: سبب قيام سليمان بن وهب لاحمد بن خالد الصر فينى الكاتب - 117
خلق كثير من رعيتك إلا أنهم قد صاروا إلى دور خراب و أحوال قبيحة بلا فرش و لا كسوة و لا دواب و لا ضياع موتى جوعا و هزالا قال : فما ترى ؟ قال يا أمير المؤمنين : في الخزائن و الاصطبلات بقايا ما أخذ منهم فلو أمرت أن ينظر في ذلك فكل من وجد له شيء باق من هذا رد عليه و أطلقت عن ضياعهم لعاشوا و خف الاثم و تضاعف الدعاء و قويت العافية .قال : فوقع بذلك عني .فوقع عنه ابن أبى داود فما شعرنا من الغد إلا و قد رجعت نعمنا علينا و مات الواثق بعد ثلاثة أيام و فرج الله عز و جل عنا بإبن أبى دؤاد و بقيت له المكرمة العظيمة في أعناقنا .حدثني أبو الحسن على بن هشام ، قال : سمعت أبا الحسن على بن عيسى و أبا الحسن الايادى الكاتب يقولان : كان عبيد الله بن سليمان يقول كنت بحضرة أبى في ديوان الخراج بسر من رأى و هو يتولاه إذ دخل عليه أحمد بن خالد الصرفينى الكاتب فقام اليه أبى قائما من مجلسه و أقعده في صدره و تشاغل به و لم ينظر في عمل حتى نهض ثم قام معه و أمر غلمانه بالخروج بين يديه فاستعظمت أنا و كل من في المجلس هذا ، لان رسم أصحاب الدواوين صغارهم و كبارهم لا يقومون في الديوان لاحد ممن خلق الله تعالى ممن يدخل إليهم فتبين أبى ذلك في وجهي فقال لي يا بني : إذا خلونا فاسألني عن السبب فيما عملته مع هذا الرجل .قال : و كان أبى يأكل في الديوان و ينام فيه و يعمل عشيا فلما جلسنا نأكل لم أذكره إلى أن رأيت الطعام كاد ينقضى فقال لي هو : يا بني شغلك الطعام عما قلت لك أن تذكرني به فقلت : لا و لكن أردت أن يكون ذلك على خلوة .فقال يا بني : هذه خلوة ألست أنكرت أنت و الحاضرون قيامى لاحمد بن خالد عند دخوله و خروجه و ما عاملته به ؟ قلت : نعم .فقال : كان هذا يتقلد مصر فصرف عنها ، و قد كانت مدته فيها طالت فوطئت آثار رجل لم أر أجمل آثارا منه ، و لا أعف عن أموال السلطان و الرعية و لا رأيت رعية لعامل أشكر من رعيته له ، و كان الحسين المعروف بعرق الموت الخادم صاحب البريد بمصر أصدق الناس لنفع هذا ، و هو من أبغض أناس إلى و أشدهم اضطراب أخلاق فلم أتعلق عليه بحجة