فرج بعد الشدة

أبی علی المحسن بن أبی القاسم التنوخی

جلد 1 -صفحه : 194/ 189
نمايش فراداده

فوافيته و أنا في غاية الوجل فقال : أ ليس أمرتك بصرف محمد بن سليمان الازرق الاشقر .

فقلت : قد عرفتك يا سيدي أنى ما استخدمت من هذه سبيله .

و لا وقعت لي عليه عين .

فقال لي : كذبت و هو معك في اصطبلك فاخرجه عن البلد الساعة ، فانى رأيته في النوم أيضا و فى يده مكنسة و هو يكنس بها سائر دورى و حجري و نسأل الله الكفاية .

فقلت للؤلؤ أى ذنب لي يا سيدي في الاحلام ؟ فقال لي صدقت فاستتر إلى أن يتناسى الامير ذكرك و كان يجرى على رزقي في كل شهر و أنا لا أعمل شيئا فلما تهيأ من إنفاذ لؤلؤ إلى الشام ما تهيأ نهضت معه و تخلف عنه كتابه لما كانوا علموا من تغيير حاله عند صاحبه فأدناني و قربني و أجري على عشرة دنانير في كل شهر و حملني على دابة فلزمت خدمته و لقيته و استحمدت اليه فزادني من رأيه و لم ينتبه أحمد بن طولون من استيحاش لؤلؤ فكتب له بالرجوع إلى مصر ، فشاورنى فأشرت اليه بالانحدار إلى نواحى ديار مصر و أخذ كل ما استخف نيله من المال .

و لم أترك غاية إلا أتيتها في تضريته و تأليبه حتى أوردته مدينة السلام .

ثم تقلبت بي الاحوال في خدمة السلطان و خدمة الدولة و توفى أحمد بن طولون و حبس ابنه و قتل أبو الجيش و تولى بعدهم هارون بن خماروية بن أحمد و ضم لي القواد و الرجال و كان فيهم لؤلؤ صاحبي و كان أصغرهم حالا ، فلم أقصر في صلاح حاله و الاحسان اليه و معرفة حقه فلم ادن من الشام حتى تلقاني بدر الحمامي مطيعا ، و تلاه طغج بن حف مسرعا و صرت إلى مصر فلما شارفتها وثب شيبان بن أحمد بن طولون و من معه من جند مصر فقتلوا هارون و تولى شيبان الامر أياما و انثال إلى القواد في الامان و لحق بهم شيبان و تخلف الرجالة و قطعة من الفرسان ، و أظهروا الخلاف فأوقعت بهم و أفنيتهم قتلا و أسرا ، و دخلت الفسطاط عنوة و حويت النعم و المهج و اشخصت الطولونية من البلد إلى الحضرة حتى لم يبقى فيها منهم أحد و صح بذلك منام أحمد بن طولون فسبحان الذي ما شاء فعل ، و إياه نسأل خير ما تجري به أقداره ، و أن يختم لنا بخير رحمته .