بذلك فصارت عادة فكتب بها إلى جميع الوزراء إلى أن مات في وزارة ابن الفرات الثالثة فصار كالمترتب عليهم بما عامله من ذلك عبيد الله و غلب عليه أن عرف بأبي مروان الخرايطي و نسى نسبه إلى ابن الزيات إلا من كاني يعرفه من الكتاب و غيرهم أخبرني بذلك جماعة من الشيوخ .
و وجدت في بعض الكتب بغير إسناد أن عبيد الله بن زياد لما بني داره البيضاء بالبصرة بعد قتل الحسين رضى الله عنه صور في بابها رؤسا مقطعة ، و صور في دهليزها أسدا و كلبا و كبشا ، و قال : أسد كالح ، و كبش ناطح ، و كلب نائم ، فمر بالباب أعرابي فقال : أما ان صاحبها لا يسكنها إلا ليلة لا يتم .
فرفع الخبر إلى ابن زياد فأمر بالاعرابي فضرب و حبس ، فما أمسي حتى قدم رسول ابن الزبير إلى قيس بن السكن و وجوه أهل البصرة في أخذ البيعة له و دعا الناس إلى طاعته فأجابوه و أرسل بعضهم بعضا