تحف العقول عن آل الرسول صلی الله علیهم

اب‍ی‌ م‍ح‍م‍د ال‍ح‍س‍ن ‌ب‍ن‌ ع‍ل‍ی ‌ب‍ن‌ ال‍ح‍س‍ی‍ن‌ ب‍ن‌ ش‍ع‍ب‍ه‌ ال‍ح‍ران‍ی‌؛ مصحح:‌ ع‍ل‍ی‌ اک‍ب‍ر غ‍ف‍اری‌

نسخه متنی -صفحه : 516/ 328
نمايش فراداده

قيل له : فكيف سبيل التوحيد ؟ قال عليه السلام . باب البحث ممكن و طلب المخرج موجود إن معرفة عين الشاهد قبل صفته و معرفة صفة الغائب قبل عينه . قيل : و كيف نعرف

" بقية الحاشية من الصفحة الماضية " و من هذا البيان يظهر أنا لو شاهدها عين زيد مثلا في الخارج و وجدناه بعينه بوجه مشهودا فهو المعروف الذي ميزناه حقيقة عن غيره من الاشياء و وحدناه واقعا من ان يشتبه بغيره ثم إذا عرفنا صفاته واحدة بعد أخرى استكملنا معرفته و العلم بأحواله . و أما إذا لم نجده شاهدا و توسلنا إلى معرفته بالصفات لم نعرف منه إلا أمورا كلية لا توجب له تميزا عن غيره و لا توحيد في نفسه كما لو لم نر مثلا زيدا بعينه و إنما عرفناه بأنه إنسان أبيض اللون طويل القامة حسن المحاضرة بقي على الاشتراك حتى نجده بعينه ثم نطبق عليه ما نعرفه من صفاته و هذا معنى قوله عليه السلام : " إن معرفة عين الشاهد قبل صفته ، و معرفة صفة الغائب قبل عينه " . و من هنا يتبين أيضا أن توحيد الله سبحانه حق توحيده أن يعرف بعينه أولا ثم تعرف صفاته لتكميل الايمان به لا أن يعرف بصفاته و أفعاله فلا يستوفى حق توحيده . و هو تعالى هو الغنى عن كل شيء ، القائم به كل شيء فصفاته قائمة به و جميع الاشياء من بركات صفاته من حياة و علم و قدرة و من خلق و رزق و إحياء و تقدير و هداية و توفيق و نحو ذلك فالجميع قائم به مملوك له محتاج إليه من كل جهة . فالسبيل الحق في المعرفة أن يعرف هو أولا ثم تعرف صفاته ثم يعرف بها ما يعرف من خلقه لا بالعكس . و لو عرفناه بغيره لن نعرفه بالحقيقة و لو عرفنا شيئا من خلقه لا به بل بغيره فذلك المعروف الذي عندنا يكون منفصلا عنه تعالى مرتبط به فيكون محتاج إليه في هذا المقدار من الوجود فيجب أن يعرف الله سبحانه قبل كل شيء ثم يعرف كل شيء بماله من الحاجة إليه حتى يكون حق المعرفة و هذا معنى قوله عليه السلام : " تعرفه و تعلم علمه . الخ " أى تعرف الله معرفة إدراك لا معرفة توصيف حتى لا تستوفى حق توحيده و تمييزه و تعرف نفسك بالله لانك أثر من آثاره لا تستغنى عنه في ذهن و لا خارج و لا تعرف نفسك بنفسك من نفسك حتى تثبت نفسك مستغنيا عنه فتثبت إلها آخر من دون الله من حيث لا تشعر ، و تعلم أن ما في نفسك لله و بالله سبحانه لا غنى عنه في حال ( و لعل تذكير الضمير الراجع إلى النفس من جهة كسب التذكير بالاضافة ) . و أما قوله : " و تعلم علمه " فمن الممكن أن يكون من القلب أى تعلمه علما . أو من قبيل المفعول المطلق النوعى ، أو المراد العلم الذاتي أو مطلق صفة علمه تعالى . و أما قوله : " كما قالوا ليوسف الخ " فمثال لمعرفة الشاهد بنفسه لا بغيره من المعاني و الصفات و نحوهما . و كذا قوله : " أما ترى الله يقول : ما كان لكم الخ " مثال آخر ضربه عليه السلام و أوله إلى مسألة نصب الامام و أن إيجاد عين هذه الشجرة الطيبة إلى الله سبحانه لا إلى غيره . " بقية الحاشية في الصفحة الاتية "