ألا تحب الدنيا ؟ ، فقل : ما أحبها ( 1 ) و قد اغتر بها غيري . يا شمعون خالط الابرار و أتبع النبيين : يعقوب و يوسف و داود ، إن الله تبارك و تعالى لما خلق السفلى فخرت و زخرت ( 2 ) و قالت : أي شيء يغلبني ؟ فخلق الارض فسطحها على ظهرها ، فذلت ، ثم إن الارض فخرت و قالت : أي شيء يغلبني ؟ فخلق الله الجبال ، فأثبتها على ظهرها أوتادا من أن تميد بما عليها ، فذلت الارض و استقرت ، ثم إن الجبال فخرت على الارض ، فشمخت ( 3 ) و استطالت و قالت : أي شيء يغلبني ؟ فخلق الحديد ، فقطعها ، فذلت ، ثم إن الحديد فخر على الجبال و قال : أي شيء يغلبني ؟ فخلق النار ، فإذا بت الحديد ، فذل الحديد ، ثم إن النار زفرت و شهقت و فخرت و قالت : أي شيء يغلبني ؟ فخلق الماء ، فأطفأها فذلت ، ثم إن الماء فخر و زخر و قال : أي شيء يغلبني ؟ فخلق الريح ، فحركت أمواجه و أثارت ما في قعره ( 4 ) و حبسته عن مجاريه ، فذل الماء ، ثم إن الريح ، فخرت و عصفت و قالت : أي شيء يغلبني ؟ فخلق الانسان ، فبنى و احتال ما يستتر به من الريح و غيرها فذلت الريح ، ثم إن الانسان طغى و قال : من أشد مني قوة ، فخلق الموت فقهره ، فذل الانسان ، ثم إن الموت فخر في نفسه ، فقال الله عز و جل : لا تفخر فإني ذابحك بين الفريقين : أهل الجنة و أهل النار ، ثم لا احييك أبدا فخاف ( 5 ) ثم قال : و الحلم يغلب الغضب و الرحمة تغلب السخط و الصدقة تغلب الخطيئة ( 6 ) .
1 - في بعض النسخ [ ما أريدها ] . (2) الزخر : الفخر و الشرف . 3 - الشمخ و الشموخ : العلو و الرفعة . (4) الثور : الهيجان و النهوض . 5 - يستفاد من هذا الحديث : أن كل موجود له صفة تخص به ، و بها يقهر ما دونه ، و يغلب عليه و لكن لا يجوز أن يفتخر بها على ما دونه ، لانه مقهور و مغلوب بما فوقه " وفوق كل ذي علم عليم " فيكون الكبر موجبا لسقوطه ، حتى أن الانسان مع ما فيه من القوة و القدرة التي لا يكون في غيره مقهور و مغلوب بالموت ، و كذلك الموت أيضا . و اما ما في الحديث من خلق الموت إشارة إلى ما في قوله تعالى في سورة الملك " الذي خلق الموت و الحياة ليبلوكم أيكم أحسن عملا " . و فى تفسير القمي " خلق الموت و الحياة " قدرهما و معناه قدر الحياة ثم الموت . 6 - اى تقهره و تدفعه .