أيها الناس ! إن الشيطان قد يئس أن يعبد بأرضكم هذه و لكنه قد رضي بأن يطاع فيما سوى ذلك فيما تحتقرون من أعمالكم ( 1 ) . أيها الناس ! " إنما النسيئ زيادة في الكفر يضل به الذين كفروا يحلونه عاما و يحرمونه عاما ليواطؤوا عدة ما حرم الله ( 2 ) " و إن الزمان قد استدار كهيئته يوم خلق السماوات و الارض و " إن عدة الشهور عند الله اثنا عشر شهرا في كتاب الله يوم خلق السماوات و الارض منها أربعة حرم ( 3 ) " ثلاثة متوالية ، و واحد فرد - ذو القعدة ، و ذو الحجة ، و المحرم و رجب بين جمادى و شعبان ( 4 ) ألا هل بلغت ؟ أللهم اشهد .
1 - في بعض نسخ الحديث [ و رضى منكم بمحقرات الاعمال ] . 2 - التوبة - 38 . و قوله : " ليواطؤوا " أى ليوافقوا عدة الاربعة المحرمة . 3 - التوبة - 37 . 4 - النسيئ مصدر بمعنى التأخير من نسأ الشيء أى أخره . و المراد تأخير أهل الجاهلية الحج و المحرم عن موقعها و موسمها لمصالحهم المادية التي كانت تتعطل بسبب وقوع الاشهر الحرم في مواسمها ، لان السنة القمرية أقل من السنة الشمسية بمقدار معلوم و بسبب ذلك ينتقل الشهور القمرية من فصل إلى فصل و قد يكون الحج واقعا في الشتاء مرة و فى الصيف أخرى و ربما كان وقت الحج موافق لحضور التجار من الاطراف فأرادوا أن لا يوافق أشهر الحرم مواسم مصالحهم و احتالوا على ذلك و أقدموا على عمل الكبيسة بأضافة الايام في آخر كل سنة هلالية لتوافق السنة الشمسية فهذا النسيئ و إن كان سببا لحصول المصالح المادية إلا أنه لزم منه تغيير حكم الله تعالى و لما كانت أيام الحج في تلك السنة - حجة الوداع - قد عادت إلى زمنها المخصوص قبل النقل قال صلى الله عليه و آله : " ألا و إن الزمان قد استدار إلى آخره " و قال المجلسي رحمه الله في المجلد الرابع عشر من كتاب بحار الانوار بعد ذكر بعض الاقوال في تفسير هذة الآية : و للآية تفسير آخر و هو أن يكون المراد بالنسيئ كبس بعض السنين القمرية بشهر حتى يلتحق بالسنة الشمسية و ذلك أن السنة القمرية أعنى إثنى عشر قمريا هى ثلاثمائة و أربعة و خمسون يوما و خمس أو سدس يوم على ما عرف من علم النجوم و عمل الزيجات . و السنة الشمسية هى عبارة عن عود الشمس من أية نقطة نفرض من الفلك إليها بحركتها الخاصة ثلاثمائة و خمسة و ستون يوما و ربع يوم الا كسرا قليلا ، فالسنة القمرية أقل من السنة الشمسيه بعشرة " بقية الحاشية في الصفحة الاتية "