و أما إذا صالحوهم على أن يكون الدار لنا صح ، و يكون الحكم في ذلك حكم دار الاسلام ، لانه صار للمسلمين بالمصالحة ، فحكم عامره و حكم مواته حكم عامر بلاد المسلمين و مواتها على ما مضى ، و ما يحصل با لمصالحة فهو فيئ و حكمه حكم الفئ في أربعة أخماسه و خمسه ، فان وقع الصلح على عامرها و مواتها كان العامر للمسلمين ، و الموات للامام على ما بينا ه ، عند المخالف يكون الكل مملوكا لانه يجعل المقاتلة عن الموات بمنزلة التحجير يملك به .
و على قول بعضهم و هم الاكثر يقوم المسلمون الذين ملكوا العامر منهم مقامهم في التحجر ، فيكونون أولى به من غيرهم ، كما يكون المتحجر للموات أولى به من غيره .
و إذا ملك معدنا في أرض أحياها أو اشتراها فظهر فيها ثم إن رجلا عمل فيه فأخرج منه قطعا فانه لا يخلو إما أن يكون باذنه أو بغير إذنه ، فان كان بغير إذنه فهو متعد بذلك ، و لا اجرة له ، و ما أخرجه لصاحبه ، و إن كان ذلك باذن المالك فلا يخلو إما أن يأذن له على أن يخرجه له أو يخرجه لنفسه ، فان أذن له أن يخرجه له فما يخرجه له ، و هل له الاجرة أم لا ؟ قال قوم الحكم فيه كالحكم في الغسال إذا أعطاه الثوب ليغسل فغسله من أن يشرط له اجرة .
و أما إذا أذن له على أن ما يخرجه فهو لنفسه دونه ، فان ذلك لا يصح لانها هبة مجهولة ، و المجهول لا يصح تملكه ، فكل ما يخرجه فانه لصاحب المعدن إلا أن يستأنف له هبة بعد الاخراج و يقبضه إياه ، و لا اجرة للعامل ، لانه عمل لنفسه و إنما يثبت له الاجرة إذا عمل لغيره بإجارة صحيحة أو فاسدة .
و يجرى ذلك مجرى أن يهب إنسان زرعه و هو مجهول ، فينقله الموهوب له من موضع إلى موضع آخر يذريه و ينقيه ثم تبين أن الهبة كانت فاسدة ، فلا يكون للموهوب له شيء من الزرع ، و لا له اجرة المثل في عمله ، لانه إنما عمل لنفسه و على أنه مالكه .
و أما إذا استاجره لا خراج شيء من المعدن فانه ينظر فان استأجره مدة معلومة