، إرسال الجنابى القرمطى لابى عمرو الغنوى برسالة إلى المعتضد بالله ،
بالوثوب عليه من ليلتهم ، و أنذره قوم منهم كانت له عندهم صنائع فهرب من داره في ليلته تلك فأجاروه و وقعت الحروب المشهورة بينهم و بين تميم بسببه حتى أخرجوه فألحقوه بالشام و كسر الحبس فخرج الاعرابى و لم يعد ابن زياد إلى داره و قتل في وقعة الجازر حدثني القاضي محمد بن عبد الواحد الهاشمي قال : سمعت ابن عمرو الغنوي يقول : لما أسرني أبو سعيد الجنابى القرمطي و كسر العسكر الذي كان أنفذه معي المعتضد بالله لقتاله و حصلت في يده أسيرا آيست من الحياة فأنا يوم على تلك الصورة إذ جاءني رسوله فأخذ قيودي ، و غير ثيابي و أدخلني اليه فسلمت و جلست فقال لي : أ تدرى لم أستدعيك ؟ قلت : لا .قال : أنت رجل عربي و من المحال أن أستودعك أمانة أن تحقرها و لا سيما منى عليك بنفسك .فقلت : هو كذلك .قال : إنى فكرت فإذا لا طائل في قتلك ، و إذا في نفسى رسالة إلى المعتضد لا يجوز أن يؤديها غيرك فرأيت إطلاقك و تحميلك إياها فان حلفت لي أن تؤديها سيرتك اليه ؟ فحلفت فقال : تقول للمعتضد يا هذا : لم تخرق هيبتك و تقتل رجالك و تطمع أعداءك في نفسك و تتعبها في طلبي و إنفاذ الجيش إلى و انا رجل مقيم في فلاة لا زرع عندي و لا ضرع ، و لا غلة و لا بلد ، و إنما أنا قد رضيت لنفسي بخشونة العيش و الامن على المهجة و العز بأطراف هذه الرماح ، و ما اغتصبتك بلدا كان في يدك ، و لا أزلت سلطانك عن عمل جليل و مع هذا فو الله لو أنفذت إلى جيشا من الجيوش مع الثلج و الريح و الندى فيجيئون من المسافة البعيدة و الطريق الشاق و قد قتلهم السفر و قبل قتالنا فانما غرضهم أن يبدوا عذرا في مواقفتنا ساعة ثم يهربون ، فان ثبتوا مع ما لحقهم من وعثاء السفر ، و شدة الجهد التي هى أكثر اعوانى عليهم فما هو إلا أن أخفق عليهم حتى انهزموا و كثر ما تقدر عليه أن يجيئوا فيستريحوا و يقيموا ، و يكونوا عدة لا قبل لي بهم فيهزمونى إذا قاتلونى لا يقدر جيشك على أكثر من ذلك .فما هو إلا أن انهزم حتى قد بعدت عن هذا الموضع عشرين فرسخا أو ثلاثين ، و حولت من الصحراء شهرا أو اثنين ثم أكبسهم على غرة فقتلت جميعهم ، و لو لم يستولى هذا و كانوا متحرزين