: حكاية الحسن بن يوسف أثناء سفره إلى مصر عن طريق دمشق وماجرى له . - 172
المتعطلين ، و كان ببابى شيخ من شيوخ الكتاب قد طالت عطلته و قد غفلت عن تصريفه فرأيت ليلة في منامى أبى و كأنه يقول : ويحك يا بني أما تستحي من الله عز و جل أن تتشاغل بأعمالك و الناس ببابك يتلفون ضرا و هزالا هذا فلان من شيوخ الكتاب ، و قد أفضي أمره إلى أن تقطع سراويله و ما يمكنه أن يشترى بدلها أنظر أن لا تغفل أمره أكثر من هذا .فانتبهت متعجبا و اعتقدت الاحسان إلى الشيخ من غد و نمت و أصبحت و قد أنسيت أمره فركبت إلى دار خمارويه و إذا بالرجل على دويبة له ضعيفة ثم أومى إلى الترجل فانكشف فإذا هو لابس خفا بال سروايل فحين وقعت عيني عليه ذكرت المنام و قامت قيامتى فوقفت في موضعى و استدعيته و قلت يا هذا : ما حالك ؟ و ما صنعت بنفسك في ترك أذكارى أمرك ما كان في الدنيا من يوصل إلى رقعة أو يخاطب في أمرك الآن قد قلدتك الناحية الفلانية و عينت لك رزقها و هو في كل شهر مائتا دينار و أطلقت لك من خزانتى ألف دينار معونة و أمرت لك من الثياب و الحملان بكذا و كذا فاقبض ذلك و اخرج فان حسن أثرك في عملك زدتك و فعلت بك و صنعت .قال : و ضممت اليه من ينجز له ذلك .حدثني أبو الحسن أحمد بن يوسف بن يعقوب بن البهلول التنوخى قال : خرج أخى أبو محمد الحسن بن يوسف يقصد أخاه أبا يعقوب إسحاق بن يوسف و هو حينئذ بمصر و معه زوجة كانت لابى يعقوب ببغداد و صبية منها فلما عاد حدثني أنه سلك في قافلة كبيرة من هيت على طريق السماوة يريد دمشق قال : فلما حصلت في أعماق السماوة أخفرتنا خفراؤنا و جاء قوم من الاعراب ظاهروهم علينا و أظهروا أنهم من غيرهم و قطعوا علينا و استاقوا ركابنا و بقيت أنا و الناس مطروحين على الماء الذي كنا نزلنا عليه بلا جمل و لا زاد فأيسنا من الحياة فقلت للناس : إن الموت لابد منه على كل حال أقمنا في مكائنا أو سرنا ، و لان نسير في طلب الخلاص فلعل الله سبحانه و تعالى يرحمنا و يخلصنا أولى من أن نموت ها هنا ، و إن متنا في سيرنا كان أعذر فساعدونى و سرنا يومنا و ليلتنا و أنا أحمل الصبية بنت أخى لان أمها عجزت