: المرض الذى لازم لابى الفرج عبد الواحد بن نصر الكاتب المعروف بالببغاء وكيف كان زواله ، رؤيا لابى الفرج ابن دارم فى ذلك . - 191
حدثني أبو الفرج عبد الواحد بن نصر الكاتب المعروف بالببغاء قال : اعتللت بحلب علة خف منها بدني كله فكنت كالخشبة لا أقدر أن أ تحرك ، و نحل جسمي و تقلبت في إغلال متصلة متضادة و أنا من هذا ألقى خلف فراش ثلاث سنين متواليات و آيس الاطباء من برئى ، و قطعوا مداواتى و كان لي صديق يعرف بأبي الفرج بن دارم من أهل بلدي يعنى نصيبين مقيم بحلب يلازم عيادتى و كان لفرط اغتمامه بي و ان الاطباء أيسوا منى يظهر لي حزنا يؤلم قلبى و يؤيسنى من نفسى و يجاوز ذلك إلى التصريح لي باليأس .و توطينى ثم تعدى هذا إلى أن صار لا يملك دمعته إذا خاطبنى فضعفت عن تحمل ذلك ، و تضاعفت به علتي و خارت معه قوتى فاعتقدت أن أقول لغلامى أن يترصده فإذا جاء ليدخل على قال له عني أنى لا أستحسن حجابه ، و إن علتي قد تضاعفت بما أشاهده و اسمع من خطابه ، و يسأله أن ينقطع عني أو يقطع مخاطبتى بما فيه إياسى ، و قررت عزمي على ذلك في ليلة من الليالي و لم أخاطب به غلامي .فلما كان في صببحة تلك الليلة باكرنى ابن أبى دارم فحين وقعت عيني عليه تثاقلت به خوفا من أن يسلك معي مذهبه ، و هممت أن أفتتح مخاطبته بما كنت عزمت على مراسلته به فسبقني بأن قال لي : قد جئتك مبشرا فقلت بماذا ؟ قال : رأيت البارحة كاني بالرقة و الناس يهرعون إلى زياة قبور الشهداء .فقال أبو الفرج : و هم ممن قتلوا مع أمير المؤمنين على بن أبى طالب رضى الله عنه بصفين منهم عمار بن ياسر رضى الله عنه ، و حملوا إلى ظاهر الرقة فدفنوا بها و الحال في ذلك مشهور و القبور إلى الآن مغشية معمورة ، فقال ابن أبى دارم : و رأيت كأن أكثر الناس مطيفون بقبة فسألت عنها .فقيل لي : قبر عمار بن ياسر .فقصدتها و أطلعت فيها فإذا القبر مشكوف و فيه رجل شيخ جالس بثياب بيض و فى رأسه ضربات بينة دامية ، و على لحيته دم و الناس يقولون : هذا عمار بن ياسر .و كأني سلمت عليه و الناس يسألونه فيجيبهم .فلحقتنى حيرة و لم أدر عما اسأله .فقلت يا سيدي : لعلك عارف بأبي الفرج عبد الواحد بن نصر المخزومي المعروف بالببغاء قال : أنا عارف به .قلت : أتعرف ما به من الجهد و البلاء بالعلة الطويلة ؟ فقال : نعم .قلت : أفيعيش