إلى أن ولي شجاع بن القاسم الوزارة مع كتابة أو تامش في أيام المستعين و اشتد جزع أبى محمد منه فسألته عن ذلك ؟ فقال : هذا رجل حمار لا يغار على صناعته و هو مع هذا من أشد الناس حيلة و شدة ، و هو يعرف كبر نفسى و صغر نفسه و قد بدأ بأبي جعفر بن إسرائيل فصرفه عن ديوان الخراج و نكبه و نفاه إلى انطاكيا و لست آمن أن يجعلني في أثره .
( قال ) : فما مضى إلا أسبوع حتى ظهر أن أبا موسى عيسى بن فرخان شاه القنانى الكاتب و كان من صنائع الحسن و قد أسلم إذ ذاك قد سعى مع شجاع في تقلده ديوان الضياع ثم تقلده صارفا للحسن بن مخلد و خلع عليه فازداد جزع أبى محمد الحسن و أغلق بابه و قطع الركوب فأنا عنده في بعض العشيات إذ أتت رقعة شجاع يستدعيه و يؤكد عليه في البدار فارتفع و نهض و تعلق قلبى به فانتظرته إلى أن عاد و هو مهموم مكروب .
فقلت : ما خبرك ؟ قال قد فرغ شجاع من التدبير على و ذاك أنه قد صح عندي بعد افتراقنا أن أو تامش قال البارحة لبعض خواصه قد ثقلنا على شجاع و حملناه ما لا يطيق من كتابتي و الوزارة و تركنا هذا الشيخ يعنى الحسن بن مخلد متعطلا لابد من أن يفرج له شجاع إما عن كتابتي ، و إما عن الوزارة لا قلده احداهما .
فلما بلغ ذلك شجاعا أنفذ إلى في الوقت .
فلما رأيته الساعة قال لي يا أبا محمد : أنت شيخي و رئيسى و أنت اصطنعتنى و أنا معترف لك بالحق و آخر مالك عندي من الانعام أنك قلدتنى عمالة همدان فانتقلت منها إلى هذه المنزلة و الامير يحذرك الحذر كله و قد أقام على أنه لابد من نكبتك و إفقارك فلاجل ما أقمت من الامتناع عليه من هذا و سألته في أمرك فجرت خطوب تقررت على أن لا تجاوره و تشخص إلى بغداد و رضيته بذلك و صرفت عنك النكبة و قد أمرني بإخراجك من ساعتك .
فما زلت حتى استنظهرته ثلاثة أيام أولها يومنا هذا فاعمل على هذا فإنك تمضى إلى بلد الآمر فيه و الناهي أبو العباس محمد بن عبد الله ابن طاهر و هو صديقك ، و يخدمك الناس كلهم و لا تخدم أحدا ، و تقرب من ضيعتك فأظهرت له الشكر و ضمنت له الخروج ، و أنا خائف منه أن يدعنى حتى أخرج الاتى