شرح الاخبار فی فضائل الأئمة

نعمان بن محمد التمیمی المغربی؛ تحقیق: السید محمد الحسینی الجلالی

جلد 2 -صفحه : 88/ 40
نمايش فراداده

(259)

الامر ، فإن كان عنده عهد من عند رسول الله صلى الله عليه و آله عهده اليه بعد ما كان منه في علي ، فإنه لا يكذب على رسول الله صلى الله عليه و آله . قال عمران : فانطلقنا حتى دخلنا على أبي بكر ، فذكرنا ذلك له . و قلنا : قد كنت أنت يومئذ فيمن سلم على علي عليه السلام بامرة المؤمنين ، فهل تذكر ذلك أم نسيته ؟ فقال أبو بكر : بل أذكره ، و ما نسيته . فقال له بريدة : فهل ينبغي لاحد من المسلمين أن يتأمر على أمير المؤمنين ؟ أو هل عندك بعد ذلك عهد من رسول الله صلى الله عليه و آله عهده إليك ، و أمرك به ؟ فإن كان ذلك فعرفناه ، فإنا نعلم أنك لا تقول على رسول الله صلى الله عليه و آله إلا ما قال لك ، و عهده إليك . فقال أبو بكر : لا و الله ما عندي عهد من رسول الله صلى الله عليه و آله و لا أمر أمرني به و لكن المسلمين رأوا رأيا فتابعتهم على رأيهم . فقال له بريدة : و الله ما ذلك لك و للمسلمين أن يخالفوا رسول الله صلى الله عليه و آله . فقال أبو بكر : أرسل إلى عمر ، فلعل عنده من هذا علما . فأرسل إلى عمر ، فجاء . فقال له أبو بكر : إن هذين سألاني عن أمر قد شهدته كما علمته . و فص عليه القصة . فقال عمر : قد سمعت ذلك و عندي المخرج منه . فقال : و ما هو ؟ قال : إن النبوة و الامامة لا يجتمع في [ أهل ] بيت واحد .

(260)

فقال له بريدة ( 1 ) - و كان رجلا مفوها جريا على الكلام - : يا عمر ، قد أبى الله ذلك عليك ، أما سمعته يقول في كتابه : " أم يحسدون الناس على ما آتاهم الله من فضله فقد آتينا آل إبراهيم الكتاب و الحكمة و آتيناهم ملكا عظيما " ( 2 ) فقد جمع الله عز و جل لهم النبوة و الملك . قال : فغضب عمر حتى رأيت عينيه توقدتا ، و قال : لا أراكما جئتما إلا لتفرقا جماعة هذه الامة و تشتتا أمرها . فقمنا ، و ما زلنا نعرف في وجهه الغضب حتى مات . [ 563 ] سليمان [ بن ] أبي الورد ، باسناده ، عن عبد الرحمن بن أبي ليلي ، أنه قال : قلت لعلي عليه السلام : يا أمير المؤمنين ، أسألك لا حمل عنك ، و قد انتظرت أن تقول شيئا من أمرك فلم تقله ، أفلا تحدثني عن أمرك هذا ؟ أ كان على عهد رسول الله صلى الله عليه و آله منه ذكر ، أم كان منه إليك فيه عهد ، أم هو شيء رأيته ؟ فإنا قد أكثرنا فيك الاقاويل ، و أوثقها ما سمعناه منك ، و نحن نقول : إن الامر لو كان لك بعد رسول الله صلى الله عليه و آله لم ينازعك فيه أحد ، فان كان هذا الرجلان أحق بما ولياه منك سلمنا لهما ما مضى من فعلهما ، و أعطيناك بقدر ما انتهيت اليه ، و الله ما أدري إذا سئلت ما أقول ؟ أزعم أنهما أولى بما كانا فيه منك مع ما نصبك له رسول الله صلى الله عليه و آله في حجة الوداع ، فقال : من كنت مولاه فعلي مولاه ، أللهم


1 - و هو بريدة بن الحصيب بن عبد الله بن الحرث بن الاعرج الاسلمي . و قيل : ان اسمه عامر و لقبه بريدة . سكن مرو و مات بها 63 ه .

2 - النساء : 54 .

(261)

وال من والاه ، و عاد من عاداه . و ان تك أولى بما كانا فيه منهما ، فعلام نتولاهما ، فان كان هذا الامر يحل فيه الجواب و المسألة ، فأجبني . و إن لم يكن ذلك يحل ، فأبغض الامور إلينا ما كان كذلك . فقال علي صلوات الله عليه : يا عبد الرحمن ، قبض و الله نبي الله حين قبض و أنا أول الناس بالناس ، مني بقميصي هذا ، و قد كان من رسول الله صلى الله عليه و آله الي عهد لو جنبوني بأنفي لاقررت سمعا و طاعة . يا عبد الرحمن ( 1 ) ، إنه أول ما انتقصنا به إبطال حقنا في الخمس ، ثم طمع فينا رعيان البهم من قريش ، و قد كان لي على الناس حق ، لو قد ردوه الي عفوا لقبلته ، و قمت به ، و إن كان إلى أجل معلوم و كنت كرجل له على قوم حق إن عجلوه آخذه ، و حمدهم عليه ، و إن أخروه ، أخذه محمودين عليه ، إلا أني كنت رجلا آخذا السهولة ، و هو عند الناس قد أحزن ، و إنما يعرف الهدى بالانوار و لست أستوحش في طريق الهدي لقلة من أجده من الناس ، فإذا سكت فاعفوني ، فإنه لو جاء أمر تحتاجون فيه إلى الجواب لاجبتكم فيه ، كفوا عني ما كففت عنكم . فقال عبد الرحمن : يا أمير المؤمنين لانت في هذا كما قال الاول : لعمري لقد أيقظت من كان نائما ، و أسمعت من كانت له أذنان .


1 - عبد الرحمن بن أبي ليلي و اسمه يسار و قيل : داود الكوفي الانصاري والد محمد و عيسى . توفي 82 ه . و قيل : غرق بدجيل .

(262)

[ ضبط الغريب ] قوله : جنبوني : أي قادوني . الجنيبة : الدابة التي تقاد . و الرعيان : الرعاة ، و البهم : صغار الغنم . و أحزن : أخذ في الوعر . [ من عصى أمير المؤمنين ] [ 564 ] و بآخر ، عن عبد الله بن عباس ، أنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه و آله لعلي عليه السلام : ما ينقم الناس منك يا علي ؟ قال : ما ينقمون مني إلا أني منك يا رسول الله . فقال رسول الله صلى الله عليه و آله : أيها الناس إنكم عباد الله و في قبضته و أنا رسوله إليكم ، فإذا قلت لكم شيئا ، فاسمعوا لي و أطيعوا - و تبين الغضب في وجهه - ففزع لذلك من كان عنده . و قالوا : يا رسول الله نعوذ بالله من غضبه و غضبك ! فقال رسول الله صلى الله عليه و آله : يا أيها الناس ، لا تعصوا عليا ، فإنه من عصاه فقد عصاني ، و من عصاني فقد عصى الله . [ 565 ] سعيد بن جبير ، عن ابن عباش ، أنه قال : وعظنا رسول الله صلى اله عليه و آله ، فقال : يا أيها الناس إنكم تحشرون يوم القيامة عراة . قال الله تعالى : " كما بدأنا أول خلق نعيده وعدا علينا إنا كنا فاعلين " ( 1 ) و إنه سيؤتي يوم القيامة يقوم من أصحابي فيؤخذ بهم ذات الشمال . فأقول : أصحابي أصحابي . فيقال لي : يا محمد إنك لا تدري ما أحدثوا من بعدك .


1 - الانبياء : 104 .

(263)

فأقول كما قال العبد الصالح : " و كنت عليهم شهيدا ما دمت فيهم فلما توفيتني كنت أنت الرقيب عليهم و أنت على كل شيء شهيد . إن تعذبهم فإنهم عبادك و إن تغفر لهم فإنك أنت العزيز الحكيم " ( 1 ) . فيقال : يا محمد ، إنهم ارتدوا بعدك حين فارفتهم على أعقابهم . و قال الله تعالى : " أ فإن مات أو قتل انقلبتم على أعقابكم و من ينقلب على عقبيه فلن يضر الله شيئا و سيجزي الله الشاكرين " ( 2 ) . قال ابن جبير : ثم قال لي ابن عباس : يا سعيد بن جبير ، إنه يعني بالشاكرين ، صاحبك علي بن أبي طالب صلوات الله عليه . و المرتدين على أعقابهم الذين ارتدوا عنه . [ 566 ] جعفر بن محمد ، عن أبيه صلوات الله عليهما ، أن رجلا سأله ، فقال : يا ابن رسول الله ، بماذا فضل علي صلوات الله عليه على الناس ؟ فقال : يقول رسول الله صلى الله عليه و آله : من كنت مولاه فعلي مولاه أللهم وال من والاه و عاد من عاداه . فقال الرجل : فهذا حديث معروف عند الناس يعرفه الخاص و العام ، فهل ذلك ؟ فقال له أبو جعفر عليه السلام : ويحك و هل تدري ما يجمعه هذا القول ، و ما يقتضيه ، إن الله عز و جل جعل له به على الامة ما جعله لرسول الله صلى الله عليه و آله عليها من السمع و الطاعة .


1 - المائدة : 117 و 118 .

2 - آل عمران : 144 .

(264)

[ الصديق الاكبر ] [ 567 ] الاعمش ، عن أبي سخيلة ( 1 ) ، قال : قال أبو ذر رحمة الله عليه : يا أبا سخيلة ، إنما ستكون فتنة لا تشبه هذه التي نحن فيها فإن أدركتها فعليك بعلي بن أبي طالب ، فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه و آله يقول و قد أخذ بيد علي عليه السلام : هذا أول من آمن بي ، و صدقني ، و هو أول من يصافحني يوم القيامة ، و هو الصديق الاكبر ، و هو الفاروق الذي يفرق بين الحق و الباطل ، و هذا سلم الله ، و هذا حرب الله ، و هذا الذي يعصم من الفتنة ، و هذا يعسوب المؤمنين ، و المال يعسوب الظالمين ، و قد خاب من افترى . ثم قال له : يا علي ، إن للجنة أبوابا و طرقا ، و إن للنار طرقا و أبوابا ، و ستكون فتنة و ضلالة ، وإنك لسبيل الجنة ، و راية الهدى و علم الحق ، و إمام من آمن بي ، و ولي من تولاني ، و نور من أطاعني ، يا علي ، بك يذهب الله الغل ، و يشفي ( 2 ) صدور قوم مؤمنين ، و أنت قصد السبيل إن استدلوا بك لم يضلوا ، و إن اتبعوك لم يهلكوا . ثم قال : أيها الناس اتبعوه و صدقوه و وازروه ، و سامحوه ، و لا تحسدوه ، و لا تجحدوه ، فإن جبرائيل عليه السلام أمرني بالذي قلت لكم . [ 568 ] أبو علي الكلبي ، عن عبد الوهاب ( 3 ) ، عن مجاهد [ عن ابن عمر ] ( 4 ) قال :


1 - و اسمه عامر بن طريف ( اعيان الشيعة 7 / 49 ) . ( 3 ) و في نسخة - ج - : عن عبد الله .

2 - و في نسخة - ج - : و يخفي .

4 - هكذا في مناقب ابن المغازلي ص 240 .

(265)

قال رسول الله صلى الله عليه و آله : من فارق عليا فقد فارقني ، و من فارقني فقد فارق الله عز و جل . [ مثل قل هو الله أحد ] [ 569 ] و بآخر ، عن سلمان الفارسي قدس الله روحه ، أنه قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه و آله يقول لعلي عليه السلام : يا علي فيك ( 1 ) مثل قل هو الله أحد ، من قرأها مرة كان له أجر من قرأ ثلث القرآن ، و من قرأها مرتين كان له أجر من قرأ ثلثي القرآن ، و من قرأها ثلاث مرات كان له ثواب من قرأ القرآن كله ، و كذلك أنت يا علي من أحبك بقلبه ، كان له ثواب ثلث الاسلام ، و من أحبك بقلبه ، و أثنى عليك بلسانه ، كان له ثواب ثلثي الاسلام ، و من أحبك بقلبه و أثنى عليك بلسانه و أعانك بيده ، كان له مثل ثواب الاسلام كله . [ 570 ] محمد بن علي العنبري ، باسناده ، عن رسول الله صلى الله عليه و آله أنه بينا هو بالمسجد و معه جماعة من أصحابه ، و فيهم علي بن أبي طالب صلوات الله عليه ، إذ وقف عليهم أعرابي ، فقال : أيكم رسول الله صلى الله عليه و آله ، فأوموا اليه ، فسلم عليه . ثم قال : يا رسول الله ، جئتك أسألك عن حرف سمعته من كتاب الله عز و جل . قال : سل يا أعرابي . قال : قول الله عز و جل : " و اعتصموا بحبل الله جميعا و لا تفرقوا " ( 2 ) ، ما حبل الله الذي أمرنا بالاعتصام به ؟


1 - و في أمالي الصدوق ص 37 يا أبا الحسن مثلك في أمتي مثل . ( 2 ) آل عمران : 103 .